لدخول نادي "إف-35" الأميركي.. هل تضحي الإمارات بشراكتها مع الصين؟
أكد موقع أميركي متخصص بتكنولوجيا الصناعة الدفاعية أن التنافس الروسي والصيني مع الولايات المتحدة سيحدد مصير حصول الإمارات على مقاتلات "إف-35" الأميركية.
وقال موقع "بريكينج ديفينس" إن "صفقة بيع مقاتلات إف-35 للإمارات حساسة سياسيا، ومرتبطة بأسئلة عن الأعمال العسكرية الإماراتية في اليمن والحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل في المنطقة، لكن تأثير روسيا والصين، منافسي أميركا من القوى العظمى، على مسألة البيع هو عامل متزايد لا يمكن تجاهله".
وأضاف أنه "لعدة أشهر، كثرت الشائعات بأن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعيق تقدم الصفقة، ما لم يوافق الإماراتيون على إنهاء عقد 5G مع شركة التكنولوجيا الصينية هواوي".
وأشار الموقع إلى أن "المسؤولين في كل من الإمارات والولايات المتحدة تجنبوا تأكيد هذا الموقف في العلن".
خيارات أخرى
وقال مصدر عسكري إماراتي موثوق لـ"بريكينج ديفينس" إن "القيادة الإماراتية تتفهم أن قطع العلاقات مع هواوي هو خط أحمر لدفع صفقة إف-35 إلى الأمام".
وأضاف: "من غير المرجح أن تفعل الإمارات ذلك.. القيادة الإماراتية تتجاهل الآن إدارة بايدن وتسمح لشركات الدفاع واللوبي التابع لها بالقيام بعملها".
فيما قالت نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الأمن الإقليمي، ميرا ريسنيك، إن بلادها "أوضحت للإمارات والشركاء الآخرين أن البائعين غير الموثوق بهم يمثلون تهديدا لأمنهم ولأمن واشنطن".
وأضافت في حديث مع الموقع الأميركي أن "واشنطن تعمل مع شركاء في جميع أنحاء العالم، للنظر في خيارات أخرى هناك، للتأكد من إمكانية الحفاظ على أمنهم".
وفي حين أشارت ريسنيك إلى أن الولايات المتحدة "ملتزمة تماما" بالمضي قدما في البيع، شددت بالقول: "أعتقد أن هناك عددا من الالتزامات عندما يتعلق الأمر بأمن التكنولوجيا، والإمارات يجب أن تكون قادرة على تقديم ضمانات بشأن ذلك".
من جانبه، قال فادي عساف، الشريك المؤسس لشركة الاستشارات الإستراتيجية الشرق أوسطية (MESP) ومقرها بيروت، إن "إدارة بايدن ذهبت إلى حد مطالبة أبو ظبي بالاختيار بين التكنولوجيا الصينية وطائرة إف-35".
واعتبر أن "هذه الصفقة تبدو غير قابلة للتفاوض".
من جهته، قال الخبير الدفاعي الكويتي، علي الهاشم إن "الإمارات يتعين عليها أن تحذو حذو المملكة المتحدة في التنازل عن عقد Huawei 5G مع الصين لصالح الانضمام إلى نادي إف-35 لأغراض الأمن القومي".
وتابع: "تم حظر مزودي خدمات الهاتف المحمول في المملكة المتحدة من شراء معدات Huawei 5G الجديدة بعد 31 ديسمبر/كانون الأول 2021، ويجب عليهم أيضا إزالة جميع مجموعة 5G الخاصة بالشركة الصينية من شبكاتهم بحلول عام 2027".
غبار سياسي
من جانبها، حاولت الإمارات تهدئة المخاوف بشأن صفقة F-35 الشاملة.
وفي رسالة واضحة قبل عام، قال سفير أبو ظبي لدى واشنطن، يوسف العتيبة في تغريدة: "لم يكن هناك تقرير قط عن تحويل التكنولوجيا الأميركية إلى خصم من قبل الإمارات، لأكثر من 20 عاما زودت الولايات المتحدة الإمارات بطائرات إف-16 وأنظمة باتريوت والعديد من أنظمة الدفاع الأكثر تقدما".
ولا يعد الحصول على طائرات "إف-35" مجرد مسألة تطوير للجيش الإماراتي، بل إن هناك أيضا "عامل الهيبة" الذي يعد على المحك، حيث قال عساف إن "الإمارات لطالما اعتبرت نفسها المستقبِل العربي الأول المحتمل للطائرة، ولا يمكنهم تخيل استبعادهم من هذا البرنامج".
وأضاف: "إنهم يعتبرون ذلك شرعيا.. الإمارات هي أقرب حليف عربي للولايات المتحدة، وهي تعمل الآن على تعميق شراكتها مع إسرائيل، وتشارك كلا البلدين في معظم اهتماماتهما الإستراتيجية وأولوياتهما الجيوسياسية".
وتابع عساف: "من ثم، فإن الإمارات متحمسة لإتمام الصفقة، وهناك الكثير من المؤيدين في واشنطن، بفضل التأثير الصناعي والرغبة في إبقاء الإماراتيين مرتبطين ارتباطا وثيقا بالمصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة".
ونتيجة لذلك، قال المسؤول السابق في البنتاغون، مدير برنامج الدفاع والأمن في معهد الشرق الأوسط، بلال صعب: "عندما يهدأ الغبار السياسي في واشنطن، أتوقع أن يقوم الطيارون الإماراتيون بتشغيل نسخة مختلفة من طائرة "إف-35" خلال بعض الوقت في السنوات القليلة المقبلة".
ولا تزال شركة "لوكهيد مارتن"، المقاول الرئيس للصفقة، ملتزمة تماما بالبرنامج، حيث ستعرض نموذجا كاملا لطائرة "إف-35" في معرض دبي للطيران المرتقب، وفق ما أكده متحدث باسم شركة "لوكهيد مارتن".
روسيا على الخط
وفي حين أن الولايات المتحدة والصين تتصارعان سياسيا وراء الكواليس، فإن روسيا تحاول تقديم بديل محتمل في حالة انهيار صفقة "إف-35"، يقول الموقع الأميركي.
وستظهر المقاتلة الروسية "Su-75 Checkmate" من الجيل الخامس ذات المحرك الواحد لأول مرة على المستوى الدولي، بعد الكشف عنها في معرض "MAKS-2021" الجوي في يوليو/تموز 2021.
وقال المصدر العسكري الإماراتي: "تحاول روسيا بشكل أساسي كسب ثقة الإماراتيين في هذه المقاتلة.. الإماراتيون من ناحية أخرى يمكن أن يستفيدوا من ذلك لإرسال إشارة قوية للغاية إلى واشنطن بأن لديهم خيارات أخرى في حال أرادت التراجع عن صفقة إف-35".
وتابع: قد تكون الخطة "ب"، اختيار الإمارات البديل الروسي أو نوعا ثانيا من أفضل طائرة مقاتلة، وعلى الأرجح رافال الفرنسية، رغم أن المحللين يشيرون إلى أن هذه الخيارات موجودة على الورق فقط.
وقال عساف: "هذا لن يحدث إلا إذا شعروا أنه سيكون هناك المزيد من التأخير في برنامج إف-35، أو إذا فرضت عليهم شروط صارمة للحصول على طائرات إف-35 أو إذا كان هناك خطر من مزيد من تخفيض أنظمتهم".
وأضاف كبير المحللين العسكريين في مجلة "أفييشن ويك" الأميركية، صامويل آرتشر: "مغازلة روسيا للإمارات قد يكون أمرا محتملا، إلا أن الشراء الفعلي للنظام غير واقعي إلى حد ما".
ووصف آرتشر شراء الإمارات لطائرة Su-75 بأنه "غير واقعي".
وتساءل المحللون أيضا عن مكان أداء المقاتلة الروسية الجديدة كما هو معلن في الإطار الزمني المحدد للإنتاج.
وقال المحلل الدفاعي في الشرق الأوسط، براندون سي باتريك: "تعتمد سوخوي والروس على التكنولوجيا الجديدة لتمييز مقاتلات Su-75 عن مقاتلات الجيل الخامس الغربية.. فكرة أن روسيا ستقدم، كما وصفوها، منصة من الجيل الخامس قادرة على هزيمة نظرائها الغربيين باستمرار تبدو بعيدة المنال".
ويرى الخبير الدفاعي الكويتي الهاشم أن "الطائرة الروسية ما زالت بحاجة إلى إثبات نفسها أولا حتى تنافس إف-35.. حتى إذا قررت الإمارات الاستثمار في التكنولوجيا الروسية الجديدة ، فسيتعين عليها الانتظار لمدة 7 إلى 10 سنوات على الأقل حتى تكون الطائرة جاهزة، على افتراض أن الروس سيتعاونون في جميع الجوانب مع الإماراتيين".
فيما أعلنت شركة "Rostec" الروسية والإمارات أنهما سيشتركان في تطوير طائرة مقاتلة خفيفة مشتركة من الجيل الخامس، وهو أمر لم يتحقق، وهو ما يوفر رؤية واضحة لأبوظبي لشراكتها مع موسكو.
وقال كبير المحللين العسكريين آرتشر إن "محاولة المشاركة في تطوير مقاتلة من الجيل الخامس مع الإمارات تشبه إلى حد كبير محاولة التطوير المشترك مع الهند في مشروع FGFA الذي يبدو أنه تبخر أيضا.. البرنامج الذي تم الإعلان عنه عام 2017 ميت مثل مشروع FGFA".