قبل 100 يوم من انتخابات فرنسا.. أزمة جديدة تضع ماكرون على المحك

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

اعتبرت صحيفة "لافانغوارديا" الإسبانية أن إضراب قطاع التعليم في فرنسا يثبت سوء إدارة الرئيس إيمانويل ماكرون لجائحة فيروس كورونا، ويقوض شعبيته قبل أقل من 100 يوم على الانتخابات المرتقبة في أبريل/ نيسان 2022.

وأكدت الصحيفة أن إضراب قطاع التعليم الذي بدأ في 13 يناير/ كانون الثاني 2022، بسبب بروتوكولات كورونا الفوضوية، حدث لا يجب الاستهانة بتأثيراته على الساحة السياسية الفرنسية.

زلزال سياسي

وأشارت "لافانغوارديا" إلى أن التعليم الحكومي لعب دورا رئيسا في تكوين وعي وطني متماسك وتعزيز القيم الجمهورية في فرنسا.

ومن هذا المنطلق، فإن إغلاق الفصول الدراسية على خلفية الإضراب يعني أن البلاد تعيش زلزالا سياسيا واجتماعيا، وخاصة أنه جاء في فترة ما قبل الانتخابات.

وقالت إن تأثير حشد المعلمين في الأيام الأخيرة كان كبيرا. وفي الواقع، جرت الدعوة للإضراب منذ مدة في فرنسا ردا على بروتوكولات حكومة ماكرون الفوضوية لمجابهة الأزمة الصحية.

وأدت هذه القواعد، التي وصفها البعض بأنها عبثية، إلى تفاقم حالة الانزعاج في قطاع التعليم منذ بداية الوباء بسبب ظروف عمل المعلمين القاسية للغاية وعدم الاعتراف بجهودهم.

ويمثل إغلاق العديد من المدارس نكسة سياسية خطيرة لماكرون، ما يضعفه قبل أقل من ثلاثة أشهر من الانتخابات الرئاسية في ربيع 2022.

وأوضحت الصحيفة أن فرنسا تشهد على خلفية الإضراب حرب أرقام بين وزارة التعليم ونقابات القطاع.

فمنذ الساعة الأولى، تم تأكيد التوقعات بالتزام قوي لتنفيذ الإضراب. وقدرت النقابات أن 75 بالمئة من معلمي المدارس الابتدائية انضموا للاحتجاج، الأمر الذي أدى إلى إغلاق نصف المؤسسات على الأقل.

أما في المدارس الإعدادية (المتوسطة) والمدارس الثانوية، كان الالتزام بالإضراب في حدود 62 بالمئة بين أعضاء هيئة التدريس والموظفين المساعدين.

في المقابل، كانت الأرقام الصادرة عن الوزارة الفرنسية مختلفة. ووفقا لها، شارك فقط 31 بالمئة من المعلمين في الاحتجاج بكامل البلاد.

أسباب الإضراب

ونقلت الصحيفة أن أسباب الإضراب، الذي حظي بدعم الاتحاد الرئيس لأولياء الأمور، تعود إلى السياسة المتغيرة والمضطربة للوزارة فيما يتعلق ببروتوكولات مكافحة الوباء، التي جرى تغييرها ثلاث مرات في غضون أسبوع من العودة إلى فصول الدراسة بعد عطلة عيد الميلاد.

وتسبب هذا في ارتباك وتوتر للمعلمين والأسر، الذين يدعون إلى التخلي عن الإجراءات البيروقراطية. ويطالبون بالمزيد من الأجهزة للتحكم في جودة الهواء وتوظيف المزيد من الموظفين البديلين.

وأوضحت الصحيفة أن سياسة الحكومة لطالما كانت تعتمد على خيار إبقاء المدارس مفتوحة رغم كل الصعاب على خلفية تفاقم الوباء بسبب الانتشار الكبير لمتغير أوميكرون.

وكشفت أن الأسباب الاقتصادية هي الدافع وراء ذلك. فإرسال الطلاب إلى المنزل، وخاصة الصغار منهم، يعني عمليا أن العديد من الآباء سيتوقفون عن الذهاب إلى العمل.

ونقلت الصحيفة أنه في مواجهة سياسة إغلاق الفصول الدراسية في ظل ارتفاع الحالات الإيجابية، تقرر ترك المصابين أو الذين كانوا على اتصال بهم في المنزل، مع فرض بروتوكول معقد للغاية، يلزمهم بتحمل مسؤولية إجراء اختبارات قبل العودة إلى المدرسة من جديد.

لكن، كان هذا يعني تعقيدا لوجستيا للعائلات، وطوابير طويلة أمام الصيدليات ومختبرات التحليل، وانعدام أمان أكبر بالنسبة للمدرسين، الذين لا يفهمون سبب تخفيف الإجراءات، في ظل انتشار سريع للجائحة.

وبالنسبة للإطار التربوي في فرنسا، فإن هدف "الاستمرارية التربوية"، وهي الفكرة المهيمنة للحكومة في ظل الأزمة الصحية، أصبح مهددا بسبب هذه الإجراءات.

وأوردت الصحيفة أن رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستكس صرح أنه "لا يمكن إجراء إضراب ضد قرارات مجابهة الوباء".

من جهتها، ردت النقابات بأن الإضراب موجه ضد وزير التعليم، جان ميشال بلانكير، الذي أصبح خلال ولاية ماكرون أحد أقوى الشخصيات في الحكومة، لكنه الآن في موقف حرج.

وهو ما تؤكده صحيفة لوموند التي كتبت أن "نجم أحد مفضلي ماكرون لم يعد يسطع مثل السابق".

ويعتبر بلانكير قريبا جدا من ماكرون، وأنشأ قبل بضعة أشهر مركزا فكريا، مختبر الجمهورية، يهدف إلى دعم إعادة انتخاب رئيس الدولة ومساعدة حركته، الجمهورية إلى الأمام، في الانتخابات المقبلة.

عواقب كبيرة

وأشارت الصحيفة الإسبانية أن إضراب قطاع التعليم في هذا الوقت له عواقب سياسية وتداعيات اجتماعية كبيرة، لا سيما مع اقتراب الانتخابات.

علاوة على ذلك، فهو يظهر أن الحكومة فقدت السيطرة. وفي جميع الأحوال يضر الإضراب بتوقعات ماكرون الذي يظل المرشح الأوفر حظا بحسب استطلاعات الرأي، رغم أن الفوز ليس مضمونا.

وحول هذه الأزمة، أشارت لوموند إلى أنه لم يتوقع أي شخص على رأس الدولة إضرابا وطنيا للمعلمين وموظفي قطاع التعليم قبل هذا الوقت القريب من الانتخابات.

ولم يتخيل أحد أن الحركة سيتبعها 31 بالمئة من المدرسين، بحسب إحصاء وزارة التربية الوطنية، و60 بالمئة منهم بحسب النقابات.

وتأكد نزول قرابة 80 ألف متظاهر إلى الشارع، بحسب إحصائية وزارة التربية الفرنسية. ولم يتوقع أحد أن يكون ممثلو أولياء الطلاب مرتبطين بسخط المعلمين، في مواجهة بروتوكول صحي يعتبر ثقيلا للغاية.

وفي مقابلة مع صحيفة لو باريزيان الفرنسية، انتقد داميان أباد، مستشار فاليري بيكريس، المرشحة الرئاسية عن حزب الجمهوريين، وزير التعليم لأنه تسبب في "فوضى كبيرة في المدارس الفرنسية".

وأضاف أن ماكرون "فشل في جعل التعليم وسيلة للنهوض الاجتماعي. كما أصبح تكافؤ الفرص خدعة والتقدم الاجتماعي مجرد وهم في الوقت الراهن".