خطوة إستراتيجية.. صحيفة بريطانية: لهذا تعيد دول الخليج العلاقات مع لبنان

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة بريطانية أنه مع اقتراب الانتخابات النيابية في لبنان المقرر إجراؤها في 15 مايو/آيار 2022، تنتقل دول الخليج من سياسة العزلة إلى إعادة الانخراط في محاولة للنفوذ داخل البلاد وخارجها.

وأشارت صحيفة "ذي نيو آراب" إلى أن "السعودية واليمن والكويت أعلنت في أبريل/نيسان 2022، عودة سفرائها إلى لبنان، في حين أن الإمارات والبحرين لم تعيدا بعد مبعوثيها إلى البلاد".

أسباب التوتر

وجاءت إعادة الارتباط بعد تصاعد التوترات الدبلوماسية في أكتوبر/تشرين الأول 2021 إثر انتقاد وزير الإعلام اللبناني، جورج قرداحي، لحرب التحالف السعودي الإماراتي في اليمن.

ورغم أن قرداحي أدلى بهذه التصريحات قبل تعيينه وزيرا، فإن السعودية ودول الخليج الأخرى سحبت مبعوثيها من بيروت بعد ظهور تسجيلات الانتقادات.

لكن إلى جانب انتقادات قرداحي، الذي استقال لاحقا، كانت هناك أسباب أخرى دفعت دول الخليج إلى قطع العلاقات مع لبنان مؤقتا.

وعلى وجه الخصوص، كانت السعودية قلقة من تورط لبنان في تهريب "الأمفيتامين" غير المشروع، المعروف باسم مخدر "الكبتاغون" إلى الخليج، والذي ينتج بشكل أساسي في سوريا ويتم تهريبه إلى دول الخليج عبر لبنان.

وعلاوة على ذلك، كانت المملكة قلقة من تنامي نفوذ "حزب الله" في البلاد، الذي صنفته جامعة الدول العربية كمنظمة إرهابية عام 2016.

وكانت العلاقة بين دول الخليج ولبنان، إشكالية لعدة سنوات، بسبب الدور المهيمن لـ"حزب الله" كقوة سياسية في البلاد.

وبعد الخلاف الخليجي اللبناني، لعبت فرنسا دورا مهما في إعادة إحياء العلاقات السعودية ولبنان، وعلى الأخص خلال اجتماع بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان في جدة، خلال ديسمبر/كانون الأول 2021.

ولإعادة العلاقات الدبلوماسية مع دول الخليج، نفذت الحكومة اللبنانية، بقيادة نجيب ميقاتي، سلسلة من الإجراءات لإصلاح العلاقات، بما في ذلك عمليات للسيطرة على تهريب "الكبتاغون"، وإجراءات لاحتواء "الخطاب المعادي" للسعودية داخل البلاد.

لكن السبب وراء إعادة الارتباط الخليجي بلبنان "يتجاوز مجرد العلاقات الدبلوماسية"، وفق صحيفة "ذي نيو آراب".

توقيت التحرك

وتأتي عودة المبعوثين الخليجيين إلى بيروت، قبل أسابيع فقط من الانتخابات النيابية اللبنانية.

وبحسب بعض الخبراء، تحاول دول الخليج، ولا سيما السعودية، اتباع نهج مختلف تجاه لبنان.

وبدلا من عزل لبنان عن الحياة السياسية في الشرق الأوسط، قد تهدف دول الخليج إلى إفساح المجال للمناورة داخل السياسة الداخلية اللبنانية للحد من نفوذ إيران في البلاد من خلال "حزب الله".

وقال الأستاذ المشارك في العلوم السياسية والشؤون الدولية في الجامعة اللبنانية الأميركية، عماد سلامي، لصحيفة "ذي نيو آراب" إن توقيت تحرك السعودية يشير إلى رغبتها في التأكد من أن "أي نتائج سياسية للانتخابات العامة لن تكون غير مواتية لدول الخليج".

وأضاف أن "السعودية تريد معرفة ما إذا كانت ساحة المعركة السياسية في لبنان ستعطي بعض الفوائد من حلفائها من خلال تدخلاتها، فالمملكة تشارك بنشاط في العملية الانتخابية وتريد الحصول على دعم المرشحين المناهضين لحزب الله".

من جانبه، قال كبير المحررين في مركز "مالكولم كير كارنيغي للشرق الأوسط"، مايكل يونغ، لصحيفة "ذي نيو آراب"، إن "دول الخليج تتبنى سياسة التعامل مع الفاعلين السياسيين في لبنان بدلا من إعادة التعامل مع الدولة اللبنانية".

وأضاف "السعوديون يفهمون أن سياسة العزل لم تغير شيئا في لبنان، لذلك، هم أكثر استعدادا لخلق جمهور في لبنان من اللاعبين السياسيين الذين تربطهم علاقات جيدة مع السعودية ودول الخليج".

ولا يقتصر مجال النفوذ السعودي في لبنان على الطائفة السنية رغم أن انسحاب سعد الحريري من السياسة في يناير/كانون الثاني 2022، وتنحيه عن رئاسة حزب "تيار المستقبل"، أدى إلى تفتيت المجتمع السياسي السني.

ونتيجة لذلك، قد تتفاعل السعودية مع مجموعة متنوعة من الفاعلين السياسيين الذين تربطهم علاقات بالمملكة ويعارضون حزب الله.

ومن بين هؤلاء، حزب "القوات اللبنانية" المسيحية، بزعامة سمير جعجع، والحزب الدرزي "التقدمي الاشتراكي"، بقيادة وليد جنبلاط، وأحزاب أخرى ومرشحين من "تحالف 14 آذار"، الذين تحدثوا عن إعادة إحياء العلاقات الخليجية مع لبنان.

خطوة إستراتيجية

ومع ذلك، لا يزال من السابق لأوانه تقييم تأثير هذا النهج الجديد على لبنان في الانتخابات المقبلة، وعلاوة على ذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت دول الخليج مستعدة لتفعيل سياسة الإنفاق على المرشحين اللبنانيين لدفع أجندتهم السياسية.

وقال يونغ إن "موقف دول الخليج من حلفائها في لبنان، يفتح اتصالات مع جميع ممثلي السنة في البلاد، بما في ذلك أولئك الذين كانوا في الماضي قريبين من سوريا وأولئك المقربون نسبيا من حزب الله. ولا تتمثل الفكرة في مجرد إدارة سياسة لحزب سياسي واحد فقط، بل تهدف لإدارة علاقات سياسية مع كل الطوائف".

ومن وجهة نظر الخليج، قد يكون الاقتراب من المرشحين السنة المرتبطين بحزب الله أو سوريا خطوة إستراتيجية لضمان أن أي شخص في السلطة بعد الانتخابات سيهدف إلى تطوير علاقات جيدة مع دول الخليج.

وأضاف يونغ "يريدون السيطرة على البلاد بأنفسهم، ولكن إذا كان لعدد من السنة الذين وصلوا إلى السلطة علاقات مع سوريا أو حزب الله، فإن هؤلاء السنة سيكونون أيضا من يريدون الدفاع عن علاقات طيبة مع الدول العربية".

وتابع: "بهذه الطريقة، رغم أن دول الخليج ستوسع نفوذها في لبنان، فلن ينتهي الأمر بحزب الله في القتال ضدها".

لكن عودة المبعوثين الخليجيين إلى بيروت "تتجاوز السياسة الداخلية للبنان"، كما يقول سلامي، الذي أوضح أن "السعودية تريد بناء الزخم لإحداث فجوة بين سوريا وإيران".

وأوضح أن "المملكة ترى دورا جديدا لسوريا لتقويض حزب الله وإيران، فالسعوديون يراهنون على سوريا ويقدمون لها بعض الحوافز لإقامة علاقات جيدة مع الخليج العربي وفصلها عن إيران وحزب الله".

وبحسب يونغ، إذا أرادت دول الخليج احتواء إيران في المنطقة، فعليها إعادة فتح العلاقات وإعادة بناء حصصها في دول مثل سوريا ولبنان، لا سيما إذا تم توقيع الاتفاق النووي الإيراني، وهذا من شأنه أن يفسر تحول السياسة من عزل لبنان إلى بناء تحالفات جديدة مع مختلف الفاعلين السياسيين في البلاد.

فيما قالت صحيفة "ذي نيو آراب" إنه "من الناحية الاقتصادية، جاءت عودة العلاقات الدبلوماسية الخليجية مع لبنان في نفس اليوم الذي توصل فيه صندوق النقد الدولي إلى اتفاق مع الحكومة اللبنانية".

وأوضحت أنه "يمكن أن تلعب دول الخليج، التي كانت ذات يوم مانحة رئيسة للبنان الذي يعاني من ضائقة مالية، دورا مهما في إنعاش الاقتصاد اللبناني، ولكن فقط عندما يتوصل لبنان إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي".

وختمت صحيفة "ذي نيو آراب" مقالها بالقول: "يتعين على لبنان تنفيذ عدة إصلاحات للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي".