"يزدري رغبة التونسيين".. كيف يرى المجتمع الدولي انقلاب قيس سعيد؟
أثار استيلاء الرئيس التونسي قيس سعيد على السلطة التنفيذية ردود فعل دولية عديدة، خوفا من انزلاق مهد الربيع العربي إلى ظروف معقدة.
ومساء 25 يوليو/تموز 2021، أعلن سعيد عقب اجتماع طارئ مع قيادات عسكرية وأمنية، تجميد اختصاصات البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها.
وبعدها بيوم، أقال سعيد كلا من المشيشي، رئيس الحكومة المكلف بإدارة وزارة الداخلية، وإبراهيم البرتاجي وزير الدفاع، وحسناء بن سليمان الوزيرة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزيرة العدل بالنيابة.
واتخذ هذه التدابير في يوم شهدت فيه محافظات عديدة احتجاجات شعبية، طالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة بكاملها كما اتهمت المعارضة بالفشل، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.
وقال سعيد إنه اتخذ هذه القرارات لـ"إنقاذ الدولة التونسية"، لكن غالبية الأحزاب رفضتها، واعتبرها البعض "انقلابا على الدستور"، فيما أيدتها أخرى، معتبرة إياها "تصحيحا للمسار".
انتقد المكون الأساسي في البرلمان التونسي، حزب النهضة ذو المرجعية الإسلامية، الإجراءات، وشجب "الانقلاب على الثورة والدستور".
قلق دولي
تقول صحيفة لوباريسيان الفرنسية: إن هذه الأحداث أثارت قلق المجتمع الدولي، الذي يدرك هشاشة الديمقراطية التونسية، بعد أكثر من عشر سنوات بقليل من حراك الربيع العربي.
ودعا الاتحاد الأوروبي الرئيس التونسي إلى "إعادة الاستقرار المؤسسي في أسرع وقت ممكن".
قال رئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل في بيان صحفي: "ندعو إلى استئناف النشاط البرلماني واحترام الحقوق الأساسية والامتناع عن جميع أشكال العنف (...) إن الحفاظ على الديمقراطية واستقرار البلاد من الأولويات".
بعد تعليق السلطة في البرلمان التونسي، قال الاتحاد الأوروبي إنه يراقب "التطورات في تونس بأكبر قدر من الاهتمام".
وذكر "بالدعم الكبير الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء لتونس في سياق جائحة (كورونا) وأزمة اقتصادية شاملة".
من جهتها، تريد فرنسا "العودة بأسرع ما يمكن إلى العمل الطبيعي للمؤسسات" في تونس، وفق ما أعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الفرنسية، أنياس فون دير مول.
وقال: إن تلك المؤسسات "يجب أن تكون قادرة على التركيز على الاستجابة للأزمة الصحية والاقتصادية والاجتماعية".
وشددت الخارجية الفرنسية في ذات السياق على أنه "مع الاحترام الكامل لسيادة تونس، تدعو فرنسا جميع القوى السياسية في البلاد إلى تجنب أي شكل من أشكال العنف والحفاظ على المكاسب الديمقراطية للبلاد".
وفي الولايات المتحدة، هاتف وزير الخارجية أنتوني بلينكن، قيس سعيد لحثه على "احترام المبادئ الديمقراطية" ودعوته إلى "التمسك بحوار مفتوح مع جميع الفاعلين السياسيين والشعب التونسي".
وشجع بلينكن في ذات السياق الرئيس سعيد على احترام المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان التي هي أساس الحكم في تونس.
وتعهد أيضا بتقديم دعم أميركي للاقتصاد التونسي ومحاربة كورونا، وهو عنصر أساسي في الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد ودفعت قيس سعيد إلى تعليق عمل البرلمان.
ودعت الولايات المتحدة عبر بيان لوزارة الخارجية في وقت سابق تونس إلى عدم "تضييع" التقدم الهش للديمقراطية الوليدة.
وقالت في ذات البيان: إنها "منزعجة بشكل خاص" من الوضع الإعلامي في تونس بعد إغلاق مكتب قناة الجزيرة القطرية دون تفسير أو سند قانوني.
وأوضحت وزارة الخارجية الألمانية أنها "قلقة للغاية"، مبينة أنه "من المهم الآن العودة إلى النظام الدستوري في أسرع وقت ممكن".
ورأت أن الأحداث "تشكل تحديا كبيرا لتونس" وتدل على "الضرورة الملحة لمعالجة الإصلاحات السياسية والاقتصادية الآن".
مخاطر التصعيد
أما روسيا فقد أعربت عن أملها في "أن لا يهدد أي شيء استقرار وأمن المواطنين" في تونس، مضيفا أن الحكومة الروسية "تراقب" الوضع.
في الجزائر، ندد الحزب الإسلامي الرئيس، حركة مجتمع السلم، في بيان صحفي بـ "الانقلاب على الدستور والإرادة الشعبية لأشقائنا التونسيين التي تم التعبير عنها خلال الانتخابات التشريعية السابقة"، داعيا السلطات الجزائرية إلى "دعم المؤسسات الشرعية في تونس".
وبحسب تغريدة من الرئاسة الجزائرية، تحدث قيس سعيد هاتفيا مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون عن "آخر التطورات في تونس".
وتقول صحيفة لوباريسيان: إنه "في تركيا، وهي دولة متحالفة مع حزب النهضة"، رفضت الرئاسة التركية "تعليق العملية الديمقراطية وازدراء رغبة الشعب في الديمقراطية".
وقالت وزارة الخارجية: إنها "قلقة للغاية" من تحول الأحداث، داعية إلى "إعادة الشرعية الديمقراطية" من أجل "الحفاظ على الإنجازات الديمقراطية لتونس".
وفي القاهرة، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي، عن "دعمهم الكامل للشعب التونسي".
وأضاف "نأمل أن تخرج تونس من الاضطرابات بسرعة".
وفي الدوحة، دعت الخارجية القطرية إلى "إعلاء صوت الحكمة وتجنب أي تصعيد"، معربة عن أملها في "اعتماد مسار الحوار للخروج من هذه الأزمة".
في المملكة العربية السعودية، تحدث وزير الخارجية فيصل بن فرحان مع نظيره التونسي، وأصر على التزام المملكة بأمن تونس.
وغرد رئيس الدبلوماسية الأردني أيمن الصفدي على تويتر بأنه "يأمل أن يتخطى الأشقاء التونسيون هذا الوضع الصعب من خلال الحفاظ على استقرار البلاد (...) وحماية منجزاتهم".
نددت عدة منظمات غير حكومية بالأزمة التي تهدد حرية الصحافة بعد إغلاق مكتب قناة الجزيرة.
ودعت منظمة العفو الدولية الرئيس التونسي في بيان إلى "احترام حقوق الإنسان وحمايتها، بما في ذلك حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي".
وقالت: إنها "قلقة" بعد "مداهمة مقلقة لقوات الأمن على مكاتب قناة الجزيرة في تونس" و "تهديدات الرئيس باستخدام القوة ضد من يهددون أمن الدولة".
كما دعت منظمة مراسلون بلا حدود غير الحكومية السلطات إلى "احترام حرية الصحافة والتعددية الإعلامية"، منددة بإغلاق مكتب قناة الجزيرة.