صحيفة فرنسية: قيس سعيد يوظف الطعن بأعراض النساء في تصفية الحسابات

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

بين 57 قاضيا معارضا عزلهم الرئيس التونسي قيس سعيد مطلع يونيو/ حزيران 2022، هناك قاضيتان يشهر النظام ودوائره الإعلامية بهما ويتهمهما بإقامة علاقات جنسية خارج الزواج، في مسعى لإزاحتهما من المشهد.

وتعليقا على ذلك، أكدت صحيفة "كوريير إنترناشيونال" الفرنسية، أن الرئيس سعيد أرجع تونس بانقلابه في 2021، إلى عصر الممارسات القذرة واللعب بعفة النساء واستغلال الجنس للإطاحة بمعارضيه.

وذكرت الصحيفة أن هذا كان يحدث في عهد الرؤساء التونسيين السابقين في إطار ضيق، لكن الآن الأمر تحول إلى سحل إلكتروني للنساء والتشهير بعفتهن، بينما يواصل سعيد زعمه تأسيس جمهورية ثالثة تحمي الحريات والحقوق.

سقطة أخلاقية

وأشارت الصحيفة إلى تعرض ثلاث قاضيات تونسيات إلى حملات على منصات التواصل الاجتماعي تتهمهن بارتكاب جرائم جنسية، بينهما اثنتان عزلهما سعيد.

فيما طالبت منظمات نسائية سعيد بالاعتذار رسميا للقاضيتين اللتين تم عزلهما، بعدما كشفت للعلن تفاصيل عن متابعتهما قضائيا بتهمة الزنا.

وتعود قضية إحدى القاضيتين المتهمتين بالزنا إلى عام 2020، وقد تم تسريب تفاصيل عن ملفها على مواقع إلكترونية توصف بأنها مساندة للرئيس سعيد وتضمنت حتى تفاصيل فحص العذرية الذي كانت قبلت القاضية المعنية بالخضوع له كي تثبت براءتها.

وأكدت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بشرى بلحاج حميدة، أن ما حدث "سابقة من نوعها في تاريخ النساء القاضيات في تونس و"تعد هذه أول مرة يتحدث فيها رئيس جمهورية عن زنا ولأول مرة تنشر معلومات شخصية على العلن بهذه الكثافة".

وأشارت إلى أن "حالة الصدمة وصلت إلى درجة أن القضاة أنفسهم قد أدركوا خطورة هذه الفحوصات التي كانوا يأمرون بها في السابق".

وتؤكد أن هؤلاء القاضيات الثلاث "في حالة مأساوية، والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تدرس معهن سبل حمايتهن".

وفي كلمته التي عزل فيها الـ57 قاضيا، اتهمهم قيس سعيد بارتكاب "جرائم" تتراوح من الفساد وعرقلة العدالة إلى ما أسماه "الفساد الأخلاقي" و"التحرش الجنسي" و"التلبس بالجريمة".

اللعب بالشرف

ويحتج المجتمع المدني على انتهاك خصوصية المعنيين والممارسة المستمرة للفحوصات المهبلية التي يأمر بها النظام القضائي التونسي.

فإذا كانت هذه القضية قد حظيت بتغطية إعلامية كبيرة، إلا أنه يتم تجاهل الكثير من هذه الحالات في صمت كل يوم.

وتقول حميدة، إن فحص المهبل إجراء شائع في قضايا الاغتصاب والزنا، إذ يستخدم الاختبار المهبلي كشكل من أشكال الأدلة، وقد تم إنشاؤه بموجب السوابق القضائية. 

وكجزء من الطاقم الطبي الذي يجري الفحص المهبلي، تتحدث الممرضة سناء (اسم مستعار)، عن هذه الفحوصات بالقول إنها "خبزها اليومي".

وتتم هذه الفحوصات في حالات الاغتصاب والزنا والبغاء في بعض الأحيان.

ويقوم الفاحص الطبي بفحص ما إذا كان [الشخص] المعني معتادا على ممارسة الجنس و[يحدد] تاريخ آخر موعد للممارسة الذي قام به المفحوص.  

ويمكن للشخص الذي يتم استدعاؤه أن يرفض الخضوع لهذا الاختبار، ولكن ذلك سوف يذكر في التقرير وسوف سيستخدم، كما تقول الممرضة سناء، كدليل ضده.

وهذا ما يفسر سبب موافقة الكثيرين على الخضوع للاختبار. 

وتأسف حميدة التي هي بالأساس محامية وتقول إن هذه " القضية التي تخص القاضيات قد كشفت أنه حتى أولئك الأكثر دراية بحقوقهم استسلموا في النهاية بالموافقة على الخضوع لمثل هذا الفحص".

ومع ذلك، تعهدت الدولة التونسية بإنهاء استخدام هذه الممارسة في عام 2017، لكن ذلك لم يحدث. 

وتقول حميدة إنه" إذا كانت هذه الفحوصات الطبية مشروعة لإثبات حالات الاغتصاب، فلن يكون هناك سبب لإجراء التحقيق في حالات أخرى تؤثر على الحياة الحميمة للناس". 

على حساب المرأة

وتكشف هذه القضية عن استمرار هذه الممارسات حتى اليوم، وخلال مؤتمر صحفي عقدته النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، نددت رئيسة الجمعية نائلة الزغلامي "بجمهورية ثالثة يتم بناؤها على حساب شرف المرأة".  

وأشارت رئيسة الجمعية إلى أن تلطيخ سمعة المرأة هي عملية استخدمت دائما في مصارعة الأذرع السياسية.

وأوضحت الزغلامي غاضبة أنه "حتى عندما تريد مهاجمة سياسي ما، فإنك تبدأ بتلطيخ شرف النساء من حوله: زوجته وابنته ووالدته، فهن اللاتي يدفعن الثمن دائما في مجتمع أبوي عميق".

ولا يعود استخدام الفضائح الجنسية لتصفية المعارضين السياسيين إلى عهد قيس سعيد. 

فيشير فتحي بالحاج يحيى، وهو شخصية يسارية ومعارض للرئيس السابق زين العابدين بن علي وسجين سياسي في عهد الحبيب بورقيبة، إلى أنه حتى "سلاح عالمي، كما تدل عليه الحالة الرمزية للرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون".

ويروي بالحاج يحيى كيف استغل نظام بن علي الحياة الخاصة للمعارضين السياسيين للضغط عليهم، مضيفا أنه قد "تم استخدام هذه الصور الحميمة لابتزاز العديد منهم". 

وكانت مهاجمة سمعة المعارضين عملية تهم السياسيين من الرجال والنساء على حد سواء.  

ويؤكد بالحاج يحيى أن "الحقيقة تبقى أن المرأة هي الأكثر معاناة في مجتمع كان أكثر تسامحا مع الرجال عندما يتعلق الأمر بالجنس خارج الزواج". 

وكانت هناك بعض الصحف التي عرف عنها المسؤولية في ظل النظام القديم عن نقل التورط المفترض للمعارضين في فضائح جنسية.  

وهذا العمل القذر لم يكن من اختصاص مطبعة أو صحيفة معينة، فالشرطة لعبت دورها في هذه الحملات." 

لكن هذه الهجمات على المعارضين لم تكن معروفة لعامة الناس، وكانت محصورة بالمجال السياسي الصغير. 

لكن اليوم ومع وجود وسائل التواصل الاجتماعي "تأخذ هذه الهجمات منعطفا أكثر ضررا"، كما تلاحظ الناشطة النسوية حميدة.  

وتستنكر حميدة ذلك بالقول إن "هؤلاء النساء معروفات الآن للجميع ويمكن أن يتعرضن لتهديدات مختلفة، ورئيس الجمهورية هو الذي سمح بذلك رسميا وعلنيا".

وهو قلق يشاطرها إياه فتحي بالحاج يحيى الذي يتساءل عن علاقات رئيس الجمهورية بالشرطة في تجميع هذه الملفات.