موقع إيطالي يستعرض خطة "التنين الصيني" للسيطرة على محيطات العالم
اعتبر موقع إيطالي أن الشرق الأقصى والصين أصبحا قريبين للغاية من الطرق البحرية الرئيسة العالمية، ولا يعود الفضل في ذلك إلى نظام التبادل التجاري العالمي الذي طوره "التنين الصيني" تحت ما يسمى بمبادرة "حزام واحد، طريق واحد"، أو "طريق الحرير الجديد"، فحسب.
وقال موقع "إنسايد أوفر" إن الإستراتيجية التجارية لبكين تقترن بأخرى عسكرية بحتة، خصوصا وأن أمن طرق الإمداد الحيوية للسوق الداخلية يمر عبر السيطرة على البحار ومراقبتها.
وأكد أن هذه السيطرة والرؤية الإستراتيجية تتعارضان مع مثيلاتها الأميركية. فمن جهة، تدعو بكين إلى تأميم المساحات (البحرية أو الجوية)، بينما يطالب الأميركيون على الطرف المقابل باحترام حرية الملاحة.
وصف الموقع المواجهة بين القوتين بالصدام حول رؤية العالم، خصوصا وأن المكتب السياسي المركزي للحزب الشيوعي الصيني كان قد بلور خارطة طريق غير رسمية ولكن يسهل فهمها لتحقيق هذه السيطرة.
في البداية، دفع التنين الصيني (يرمز إلى الإمبراطورية الصينية) بشدة، لبناء السفن وانطلق في عملية تحويل الأسطول الصيني إلى بحرية المياه الزرقاء (أو أسطول في أعماق البحار) تتميز بقدرات كبيرة.
اعتبر الموقع أن هذا التحول يعد تاريخيا، وعلى الرغم من أنه لا يزال قيد التنفيذ، فإن آثاره بدأت في الظهور من خلال إشارات صغيرة مثل تحديث البنى التحتية وتوسيع القواعد البحرية وصناعة حاملات الطائرات.
البحر الأحمر
أوضح الموقع الإيطالي أن بكين تعمل الآن على التأكد من قدرتها على استخدام بشكل فعال ما سيكون أداتها البحرية الحديثة، مشيرا إلى أن بعض الدلائل تؤكد انتقال الصين من مجرد تنظير السيطرة على البحر إلى تنفيذها.
وذكر الموقع في هذا السياق، أن دولة جيبوتي تستضيف القاعدة البحرية الوحيدة خارج الأراضي الصينية والواقعة بالقرب من مضيق باب المندب، الذي يربط المحيط الهندي بالبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس.
وتابع بالقول إن بكين أنهت في تلك النقطة الإستراتيجية بناء رصيف كبير يتسع لاستيعاب حاملة طائرات، مما قد يسمح للبحرية الصينية باستعراض قوتها خارج مناطق العمليات التقليدية لبحار شرق وجنوب الصين.
وبوجود منفذ مميز نحو البحر المتوسط، عبرت عن نيتها في الحضور أكثر هناك من خلال المناورات البحرية المشتركة التي أجريت مع مصر.
ويذكر أن القاعدة أنشئت بين عامي 2016 و2017 كـ"هيكل دعم" بحري لجيش التحرير الشعبي الصيني، ووفقا لبكين، للقيام بعمليات مكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال.
كان قائد القوات الأميركية في إفريقيا الجنرال ستيفن تاونسند، أول من كشف عن أشغال التوسعة بالقول إنهم "أجروا للتو توسعة للقاعدة من خلال إضافة رصيف مهم قادر على دعم حاملات طائراتهم أيضا في المستقبل"، مضيفا أيضا أنهم "يبحثون داخل القارة عن فرص أخرى لتركيز قواعد".
أردف الموقع بالقول إن جيبوتي تشكل جزء من "سلسلة اللؤلؤ" التي تكونت من منشآت موانئ أخرى قيد الإنشاء، أو تم بناؤها بالفعل بدعم صيني بالقرب من الطرق البحرية الرئيسة، في دول مثل سيريلانكا وباكستان وميانمار.
وعلى الرغم من مدنية هذه المنشآت، فإنه يمكن استخدامها أيضا لأغراض عسكرية، وفق الموقع الإيطالي.
أضاف الموقع أن الصين تمتلك استثمارات مختلفة في مرافق الموانئ في إفريقيا، من كينيا إلى موريتانيا مرورا بناميبيا وأنغولا ونيجيريا والسنغال ويمكن أيضا استغلال استثمارات البنية التحتية هذه في نفس الاستخدام المدني/العسكري المزدوج.
على وجه الخصوص، يمكن أن تشهد أنغولا وكينيا وتنزانيا وسيشل افتتاح منشآت عسكرية على غرار ما حدث في جيبوتي.
حذر الجنرال تاونسند أيضا من الأنشطة الصينية في غرب إفريقيا. وفي مقابلة مع وكالة أسوشيتيد برس، أكد الجنرال الأميركي أن الصين تجري اتصالات بدول مثل موريتانيا وناميبيا لإنشاء منشأة بحرية قادرة على استضافة غواصات أو حاملات طائرات.
وقال إنهم "يبحثون عن مواقع يمكنهم فيها إعادة تسليح وإصلاح السفن الحربية للاستفادة منها في حالة حدوث نزاع".
المحيط الهادئ
أشار "إنسايد أوفر" إلى أن الصين وسعت نطاق عملياتها ليشمل المحيط الهادئ أيضا.
وبين أنها عملت على تحديث مهبط طائرات وميناء في إحدى جزر كيريباتي النائية، على بعد حوالي 3400 كيلومتر جنوب غرب هاواي، في محاولة لإحياء موقع كان يستضيف طائرات عسكرية خلال الحرب العالمية الثانية.
كما تخطط لبناء مواقع عسكرية في "كانتون الصغيرة"، وهي جزيرة مرجانية ذات موقع إستراتيجي يقع في منتصف المسافة الفاصلة بين آسيا والأميركيتين.
ونوه الموقع بأن إنشاء مواقع عسكرية، مثل تلك التي تم رصدها في جزر سبراتلي في بحر الصين الجنوبي على الجزيرة، سيوفر موطئ قدم في عمق المنطقة التي كانت تحت سيطرة الولايات المتحدة خلال المراحل الأخيرة من الحرب العالمية الثانية.
وأكد أنه من المنتظر أن يدعم المطار انتشار المقاتلات إذا تم تحديثه وتوسعته، كما يمكن استخدام الجزيرة لإطلاق طائرات مراقبة بفضل موقعها الإستراتيجي بين هاواي والمنطقة التي تضم أستراليا ونيوزيلندا، الأعداء الإستراتيجيين للصين.
قالت وزارة الخارجية الصينية في تصريح لوكالة رويترز: إن بكين تدرس خططا لتحديث وتحسين مهبط الطائرات بدعوة من حكومة كيريباتي لتسهيل النقل الجوي داخل البلاد.
كما تؤكد الوزارة أن تعاون الصين مع كيريباتي يحترم مفهوم "التعاون متبادل المنفعة" (أو المربح للجانبين) و"في حدود قدرتها على تقديم المساعدة دون شروط سياسية".
ألمح الموقع بالقول إن أكثر ما يثير الاهتمام، إلى جانب حقيقة أن أرخبيل كيريباتي يمثل أكبر منطقة اقتصادية خالصة في العالم بمساحة 3.5 مليون كيلومتر مربع، هو أن المطار يقع على طول الطرق البحرية الرئيسة بين أميركا الشمالية وأستراليا ونيوزيلندا، ما يسمح له بأن يشكل مركزا إستراتيجيا للسيطرة عليها.
خلص تقرير الموقع إلى القول: إن الصين تحرك بيادقها على رقعة الشطرنج العالمية، من البحر الأحمر (ومن ثم البحر الأبيض المتوسط) إلى عمق المحيط الهادئ عبر المحيط الأطلسي.
ومن غير المستبعد مشاهدة سفن عسكرية تحمل العلم الصيني بالقرب من السواحل الأوروبية في المستقبل القريب.