بدلا من تجديد شرعيته.. موقع عبري: عباس يواجه انهيارا مفاجئا بالسلطة

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع عبري أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يفكر في تأجيل الانتخابات العامة وسط أخطاء سياسة كبيرة ارتكبتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" التي يتزعمها.

وامتنع عباس عن طرد القيادي الكبير في الحركة الأسير مروان البرغوثي من فتح رغم اتخاذه خطوات مخالفة لقراراتها.

ويخشى محمود عباس من قوة البرغوثي السياسية واندلاع اشتباكات عنيفة داخل فتح.

وأعلن البرغوثي الذي يتمتع بشعبية كبيرة عن دعمه لقائمة يرأسها ناصر القدوة، ابن شقيقة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

وستتنافس هذه القائمة مع القائمة الرسمية لفتح، وقد انضمت كلاهما إلى قائمة القيادي السابق في ذات الحركة محمد دحلان الذي يتمتع أيضا بقاعدة دعم واسعة في كل من مخيمات اللاجئين في قطاع غزة والضفة الغربية.

خطأ ومحنة

وأشار موقع "نيوز ون" العبري إلى أن مسؤولين رفيعي المستوى في فتح قالوا إن رئيس السلطة الفلسطينية ارتكب خطأ كبيرا في المراهنة على الانتخابات البرلمانية.

ومن المقرر إجراء الانتخابات التشريعية في 22 مايو/أيار والرئاسية في 31 يوليو/تموز والمجلس الوطني (برلمان منظمة التحرير) في 31 أغسطس/ آب من عام 2021، بحسب مرسوم رئاسي أصدره عباس في 15 يناير/كانون الثاني من نفس العام.

ويقول نبيل شعث، مستشار محمود عباس، إن إمكانية تأجيل الانتخابات ممكنة للغاية بالنظر إلى تجاهل إسرائيل السماح لسكان شرق القدس بالمشاركة في الانتخابات.

وتابع الموقع أن عباس بادر بخطوة الانتخابات بعد أن أوضح له الاتحاد الأوروبي أنه لن يتلقى مساعدة مالية أوروبية إذا لم يجر انتخابات، وأراد أيضا أن يظهر للرئيس الأميركي الجديد جو بايدن أنه يؤمن بقيم الديمقراطية وأنه يعمل على تنفيذها.

ويأمل عباس أن يرفع الرئيس الديمقراطي الجديد العقوبات التي فرضها سابقه دونالد ترامب على السلطة الفلسطينية و"صفقة القرن"، خطة ترامب المزعومة للسلام.

ويرى الموقع العبري أنه عمليا حدثت أمور أخرى، فقرار محمود عباس إجراء الانتخابات بالاتفاق مع حركة المقاومة الإسلامية حماس، أدى إلى انقسام "فتح".

ورأى خصوم عباس السياسيين في الانتخابات فرصة ذهبية لتصفية الحسابات واستبداله. وبعد 15 عاما في السلطة، يواجه عباس انهيارا مفاجئا بعد أن كان يخطط لاستعادة شرعيته.

وقد قاد عباس حركة فتح سابقا إلى هزيمة تاريخية أمام حماس في الانتخابات البرلمانية لعام 2006، والآن يواجه موقفا مشابها فيما يتعلق بالمعركة التشريعية الجديدة.

أما بشأن الانتخابات الرئاسية فإن محمود عباس، حسب كل التقديرات، سيتعرض للهزيمة أمام خصمه من حركة فتح مروان البرغوثي.

ويؤكد الموقع على أن رئيس السلطة الفلسطينية في محنة كبيرة، فالخطوة التي بادر بها أضعفته سياسيا، وهو يتعرض لضغوط كبيرة من قيادة حركة فتح ومن إسرائيل ومصر والأردن لإلغاء الانتخابات أو تأجيلها.

ولفت الموقع إلى أن محمود عباس يخشى من أن هذه الخطوة ستضعفه أكثر وسيظهر على أنه الشخص الذي هرب من المعركة ضد حماس وضد مروان البرغوثي، وهو على أي حال بدأ بالفعل في بناء السلم السياسي الذي سيسمح له بالتراجع وتأجيل الانتخابات.

الخوف من البرغوثي 

وأشار المحلل الأمني بالموقع "يوني بن مناحيم" إلى أن رئيس السلطة الفلسطينية بدأ الانتخابات بحفاوة بالغة، وقدر أنه سينجح بسهولة في هزيمة منافسيه السياسيين محمد دحلان، الموجود في الإمارات العربية المتحدة، ومروان البرغوثي، الذي يقضي عقوبة بالسجن لمدة خمس مؤبدات في السجون الإسرائيلية. 

ومع ذلك، سرعان ما اتضح أن هناك منافسين آخرين داخل حركة فتح لم يقبلوا ديكتاتوريته وتحدوا قيادته في إدارة قائمة منفصلة مستقلة في الانتخابات البرلمانية، وأبرزهم ناصر القدوة، بحسب المحلل.

وعندما بدأت تتضح الصورة أكثر وزاد الخوف من انقسام حركة فتح انتقل محمود عباس إلى لغة التهديدات.

وتابع ابن مناحيم أن الحديث دار عن تهديدات من عباس بالعنف الجسدي ضد خصومه السياسيين في اجتماع للمجلس الثوري لحركة فتح في منتصف فبراير/شباط 2021.

وبحسب ناشطين حضروا الاجتماع، أعلن عباس أن السلطة الفلسطينية "ستتعامل بقوة مع أي ناشط من الحركة حاول الترشح للانتخابات النيابية بشكل مستقل خارج القائمة الرسمية وأنه سيتم فتح النار عليه"، على حد قولهم.

وأكد عبد الفتاح حمايل المسؤول الكبير في حركة فتح والوزير السابق ومحافظ مدينة بيت لحم الذي حضر الاجتماع، أنه تم خلال اللقاء توجيه تهديدات بالقتل ضد أي ناشط يخرج من القائمة الرسمية في الانتخابات النيابية.

وقال: "روح التهديد لا تتماشى مع الديمقراطية، ونحن نناقش العملية الديمقراطية، وهذا يدل على عدم المسؤولية بأن يقوم بالتهديد بالقتل، خاصة عندما يتعلق الأمر باجتماع رسمي لإطار سياسي".

ونوه المحلل الأمني إلى أنه بعد التهديدات اتخذ محمود عباس خطوة أخرى وأصدر قرارا في اللجنة المركزية لـ"فتح" يقضي بإبعاد أي ناشط في الحركة يخوض الانتخابات على قائمة مستقلة.

وانتقل رئيس السلطة الفلسطينية لاحقا إلى المرحلة العملية وأصدر قرارا في مؤسسات فتح بشأن طرد ناصر القدوة من الحركة، وهي خطوة مماثلة للخطوة التي قام بها عام 2011 عندما طرد محمد دحلان بسبب "الفساد". 

تقليل الضرر

وتساءل ابن مناحيم قائلا: لماذا لم يشرع رئيس السلطة في طرد مروان البرغوثي من حركة فتح؟ بعدما قام به الأخير (تشكيل قائمة مستقلة).

ولفت المحلل إلى أن مصادر في فتح تقول إن رئيس السلطة الفلسطينية يخشى  مروان البرغوثي، وقد تلقى "الخضوع" لتهديداته لعدة أسباب:

مروان البرغوثي هو مهندس الانتفاضة الثانية واليد اليمنى لياسر عرفات، ويقضي عقوبة بالسجن المؤبد لخمس مرات لقتله إسرائيليين.

ويعتبره الفلسطينيون في المناطق الفلسطينية "بطلا قوميا"، حتى حصل على لقب "نيلسون مانديلا الفلسطيني".

وبالنسبة للعديد من الفلسطينيين، يرمز البرغوثي إلى الروح الحقيقية لـ "الأيدي النظيفة" لحركة فتح، بينما ينظر الكثيرون في الشارع الفلسطيني إلى محمود عباس كرمز للفساد والاستسلام لإملاءات إسرائيل والولايات المتحدة.

وقد يؤدي طرد مروان البرغوثي إلى احتجاج كبير في الأراضي الفلسطينية وإلى انقسام الحركة وتأسيس أخرى جديدة بقيادة الأسير، تدعي أنها "فتح" الحقيقية، والتي سينضم إليها أيضا ناصر القدوة ومحمد دحلان.

وتخشى حركة فتح من أن يؤدي طرد مروان البرغوثي إلى اشتباكات مسلحة بين عناصر أمن السلطة الفلسطينية وناشطين ميدانيين لمنافسيه السياسيين مما قد يقود إلى حرب أهلية. 

ويقول مسؤولون من "فتح" إن ناشطي الحركة في الضفة الغربية خزنوا في الأشهر الأخيرة كميات كبيرة من الأسلحة قبل الانتخابات.

وفي السنوات الأخيرة قام محمد دحلان بتجهيز معاقله في مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية بالعديد من الأسلحة التي تم شراؤها من السوق السوداء من فلسطينيين 48، كما تم تهريبها من الأردن، وفق المحلل الأمني الإسرائيلي.

ويرى ابن مناحيم أنه مع مرور الوقت يتضح أن قرار عباس بالتوجه إلى صناديق الاقتراع كان خطأ، وهو الآن يناقش كيفية تقليل الضرر الذي تسبب فيه بنفسه.

فمروان البرغوثي في ​​حالة فوز، وأخطاء محمود عباس عززت مكانة الأسير في ​​الخلافة.

ويقول: "حتى لو أرجأ محمود عباس الانتخابات، من المتوقع أن يستمر (البرغوثي) في تصدر استطلاعات الرأي العام الفلسطيني كرئيس مقبل للسلطة".

وخلص المحلل الأمني إلى القول: "من المتوقع أن يؤدي تأجيل الانتخابات إلى زيادة التوترات الداخلية داخل فتح ومعركة الاتهامات، لكن كبار مسؤولي الحركة يقولون إن هذا أقل سوءا وسيكون أفضل من الهزيمة المخزية أمام حماس".