تمتنع السلطة الفلسطينية عن محاسبتهم.. هؤلاء هم فريق اغتيال نزار بنات

خالد كريزم | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

قضية اغتيال المعارض السياسي الفلسطيني نزار بنات، تزداد تعقيدا مع مرور أكثر من 20 يوما على الواقعة، دون نتائج في التحقيق أو محاسبات للمتورطين.

وأعلنت الحكومة الفلسطينية عن "وفاة" بنات صبيحة 24 يونيو/حزيران 2021 بعد أن اعتقلته الأجهزة الأمنية في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، في حادثة هزت المجتمع، ولاقت تنديدا إقليميا ودوليا. 

ووفق رواية عائلته، فإن ما حدث مع نزار "عملية اغتيال مع سبق الإصرار والترصد، عقب اقتحام مكان سكنه"، بالمنطقة الجنوبية من الخليل.

وقالت العائلة إن "أكثر من 20 مسلحا اقتحموا المنزل الذي وجد فيه نزار وفجروا مدخله وأحاطوا به وهو نائم وضربوه بهراوة من حديد على رأسه، ثم انهالوا عليه بأعقاب البنادق ورشوه بغاز الفلفل والمسيل للدموع وجردوه من ملابسه ثم سحلوه".

وقبل "عملية الاغتيال"، اعتقلت الأجهزة الأمنية بنات 8 مرات على خلفية نشاطه ضد الفساد، وفي مايو/ أيار 2021 أطلق ملثمون النار صوب منزله بالخليل، وحطموا أبوابه، وألقوا قنابل صوت داخله؛ ما تسبب بحالة ذعر لدى زوجته وأطفاله. 

وترشح الناشط بنات مؤخرا عن "قائمة الكرامة" لانتخابات المجلس التشريعي التي عطلها الرئيس محمود عباس، ونشط في انتقاد وفضح الفساد داخل السلطة الفلسطينية.

تحقيق بلا نتائج

وعلى إثر الغضب الداخلي والدعوات الدولية للمحاسبة، أعلن رئيس الوزراء محمد اشتية في ذات يوم مقتله، تشكيل لجنة برئاسة وزير العدل محمد شلالدة؛ للتحقيق بالحادثة على أن تسلم تقريرها في غضون يومين فقط. 

وأكد اشتية أنه سيحال "من يثبت له علاقة بوفاة بنات إلى الجهات القضائية المختصة بما يعطي لكل ذي حق حقه"، مشددا على "احترام حق المواطن في التعبير عن رأيه، واحترام استقلال القضاء وحرية الصحافة والإعلام".

وبعد أربعة أيام من بدء التحقيق، قال وزير العدل: إن "اللجنة الخاصة للتحقيق بواقعة وفاة بنات أوصت بإحالة تقريرها ومرفقاته إلى الجهات القضائية، لاتخاذ المقتضى القانوني اللازم وفق القوانين والتشريعات الفلسطينية"، دون ذكر أي تفاصيل أخرى. 

ورغم عدم صدور أي نتائج، استبقت عائلة بنات إعلان التحقيق بتأكيد عدم قبولها واعترافها باللجنة المذكورة ونتائجها، وطالبت السلطة بالاعتراف بـ"جريمة اغتيال" نجلهم وتحديد أطرافها.

ودعت العائلة إلى تشكيل "لجنة حيادية" موثوقة على أن تعلن أسماء مكوناتها، مؤكدة "عدم قبولها بلجنة منقوصة وعرجاء تمثل معظم عناصرها السلطة". 

نقابة المحامين الفلسطينيين اعتذرت بدورها عن عدم المشاركة في لجنة التحقيق الحكومية، فيما انسحب ممثل العائلة من اللجنة.

كما تبنت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" (رسمية) ذات موقف النقابة، وأكدت بدء إجراء تحقيق مستقل.

من جانبه، قال مدير منظمة "هيومن رايتس ووتش" في الأراضي الفلسطينية، عمر شاكر: إن "السلطة في رام الله غير جادة بالتحقيق في جريمة قتل الناشط السياسي بنات، مؤكدا أن "المطلوب قيام المجتمع الدولي بفتح تحقيق مستقل في الجريمة".

وأضاف شاكر، في حوار مع صحيفة "فلسطين" المحلية 10 يوليو/تموز 2021، بأنه "إذا لم تقم السلطة بمحاسبة المتورطين في جريمة القتل أو إن كان هناك تشكيك في نتائج التحقيق فإنه من المهم جدا فتح تحقيق مستقل".

وأوضح أن سنوات التجارب من العمل في أراضي السلطة الفلسطينية تشير إلى الحاجة لاستدعاء تحقيق من جهة دولية.

متورطون محتملون

ووسط هذا التعتيم وعدم الكشف عن نتائج للتحقيق والمتورطين، نشرت عائلة نزار بنات على صفحته في فيسبوك، صور وأسماء 7 أشخاص قالت إنهم "من فريق الاغتيال".

وكتبت العائلة على الصفحة في أحد منشوراتها: "لجنة التحقيق؟! وهل سيحاسب الرجل أسياده؟ هل سيقول لولي نعمته أنت قتلت نزار بنات؟! الأهم من كشف أسماء مجموعة العساكر التي اغتالت الشهيد نزار، هو صاحب القرار بالقتل، كشف مالك منظومة الاغتيال الجسدي والمعنوي لكل الناشطين ولكل الأحرار ليبقي على سلطته المتعفنة".

وتابعت: "لا ننتظر نتائج لجنة التحقيق ولا تهمنا مخرجاتها، ولكن إن لم تلب الحد الأدنى من الشفافية سنكشف جزءا قليلا.. وقليلا جدا مما لدينا"، وبعد هذا المنشور بدأت الصفحة بنشر أسماء وصور من قالت "إنهم متورطون".

 
 
   

وبحسب العائلة، فإن نائب مسؤول جهاز الأمن الوقائي بالمحافظة، ماهر أبو حلاوة، هو المتهم الأول والرئيس في عملية قتل نزار وهو من أصدر القرار.

ومن المتهمين أيضا بإصدار القرار، مدير جهاز الأمن الوقائي في الخليل، اللواء محمد زكارنة.

وبدلا من محاسبة المتورطين، شنت أجهزة أمن السلطة الفلسطينية حملة اعتقالات واسعة في صفوف المتظاهرين الذين يطالبون بالقصاص من قتلة الناشط السياسي المغدور.

وفي 9 يوليو/تموز 2021، أعلنت مجموعة "محامون من أجل العدالة" توثيق 70 حالة اعتقال سياسي منذ اغتيال الناشط بنات في الخليل.

وقالت المجموعة في بيان: إن "الاعتقالات جاءت أثناء قمع مظاهرات منددة بالجريمة، نتيجة تعبير المعتقلين عن رأيهم ومطالبتهم بتطبيق وتنفيذ القانون وتحقيق العدالة لنزار وعائلته وللحق العام".

ما المخرج؟

والد نزار اشترط عدة مطالب، تنطلق منها العائلة في قضية اغتيال ابنها، مؤكدا أنه "لا تفاوض مع السلطة تحت أي ظرف إلا بتحقيقها".

وقال خليل بنات في حوار نشرته صحيفة "فلسطين" في 15 يوليو/تموز: إن "ما حدث جريمة اغتيال سياسي مكتملة الأركان، نفذت بأمر من قيادة السلطة في وجهيها السياسي والعسكري، ويجب اعترافها الرسمي بذلك".

وأضاف: "يجب تحديد من أعطى الأمر بارتكاب الجريمة من المستويات الأول والثاني والثالث ومن شارك في التنفيذ، وتشكيل لجنة تحقيق وطنية محايدة، مكوناتها: لجان حقوق الإنسان المحلية، ونقابة المحامين، والطبيب الذي أشرف على التشريح، وعضو يمثل السلطة، ومحام يمثل أهل المغدور".

وأكد على ضرورة البدء في التحقيق الفوري العلني مع المتهمين، وإعلان نتائج ذلك "أولا بأول".

وتابع بنات: "في ضوء نتائج التحقيق سنتجه للخطوة التالية: التوجه للمحاكم والمنظمات الدولية في كل أنحاء العالم".

وشدد على أنه "لا يوجد أي مجال للتفاوض دون تحقيق المطالب المذكورة تحت أي ظرف كان، ولن يكون هناك أي مجال للحل عشائريا، ولا بالإرضاء المادي، وعلى السلطة الإجابة عن سؤالين: ما الذي جرى؟ وما الذي فعلته بنزار؟".

وزاد بنات: "كل من حاول التواصل معنا عرضنا عليه المطالب، وعلى رأسها الاعتراف بالجريمة، لأنها كانت بقرار سياسي، ولا يجوز التفاوض مع أي طرف من السلطة حتى تحقيق ذلك"، لافتا إلى أن الباب مفتوح لكل من يتواصل تحت سقف هذه المطالب.

بدورها، رأت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن المخرج من هذه الأزمة يكمن في إقالة حكومة اشتية و"تشكيل حكومة وحدة وطنية".

واعتبرت الجبهة في بيان 11 يوليو/تموز 2021، ضمن رؤيتها لمعالجة ما يجري، أن محاصرة تداعيات جريمة اغتيال المعارض بنات "تستوجب المعالجة الجذرية لمسبباتها وتداعياتها السلبية، وتشكيل لجنة وطنية محايدة للتحقيق في الجريمة وإعلان النتائج لجماهير شعبنا".

وطالب المكتب السياسي للجبهة، باتخاذ الإجراءات الكفيلة لضمان محاسبة مرتكبي الجريمة ومن وجههم وفقا للنظام والقانون، "ويضمن حق الشهيد باعتباره حقا عاما لشعبنا، واعتباره شهيدا من شهداء الثورة".

وفي سياق هذه المعالجة، طالبت الجبهة بسحب قوى الأمن من مراكز المدن، ووقف مؤقت لمحافظ الخليل (جبرين البكري) ونائب مسؤول جهاز الأمن الوقائي بالمحافظة (ماهر أبو حلاوة) إلى حين الانتهاء من التحقيق.

وبعد الحادثة مباشرة، أدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ما أسمتها بـ"جريمة الاغتيال"، ورأت أنها "تعكس السياسة الدموية للسلطة في تصفية الحسابات".

ودعت الحركة في بيان إلى "محاكمة قتلة (نزار)"، معتبرة أن رئيس الحكومة اشتية "يتحمل المسؤولية الأولى عن الجريمة".