أعلن عن إصلاحات.. ما الجديد الذي سيقدمه الائتلاف السوري المعارض؟

مصعب المجبل | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

في خطوة غير اعتيادية تهدف لإصلاح المؤسسة، أجرى الائتلاف الوطني السوري المعارض، ترتيبا لبيته الداخلي تمثل بفصل 17 عضوا ، واستبدال أربعة ممثلين لمجالس محلية تتبع لأربع محافظات.

وجاءت الإجراءات الجديدة للائتلاف؛ نتيجة لما وصفها بـ"ضغوط ومطالب شعبية لمسها من جولاته التشاورية داخل مناطق الشمال السوري الخارج عن سيطرة النظام السوري".

 كما أنها أتت بعد انتخاب الهيئة العامة للائتلاف بمدينة إسطنبول التركية، سالم المسلط، رئيسا له، في 12 يوليو/ تموز 2021، وهو العاشر ضمن قائمة رؤسائه خلفا لنصر الحريري.

"إصلاح الائتلاف"

وأكد المسلط في مؤتمر صحفي عقده بمقر الائتلاف بإسطنبول بتاريخ 8 إبريل/ نيسان 2022، أن "عملية الإصلاح التي أنجزها الائتلاف هي مطلب حقيقي من الشعب السوري وجاءت ضمن أجندة وطنية سورية خالصة".

وأشار المسلط (63 عاما)، وهو زعيم قبلي ويرأس "مجلس القبائل والعشائر" (أحد مكونات الائتلاف)، أن الهدف من خطوة الائتلاف "بلورة رؤية سياسية جديدة ترتكز على مبادئ الثورة وتراعي المستجدات على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي".

وقرر الائتلاف في 7 أبريل 2022، تعديل نظامه الداخلي وإلغاء أربعة كتل داخله، وبالتالي فصل ثلاثة أعضاء كانوا بارزين فيه، وسبق هذا القرار، في 2 من الشهر نفسه استبعاد الائتلاف 14 عضوا من أعضائه، دون ذكر الأسباب.

ورغم أن الائتلاف كان الجهة الرئيسة في تمثيل المعارضة السورية سياسيا، إلا أنه يعاني من أمرين اثنين، الأول عوامل خارجية مختلفة الجهات والأسباب زادت من معاناة السوريين وأخرت الحلول السياسية وأضعفتها وأثرت على فاعليته وموقعه داخليا وخارجيا.

والثاني، عوامل داخلية ذاتية أربكت الائتلاف وأدخلته في تراكمات كثيرة أفقدته جزءا واسعا من أسباب التأثير والفاعلية السياسية، وفق ما جاء بدراسة تحليلية لـ "مركز جسور للدراسات" المعارض.

ويأخذ على الائتلاف السوري ضمه لأعضاء غير متفقة آراؤهم معه، خاصة في مساري أستانا واللجنة الدستورية، ولهذا قيل إن "قائمة الفصل التي حدثت للأعضاء أخيرا ستسهم في جعل كلمة الائتلاف واحدة وقراره واحدا".

ويأخذ سياسيون سوريون معارضون على الائتلاف ومنهم القاضي حسين حمادة، مستشار محكمة النقض في سوريا سابقا، أن "أغلب أعضائه لا يتمتعون بتمثيل شعبي، ولا يمتلكون كفاءة سياسية، أو حقوقية، أو دبلوماسية، أو إدارية، أو اقتصادية".

إضافة إلى "عدم وجود هيئة رقابية احترافية على أعماله؛ الأمر الذي أدى إلى تعطيله لصالح هيمنة مجموعة صغيرة من أعضائه تتحكم بكل مؤسساته وسياساته، وتدهور شعبيته وفقدانه شرعيته في تمثيل قوى الثورة والمعارضة سياسيا وقانونيا وداخليا وخارجيا".

ورأى حمادة أن "محاولات الائتلاف المتكررة سواء بضم أعضاء جدد أو فصل أعضاء قدامى، ما هي إلا عملية ترقيعية بائسة لا تغير من واقعهم شيئا".

ودعا حمادة باسم "الهيئة الوطنية السورية" التي ينتمي إليها ضمن كتلة الحقوقيين "للقيام بعمل تشاركي تفاعلي لخلق جبهة واسعة من القاعدة الشعبية قادرة على إنتاج بديل وطني عن المعارضة الرسمية وإعادة المؤسسات الثورية إلى قوى إنقاذ وطنية".

خطوات ضرورية

لكن أمام الخطوة التي أقدم عليها الائتلاف، يبقى السؤال المطروح ما الجديد الذي ستحمله هذه "الإصلاحات" في بنية الائتلاف؟

وفي هذا الإطار، يؤكد دبلوماسيون سوريون منشقون عن النظام لـ "الاستقلال"، أن "إصلاحات الائتلاف لن تؤتي أكلها ما دامت لا تغير التوجه السياسي له، ومنها عدم الإبقاء على مهزلة اللجنة الدستورية ومحاسبة من أسهم في ذلك المنزلق".

إضافة إلى أن "أهمية تحرر الائتلاف من الإملاءات الخارجية، والتي لن يأتي منها أي خير لحل القضية السورية وإنهاء معاناة الشعب".

ويرى هؤلاء أنه لطالما "لا يوجد انتخابات في الائتلاف فسيبقى انعكاسا لقوى خارجية، ولهذا فإن الخطوة الأخيرة عكست التقارب التركي مع دول الخليج".

وبعدما أفشل النظام السوري مفاوضات جنيف مع المعارضة السورية، ووصل هذا المسار الأممي إلى طريق مسدود؛ لجأت روسيا داعمة الأسد، إلى إدخال المعارضة في متاهة جديدة تحت اسم اللجنة الدستورية السورية المكلفة بصياغة دستور جديد لسوريا بإشراف من الأمم المتحدة.

وبالفعل بدأت أعمال اللجنة في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2019، لكنها فشلت على مدى سبع جولات في تحقيق أي نتائج ملموسة أو الاتفاق على مادة واحدة من الدستور.

وللمفارقة، فإن بشار الأسد، وصف مباحثات اللجنة الدستورية بأنها "لعبة سياسية"، خلال لقاء مع وكالة "سبوتنيك" الروسية في أكتوبر/ تشرين الأول 2020.

ولاحقا مع إثبات مماطلة النظام في جولات اللجنة، دعا الشارع السوري إلى انسحاب فوري للمعارضة من اللجنة، لأنها "تؤدي في نهاية المطاف لتعويم نظام بشار الأسد، وفق الرؤية الروسية".

وكان يطرح مطلب تفكيك الائتلاف وإعادة هيكلته بشكل دائم خلال السنوات الماضية، ومع كل انتكاسه على صعيد المفاوضات مع النظام السوري، الذي اتضح أنه يفاوض ليكسب الوقت فقط، لا للتواصل لحل سياسي يخرج البلاد من حالة الاستبداد المستمرة منذ عام 1971.

ولهذا فإن ما قام به الائتلاف أخيرا يؤكد أنه ترتيب للبيت الداخلي "لتفعيل العملية السياسية الميتة سريرا" وليس "انقساما جديدا"، وعليه أن ينتقل إلى المرحلة التالية.

وتتمثل هذه المرحلة، كما يرى مراقبون في الشأن السوري، بعمل الائتلاف على تأسيس جسم سياسي بديل، لكونه لم ينجح في تسجيل أي نقطة كسب لصالح الشعب السوري، لا بل يتحمل فشل الأداء السياسي للمعارضة.

وكذلك العمل على خلق تحالفات جديدة عربية تمنع تقديم تنازلات بما يخص إعادة تأهيل نظام الأسد، فضلا عن البحث عن "آليات جديدة" تزيد من عزلة نظام الأسد عربيا ودوليا، وإلا سيبقى الائتلاف يدور في حلقة مفرغة ودون تأثير.

كما أن الشارع السوري المعارض بات ينظر إلى الائتلاف على أنه يمارس لعبة تبديل المناصب داخله، وهذا ما يحتم عليه الانفتاح أكثر على شخصيات وطنية ونفي هذه الصفة عنه.

تأثير هامشي

وتعليقا على هذه الجزئية، أوضح الباحث في مركز الحوار السوري، أحمد قربي، أنه على "الجانب الهيكلي للائتلاف لا شك حدثت تغييرات، يمكنها أن تعطي دفعة له على الصعيد الهيكلي والشرعية، وإن كان هذا الأمر جزئيا؛ بسبب أنه إلى الآن قائم على مسألة المحاصصة، وليس التمثيل".

وأضاف لـ"الاستقلال": "وبالتالي هذه التغييرات على الرغم من أهميتها، إلا أن تأثيرها سيكون هامشيا، لأن بنية الائتلاف بالأساس هي مبنية على قضية التوافق أكثر من كونها قائمة على الانتخاب والتمثيل".

وذهب قربي للقول: "لا أتوقع أن يكون هناك تغيير على صعيد موقف الائتلاف من مسار الحل السياسي والحكومة المؤقتة التابعة له، ويعود ذلك لسببين رئيسين".

الأول، وفق الباحث السوري هو "أن مواقف الائتلاف لم تبتعد كثيرا عن مبادئ الثورة من عملية تحقيق الانتقال السياسي ومحاسبة نظام الأسد، والعدالة الانتقالية، ورحيل بشار الأسد".

والثاني، "لن يحدث تغيير بما يتعلق بالتزام الائتلاف باللجنة الدستورية ومسار أستانا بشكل غير مباشر؛ نظرا لأن النسبة التي ستدخل إلى الائتلاف لن تكون قادرة على إحداث فارق في مواقف الائتلاف على الأقل على المدى القريب، كما أن مسألة اللجنة الدستورية مرتبطة بعوامل خارجية أكثر من كونها مرتبطة بقوى الثورة والمعارضة".

وفي 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، تأسس "الائتلاف الوطني" بالعاصمة القطرية الدوحة من قوى الثورة والمعارضة السورية وشخصيات وطنية مستقلة وتيارات وأحزاب سياسية ومجالس محلية وفصائل ثورية.

وبات منذ ذلك الحين هو الجسم السياسي الوحيد الذي يمثل ثورة السوريين والمعترف به أمميا ودوليا.

وتبنى الائتلاف طريق الحل السياسي كخيار وحيد يضمن عملية الانتقال إلى نظام سياسي في سوريا يطوي حقبة استبداد الأسد الأب والابن؛ إلا أن الائتلاف يتهم النظام باستخدام سياسة التملص والتعطيل وإغراق المفاوضات الجارية معه بتفاصيل لا علاقة لها ببنود القرارات الدولية.

ووفقا للقرار الأممي 2254 الصادر عام 2015، فإن العملية السياسية في سوريا تنطلق عبر أربع سلال تتمثل في: الحكم الانتقالي، والدستور والانتخابات، ومكافحة الإرهاب، إلا أن هذه السلال ما تزال حبرا على ورق.