"سيطرة أوسع".. مركز إيطالي يكشف نتائج زيارة سلطان عمان للسعودية
اهتمت الصحافة العالمية بزيارة سلطان عُمان إلى السعودية، واعتبرتها فرصة واعدة لإنقاذ اقتصاد مسقط، وفائدة كبيرة للرياض التي تواجه أزمة كبيرة مع حليفتها السابقة أبوظبي، وتقوي حظوظها في المواجهة المرتقبة اقتصاديا وسياسيا في الخليج.
وتوجه سلطان عمان، هيثم بن طارق آل سعيد، الأحد 11 يوليو/ تموز 2021، إلى السعودية في زيارة رسمية لمدة يومين هي الأولى منذ توليه السلطة عام 2020، بعد وفاة ابن عمه قابوس بن سعيد آل سعيد.
الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي العهد محمد بن سلمان، استقبلاه في مدينة "نيوم" التي يبنيها ابن سلمان على ساحل البحر الأحمر.
موقع "مركز الدراسات الدولية" الإيطالي رصد الزيارة ودلالاتها ونتائجها، وأكد أن الطرفين تباحثا في مواضيع مختلفة، انطلاقا من كيفية تحسين العلاقات بين البلدين، خاصة الاقتصادية.
وأشار إلى نقاش قادة البلدين العربيين الخليجيين أيضا المسائل الإقليمية، خاصة المقترح السعودي لوقف إطلاق النار في اليمن والملف النووي الإيراني المتشعب، خاصة وأن عمان تضطلع بدور في الملفين الشائكين.
مركز الدراسات الإيطالي، قال: إن هناك عناصر سجلت حضورها وتؤكد إرادة الطرفين للعمل سويا لحل القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز العلاقات الفاترة منذ فترة طويلة رغم التقارب الجغرافي.
اتفاقيات هامة
من الناحية الاقتصادية، أشار إلى تكليف الحكومة السعودية، مسؤوليها بإعداد مشاريع اتفاقيات تعاون مع عمان بقطاعات التجارة، والثقافة، وترويج الاستثمار، والبريد والمواصلات.
وفي هذا الصدد، وقع وزير خارجية الرياض فيصل بن فرحان مع نظيره العماني بدر البوسعيدي مذكرة تفاهم لإنشاء مجلس تنسيق (سعودي - عماني) للإشراف على المشاريع.
المركز الإيطالي يرى أن تعزيز العلاقات الاقتصادية والشراكات مع الرياض يعود بفوائد كبيرة على مسقط، التي تواجه، على غرار جميع دول المنطقة، تداعيات اقتصادية خطيرة ناجمة عن جائحة "كورونا".
وأشار إلى أنه منذ انهيار أسعار النفط عام 2014، قفزت نسبة الدين العماني من الناتج المحلي الإجمالي من 15 بالمئة عام 2015 إلى نحو 83 بالمئة في 2020، ما دفع مسقط للجوء إلى المساعدة الفنية من صندوق النقد الدولي.
ولم تنجح خطط التنويع الاقتصادي الصناعي التي تتبعها مسقط لتقليل الاعتماد على عائدات النفط التي تشكل 35 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، و 60 بالمئة من الصادرات، و 70 بالمئة من الإيرادات الضريبية.
كما أن تقليل إنفاق الدولة في القطاع العام، لم يحرز تقدما كبيرا، ما أجبر السلطان هيثم على إعلان إصلاحات جديدة وإجراءات تقشف بعد أن نزل السكان إلى الشوارع في مايو/أيار 2021، للاحتجاج على الفقر والبطالة.
رهان الزيارة
وبالتالي، يراهن المركز الإيطالي على أن إبرام اتفاقيات تعاون جديدة مع الاقتصاد الأول في شبه الجزيرة العربية يمكن أن يجلب فوائد لمسقط، وإحياء الهيكل الاقتصادي الداخلي.
وأضاف: فضلا عن زيادة التبادل التجاري مع السعودية، التي لم يزد حجمها من الصادرات غير النفطية إلى السلطنة عن 4 مليارات دولار بالسنوات الخمس الماضية.
أما بالنسبة للرياض، أكد الموقع أن تقوية الشراكة التجارية مع عمان من شأنه أن يضمن مزايا للرياض خاصة في ظل الخلافات الأخيرة مع الإمارات، حول الرؤى المتعلقة بالسياسة النفطية والشؤون الخارجية والجغرافيا الاقتصادية.
ويشرح الموقع بأنه على وجه التحديد، في إطار دول مجلس التعاون الخليجي، يبدو أن السعودية ترغب الآن في اتباع إستراتيجية تهدف إلى بناء علاقات متعددة مع دول المجلس.
ولفت إلى أنها لا ترغب في الاعتماد على حليف واحد قوي، كما فعلت منذ ما يقرب من عقد مع الإمارات.
وبالتالي، فإن تعزيز علاقاتها مع سلطنة عمان يمكن أن يخدمها في تعزيز دورها المهيمن وقيادتها لدول مجلس التعاون الخليجي، وفق المركز الإيطالي.
ويمكن أن يسهم استعداد البلدين لمناقشة القضايا الإقليمية المهمة، وعلى رأسها الحرب في اليمن، لعمان في لعب دور وساطة مهم في الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع إيران.
وذكر المركز، أنه لطالما عملت السلطنة على ترسيخ موقف حيادي حذر في المنطقة، محاولة أيضا الحفاظ على علاقات ودية مع طهران.
واعتبر أنه جانب طالما كان ينظر إليه المسؤولون السعوديون بريبة خصوصا وأنهم يعتبرون إيران منافسهم الرئيس.
وأشار إلى جانب آخر يسهم في التقارب بين الجارتين الخليجيتين في الديناميكيات الإقليمية، وهو جهود عمان لإنهاء الصراع في اليمن، والذي تسعى له السعودية أيضا، نظرا للتكاليف الباهظة لدعمها العسكري للحكومة المركزية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
ولفت المركز إلى أن ذلك يساهم أيضا في التوسط بشكل غير مباشر في العلاقات بين طهران والرياض، لتحقيق قدر أكبر من الاستقرار بالشرق الأوسط.
وأضاف أن تحقيق وقف إطلاق النار في اليمن سينعكس إيجابا على الأوضاع الأمنية في عمان خصوصا وأنها تتقاسم حدودا مع دولة في حالة حرب وبالتالي تشكو تداعيات عدم استقرارها.
وخلص الموقع إلى القول أن الزيارة الرسمية الأولى للسلطان العماني إلى السعودية تؤكد نية البلدين تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية خاصة.
واعتبرت أنه جانب من شأنه أن يعود بالنفع على الاقتصاد العماني، ومن شأنه أن يمنح مزايا للسعودية من حيث ترتيب المواقع في دول مجلس التعاون الخليجي.
في الوقت نفسه، يؤكد التباحث حول القضايا الإقليمية مدى اتفاق البلدين في السير داخل مسار واحد لإنهاء الحرب في اليمن ومحاولة احتواء النفوذ الإيراني في السياق الإقليمي.
وبالتالي إحراز تقدم في مناخ انخفاض التوتر والانفراج الذي يبدو أنه ميز المشهد الشرق أوسطي في الفترة الماضية.