إلباييس: هذا ما يظهره "جنون العظمة" لدى السيسي في عاصمته الجديدة

قسم الترجمة | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

اهتمام واسع من الصحافة العالمية بعاصمة رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، التي يبنيها في الصحراء المصرية، مكلفا بلاده مليارات الجنيهات، في الوقت الذي يعاني فيه ثلث المصريين من الفقر.

فالعاصمة الجديد، التي لا يمكن لأغلب المصريين (أكثر من 100 مليون) الانتقال للعيش فيها، ما زالت دول الاتحاد الأوروبي مترددة في الانتقال إليها، بسبب أسعار المباني المبالغ فيها.

صحيفة" إلباييس" الإسبانية، سلطت الضوء على تشييد مقر جديد لعاصمة جديدة في مصر، بالصحراء ما بين نهر النيل والبحر الأحمر.

الصحيفة المدريدية، تحدثت  مع "أحمد"، ذلك الاسم المستعار الذي اختاره العامل، الذي يعمل وسط الغبار الخانق الذي تنثره عشرات الشاحنات التي تتجول في موقع صحراوي تنتشر فيه الرافعات المستخدمة في إنشاءات العاصمة الجديدة.

تفاخر العامل المصري في حديثه مع إلباييس بأن "هذه الساحة ستكون أكبر من ميدان "تيانانمين" الشهير وسط العاصمة الصينية، بكين.

موظف الشركة العامة التي تبني "العاصمة الإدارية الجديدة" لمصر، على بعد 40 كيلومترا (شرق القاهرة)، أشار إلى الواجهات اللامعة لمباني الوزارات الجديدة، المحاذية لمقر الحكومة والمقر الرهيب للبرلمان.

الصحيفة لفتت إلى أنه ولـ"أسباب أمنية" فإن مقر الإقامة المستقبلي لرئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، في العاصمة الفرعونية يقبع هناك على بعد أميال، إذ ترتفع كتل من الشقق بأسماء كتبت باللغة الإسبانية.

مصر، البلد العربي الذي يقع في الشمال الشرقي لقارة إفريقيا، تجاوزت عتبة 100 مليون نسمة،  ما جعل البلاد مزدحمة خاصة في وادي ودلتا النيل، والتي بالكاد تمثل 8 بالمئة من التراب المصري.

 وعلقت "الباييس": "وبهذا الشكل، تم تفعيل القنبلة السكانية الموقوتة؛ حيث إن 2 من بين كل ثلاثة مصريين تحت سن الـ30".

وجزمت بأنه "إذا لم تتم إصلاحات في الصدد، فإن التعداد السكاني للدولة العربية سوف يكسر حاجز الـ 150 مليون في عام 2050". 

في هذا المعنى، أشار السيسي، نفسه مرارا إلى "الانفجار السكاني"؛ حيث يسجل ولادة 2.5 مليون شخص كل عام.

وبالتبعية ينضم أيضا حوالي ثلاثة أرباع مليون شاب إلى سوق العمل، وهو التحدي الأكبر الذي يواجه مصر، إلى جانب "الإرهاب". 

جنون العظمة

وبينت الصحيفة، أنه بعد 4 سنوات من العمل الذي شارك فيه 150 ألف عامل، باستثمار يقدر بحوالي 23 ألف مليون يورو، سينتقل 54 ألف موظف نهاية 2021، إلى المنطقة الإدارية الجديدة.

يحيط بالمنطقة الإدارية بالعاصمة الجديدة مناطق سكنية فاخرة، ومركز أعمال يضم 21 برجا للمكاتب.

لكن، يتناقض جنون العظمة المصاحب للمشروع مع بؤس أكثر من ثلث السكان الذين يعيشون على دولارين في اليوم، وفقا للبنك الدولي.

المتحدث باسم "وكالة التنمية العمرانية بالعاصمة الإدارية" العقيد خالد الحسيني، يقول للصحيفة: إنه "لن يتم إنفاق جنيه واحد من الميزانية العامة".

في مكتبه الواقع في مجمع عسكري يضم فندقا فخما ومناطق ترفيهية في القاهرة الجديدة، إحدى المناطق المحاذية للعاصمة أكد أنه "سيتم تمويل المشروع بأكمله ذاتيا ببيع الأراضي العامة للخواص".

وقد بني هذا المجمع العسكري في العقود الأخيرة لتخفيف الازدحام السكاني في العاصمة المصرية التاريخية، القاهرة، التي يزيد عدد سكانها عن 20 مليون نسمة. 

ولفتت الصحيفة، إلى أن القوات المسلحة المصرية، تسيطر على جزء مهم من النشاط الاقتصادي للبلاد؛ أي ما يصل إلى 3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لبعض المحللين.

أشارت أيضا إلى أن المركز الإداري الجديد الذي حلم به القائد الأسبق للجيش والمشير السابق، السيسي، سيضم  6 ملايين نسمة، ويمتد على مساحة 730 كيلومترا مربعا، أي أكثر بقليل من جزيرة مينوركا، الإسبانية في البحر المتوسط. 

في هذا المعنى، قال العقيد الحسيني: "إن النقل الجماعي للمسؤولين الحكوميين مخطط بين يوليو/ حزيران، وأغسطس/ آب 2021، لكن القرار النهائي سيكون سياسيا".

وبينت الصحيفة أن بناء الوزارات يبدو متقدما للغاية، لكن، بناء البرلمان اكتمل بنسبة 60 بالمئة، فيما وصل القصر الرئاسي إلى نسبة 50 بالمئة.

ورأت أن انتقال السيسي إلى العاصمة الصحراوية سيجعل ميلاد العاصمة الإدارية رسميا في 2022. 

ضاحية أميركية

وفي وصفها للصورة التي بدت عليها عاصمة السيسي، قالت: "بدأت المناظر الطبيعية لأشجار النخيل والمباني تشبه ضاحية سكنية أميركية، مشيرة إلى أن ملكية معظم أراضي تعود إلى الجيش.

ونقلت الصحيفة عن أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، عمرو عدلي، قوله: "صحيح أن نموذج تمويل العاصمة الجديدة لا يعتمد في حد ذاته على ميزانية الدولة، لكن لا يعرف الكثير عن حسابات الشركة التي تديرها، المملوكة لوزارة الدفاع، 51 بالمئة، ووزارة الإسكان".

إنفاق بلا فائدة

في الأثناء، يتساءل الكثير من المصريين عما إذا كانت مشاريع السيسي الكبرى، مثل توسعة قناة السويس، تحتكر الأموال اللازمة لتنمية البلاد والرفاه الاجتماعي.

ويضيف المحلل الاقتصادي أن "الاستثمار القوي في الأرض والبناء مفيد فقط على المدى القصير جدا، ولقد كان قطاع العقارات هو المصدر الرئيس لنمو الاقتصاد منذ الثمانينيات".

وأشارت الصحيفة إلى أن شركة البناء الحكومية الصينية هي المسؤولة عن تنفيذ الحي المالي بالعاصمة المصرية الجديدة، والذي سيتوج بناطحة سحاب بارتفاع 390 مترا. ولتنفيذ هذا المخطط، يعيش المئات من الفنيين والمتخصصين الصينيين في الموقع في خلية من الوحدات الجاهزة. 

ونقلت عن عدلي، أن "من خلال هذه المشاريع، يتم التدخل في السوق المحلية فقط ولا يجري التخفيف من حدة المشاكل المتكررة في ميزان المدفوعات في مصر".

وأشار الأكاديمي المصري، إلى أن "المدخرات الخاصة تستهلك بالتالي في الأصول الميتة في المدن الصحراوية التي لا تساعد على حل مشكلة نقص المساكن للسكان".

من ناحية أخرى، أكد العقيد الحسيني أن الأراضي والمباني الباقية وسط القاهرة، بعد نقل الوزارات منها، ستسهم أيضا في تمويل العاصمة الجديدة، إذ جرى التخطيط لحي دبلوماسي للوفود الأجنبية.

وتعليقا على ذلك، كشف مسؤول دبلوماسي أوروبي أن الأسعار المرتفعة التي طالبت بها مصر مقابل الأراضي والقيمة العقارية المرتفعة للمقرات الحالية دفعت العديد من دول الاتحاد الأوروبي إلى عدم التعليق حتى الآن على نقلها إلى العاصمة الجديدة.

حلم أحمد

ونوهت الصحيفة بأن أحمد، الموظف في الشركة التي تشرف على بناء العاصمة الجديدة، لا يجرؤ على أن يحلم يوما ما بالعيش في الشقق التي يروج لها السيسي.

سعر الشقق يتراوح بين 50 ألف و100 ألف يورو؛ وهي الشقق التي لا يمكن شراؤها براتب يتراوح بين 200 و300 يورو شهريا للمصري العادي.

كما أن 54 ألف موظف حكومي لن يكونوا قادرين على الإقامة بالقرب من مكاتبهم الجديدة، وفق تقدير "الباييس". 

وأوردت الصحيفة أن مصر المثقلة بالاكتظاظ السكاني، سجلت زيادة معدل الفقر بنسبة 4.7 بالمئة بين عامي 2015 و2018، وفقا للبنك الدولي، ليشمل 32.5 بالمئة من السكان.