النظام المصري يلجأ إلى تنزانيا بعد توقف مفاوضات سد النهضة.. ما التوقعات؟

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة المونيتور الأميركية أن مصر وتنزانيا اتفقتا على تكثيف التنسيق بشأن سد النهضة الإثيوبي المثير للجدل الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق، رافد النيل الرئيس.

وجرى التوصل إلى ذلك في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 عندما استضاف رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي نظيرته التنزانية سامية حسن، في أول زيارة لها إلى مصر منذ تنصيبها في مارس/آذار من العام نفسه.

تنسيق متبادل

وبين السيسي أن القاهرة تتطلع إلى التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم وعادل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة مع إثيوبيا على أساس قواعد القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي "بعيدا عن أي نهج أحادي يهدف إلى فرض الأمر الواقع وتجاهل الحقوق الأساسية للناس".

وبين في مؤتمر صحفي مشترك مع حسن عقب المحادثات الثنائية أن المياه مسألة تتعلق بالأمن القومي لبلاده، مؤكدا إصرار مصر على حقوقها المائية.

وقال السيسي إن التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة سيعزز الأمن والاستقرار في المنطقة ويحقق المصالح المشتركة لجميع الأطراف ويفتح آفاق التعاون بين دول حوض النيل.

ناقش الطرفان قضايا أخرى من بينها تعزيز التعاون الاقتصادي والتنموي بين البلدين، بحسب بيان صادر عن الرئاسة المصرية.

كما اتفقا على زيادة التبادل التجاري الثنائي والاستثمارات المصرية في تنزانيا، خاصة في البنية التحتية والكهرباء والرعاية الصحية والزراعة.

ودخلت مصر والسودان وإثيوبيا في نزاع مرير منذ عقد من الزمان بشأن سد النهضة. 

ووصلت جميع الجهود لحل النزاع إلى طريق مسدود وسط مخاوف متزايدة من نشوب صراع عسكري في المنطقة المضطربة بالفعل. 

وتخشى مصر والسودان أن يحد سد النهضة من إمدادات مياه نهر النيل، التي يعتمدان عليها في تلبية معظم احتياجاتهما المائية.

وقال محمد سليمان الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن للمونيتور إن تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وتنزانيا، اللاعب الرئيس في شرق إفريقيا، يبني زخما لمطالب القاهرة باتفاق ملزم بشأن النيل. 

وقال سليمان: "مصر هي أحد أكبر الشركاء الاقتصاديين لتنزانيا، وتبني القاهرة حاليا سد جوليوس نيريري للطاقة الكهرومائية في ذلك البلد، وهو أحد أكبر المشاريع الوطنية هناك".

 تريد مصر أن تظهر نواياها الصادقة وجهودها البناءة لمساعدة الدول الإفريقية الأخرى في تحقيق أهدافها التنموية، وفق سليمان.

تطوير العلاقات

وقال السيسي خلال المؤتمر الصحفي مع حسن إن سد جوليوس نيريري هو "رمز للصداقة والتعاون" بين البلدين. 

وأضاف أن "المشروع هو مثال على دعم مصر لحقوق دول حوض النيل في الاستخدام الأمثل لمواردها المائية بطريقة لا تؤثر سلبا على الدول الأخرى".

وفي ديسمبر/كانون الأول 2018، فازت شركة المقاولون العرب وشركة السويدي للكهرباء بمناقصة بناء السد الذي يقع في منطقة موروجورو على نهر روفيجي، بتكلفة تقارب 3 مليارات دولار. ومن المتوقع أن يتم افتتاح السد بالكامل في عام 2022. 

وتعتقد مصر أن تعزيز علاقاتها مع تنزانيا إحدى دول حوض النيل، يمكن أن يحبط الجهود الإثيوبية لإعادة النظر في توزيع حصص مياه النيل.

وتريد أديس أبابا إدراج إعادة توزيع الحصص في مفاوضات سد النهضة، وهو ما ترفضه مصر والسودان.

وبعد محادثات استمرت أكثر من 10 سنوات، وقعت تنزانيا إلى جانب إثيوبيا وأوغندا وكينيا ورواندا وبوروندي في مايو/أيار 2010، اتفاقية الإطار التعاوني لدول حوض النيل - المعروفة باسم اتفاقية عنتيبي. 

وبموجب الاتفاقية، حددت حصص المياه التاريخية لمصر والسودان بـ 55.5 مليارا و 18.5 مليار متر مكعب على التوالي، وفقا لاتفاقيات 1929 و1959.

ولم تعترف القاهرة والخرطوم بهذه الاتفاقية واستمرتا بالاعتراض عليها.

وخلال زيارته إلى أوغندا في 29 أغسطس/آب، دعا رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الدول التي لم توقع أو تصدق على اتفاقية عنتيبي إلى فعل ذلك بسرعة. 

وتنقل اتفاقية عنتيبي النفوذ على نهر النيل من دول المصب، مصر والسودان، إلى دول المنبع.

كما تفتح الباب لإعادة توزيع حصص المياه بين دول الحوض بالتناسب مع مساهمات كل منها.

ويتكون نهر النيل من رافدين رئيسين، حيث ينبع النيل الأبيض من بحيرة فيكتوريا التي تلامس أوغندا وتنزانيا وكينيا. 

ويبدأ النيل الأزرق عند بحيرة تانا في إثيوبيا ويتدفق إلى الخرطوم في السودان ومن هناك إلى مصر.

حشد الدعم

وتعمل القاهرة منذ فترة طويلة على تكثيف تحركاتها بين دول المنبع لحوض النيل لحشد الدعم لصالحها في قضية سد النهضة والحفاظ على حصتها من مياه النيل.

وقال سليمان إن تواصل مصر يركز في الغالب على إعادة إقامة علاقات ثنائية قوية مع دول حوض النيل وشرق إفريقيا والقرن الإفريقي لوضع نفسها كقوة في القارة وتعزيز موقعها في مفاوضات النيل.

وفي غضون ذلك، فشلت المحاولات المستمرة للاتحاد الإفريقي منذ يونيو/حزيران 2020 في التوسط في صفقة لإنهاء الجمود في مفاوضات سد النهضة.

وفي الجولة الأخيرة من المفاوضات في كينشاسا أبريل/نيسان، لم تقم جمهورية الكونغو الديمقراطية بإحياء المحادثات. وبدلا من ذلك تبادل الطرفان الاتهامات بعرقلتها.

وأعلنت إثيوبيا في 19 يوليو/تموز الانتهاء من الملء الثاني لخزان السد،  وهو ما يكفي لتوليد الطاقة الكهرومائية، على الرغم من رفض مصر والسودان لهذه الخطوة أحادية الجانب. 

وجاءت الخطوة الإثيوبية بعد أشهر من تصعيد دبلوماسي بلغ ذروته بتهديدات مصرية متكررة بتنفيذ عمل عسكري ضد السد إذا اتخذت أديس أبابا هذه الخطوة.

وفي منتصف سبتمبر/أيلول 2021، دعا بيان صادر عن رئيس مجلس الأمن الدول المتنازعة الثلاثة إلى "المضي قدما في عملية المفاوضات التي يقودها الاتحاد الإفريقي بطريقة بناءة وتعاونية من أجل الانتهاء على وجه السرعة من نص الاتفاق المقبول من الطرفين".

ومنذ ذلك الحين، سعت جمهورية الكونغو الديمقراطية، الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، إلى دفع الدول الثلاث لاستئناف المفاوضات، ولكن دون جدوى.

وفي 8 نوفمبر/تشرين الثاني، دعا وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى استئناف المفاوضات "في أقرب وقت ممكن".

وجاء ذلك في بيان لوزارة الخارجية عقب لقاء شكري مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في واشنطن. 

وجددت واشنطن في بيان مشترك مع القاهرة في أعقاب الحوار الإستراتيجي بينهما يومي 8 و9 نوفمبر/تشرين الثاني، دعمها للأمن المائي لمصر. 

ودعا البلدان إلى استئناف المفاوضات للتوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة تحت رعاية الاتحاد الإفريقي.

وفي غضون ذلك، يواجه السودان اضطرابات داخلية بعد أن نفذ الجيش السوداني انقلابا عسكريا لتقويض عملية الانتقال الديمقراطي في البلاد.

ودفع ذلك الاتحاد الإفريقي إلى تعليق عضوية السودان وتجميد مشاركته في أنشطة الاتحاد.

في غضون ذلك، تتهم إثيوبيا بالضغط من أجل تجميد عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي في محاولة لخلق سبب منطقي قد تتذرع به أمام المجتمع الدولي لتأجيل مفاوضات سد النهضة.

وتحتاج إثيوبيا هذه الخطوة من أجل التركيز بشكل كامل على الحرب في منطقة تيغراي، التي أصبحت الآن تهديدا لبقاء نظام رئيس الوزراء آبي أحمد نفسه.

وخلص سليمان إلى أن "مفاوضات النيل ما زالت متوقفة نتيجة الغموض السياسي في السودان وإثيوبيا، ومن غير المرجح أن يتغير هذا قريبا".