خطة طموحة.. لوموند: هذه العقبات تواجه "التحول الطاقي" في الجزائر
سلطت صحيفة "لوموند" الفرنسية الضوء على تعليمات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بانتقال البلديات العمومية وبعض مرافق الدولة إلى الطاقة الشمسية خلال ثلاثة أشهر، مشككة في القدرة على تحقيق ذلك.
وفي 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، أمر تبون بإلزام كل البلديات باستعمال الطاقة الشمسية في الإنارة العمومية، محددا فترة سماح 3 أشهر، لتخلي بعض مؤسسات الدولة، خاصة قطاعي الصحة والتربية، عن الوقود الأحفوري.
كما طالب بترشيد الاستهلاك الداخلي للغاز، من أجل المحافظة على الموارد لرفع قدرات التصدير.
استفادة محدودة
وقالت الصحيفة الفرنسية إن الجزائر لا تواجه أية مشكلة في توفير الطاقة الشمسية ولا تعاني نقصا في الطاقة البديلة، مع 3000 ساعة من سطوع الشمس سنويا كمعدل متوسط .
لكنها أضافت أن هذه الإمكانات ليست مستغلة أو مستغلة بشكل ضئيل، في ظل استمرار الجزائر في إنتاج 99 بالمئة من الكهرباء من الغاز المستخرج من صحرائها.
ونقلت "لوموند" عن لجنة الطاقات المتجددة والاستغلال الطاقي الجزائرية أن البلاد تستخدم الطاقة الأحفورية بشكل متزايد لتلبية الطلب المحلي، حيث قفز استهلاك الطاقة 60 بالمئة بين عامي 2011 و2020.
وأوضحت أن صادرات النفط والغاز هي المورد الأساسي للنقد الأجنبي في الجزائر، حيث مثلت 91 بالمئة من إجمالي صادرات البلاد في 2020 لذا تتم دعوة المواطنين إلى ترشيد الاستهلاك من أجل الاستمرار في التصدير..
ويُقدر عدد سكان الجزائر بـ43 مليونا و850 ألف نسمة.
التبذير الطاقي
وقالت "لوموند" إن الجزائر التي اعتمدت البرنامج الوطني للطاقة المتجددة (ENR) في عام 2011، "لا تزال بعيدة عن أهدافها".
ونقلت عن توفيق حسني، نائب الرئيس السابق لشركة سوناطراك الجزائرية للهيدروكربونات أن "التبذير الطاقي يهدد بانخفاض احتياطيات الوقود الأحفوري المتبقية ومن المؤكد أن الوعي بهذا الوضع هو الذي يفرض الحاجة إلى تسريع الانتقال الطاقي".
وأضافت أن "البرنامج الوطني لعام 2030 وضع هدفا لإنتاج 22 ألف ميغاوات من الطاقة المتجددة، بما في ذلك 10 آلاف ميغاوات للتصدير".
لكن "نصيب الطاقة المتجددة الحالي منخفض للغاية، بواقع أقل من واحد بالمئة من 22 ألف ميغاوات المتصورة، وجميع المصادر مجتمعة، لا تتجاوز قدرات الطاقة المتجددة المثبتة حاليا بواقع 500 ميغاوات".
خطوات للأمام
ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى إنشاء الجزائر وزارة للتحول في مجال الطاقة والطاقات المتجددة في يونيو/ حزيران 2020.
وقالت إنها وزارة مسؤولة عن تنفيذ خطة الحكومة التي تم تخفيض أهدافها إلى 4000 ميغاوات بحلول عام 2024 و15 ألف ميغاوات بحلول عام 2035.
وأشارت إلى اختيار السلطات الجزائرية 11 موقعا في ولايات جنوب البلاد، لإنشاء محطات للطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 1000 ميغاوت.
كما تمت أيضا الموافقة في مايو/ أيار 2021 على الخطة الوطنية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، الذي يتم الحصول عليه عن طريق التحليل الكهربائي للمياه.
وقالت الصحيفة إن الجزائر تأمل في بيع الهيدروجين بدلا من الغاز الطبيعي إلى إسبانيا وإيطاليا اعتبارا من 2030، باستخدام نفس خطوط الأنابيب.
وأوضحت لوموند أن هذه الخطوات تأتي في وقت تصدر فيه عن السيارات الجزائرية حوالي 20 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا.
وبهدف تشجيع الانتقال نحو السيارات الكهربائية، أصبح استيراد السيارات ثنائية التشغيل أولوية الآن.
وبحثا عن التمويل، عدلت الجزائر أيضا قاعدة 51/49، التي حددت المشاركة الأجنبية بـ49٪ من رأس مال الشركات الجزائرية.
ولم يعد ذلك القانون ساري المفعول بالنسبة للمشاريع المرتبطة بالمصادر المتجددة للطاقة.
وفي هذا الإطار تبذل الحكومة الجزائرية كل ما في وسعها لتحسين مناخ الأعمال لكل من المستثمرين المحليين والأجانب.
وعن هذه الخطوة نقلت الصحيفة عن ميريام فورنيير قاسمي، مديرة "سينجي"، وهو مكتب تصميم وتطوير مشروع للطاقة الشمسية تم إنشاؤه في الجزائر في 2014 قولها إن "هذه خطوة كبيرة إلى الأمام".
تحديات مالية
لكن هذا الحماس لا يشاركه بالكامل محمد عبد الناصر نايلي مؤسس "شمس الجزائر" وهي شركة متخصصة في تسويق وتوزيع المنتجات الكهروضوئية.
ونقلت الصحيفة عن المهندس الشاب البالغ من العمر 23 عاما أنه "بالنسبة للمستهلكين، تظل الطاقة الشمسية بديلا باهظ الثمن".
وأضاف أن "أحد الحلول هو مراجعة الضرائب لخفض تكلفة المعدات".
وبالنسبة لـ" نايلي" فإنه مقتنع بأن الجزائر يجب أن تركز " على تطوير المصانع الصغيرة والمتوسطة، قبل أن تستهدف الشركات الكبيرة والمشاريع واسعة النطاق" .
وقال إن الدعم القوي لأسعار الكهرباء اليوم لا يشجع الأفراد على التحول إلى الطاقة النظيفة، لكن "لا يمكننا زيادة الأسعار بشكل مفاجئ أيضًا".
البرنامج الطاقي
ويرتكز برنامج الجزائر للانتقال الطاقي، وفق "لوموند" على عدة محاور، من بينها دعم التصنيع في مجال الطاقات المتجددة، وتطوير الوحدات الصناعية المحلية (الخاصة والعامة)، ضمن مساعي البلاد للوصول بالقدرات المركبة من الطاقة المتجددة إلى 15 ألف ميغاواط بحلول 2035.
ونقلت الصحيفة عن وزير الانتقال الطاقي والطاقات المتجددة "بن عتو زيان" أن استهلاك الطاقة في الجزائر يشهد ارتفاعا بنحو خمسة بالمئة سنويا، بسبب النمو الديمغرافي وتزايد متطلبات التنمية الاقتصادية وتناقص الموارد الأحفورية، إلى جانب تفاقم التحديات المناخية والتوجه العالمي نحو الحياد الكربوني.
وأكد أن وزارة الانتقال الطاقي تعكف على تكثيف جهودها لتجسيد دعائم التحول الطاقي، من خلال العمل على تحول الطاقة والخروج التدريجي من التبعية للمحروقات.
وأوضح أن عديدا من ورش العمل الميكانيكية صارت تمارس بالفعل تقنية تسمى" التعديل التحديثي" التي تعني عمليات التحويل الكهربائي للمركبات التي تعمل بمحركات حرارية أو بنزين أو ديزل.