هنا ينتظرهم الفقر وهناك يخشون الموت.. هذا حال الطلاب الأفغان في روسيا
تحدثت صحيفة "لينتا دوت رو" الروسية عن الطلاب الأفغان الذين يدرسون في روسيا ومستقبلهم بعد حكم حركة طالبان والمخاوف التي تطاردهم.
وذكرت الصحيفة أن اهتمام العالم كله انصب في الأشهر الأخيرة على الغزو الروسي لأوكرانيا، "لكن للأسف هناك دول تستمر فيها النزاعات المسلحة لفترة أطول من بينها أفغانستان".
وأردفت: "ترد أنباء مروعة عن عمليات إعدام ومجازر بشكل منتظم منذ أن استولت حركة طالبان على السلطة في البلاد الصيف الماضي (أغسطس/آب 2021)، وأصبحت أفغانستان منعزلة عن العالم".
أما الأفغان الذين كانوا في بلدان أخرى وقت انتصار طالبان، تُركوا لتدبير أمورهم بأنفسهم دون دعم الدولة والأقارب ومن بينهم طلاب جاءوا للدراسة في روسيا.
وتشير الصحيفة إلى أن هناك 1441 شخصا أصبحوا متسولين منذ نهاية عام 2021، بسبب عدم استطاعتهم الحصول على عمل عادي.
لكنهم لا يتمكنون من العودة إلى وطنهم لأنهم مهددون بالاضطهاد هناك وحتى الموت، وفق ما تقول.
وطن خطير
ونقلت الصحيفة الروسية عن الطالب الأفغاني "عمر" الذي يدرس في السنة الرابعة بمعهد المسار والبناء والهياكل التابع لجامعة النقل الروسية: "في أفغانستان، الحرب لا تنتهي أبدا".
وواصل: "بالطبع رأيت الحرب فقد عشت في كابول لمدة 18 عاما وكانت قنبلة واحدة على الأقل تنفجر كل يوم تقريبا. طردت طالبان الأميركيين بعيدا، لكن القنابل لا تزال تنفجر".
وتضيف الصحيفة، أنه "بعد سقوط العاصمة كابول، فرّ العديد من الأفغان من البلاد واقتحموا آخر طائرة إجلاء، وقد ارتكبت حكومة طالبان العديد من جرائم الحرب في التسعينيات".
ولفت إلى أن "الحركة تقنع العالم أن كل هذا حدث في الماضي وأن الحكومة الأفغانية الجديدة أكثر إنسانية فهي على سبيل المثال لا تحظر التلفزيون ولا تنفذ عمليات الإعدام إلا بعد محاكمة".
ولكن منظمات حقوق الإنسان الدولية تشهد بخلاف ذلك، وتقول إن "حكومة طالبان غير معترف بها دوليا، لأن البلد معزول عن العالم".
وبحسب الطالب عمر: "غادر الناس في كل الاتجاهات ولكن نادرا ما غادروا إلى روسيا، لأنه من الصعب الحصول على وضع اللاجئ هنا".
وبين أنه جاء إلى هنا قبل أربع سنوات، عندما لم تكن هناك علامات على انتصار طالبان، وكانت حكومة الرئيس الأفغاني السابق "أشرف غني" تخطط للاندماج في الفضاء الاقتصادي الأوراسي.
ويردف عمر: "لقد منحتنا روسيا فرصة للحصول على تعليم مجاني بعد أن اجتزنا امتحاناتنا في كابول. قررت الولاية أننا بحاجة إلى الدراسة كعاملين في السكك الحديدية، ثم العمل في مشروع خطط له قبل 15 عاما".
وتشير الصحيفة الروسية إلى أنه حرى تجميد أموال البنك الوطني الأفغاني في الخارج، وتخضع البلاد لعقوبات دولية، والحكومة الجديدة لا تفهم كيفية تحسين الاقتصاد.
وتنقل عن طلاب أفغان آخرين في روسيا، أن "الناس لا يحصلون على المال لما يقرب من ستة أشهر".
أما بالنسبة للقلة الذين لديهم وظائف، فقد خفضت طالبان الأجور بنسبة 50 في المائة، فهم يعيشون على 90 -100 دولار في الشهر.
انتهاكات متعددة
كما أن "معظم النساء لا يتمتعن بالحق في العمل على الرغم من وعود السلطات الجديدة".
ويضيف الطلبة الأفغان، أنه لا توجد معلومات دقيقة حول ما يحدث في كابول، حيث غادر جميع الصحفيين الدوليين البلاد، ولكن لا يزال هناك إنترنت في العاصمة وإن كان باهظ الثمن وغير مستقر.
إذ يظل الأفغان على اتصال دائم بعائلاتهم ولكن العائلات لا يذكرون ما يحدث بالتفصيل للحفاظ على أمنهم.
أما أولئك الذين عمل أقاربهم بطريقة ما مع حكومة غني أو حاربوا طالبان في النزاعات المسلحة السابقة فإن حياتهم معرضة للخطر دائما.
ويتحدث الطالب "حكيم" (وهو اسم مستعار غير بناء على طلب المتحدث): "أبي يقول إنهم يستطيعون قتلي لكوني من طاجيكستان من سكان بنجشير (الذين حاربوا طالبان حتى النهاية)".وأردف: "أخبرت أبي بأنني أريد العودة إلى أفغانستان بعد دراستي، لكنه لا يسمح بذلك".
وتابع أن "بعض عناصر طالبان لا يعرفون القراءة والكتابة، ولا يدرسون في الجامعات، فكيف يمكن لشخص غير متعلم أن يقود البلاد والعمل في الوكالات الحكومية بشكل عام؟"
ويضيف حكيم بأنه يدرس في موسكو ليصبح دبلوماسيا، ورغم طلبات والده، فإنه قد يسمح له بالعودة إلى أفغانستان في غضون سنوات قليلة، على أمل اتباع سياسة ديمقراطية هناك.
هو لا يعرف كيف سيحدث ذلك، ولكنه مقتنع بأن قوة طالبان ليست لصالح شعب أفغانستان والدول المجاورة، كما قال.
وتشير الصحيفة الروسية إلى قصة أخرى عن عائلة الطبيب "إدريس" (اسم مستعار)، وهو طالب في جامعة الصداقة بين الشعوب في روسيا.
يقول: "كان والدي يعمل بحكومة أشرف غني" في كابول. لم يكن يشغل منصبا رفيعا، لكن كان لا يزال يتعين عليه الاختباء من طالبان، حتى لا يبحثوا عنه".
ويضيف بأن والده ظل على مرأى من الجميع، لم يكن متأكدا من سلامة عائلته.
كما ذكر بعض الطلاب الذين يخشون تقديم أنفسهم حتى بأسماء مستعارة، أن أقاربهم عملوا مع منظمات أميركية وأوروبية في كابول، والتحدث عن ذلك بشكل مباشر أمر خطير.