ترقية عباس رجال الاحتلال.. غضب فلسطيني وخلافات داخل "فتح" وارتياح إسرائيلي
استعدادا لمؤتمر المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، رقى رئيس السلطة في رام الله محمود عباس المقربين منه للأدوار الرئيسة لتعزيز وضعه وقوته، ما أثار غضبا في قطاعات فلسطينية واسعة.
وجددت اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في 19 يناير/كانون الثاني 2022 اختيار عباس رئيسا للدولة واللجنة.
الترقيات الأخيرة
واقتصرت تغييرات فتح على ثلاث قيادات هم: عزام الأحمد لأمانة السر في منظمة التحرير، وروحي فتوح لرئاسة المجلس الوطني الفلسطيني بعد استقالة سليم الزعنون، وحسين الشيخ لعضوية اللجنة التنفيذية.
وأشار موقع "زمن إسرائيل" العبري إلى أن حسين الشيخ، وزير الشؤون المدنية في السلطة ومساعد عباس، أعلن أن المجلس المركزي للمنظمة سيجتمع في رام الله مطلع فبراير/شباط 2022 لمناقشة القضايا السياسية والتنظيمية والوطنية للشعب الفلسطيني.
وبذلك وضع حدا للتسريبات الإعلامية حول تأجيل اجتماع المجلس المركزي إلى موعد غير معروف بسبب الخلافات بين مختلف فصائل منظمة التحرير الفلسطينية.
وفي 18 يناير، دعا محمود عباس اللجنة المركزية لحركة فتح، التي تعتبر "المكتب السياسي" للحركة، والحزب الحاكم للسلطة الفلسطينية، إلى الانعقاد لاتخاذ قرارات بشأن التعيينات المهمة في المنظمة التي سيوافق عليها المجلس المركزي.
وبحسب مصادر بارزة في حركة فتح، أصدر محمود عباس قرارات تعزز مكانته وسيطرته في منظمة التحرير، لكنه بدأ في الوقت نفسه "توزيع كعكة السلطة" على مقربيه.
الهدف من ذلك وفق الموقع هو وضع هؤلاء في مناصب رئيسة ستقويهم بين ورثة قيادة فتح بعد تنحيه عن المسرح السياسي.
ولفت الموقع العبري إلى أن القرارات المتخذة هي أن تدعم حركة فتح محمود عباس بشكل كامل كرئيس لمنظمة التحرير و"رئيس دولة فلسطين".
إضافة إلى دعم حسين الشيخ عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
إضافة إلى دعم استمرار ولاية "عزام الأحمد" وهو مساعد آخر لمحمود عباس، كعضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وأيضا "روحي فتوح" والذي شغل منصب رئيس المجلس التشريعي سابقا، وعين خلفا للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في رئاسة السلطة.
وبحسب القانون الفلسطيني، تولى مسؤوليات الرئاسة لمدة 60 يوما تبعها انتخابات لاختيار الرئيس القادم والتي نجح فيها محمود عباس عام 2005.
وطلب روحي فتوح دعم تعيينه رئيسا للمجلس الوطني بدلا من "سليم الزعنون" الذي شغل المنصب منذ 1996 والذي استقال أخيرا بسبب تقدمه في السن.
خلافات الورثة
وأشار المحلل السياسي في الموقع "يوني بن مناحيم" إلى أن حسين الشيخ مع رئيس المخابرات العامة اللواء ماجد فرج أصبحا المحور القوي في السلطة الفلسطينية وهما المقربان جدا من محمود عباس ونجليه.
وهما الآن يديران السلطة فعليا ويفترض بهما أيضا أن "يهتما" بابني محمود عباس ومصالحهما الاقتصادية بعد تنحي والدهما عن المسرح السياسي.
ووفقا لمسؤولين كبار، عزز ماجد فرج موقعه داخل السلطة الفلسطينية وخارجها في الأشهر الأخيرة استعدادا لمعركة الخلافة على الرئاسة.
ويقود ماجد فرج خط الحرب على المقاومة ويقوي التعاون الأمني مع إسرائيل والولايات المتحدة والدول العربية المعتدلة ويمنع حركة المقاومة الإسلامية حماس من السيطرة على الضفة الغربية.
ونوه المحلل إلى أنه حسب التقسيم على قيادة السلطة فإن حسين الشيخ سيكون رئيس "الحقيبة السياسية" وماجد فرج رئيس "الملف الأمني".
في المقابل، هناك معارضة في قيادة فتح لمحور حسين الشيخ وماجد فرج، الذي يتنافس هو الآخر في معركة الخلافة على منصب رئيس السلطة الفلسطينية.
يضم هذا المعسكر جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح، ومحمود العالول نائب رئيس الحركة.
وسبق أن انتقدت أطراف من حركة فتح تعيين حسين الشيخ وروحي فتوح، وتشن حملة تشهير ضدهما على مواقع التواصل الاجتماعي، متهمة إياهما بالفساد وعدم الكفاءة.
وفي الوقت نفسه، يواصل "محمد دحلان" المسؤول السابق في حركة فتح الذي طرده محمود عباس من الحركة بتهم فساد، بالتنسيق مع القيادي في الحركة الأسير مروان البرغوثي ضمن معركة الخلافة.
والبرغوثي الذي يحظى بشعبية جارفة لدى الشعب الفلسطيني لمشاركته في النضال وإشرافه على تنفيذ عمليات فدائية، محكوم 5 مؤبدات في السجون الإسرائيلية.
ويتبع محمود عباس مبدأ "الأولاد سيلعبون أمامي"، فهو يريد بشدة أن يستمر خليفته أو ورثته في الاعتناء به وبعائلته والإمبراطورية الاقتصادية الضخمة التي أقاموها.
وفي هذا الصدد، حسين الشيخ وماجد فرج، اللذان يسيطران على قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، أكثر مصداقية له وولاء له ولأسرته من جبريل الرجوب أو محمود العالول.
ارتياح إسرائيلي
في غضون ذلك، يواصل عباس البالغ من العمر 86 عاما، أداء مهامه وليس من الواضح متى سيتنحى عن المسرح السياسي.
فالوضع في المناطق الفلسطينية لا يسمح حاليا بإجراء انتخابات في ظل الخلاف المستمر بين فتح وحماس وتعزيز الأخيرة قوتها في الشارع الفلسطيني.
وكذلك لن يشرع محمود عباس في مسار "الانتحار السياسي"، لذلك من المرجح أنه في حالة وفاته أو دخوله في حالة حجر صحي، سيجري انتخاب خلف مؤقت لمؤسسات فتح حتى إجراء الانتخابات، أو سيجري تقسيم الحكومة مؤقتا.
ولفت ابن مناحيم إلى أن إسرائيل قلقة للغاية من خلافة قيادة فتح لأن كل مسؤول كبير فيها "لديه مليشيا مسلحة" في الضفة الغربية وقد تتصاعد المعركة إلى اشتباكات عسكرية لكنها لا تتدخل في شؤونها الداخلية.
إلا أن شخصيات سياسية بارزة في إسرائيل تعرب عن ارتياحها لرفع مكانة حسين الشيخ وماجد فرج على رأس السلطة.
ويدعم الاثنان تعزيز العلاقات السياسية والأمنية مع إسرائيل والحرب ضد حماس التي تحاول السيطرة على الضفة الغربية.
وأشار المحلل السياسي إلى أن انعقاد المجلس المركزي لمنظمة التحرير في غاية الأهمية، ومن المتوقع أن يتخذ سلسلة من القرارات السياسية المهمة فيما يتعلق بالعلاقات مع إسرائيل.
ويرجح أن ينعقد المجلس المركزي بدون مشاركة ممثلين عن تنظيمات الجبهتين الديمقراطية والشعبية (يسار).
ويأتي ذلك وسط جمود أميركي تجاه العملية السياسية وخيبة الأمل من واشنطن التي لم تف حتى الآن بوعودها للفلسطينيين بإعادة فتح مكاتب منظمة التحرير في واشنطن والقنصلية الأميركية في القدس.
وقد أرسل محمود عباس وفدا برئاسة جبريل الرجوب إلى دمشق لإقناع قياداتهم بحضور المؤتمر.
وبحسب مصادر في حركة فتح، فإن الرجوب فشل في مهمته، وقادة الجبهتين الشعبية والديمقراطية يرفضون حضور المؤتمر في رام الله ويطالبون بعقده خارج المناطق المحتلة، بعيدا جدا عن نفوذ وسيطرة إسرائيل.
وأنهى بن مناحيم مقالته بالقول: "أرسلت إسرائيل والإدارة الأميركية بالفعل رسائل إلى محمود عباس تحذره من اتخاذ قرارات متطرفة في المجلس المركزي، مما قد يؤدي إلى تفاقم وضع السلطة الفلسطينية".