العملات الرقمية.. لهذا تعارضها الحكومات وتلقى رواجا لدى الشعوب

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع إيراني الضوء على سوق العملات الرقمية الرائجة خلال الفترة الأخيرة، ومواقف الدول الكبرى منها، مثل الصين وتركيا وكذلك الولايات المتحدة، والأفق المستقبلة لها.

وتناول موقع "إيران الدبلوماسي" في مقال للخبير في شؤون الشرق الأوسط، رامين فخاري، تأثير رواج العملات الرقمية على الاقتصاد العالمي وعلاقته بالدولار باعتباره عملة عالمية، ولماذا تعارض العديد من الدول العملات الرقمية؟ وما الفرق في نظرة الشعب لها وكذلك نظرة الحكومات.

ماهية حتمية

وقال فخاري: "انتشرت خلال الفترة الأخيرة أخبار متعددة حول وضع قيود لمستخدمي العملات الرقمية في الصين، وتحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن العملات الرقمية، فيما كان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من معارضي العملات الرقمية، وجمع سلفه جو بايدن 30 دولة للحيلولة دون الاستخدام غير القانوني للعملات الرقمية".

وتساءل "لكن لماذا تلقى العملات الرقمية رواجا بهذا القدر لدى عامة الناس ويخالفها مسؤولو الدول؟"، مجيبا في الوقت ذاته: "يجب القول إن لدينا بعدان في العلاقات الدولية، الأول مسألة الاقتصاد، والبعد الثاني التأثير الدائم على البعد الأول، وهو البعد الأمني".

وأوضح أن "الحكومات مجبرة على النظر للأمور من أعلى إلى أسفل بسبب ماهيتها الحتمية، وتضع الحكومة الشؤون الأمنية في الأولوية من خلال وجهة نظرها، لكن عند النظر من أسفل إلى أعلى حيث يتم تسليط الضوء على نظرة الشعب إلى الأمور وخاصة الاقتصادية، وفي النهاية تحوز الأمور الأمنية على أهمية أقل بالنسبة للناس العادية".

وتابع الكاتب: "والحال فلنعمم هذا الأمر على العملات الرقمية، فإنها من وجهة نظر الحكومات لها طبيعة خاصة، بحيث تعمل على خروج العمليات التجارية للأفراد من تحت سيطرة الحكومة ومراقبتها".

ولفت إلى أن "هذا الأمر من الممكن أن يؤدي إلى زيادة غسيل الأموال، الأسواق السوداء، التهرب الضريبي وهروب رؤوس الأموال، ويسهل من بيع وشراء الأسلحة، وتهريب المخدرات".

وأكد فخاري أن "وضع العملات الرقمية يشوبه خطر آخر، وهو ارتفاع أسعارها بلا حسيب ولا رقيب، وحتى الأسواق المالية أيضا نوع من حقن السيولة وبالتالي يمكن أن يزيد من التضخم، بالإضافة إلى أنه ربما يزيد من قلق الحكومات بالنسبة إلى اختراق أو حظر ممتلكات مواطنيهم إثر هذا الأمر".

حالة منافسة

لكن فيما يخص أميركا فهذا الأمر يمكنه أن يزيد من أن العملات الرقمية بإمكانها أن تقلل من قوة تبادل الدولار على المستوى العالمي.

وتطرق الكاتب الإيراني إلى الصين وسعي حكومتها نحو تقييد مواطنيها في مجال التفاعل بخصوص العملات الرقمية، حيث يبلغ تعداد سكانها حوالي 1.4 مليار نسمة.

وقال فخاري: "لو استثمر كل مواطن في هذه الدولة 100 دولار سنويا في مجال العملات الرقمية، وبدون أخذ المخاطر المحتملة بعين الاعتبار من قبيل انخفاض الأسعار، الاختراق، الحظر، فسيكون هناك ما يقرب من 100 مليار دولار سنويا من استثمارات الدولة دخلت سوق العملات الرقمية".

وتابع: "ربما يكون هذا الرقم غير جدير بالاعتبار بالنسبة لاقتصاد الصين، ولكن هناك مخاطر محتملة عند التوسع في العملات الرقمية، هذا في الوضع الذي تحاول فيه الصين أن تجعل اليوان في حالة منافسة مع الدولار، وبالتالي العملات الرقمية يمكنها أن تؤثر على الاقتصاد المحلي إلى حد ما".

والنقطة الأخرى هي الأمر نفسه حيث سوق العملات الرقمية صغير في الوقت الراهن، ولكن في المستقبل يمكنه أن يسير في طريق تبديل اليوان بالدولار، ويتم عرضه باعتباره بديلا للدولار أو اليوان.

لكن كل الأمور الوارد ذكرها ضد مواطني الصين، ومن البديهي لو سعت الحكومة الأميركية إلى التحكم في سوق العملات الرقمية، ستنافس بكين واشنطن في هذا المجال أيضا.

سوق جذاب

وهناك أمر آخر من المفارقات بين العملات الرقمية والعملات المحلية، وهو أن طباعة الأوراق النقدية للعملات المحلية تحت تصرف الحكومة، لكن استخراج العملات الرقمية تحت تصرف أي شخص يتحكم في جهاز استخراجها، يوضح الكاتب الإيراني.

وقال فخاري: :إذا لم ننظر إلى أمر العملات الرقمية بعين الحكومة، ونظرنا إليه بنظر الناس العادية والنشطاء في مجال الاقتصاد سنجد أن سوقه جذاب للغاية من ناحية زيادة الأسعار، ومن ناحية أنه نظام جديد للتبادلات المالية، وبإمكانه تسهيل التبادلات المالية والبيع والشراء".

وأضاف "بشكل عام يمكن القول إن نظرة الناس العادية إلى ظاهرة العملات الرقمية تختلف مع نظرة الحكومات".

كما انعكس في المحافل الإعلامية أن منصة تداول العملات الرقمية (بينانس) بصدد التحقق من هوية مستخدميها، ويحدث هذا الأمر بعض التقييدات للمستخدمين في بعض الدول، من ضمنهم إيران وسنغافورة وغيرهما.

واعتبر الكاتب أن "العملات الرقمية ستتمتع بشفافية مالية أكبر في حالة وجوب زيادة توسيع عملية مصادقة الهوية في سائر منصات تداول العملات الرقمية، ويمكن أن يتم استغلالها إلى جانب الدولار واليوان وسائر العملات من أجل التبادلات المالية العالمية والداخلية للدول".

وختم فخاري مقاله بالقول: "دخول الحكومات إلى سوق العملات الرقمية سيقلل من حساسيتها تجاه هذا الأمر، لكن في حالة الاتساع بشكل أكبر في استخدامها واستبدالها بالعملات المحلية بشكل تام، فمن البديهي أن تحاول الحكومات التحكم فيها والسيطرة عليها".