"دعم المعارضين".. صحيفة تركية: بايدن على خطى هرتزل ضد أنقرة والقدس

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة تركية إن "الصهاينة بعد فشلهم في إقناع السلطان عبد الحميد الثاني الذي ناضل باستماتة، ببيع فلسطين أدركوا أن الحل إنما سيكون بهدم الدولة العثمانية".

ونشرت صحيفة "تركيا" مقالا للكاتب أحمد شيمشيرغيل أشار فيه إلى "قول مؤسس الصهيونية الحديثة تيودور هرتزل: هناك خطة واحدة فقط تتبادر إلى ذهني، يجب علينا شن حملة ضد السلطان ولفعل ذلك علينا الاتصال بالأمراء المنفيين وتركيا الفتاة (اتحاد لمجموعات عديدة مؤيدة لإصلاح الإدارة في الدولة العثمانية)".

وأضاف "نعم، لقد حدد الصهاينة أهدافهم الجديدة، كان لابد من الإطاحة بالسلطان، ولفعل ذلك كان عليهم أن يدعموا جميع معارضيه، وكانوا مصممين على إقامة دولة في فلسطين والسيطرة على القدس، كانوا يملكون المال الكثير كما كانت جميع القوى العظمى تقف إلى جانبهم".

الطريق الوحيد

وأكد شيمشيرغيل أنه: "لم يكن من الممكن إقناع أحدهم مع كل الدعم والمال الذي كان الصهاينة يملكونه، أن جميع محاولاتهم باءت بالفشل، فيما كان السلطان قد سد جميع السبل أمامهم بقوله: لن أسمح بإجراء عملية جراحية لجسد حي (يعني اقتطاع أرض فلسطين من جسد الأمة الإسلامية) ولن أعطي شبر أرض واحد إلا بالثمن الذي حصلنا عليه".

وأضاف: "وهكذا لم يتبق أمام الصهاينة سوى طريق واحد للوصول إلى أهدافهم، إسقاط السلطان عبد الحميد الثاني وتمزيق الدولة العثمانية، ومع أنه كانت هناك العديد من محاولات الاغتيال التي تربصت بالسلطان إلا أن أيا منها لم يكتب لها النجاح".

واستدرك شيمشيرغيل قائلا: "في الحقيقة لا يجب على أي تركي أن ينسى القرارات التي اتخذها الصهاينة ببازل في 29 أغسطس/آب 1897، بل يجب أن تتأصل في جيناته حتى، ذلك لأن الإشارات الأولى حول قيام الدولة اليهودية كانت قد أُعطيت في ذلك المؤتمر الذي انعقد برئاسة تيودور هرتزل".

وتابع: "فقد تم ترسيم حدود الدولة المخطط إقامتها على النحو التالي: ستكون حدودنا الشمالية على جبال قبادوقيا (وسط الأناضول) وحدودنا الجنوبية على قناة السويس، نعم، إن الصهيونية لا تستهدف القدس وفلسطين فحسب، لذا فإن الإعداد للخطر الذي ينتظر بلدنا في المستقبل لا يزال مستمرا منذ سنوات"، يؤكد الكاتب.

وأردف: "لقد كان بازل مهما جدا بالنسبة للصهاينة، وقد عزا هرتزل، في بيانه بعد المؤتمر الذي عقد في لندن عام 1901، تأسيس دولتهم المستقبلية إلى ذلك المؤتمر قائلا: لقد أسست الدولة اليهودية في بازل".

وقال شيمشيرغيل: "هل سنتابع نومنا مرددين أن ذلك كان بسبب خيانة العرب؟ علينا أن نقوم بقراءة التاريخ بشكل صحيح حتى نحسن فهم ذلك، لقد كان الصهاينة في ذلك الوقت قد شرعوا في تحطيم دولتنا من الداخل".

وتابع: "فبينما كانوا يشاركون في اجتماعات الاتحاديين من ناحية كانوا يفتحون أبوابهم أمام اجتماعات ونشاطات أعضاء جمعية الاتحاد والترقي، وأصبح العديد من اليهود يؤيدون نشاطات تركيا الفتاة داخل تركيا وخارجها".

وأشار إلى أنه "كان متجر يهودي يعمل صيدلانيا في سلانيك اسمه رافائيل بينوزيار، أحد أهم مراكز اجتماعات تركيا الفتاة، فيما كان تيامو ـ تاجر ألبسة في سلانيك ـ يخصص ثروته لتركيا الفتاة.

أما اليهودي ليون غيتزنو فقد كان يقوم بأنشطة مهمة لصالح تركيا الفتاة في فرنسا، كما هرب الأخوان آشر وأفرام سالم إلى فرنسا ليدعما حركة تركيا الفتاة، وفقا للكاتب التركي.

ضربة من الداخل

وبحسب شيمشيرغيل، "فقد استمر تنفيذ المشروع الذي بدأه هرتزل بعد وفاته عام 1904 دون إبطاء، وبما أنه تم تكليف اليهودي الإيطالي إيمانويل قراصو بالعمل على إقامة دولة يهودية، فقد كان مشاركا في الوفد الصهيوني الذي زار السلطان عبد الحميد وعرض شراء أرض في سنجق (مقاطعة) القدس، وقد طرد".

وبما أن كراهيته للسلطان بلغت بذلك ذروتها، فقد أصبح السلطان عبد الحميد الثاني هدفه وهدف فريقه الوحيد بعد ذلك.

وتابع قائلا: "استقر قراصو في سالانيك بعد أن أصبح زعيم الحركة الصهيونية بما أن هذا المكان كان مركز تجمع المعارضين للسلطان، وإذ كان اليهود والدونمة يعيشون في سلانيك أيضا فقد سهل هذا عليهم القيام بنشاطاتهم. وأصبح قراصو المعلم الأكبر لمحفل مقدونيا ريزورتا الماسوني الذي أسسه الصهاينة مع قراصو ونسيم روسو ونسيم نازلياه".

وأردف: "قام قراصو، الذي استولى على جميع المحافل الماسونية في مقدونيا خلال وقت قصير، بتوسيع أنشطته بسرعة. وكان له دور كبير في تحويل العديد من الضباط والمدنيين من تركيا الفتاة إلى ماسونيين. وفي هذا وصف السفير البريطاني السير جيرارد لوثر، قراصو في تقرير كتبه إلى وزير الخارجية السير إدوارد غراي، بأنه عقل لجنة الاتحاد والترقي".

واستدرك: أما المتحدث باسم جمعية الاتحاد والترقي، حسين جاهد (يالتشين)، فقد وصفه بـ"المجاهد" الذي عمل من أجل "فكرة المشروطية" أثناء حديثه عن أهمية ومكانة قراصو في الجمعية. لكن هل كان قراصو يعمل من أجل المشروطية أم من أجل إقامة دولة صهيونية؟ في الواقع، لم يكن الاتحاديون مدركين لحقيقة ذلك!".

ويبدو أن أموال الصهيونية أعمت أعينهم أو أغشتها، فلم يترك قراصو شرف لعب الجولة النهائية في صراع الاتحاديين ضد عبد الحميد الثاني التي فاز بها، لأحد آخر.

وكان قراصو هو من تولى رئاسة الوفد الذي ذهب لنقل قرار الخلع إلى خاقان الأتراك (ملكهم) وخليفة المسلمين، هل هناك خزي وعار أكبر من هذا يمكن أن يحدث لأمة، ماذا كان يتوقع الاتحاديون حتى سفلوا بهذا القدر؟ يتساءل الكاتب آسفا.

وأردف قائلا: "لقد اعتبر معظم الكتاب الأوروبيين الذين قيموا كل هذه الأحداث بأن أعضاء تركيا الفتاة وجمعية الاتحاد والترقي كانوا دمى تحركها أيدي اليهود والدونمة. وأكدوا أن السلطان فقد عرشه بمؤامرة يهودية ماسونية. كما قالوا بأن ثورة 1908، التي أدت إلى إعلان المشروطية الثانية، نتاج للصهيونية التي اتبعت الإمبريالية الفلسطينية".

وأوضح: "ولم يكن الرؤساء الاتحاديون الذين عرفوا بنواياهم الحسنة يختلفون عن العملاء الذين مزقوا الدولة إلى أشلاء، ولسوء الحظ، كانت العقلية اليهودية والمال وراء هذه المأساة الكبرى. حيث احتل قراصو، الذي توج انتصاره على عبد الحميد بالظهور أمامه قائلا "أنت معزول"، مكانه في البرلمان بانتخابه نائبا ثلاث مرات في الأعوام 1908 و1912 و1914".

وبصفته صندوق طلعت باشا، حافظ قراصو دائما على سيطرته على عقل حكومات الاتحاد والترقي، ولعب الدور الأكبر في فتح الطريق أمام الاستيطان اليهودي في فلسطين.

وفي هذا السياق، تم التخلي عن سياسة منع اليهود من الاستقرار في فلسطين والتي كانت سارية في عهد السلطان عبد الحميد، تماما بعد إعلان المشروطية الثانية، يلفت الكاتب التركي.

دروس لأجل اليوم

واستطرد شيمشيرغيل: "أما النائب اليهودي في مجلس المبعوثان (البرلمان)، نسيم روسو فقد زار أولا الصدر الأعظم حسين حلمي باشا وتحدث معه حول القضية الفلسطينية وطلب دعمه. وقد كان".

وذكر أن "حلمي باشا قال: لا ضرر من إقامة مستوطنات في فلسطين. وهكذا، رفع الحظر السابق على النشاط اليهودي في فلسطين بشكل كامل. وتم تأميم الأراضي التي جعلها عبد الحميد خان تحت حكمه الخاص، ثم التبرع بها للصهاينة دون أدنى تردد!".

وأردف: كما تم إلغاء "إجراء المذكرة الحمراء" التي وضعها عبد الحميد، والتي كان يتم منحها لليهود أثناء دخولهم فلسطين. ونتيجة لكل ذلك، أتيحت الفرصة لليهود للهجرة بحرية إلى فلسطين وشراء الأراضي، وخاصة التابعة منها للدولة.

وقد قال قراصو مرارا وبكل فخر أن "لقد جعلنا الاتحاديين يقومون بالعمل الذي لم يقم به السلطان عبد الحميد مقابل 5 ملايين ليرة ذهبية، بأربعمائة ألف ليرة ذهبية".

وختم الكاتب مقاله قائلا: "وهنا نحصل على نتيجتين، الأولى، أنه إذا لم يستطع أولئك الذين ما زالوا يرددون قائلين إن العرب هم من باعوا فلسطين أن يفهموا حقيقة الأمر، فلن يكونوا قادرين على فهم بؤر الخيانة الأخرى التي تنتظرنا في المستقبل!".

وتابع: "والثانية، أن كل الأعداء الخارجيين كانوا في الأمس يدعمون المعارضين في الداخل حتى النهاية، لإسقاط السلطان عبد الحميد، لذا دعونا لا ننسى اليوم، كلمات الرئيس الأميركي جو بايدن الذي قال: سندعم المعارضين في تركيا مهما كان الثمن من أجل إسقاط رئيس اختاره الشعب، ونقيم الأحداث الأخيرة وفقا لذلك".