بانتهاء عملية برخان.. صحيفة فرنسية تحذر من "تداعيات خطيرة" على السنغال
سلطت صحيفة فرنسية الضوء على انتهاء عملية "برخان" في منطقة الساحل الإفريقي، وتداعياتها على السنغال، مؤكدة أن السؤال الذي يستحق أن يطرح هو عن تقاسم السنغال، رغم نظامها الأمني، لنفس نقاط الضعف التي تعاني منها دول الساحل.
وأوضحت "لوبوان" أن "السنغال كثيرا ما تعرض على أنها جزيرة استقرار في منطقة تعاني من أزمة سياسية وأمنية، وهي التي تطل عن كثب على جارتها مالي، ويرتبط البلدان بالتاريخ والثقافة واقتصاديا أيضا".
وأشارت إلى أن "الإعلان الأخير عن انتهاء عملية برخان الفرنسية في مالي، يثير قلق السنغال أكثر من أي وقت مضى ويجعلها تخشى تداعيات ذلك على ترابها الوطني".
وانطلقت "برخان" في 1 أغسطس/ آب 2014، لـ"مكافحة التمرد في منطقة الساحل الإفريقي"، وتم تشكيلها بالتعاون مع 5 بلدان من المستعمرات الفرنسية السابقة، التي تمتد في منطقة الساحل الإفريقي: بوركينا فاسو، وتشاد، ومالي، وموريتانيا، والنيجر.
ويرى مدير مركز "توليوس أفريكا"، الباحث في العلوم السياسية، محمدو لمين بارا لو، أنه "من المهم أن نتذكر أن الرئيس إيمانويل ماكرون أعلن عن انتهاء عملية برخان في صيغتها الحالية، ولكن بالتوازي مع ذلك، سيتم تطوير جهاز تاكوبا (القوات الخاصة الأوروبية والجيوش الإفريقية)".
وإذا كانت الإجراءات لا تزال غير واضحة فيما يتعلق بالجدول الزمني، فقد ظهرت مخاوف من الجانب السنغالي بسرعة بمجرد إعلان الرئيس الفرنسي قراره في 10 يونيو/حزيران 2021.
تهديد حقيقي
ومع إعلان ماكرون قراره، قال رئيس مجلس الوزراء الاستشاري والإستراتيجيات والتنمية (كوسديف)، بوبكر برتراند بالدي: إن "ما يؤثر على مالي يمكن أن يؤثر بشدة على السنغال".
وبالنسبة له، فإن إحدى التداعيات الخطيرة لانتهاء عملية برخان ستكون خطر إضعاف السنغال.
واعتبرت الصحيفة أن انتشار الجماعات المسلحة الصغيرة في البلدان المجاورة ملحوظ لعدة سنوات، كما أن اكتشاف أفراد مرتبطين بالمسلحين، وكذلك الخلايا النائمة على الأراضي السنغالية "دليل على تقدم التهديد الإرهابي تجاه الغرب".
وبالنسبة لمدير "توليوس أفريكا"، بارا لو، فإن "السنغال مهددة، مثل جميع بلدان الساحل، والجماعات الإرهابية الصغيرة ومنطقها في الجريمة المنظمة يتطور وهي تبحث عن كل فرص التّغول الممكنة".
لكن بالنسبة لرئيس "كوسديف"، برتراند بالدي، فإن السنغال لديها بعض الامتيازات التي من المحتمل أن تكون ذات أهمية خاصة بالنسبة لتلك الجماعات، "نظرا لموقعها الجغرافي، فهي ميناء مفتوح على المحيط الأطلسي، وجيوإستراتيجيتها المثيرة للاهتمام.
وأضاف أن "اكتشاف النفط واستغلال الموارد مثل الذهب أو الزركون يمكن أن يفتح الشهية أيضا لتلك الجماعات".
وتتمتع السنغال، على عكس العديد من دول الساحل، باستقرار سياسي واجتماعي.
وأكد برتراند بالدي أن "المنسقين الاجتماعيين من الأخويات الدينية يشكلون حاجزا ويشكلون قوة".
واستدرك قائلا: "لا يعني ذلك رغم كل شي أن البلاد في مأمن من التهديد الإرهابي، خاصة بسبب عدم استقرارها الاقتصادي والتفاوتات الشديدة بين المناطق الريفية والمناطق الحضرية، الأمر الذي يولد الشعور بالإحباط".
في الواقع، لا تساعد العلاقات الاقتصادية الوثيقة بين مالي والسنغال التي تنحاز لصالح الأخيرة والتي تحقق لها فائضا في ميزانها التجاري، على تحسين الوضع.
وقد يكون لانخفاض التجارة تأثير كبير على الاقتصاد السنغالي، الذي تأثر بالفعل بشدة بسبب الوباء العالمي.
في حالة تأهب
وفي مواجهة هذه الملاحظات، أخذت الدولة السنغالية هذا التهديد الحقيقي على محمل الجد، وتم بالفعل تفكيك الخلايا النائمة إلى الشرق مع المناطق الفقيرة في مدينتي كيدوغو وتامباكوندا، وفي اتجاه الشمال بمدينة سانت لويس أو حتى في جنوب البلاد مع كاسامانس، حيث تتعدد مداخل الإقليم الوطني.
وبُذلت جهود أمنية مهمة على مستوى الدولة.
وقال بارا لو إن "السنغال ركزت منذ 2013-2014، على المنطقة الشرقية ووضعت تدريجيا نظاما للتعامل مع التهديد القادم من مالي".
وبذلك أصبحت مكافحة الإرهاب "إحدى أولويات الحكومة التي تتعاون مع عدة جيوش أجنبية موجودة في بلادها، بما في ذلك فرنسا التي تمتلك قاعدة عسكرية".
وبدأ برنامج غارسي-الساحل (مجموعات العمل السريع - المراقبة والتدخل في منطقة الساحل) في أبريل/نيسان 2017، ويهدف، وفقا لتفسيرات موقع الصندوق الاستئماني للطوارئ التابع للاتحاد الأوروبي لإفريقيا، إلى "تعزيز القدرات التشغيلية للسلطات الوطنية للسماح بالسيطرة الفعلية على الإقليم وتوسيع نطاق عمل الدولة عبر إنشاء نظام مرن، مكون من وحدات شرطة ودرك متنقلة ومتعددة التخصصات ومكتفية ذاتيا من أجل السماح بالسيطرة على الأراضي".
والبرنامج نفذته المؤسسة الدولية والأيبيرية الأميركية للإدارة والسياسة العامة (المؤسسة الدولية والأيبيرية الأميركية)، بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وقد تم الاشتغال به في 6 دول أخرى وهي كل من بوركينا فاسو ومالي وموريتانيا والنيجر وتشاد والسنغال، ومن المتوقع أن ينتهي في نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
وقال بارا لو: إن "الحكومة لا تقتصر فقط على الإجراءات القمعية والأمنية فحسب، بل تعمل أيضا على تطوير برامج اجتماعية في المناطق المعرضة للخطر، إنها عملية عالمية".
هجرة جماعية
مع انتهاء عملية "برخان"، يخشى برتران بالدي حدوث نزوح جماعي كبير "سيكون البلد المضيف الأول له هو السنغال".
وأوضح "يوجد بالفعل مجتمع مالي كبير في البلاد، لأنه بصرف النظر عن الانتماء إلى نفس مجموعة إيكواس (المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا) ، فإن السنغال ومالي تشتركان أيضا في تاريخ مشترك وثقافة تجمعهما معا".
وأضاف أن "قضية الهجرة هي محور الأخبار في مالي، إن نزوح السكان إلى جانب العواقب الإنسانية أمر متوقع".
ويرى بارا لو، 3 وجهات نظر في الوضع الحالي: "مع الفراغ الذي سيخلفه رحيل القوات الفرنسية، ستكون مجموعة إيكواس قادرة على تنفيذ آليات الأمن الجماعي في إطار هيكل السلام والأمن في إفريقيا للاتحاد الإفريقي والذي نص على إنشاء لواء إقليمي مسؤول عن إعادة السلام والعمليات العسكرية".
وتابع: "يمكن تعزيز دعم السنغال لمجموعة دول الساحل الخمس، و مالي حاليا هي المعنية، كما يمكن تمديد مدة عمل عملية مينوسما (بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي)، التي تشكل فيها القوات السنغالية أعدادا كبيرة ، وهو تعزيز مرغوب فيه من قبل بلدان منطقة الساحل".
وختمت "لوبوان" تقريرها بالقول: "لايزال البلد في حالة ترقب بحكم عدم تأكده من تطور الوضع".