"ما يحدث نتاج فعلنا".. موقع إيطالي يطالب باستعادة روما لدورها التاريخي في ليبيا
دعا موقع إيطالي حكومة بلاده وشركاتها إلى إظهار التزام اقتصادي أكبر تجاه ليبيا لمواجهة الأزمات وحالة عدم الاستقرار التي تمر بها.
وقال "إيل سوسيداريوا" إن "الدولة الواقعة في شمال إفريقيا تتعرض في الوقت الحالي لضغوط وربما زعزعة استقرار أكثر خطورة من تلك التي عاشتها في فترات سابقة".
يأتي ذلك بعد أن تبخر الأمل في إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في الموعد الثاني الذي كان مقررا في 24 يناير/كانون الثاني 2022، وذلك بسبب عدم التوافق حول القواعد الدستورية والإطار القانوني.
في نفس سياق مخاطر عدم الاستقرار، ذكر الموقع الإيطالي أن مجلس بلديات فزان كان قد حذر نهاية يناير في بيان "من نشاط الجماعات الإرهابية في المنطقة الجنوبية، وتأثير ذلك على المنطقة في حال عدم أخذ موضوع محاربتها بمحمل الجدية".
بالتزامن مع ذلك، رفضت روسيا المشروع الذي قدمته بريطانيا لتمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة لسنة والذي ينص على ضرورة أن تتخذ السلطات الليبية "خطوات لتسهيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أسرع وقت ممكن".
"إشارات مهمة"
وزعم الموقع الإيطالي وجود إشارات مهمة تدعو روما إلى استئناف دورها التقليدي المتميز مع ليبيا.
وذلك في إشارة إلى اللقاء الذي جمع وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي بحكومة الوحدة الوطنية الليبية لشؤون التعاون الدولي والمنظمات، عمر كتي بالسفير الإيطالي لدى ليبيا جوزيبي بوتشينو غريمالدي.
والتقى الجانبان بمقر وزارة الخارجية والتعاون الدولي بالعاصمة طرابلس في 25 يناير.
وبحسب بيان صادر عن الوزارة الليبية، طالب كتي إيطاليا بعودة شركاتها لاستئناف العمل في المشاريع المتوقفة المتعاقد عليها، ومساعدة ليبيا في مكافحة الهجرة غير الشرعية.
ومن أبرز هذه المشاريع تنفيذ مشروع الطريق الساحلي، بالإضافة إلى استكمال أعمال إعادة بناء مطار طرابلس الدولي، مما سيسهم في عودة طيران الشركات العالمية إلى ليبيا.
وشدد وكيل وزارة الخارجية للتعاون الدولي والمنظمات على أهمية أن تؤدي دورها في مساعدة الدولة الليبية بمكافحة الهجرة غير الشرعية، خاصة بعد توقعات بزيادة أعداد المهاجرين نتيجة لعدم استقرار الأوضاع في بعض دول المصدر.
وعلق القائد السابق لقيادة عمليات القوة المتعددة الجنسيات، الجنرال الإيطالي ماركو بيرتوليني في حديثه للموقع بالقول إنه "من الواضح أن ليبيا تشعر بالحنين، إذا جاز التعبير، إلى العلاقات التي كانت قائمة مع إيطاليا في زمن العقيد معمر القذافي وكذلك تشتاق إلى مهنيتنا ومهاراتنا".
ويرى أنه "لأسباب عديدة بما في ذلك الخوف، فقدنا دور المحاوِر المتميز" داعيا بلاده إلى "استعادة دورها السابق، لأن وجودنا سيكون مهما أيضا في مكافحة الهجرة غير الشرعية".
وفي تعليقه عن إمكانية أن يتزعزع الاستقرار أكثر في الجنوب متأثرا بما يحدث في منطقة الساحل الإفريقي، يشرح بيرتوليني بأن "وجود قبائل الطوارق وغيرهم في جنوب ليبيا يظل عنصرا ثابتا كان دائما موجودا، لكنه تكثف اليوم بشكل أكبر ويرجع ذلك إلى ضعف السيطرة على المنطقة".
وأضاف بالقول "لطالما نشطت هذه القبائل في غياب تام لسلطة مركزية، كما أن هذا المكون القبلي (الطوارق) ينشط أيضا في مناطق من مالي، حيث يشكل طرفا في واقع صراع خطير"، محذرا "من أن تهديد امتداد زعزعة الاستقرار لا يزال قائما".
نتاج الغرب
من ناحية أخرى، ليبيا اليوم هي نتاج ما فعلناه نحن الغربيين بإسقاط نظام القذافي، وفق زعمه.
وفي سؤال الموقع عما إذا كانت روما قد انسحبت تماما من المشهد الليبي باستثناء بقاء شركة إيني للطاقة، أشار الجنرال إلى "أن إيطاليا اكتسبت دور المحاور المميز مع ليبيا في عهد العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، وهو الدور الذي انهار بعد ذلك مع كل ما حدث".
وأضاف "بالنسبة لليبيا، تظل إيطاليا بالتأكيد محاورا مهما وبقليل من الشجاعة والمبادرة، يمكن لبلدنا إعادة فتح العديد من الآفاق".
وتابع "ليبيا بحاجة إلى بنية تحتية تخدم السكان والزراعة والاتصالات على غرار الاتفاقيات المهمة جدا التي جرى إبرامها في عهد رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني والعقيد القذافي".
وأعاد التأكيد مجددا "أعتقد أن ليبيا تشعر بالحنين إلى تلك الحقبة، لقد كانت فيها دولة هادئة إلى حد كبير مع آفاق جيدة للنمو قبل أن توقفها الحرب".
"يتجلى هذا الحنين في الشعبية التي لا يزال يتمتع بها سيف الإسلام القذافي، لذلك يرى الكثير من المراقبين أن انتخابات 24 ديسمبر، تأجلت حتى لا يمنح فرصة للفوز بها"، وفق قوله.
وبشأن إمكانية أن تستفيد تركيا أكثر فأكثر من الفراغ الذي تركه الإيطاليون، لا يرى الجنرال شكا في هذه المسألة.
وشدد بالقول: "يجب أن تكون إيطاليا شجاعة، إذا واصلنا التراجع والانسحاب كما فعلنا إلى الآن، فإن تركيا التي لا تريدنا كمحاورين كما كنا دائما، بل ستستفيد من هذا الوضع".
كما أعرب عن أمله في أن تتمكن إيطاليا، من اغتنام هذه الفرصة (دعوة وكيل وزارة الخارجية) للعودة إلى استئناف الدور والمشاريع التي توقفت بسبب الحرب.
ونوه بأن "كلا الطرفين سيستفيد لأن نخبة رواد الأعمال لدينا تحظى بإمكانيات هائلة للتوسع بينما تحافظ ليبيا دائمًا على أهميتها من ناحية المسائل الطاقية والجغرافية".
وكذلك أيضا من أجل مكافحة الهجرة غير الشرعية التي لا يمكن أن تنجح دون تحقيق الاستقرار في البلاد من خلال التزام قوي أيضا من جانب الشركات الإيطالية، يضيف بيرتوليني.
وبالعودة إلى موضوع الانتخابات، ألمح الموقع الإيطالي بأن هناك من يجادل بضرورة أن يتبنى الفائز ما يسمى بـ "نظام القذافي"، وهو إعادة توزيع للسلطة والثروة بطريقة لا تثير استياء أحد.
أجاب بيرتوليني على سؤال عما إذا كان بالإمكان تطبيق هذا النظام في الوقت الحالي بأنه "يتعين علينا أن نأخذ في الاعتبار واقع البلد، ومستوى الفقر وصعوبات العيش في مناطق معينة من بلد به مناطق صحراوية شاسعة، أولئك الذين يعيشون هناك لا يمكنهم الاستغناء عن مساعدات الدولة".