مراد العضايلة لـ"الاستقلال": يجب على الأردن إعادة العلاقات مع حماس

12

طباعة

مشاركة

أكد الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن مراد العضايلة أن تخلي عمان عن حركة المقاومة الإسلامية حماس أفقد بلاده ورقة مهمة في القضية الفلسطينية؛ لاسيما أن الحركة اليوم أصبح لديها قرار السلم والحرب في الساحة.

ودعا العضايلة في حوار مع "الاستقلال" الدولة الأردنية إلى إعادة العلاقات السياسية مع الحركة، وتنويع علاقاتها بحيث تشمل السلطة وحماس من أجل مصالح البلاد العليا.

وأشاد بدور الأردن "البطولي" في إسقاط صفقة القرن بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية "وهو ما كلف البلاد ثمنا باهظا"، مبينا أن حلفاء الأردن الإستراتيجيين تآمروا على استقراره.

الأردن وفلسطين

  • كيف ترى طبيعة علاقة الأردن الرسمية بحركة المقاومة الإسلامية حماس؟

حماس نشأت في المنبت الأردني، وبقيت قياداتها بالأردن حتى عام 1999، وتحت ضغوط الولايات المتحدة وإسرائيل وحتى من السلطة الفلسطينية بعد توقيع اتفاقية وادي عربة طلبت من قيادات الحركة الخروج من البلاد.

 ونحن نرى حقيقة أن هذا التفريط في التمسك بحماس أفقد الأردن ورقة مهمة بعد أن أصبحت الحركة لاعبا أساسيا لا يمكن تجاوزه.

 وطالبنا بوضوح بإعادة العلاقات السياسية مع حركة حماس وتنويع خيارات الأردن في علاقاتها مع الأشقاء في فلسطين، وذلك من أجل مصالح البلاد العليا.

فعمّان هي أولى العواصم باحتضان حركة حماس وقياداتها من عواصم أخرى مع احترامنا لها.

قيادات الحركة لم يسيؤوا للأردن قيادة وشعبا طوال 20 عاما منذ أن خرجوا من عمان؛ بل كانوا على الدوام على علاقة دافئة بالأردن، ومنهج الحركة الثابت هو عدم التدخل في الشأن العربي.

كما أن الحركة حريصة على أن يبقى الأردن قويا وعزيزا وكريما؛ ليظل سندا للقضية الفلسطينية.

فمصر مثلا هي ضمن ما يسمى محور الاعتدال، لكن لها علاقات إستراتيجية مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة ومع ذلك وجدت مصلحتها في فتح العلاقات مع حركة حماس وبقوة؛ لذلك فنحن طالبنا ونطالب الحكومة بعودة المياه إلى مجاريها.

  • كيف تنظر إلى إدراج الحركة أسماء أسرى أردنيين على قوائمها لتبادلهم مع الاحتلال الصهيوني؟ 

إدراج الحركة للأسرى الأردنيين هي خطوة مقدرة ومحترمة وتنم عن تقدير حماس للدولة الأردنية ولشعبها، ونتمنى أن تضيف هذه الخطوة محفزا آخر لإعادة العلاقات بين الأردن الرسمية وبين الحركة. 

  • كيف ترى موقف الشعب الأردني في دعم أشقائه في القدس المحتلة وغزة أثناء العدوان الإسرائيلي (10-21 مايو/أيار 2021)؟

الشعب الأردني هب لنصرة القضية الفلسطينية، فمنذ اللحظات الأولى كانت عمان في طليعة العواصم العربية التي تحركت لمناصرة فلسطين خلال الحرب الأخيرة بإجماع وطني في البوادي، والمخيمات، والمدن، وبين العشائر، في مشهد غير مسبوق.

والناس توجهوا صوب الحدود يتقدمهم آلاف الشباب الذين تمكن بعضهم من الدخول إلى الأراضي المحتلة، في إشارة واضحة على جاهزيتهم إذا فتحت الحدود رسميا لمساندة أشقائهم في مواجهة الاحتلال، وحتى يدرك الصهاينة أن الآلاف من الأردنيين سيكونون في مقدمة الصفوف للدفاع عن فلسطين والمسجد الأقصى.

  • الأردن وقف بشكل صلب للغاية في مواجهة صفقة القرن، ما طبيعة هذا الموقف؟

الأردن كان يشعر بخطورة ما يسمى بـ"صفقة القرن" (خطة واشنطن المزعومة للسلام) ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وعلى حساب الأردن أيضا.

عندما يتم إنهاء قضايا لاجئي القدس والوصاية الهاشمية عليها، إضافة إلى محاولات العبث بالإشراف على المقدسات وتقديمها إلى دول أخرى، حينها لن يكون هناك دولة فلسطينية، ولا قدس، الأمر الذي جعل الأردن يشعر بالخطر على وجوده ويتسبب بحالة من عدم الاستقرار.

ولذلك كان موقف الأردن متوافقا مع موقف السلطة الفلسطينية في رفض تلك الصفقة ما جعلها فاقدة للقيمة والمعنى؛ لأن أصحاب الحقوق رفضوها بالرغم من محاولات الولايات المتحدة الالتفاف على عمان بالتعاون مع دول خليجية من خلال التطبيع العلني واتفاق ما يسمى أبراهام الذي يناقض المبادرة العربية.

يكون التطبيع فقط بعد إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف واستعادة الحقوق الفلسطينية. 

وواجه الأردن هذه الضغوط التي أثرت عليه اقتصاديا واجتماعيا وجعلته يدفع ثمنا باهظا لاسيما برود العلاقات مع دول خليجية ارتبط بها منذ نشأته بعلاقات إستراتيجية وطيدة ظلت باردة حتى الآن رغم كونهم حلفاء تاريخيين. 

مطالب الإصلاح السياسي 

  • الإصلاح السياسي من أهم الملفات المطروحة على الساحة السياسية بالأردن .. كيف يراه حزب جبهة العمل الإسلامي؟

الإصلاح السياسي في الأردن اليوم ليس ترفا، وإنما ضرورة واجبة؛ لتحقيق الاستقرار للنظام، حيث تعيش البلاد أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة.

وبلغت المديونية 112 بالمئة من الناتج القومي الإجمالي بما يعادل 50 مليار دولار، والبطالة وصلت نسبتها إجمالا 25 بالمئة وترتفع بين الشباب لتتجاوز 50 بالمئة، والفقر 37 بالمئة.

كما أن حجم فجوة انعدام الثقة بين الشارع والنظام بسبب الفساد والفشل الإداري وتراجع التعليم والصحة تتسع بشكل جعل الوضع مهيأ لحدوث انفجار اجتماعي.

فالأردن كان الأول عربيا في مدارس التعليم، والسادس عشر عالميا، وكان متقدما في مجال الصحة، ولكنه الآن متراجع ومتدهور، وأصاب الدولة مشكلات عميقة لا يمكن حلها دون أن يكون هناك إصلاح سياسي عميق يخرج الدولة من عنق الزجاجة. 

لا سيما وأن حلفاء تاريخيين للأردن يحاولون زعزعة استقراره وحصاره اقتصاديا فيما يسمى بـ"أزمة الفتنة"، وهو ما يتطلب اليوم تمتين الجبهة الداخلية من خلال تمكين الشعب بإشراكه في صناعة القرار السياسي، بحيث يتحمل مسؤولياته في اتخاذ القرار، وأيضا في لجم وجوه الفساد بحيث توجد برلمانات حرة مستقلة تعبر تعبيرا صادقا عن الشعب. 

  • لا يخفى على المهتم بالشأن الأردني الجدل المثار حول قانون الانتخاب في مجلس النواب .. كيف تراه؟

قبل أن نخوض في القانون الانتخابي يجب أن نتساءل عن الهدف النهائي للإصلاح السياسي الذي نريده، فإذا كنا نريد حكومات برلمانية فلا بد أن يكون شكل القانون مختلفا لينتج لنا برلمانا فيه شيء من هامش الحرية المطلوبة بحسب الهدف النهائي الذي تريده الدولة لمخرجات الإصلاح.

وأهم شيء في هذه المرحلة أننا نرفض قانون الانتخابات الحالي المعروف بقانون الصوت الواحد ومحاولات تقزيم الناس وتمزيق وحدة المجتمع الأردني الذي تسبب فيه هذا القانون الذي مزق النسيج الاجتماعي للبلاد، وأعادها إلى الهويات الفرعية الصغيرة. 

  • النائب المستقيل (فصل بعد التهجم على الملك عبدالله الثاني) أسامة العجارمة تحدث عن تشوهات دستورية، ما هي وكيف يمكن إصلاحها؟ 

الحقيقة أنه ليس فقط النائب أسامة العجارمة هو من تحدث عن التشوهات الدستورية، فاليوم الحراك الأردني والأحزاب السياسية كلها تتحدث عن حالة التشوه الدستوري، وهيمنة السلطة التنفيذية والأمنية على القرار.

فلدينا اليوم حكومة ومجلس نواب وسلطة قضائية بدون ولاية، مع وجود هيمنة أمنية على كل ما سبق ، والحقيقة أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة.

وعليه فإن هذا التشوه لا يمكن علاجه إلا بتعديلات دستورية وقانونية عبر قانون انتخاب جديد يفرز برلمانا حقيقيا، وهو من ينتج الحكومات البرلمانية، ويعبر بشكل حقيقي وصادق عن حاجات ومتطلبات الشعب الأردني.

اليوم هذه العشائر هي حاضنة النظام وقواعده الأساسية؛ فمنها تتشكل الأجهزة الأمنية والشرطية والجيش والمخابرات، واليوم هؤلاء كلهم غاضبون على الدولة، وهي عاجزة عن تقديم خدمات ووظائف لهم في ظل الأزمة الاقتصادية وشح الدخل في البلاد، وتفاقم أزمات البطالة والفساد وحجب الثقة.

 اليوم ليس هناك خيار سوى الإصلاح السياسي وتقاسم السلطة مع الشعب الأردني وهذا هو الحل الأمثل.

الكهرباء والفتنة

  • ما هي قصة انقطاع الكهرباء في عموم المملكة لمدة 5 ساعات .. وكيف تعاطى معها حزبكم؟

الكهرباء تم قطعها عمدا خمس ساعات والإنترنت 7 ساعات يوم الجمعة 21 مايو/أيار عن البلاد بالكامل، والسبب هو خروج الشعب الأردني في مهرجانات جماهيرية غاضبة باتجاه الحدود مع الكيان الصهيوني حتى وصلت إليها.

كانت هناك رغبة متعمدة لإخفاء مظاهر الغضب ضد الاعتداء على الفلسطينيين قبالة حدود دولة الاحتلال؛ لمنع أية تغطية إعلامية عبر الفضائيات لهذه المهرجانات الغاضبة والمؤيدة للشعب الفلسطيني من جهة وإفقاد التنسيق بين الناس على مواقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت حتى تتمكن الدولة من ضبط الأمور آنذاك.

وللأسف كانت هناك تبريرات غير مقبولة من الحكومة؛ فتارة أرجعت السبب إلى شركة العطارات والتي من جانبها نفت ذلك، وأخرى إلى طريقة نقل الكهرباء من مصر واختلاف أنظمة الكهرباء، ولكن القاهرة نفت أن يكون لها يد في ذلك.

واليوم تحاول الحكومة الخروج من هذا المأزق وتروي روايات لم يصدقها الناس وكانت تبريراتها مثار سخرية على وسائل التواصل الاجتماعي وفي حوارات الرأي العام.

حزبنا مارس دوره الرقابي عبر نوابه في البرلمان الذين تقدموا باستجوابات حول هذا الموضوع، والأزمة التي صارت مع النائب المفصول أنه منع من الحديث في أسباب قطع الكهرباء في البلاد.

  • ما تفسيركم للأزمة الأخيرة التي حدثت في البلاد (الحديث عن انقلاب الأمير حمزة بن حسين على أخيه غير الشقيق الملك عبدالله)، وكيف سيتم تعامل السلطة الحاكمة معها؟

الأزمة الأخيرة أو ما يسمى بملف الفتنة، هو أحد تعبيرات أزمة النظام السياسي في الأردن، ولا شك أنها أظهرت حجم الغضب الشعبي من خلال حالة التعاطف التي ظهرت مع الأمير حمزة شقيق الملك، وهذا الأمر ناتج عن حالة ضعف الثقة ما بين قواعد المجتمع الأردني والنظام السياسي.

كما أظهرت أيضا أن حلفاء الدولة الأردنية هم الذين يتآمرون عليه سواء الكيان الصهيوني أو بعض دول الخليج العربي وحتى أطراف داخل الولايات المتحدة.

 ولذلك الحقيقة اليوم أن أزمة النظام السياسي هي مع حلفائه وأظهرت أنه من أجل أن يخرج النظام الأردني من هذا المأزق، فلا بد أن يتكئ على الشعب ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا عبر إصلاح سياسي يمكن من وجود برلمانات معبرة عن الشعب. 

  •   ما هو مصير العناصر المتورطة في تلك المؤامرة على المملكة والتي يحاكم أطرافها الآن؟

العناصر الرئيسة المتورطة في تلك القضية لا يزالون في القضاء ومنتظر أن يتم محاكمتهم ولكن حتى هذه اللحظة لم يصدر بشأنهم شيء لأن الأمر ليس سهلا.

إذا ظهر أن هناك في التحقيقات دول عربية حليفة سيكون هناك حرج شديد للأردن وسيتم البحث عن طريقة مناسبة لإغلاق الملف ولكن لا نعلم كيف سيتم ذلك؛ لأن فتحه وإغلاقه مشكلة في آن واحد بلا شك.

الخريطة السياسية 

  • ما هو دور حزب جبهة العمل الإسلامي بالبرلمان في دعم قضايا المواطن الأردني الحياتية؟

جبهة العمل الإسلامي حزب عريق، بدأت فكرة تأسيسه عام 1989 مع استئناف الحياة الديمقراطية، كما شارك في غالبية الانتخابات النيابية؛ بينما قاطع بعضها.

 واليوم ممثل بثمانية نواب في البرلمان، وإن كان هذا العدد لا يعبر عن حجم وقوة الحزب الحقيقية بسبب التدخل الرسمي العنيف في الانتخابات للحد من فوز مرشحينا.

وتحدد تلك الأجهزة حجم الناس ليس وفقا لحجم التأييد الشعبي لهم ولكن حسب الأهواء.

نواب الحزب يحملون هم الشعب الأردني في كل المجالات سواء الدفاع عن حقهم في حياة كريمة أو مشاكلهم الحياتية وحاجتهم المطلبية، والأزمات التي تواجههم، وأيضا في القضايا الوطنية العامة سواء ما يتعلق بالقضية الفلسطينية أو العلاقات العربية العربية.

 ويصف الساسة في البلاد حزبنا بأنه "حزب المعارضة المؤثرة" ، ولا شك أنه ينتج ويؤثر في الرأي العام، وله مواقف موثوقة لدى الشارع الأردني تجاه العديد من الأحداث المحلية والإقليمية.

  • ما هو موقع الحزب في الخريطة السياسية داخل البرلمان الأردني ونشاطه الداعم للقضية الفلسطينية، والقضايا العربية والإسلامية؟

جبهة العمل الإسلامي هو الحزب المعارض الرئيس في البلاد، وعندما يتبنى قضية تصبح قضية رأي عام.

 ولو أن هناك انتخابات ديمقراطية حقيقية فمن السهل أن يشكل الحكومات؛ لكن قانون الانتخابات المعروف بقانون الصوت الواحد فصل خصيصا عام 1993 لمنعنا من ذلك.

الحزب يدعم بقوة القضية الفلسطينية لأنها قضية الشعب الأردني، الذي يقف في خندق متقدم دفاعا عنها؛ فنحن الأقرب لبيت المقدس، وبوابة الفتح عبر التاريخ لفلسطين، ودخلنا لأجلها حروب 1948 و1967 وحرب الكرامة، واستشهد منا الآلاف، فمصيرنا مشترك.

وديموغرافيا نصف سكان الأردن فلسطينيون، والعدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين لدينا، وتوجد الوصاية الأردنية على القدس الشريف، ويحمل ملايين الفلسطينيين جوازات سفر أردنية تخولهم حقوق السفر خاصة سكان القدس.

ويظل الحزب هو الأكثر تأثيرا في المجتمع الأردني، ويتضامن مع قضايا العالم العربي والإسلامي والأقليات المسلمة في كشمير وبورما وتركستان الشرقية حيث ينص دستور الأردن على أن البلاد جزء من الأمة العربية والإسلامية.

  • ما هو دور الحزب في التعاطي مع قضية اللاجئين السوريين في الأردن؟

تفاعل الحزب والحركة مع الأزمة السورية منذ بدايتها وناصر ثورة الشعب السوري سياسيا وإعلاميا وإغاثيا لخدمة اللاجئين خلال السنوات الأولى للجوء قبل أن يستقروا بالأردن.

 وتعاملنا معهم كأهل وأشقاء لنا، وأصبحوا من أهل البيت سواء في خدمة السكن أو العمل.

ولذلك فالسوريون لا يشعرون بالغربة في الأردن، ولو خيروا بين العودة أو البقاء معنا لفضلوا البقاء؛ لأنهم وجدوا هنا حضنا دافئا يحميهم ويشعرون معه بالاستقرار الاجتماعي والاقتصادي مع خدمات الحركة الإسلامية، برعاية الفقراء، وكفالة الأيتام وتقديم العون الإغاثي والتعليمي والصحي لهم من خلال المؤسسات التعليمية والصحية التي يقوم عليها أبناء الحركة.