حظر ذبح الأضاحي بإقليم كشمير.. هكذا تستميت الهند لطمس هويته الإسلامية

12

طباعة

مشاركة

مع حلول كل عيد أضحى، يعاني مسلمو الهند من منع ذبح أضاحي العيد، رغم عدم وجود تشريع رسمي يمنع ذبح الأبقار التي يعبدها غالبية الشعب الهندوسي.

وعقب سلسلة مضايقات من القوات الهندية، فوجئ مسلمو كشمير بصدور قرار رسمي في 15 يوليو/تموز 2021، يحظر ذبح أضاحي العيد هذا العام.

الحظر جاء ضمن خطط حزب "بهاراتيا جاناتا" الهندوسي الحاكم، لفرض هويته على مسلمي إقليم جامو وكشمير، ومنع شعائرهم.

ويتحجج الهندوس بعبادتهم للبقر وغضبهم من ذبح المسلمين له، لكن القرار نص على الوقف الفوري لذبح "الأبقار والعجول والجمال والحيوانات الأخرى للتضحية الدينية"، ما يعني أن القرار يستهدف شعائر المسلمين في الذبح عموما لا البقر خصوصا، بل ويهدد باتخاذ إجراءات "ضد الجناة" في عيد الأضحى.

علماء الهند والجمعيات الإسلامية حذروا من غضب المسلمين، واعتبروا أن القرار سيشكل "ضوء أخضر" لجماعات هندوسية متطرفة للهجوم على المسلمين الذين سيقومون بذبح أضاحي العيد.

وأكدوا أن القرار ضمن مساعي رئيس الوزراء الهندوسي المتطرف، ناريندرا مودي، وحزبه (بهارتيا جاناتا) لفرض الهوية الهندوسية على كشمير، بعدما ألغى عام 2019 الحكم الذاتي للإقليم وسعى لضمه رسميا للهند.

لماذا الحظر؟

نص قرار حكومة جامو وكشمير الهندية الأخير على ضرورة وقف "القتل غير المشروع والتضحية بالأبقار والعجول والإبل والحيوانات الأخرى"، استنادا لقوانين الرفق بالحيوان.

وزعم أن إدارة "تربية الحيوانات والأغنام"، طلبت حظر الذبح لهذه الحيوانات في عيد الأضحى بدعاوى الرفق بالحيوان وإجراءات احترازية والسلامة الغذائية. 

وفي عيد الأضحى يحتفل مسلمو العالم فرحين بنحر أضاحيهم، لكن فرحة مسلمي الهند تنقلب لحالة قلق وخوف في ظل تربص "جماعات حماية الأبقار" الهندوسية بهم.

تلك الجماعات المتطرفة تقوم بالاعتداء وربما قتل المسلمين، لو قاموا بذبح الأضاحي خصوصا الأبقار، وتساعدهم الشرطة الهندية التي تتربص بالمسلمين أيضا وتقوم بمصادرة أضاحيهم أحيانا بمبررات مختلفة.

وفي 6 أكتوبر/تشرين الأول 2015، قالت وكالة "رويترز" البريطانية، إن مجموعة من المتطرفين الهندوس قتلت بشكل جماعي رجلا مسلما، يُعرف باسم محمد أخلاق، في ولاية أوتار براديش، بتهمة ذبح بقرة.

وفي 29 يونيو/ حزيران 2017، اعترف رئيس وزراء الهند، بتعرَّض 10 مسلمين على الأقل للقتل بأيدي حشود في الهند، خلال الفترة من أبريل/نيسان ويونيو/حزيران 2017، واضطر لإدانة قتل المسلمين.

وفي 21 مايو/ أيار 2018، قالت وكالة الأنباء الفرنسية إن حشودا هندوسية ضربت مسلما هنديا حتى الموت بعد اتهامه بذبح بقرة، وأن عامي 2016 و2017 قتل خلالهما أكثر من 12 هنديا مسلما بشبهة أكل أو تهريب بقر.

تراجع أم تحايل؟

فور صدور بيان حظر الذبح، وصفت "رابطة مجالس العمل المتحدة"، وهو تحالف سياسي يضم عدة أحزاب إسلامية باكستانية في كشمير، الأمر الحكومي بأنه "تعسفي" و"غير مقبول".

وقالت الرابطة في بيان 15 يوليو/ تموز 2021 إن "التضحية بالحيوانات المباحة، بما في ذلك الأبقار في عيد الأضحى شعيرة دينية مهمة في هذا اليوم"، وحثت الحكومة على إلغاء "الأمر التمييزي" فورا.

وعقب حالة الاحتقان والغضب بين المسلمين التي ظهرت على مواقع التواصل، نقل موقع "The Kashmir Walla" في 16 يوليو/تموز 2021 عن سلطات كشمير قولها إنه "لا يوجد حظر على التضحية بالحيوانات خلال عطلة عيد الأضحى".

وقال المسؤول الحكومي "جي إل شارما"، إن البيان السابق "أسيء فهمه"، وأن الحكومة كانت تسعى إلى "النقل المناسب للحيوانات ومنع القسوة خلال العيد الإسلامي".

ونقل الموقع عن إل شارما قوله: "تم إرسال الرسالة إلى وكالات التنفيذ لإنفاذ قوانين مجلس رعاية الحيوان، بهدف منع القسوة خلال الذبح الجماعي للحيوانات.. الذبح والتضحية ليس ممنوعا".

مع ذلك يرى المسلمون أن القرار الأول بحظر الذبح "لم يتم إلغاؤه"، ولكن يجري التحايل بالسعي لتصويره كأنه يستهدف حماية حقوق الحيوان "ولو أدى ذلك لقتل الإنسان المسلم ذاته في حال نحر أضحية العيد".

وقالوا إن القرار سيؤدي لـ"مزيد من القيود على ذبح الأضاحي بدعوى ذبح المسلمين كمية كبيرة من الأضاحي في هذا اليوم وإقامة مهرجان إسلامي لهذا الغرض". 

ترقيم الأبقار!

منذ 4 يناير/كانون الثاني 2017، بادر رئيس الوزراء الهندي، بوضع خطط لمنع ذبح المسلمين للأبقار، منها وضع أرقام هوية مُكونة من 12 رمزا، لنحو 88 مليون بقرة.

وفي 24 أبريل/نيسان 2017، قدمت حكومته مقترحا للمحكمة العليا في العاصمة نيودلهي، لمنح أبقار الهند أرقام هويات خاصة بها لمنع المسلمين من ذبحها.

وبدأت الحكومة بالفعل في تصوير الأبقار بالقرى في ولاية البنغال الغربية، وإصدار بطاقات هوية لهم بدعوى محاولة إيقاف تهريب الماشية ومنع ذبحها.

وانتقد قادة المسلمين في الهند وكشمير هذا التشريع، واعتبروه رسالة للمتطرفين الهندوس باستمرار عمليات استهداف وقتل المسلمين الذين يذبحون البقر.

واستغربوا سعي الحكومة لحماية 88 مليون بقرة وتوفير شرطة وجماعات لحمايتها، وفي الوقت ذاته التحريض ضد المسلمين في الهند وعدم توفير الحماية لهم رغم أن عددهم (255 مليون مسلم) يفوق عدد الأبقار.

الاقتراح الحكومي نص على "مكافحة تهريب الحيوانات وذبحها"، لكن محكمة الدرجة الأولى في ولاية تاميل نادو جنوبي البلاد أوقفت القانون في 30 مايو/أيار 2017 بعد إعلانه.

لاحقا، ألغت المحكمة العليا الهندية 11 يوليو/تموز 2017 هذا القانون الذي يحظر بيع الأبقار بهدف الذبح، لأنه شجع المتطرفين الهندوس على مطاردة وقتل المسلمين الذين يذبحون أو يأكلون لحوم البقر.

كما أدانت المحكمة العليا الهندية، العنف الذي تمارسه "جماعات حماية الأبقار"، قائلة إنه "غير مقبول ومن واجب الولايات ضمان عدم حدوث مثل هذه الحوادث".

على خطى إسرائيل

على خطى إسرائيل، تستميت حكومة الهند الحالية لتغيير هوية كشمير الإسلامية.

إلغاء حكومة مودي في 5 أغسطس/آب 2019 مواد في الدستور تضمن الحكم الذاتي الجزئي لإقليم جامو وكشمير الذي تحتله الهند والمتنازع عليه مع باكستان، كان جزءا من هذا الاستهداف.

قانون 2019، كان أشبه بضم "أراضي كشمير المحتلة" للهند، على غرار ضم إسرائيل لأراضي مقامة عليها مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.

ومنذ ذلك التوقيت، تستميت الحكومة الهندية برئاسة مودي في "طمس وتغيير هوية" المنطقة المسلمة، على خطى الاستيطان الإسرائيلي.

وقامت بتعديل التركيبة السكانية الديموغرافية لمنطقة كشمير ذات الأغلبية المسلمة، وعمليات "تطهير عرقي"، وفرض شروط على المسلمين للحصول على هويات جديدة.

وأصبح يتعين على السكان المحليين التقدم بطلب للحصول على "شهادات الموطن" الجديدة حتى يكونوا مؤهلين للحصول على حقوق الإقامة الدائمة.

وعدلت بذلك قوانين الإقامة في "كشمير الهندية" لأول مرة منذ عام 1947، لتحدي مسألة تبعية المنطقة -المتنازع عليها- للهند.

كما تم تخفيض منزلة ولاية جامو وكشمير إلى منطقة تحكمها نيودلهي مباشرة، في حين تم اعتبار "لاداخ" منطقة إدارية منفصلة، وزيادة قوات الاحتلال إلى 600 ألف جندي.

ولا تُقلق هذه الخطوات المسلمين فقط، بل الهنود المدافعين عن تقاليد البلاد العلمانية أيضا، ويخشون أن يكون هدف "مودي" هو تكريس "دولة هندوسية" على غرار "الدولة اليهودية" في فلسطين.

ففي 4 يوليو/ تموز 2021، خطب زعيم حزب بهاراتيا جاناتا، سوراج بال آمو، أمام أنصاره بمدينة "غوروغرام" قائلا: "يجب طرد المسلمين من الهند".

وأشاد بمنع سكان قرية "بوهرا كالان" بناء مسجد في قريتهم وناشد الحشد قائلا: "اقتلعوا أساسات مثل هذه المساجد وألقوها بعيدا!".

انتقادات دولية

بسبب هذه السياسات العنصرية ضد مسلمي كشمير، أعرب أعضاء في الكونغرس الأميركي في 15 يوليو/تموز 2021 عن قلقهم من تشجيع الحكومة الهندية لممارسة "التمييز الديني والتعصب والعنف" على نطاق واسع في البلاد.

وفي ندوة حول "الحرية الدينية في الهند"، نظمها المجلس الإسلامي الهندي الأميركي، قال السيناتور ماركو أنطونيو روبيو: "لا يمكن النظر إلى استهداف الحكومة مسلمي الهند، وقمع حرية التعبير بمعزل عن تصاعد القومية الهندوسية".

فيما انتقدت النائبة ماري نيومان: "تعرض مئات المسلمين الذين يسيرون في الشارع بأمن للهجوم من قبل حشود متطرفة، وقتلهم في السنوات السبع الماضية".

أيضا تحدث تقرير وزارة الخارجية الأميركية عن الحريات الدينية 2021، بشأن اضطهاد المسلمين والمسيحيين في الهند.

وخفضت منظمة "فريدوم هاوس" تصنيفها للديمقراطية في الهند من "حرة" إلى "حرة جزئيا". 

وفي 4 مارس/آذار 2021، قال المقرر المعني بحرية الدين والمعتقد في الأمم المتحدة، أحمد شهيد، إن "العديد من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية تستهدف المسلمين بشكل مفرط"، محذرا من أن الكراهية ضدهم وصلت إلى "أبعاد وبائية".

وأوضح في تقرير تقييمه لمعاداة الإسلام الذي قدمه لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أن العديد من الدول ومنها الهند "تستهدف المسلمين بذريعة التطرف والتهديدات الأمنية".

وشدد شهيد على أن الخطابات المعادية للإسلام "أججت التمييز والمعاداة والعنف ضد المسلمين، وأدت لتقييد الحريات الدينية وحرية المعتقد للمسلمين وحقوق الإنسان".