صحيفة روسية: حلف الناتو أعد "إجراءات رادعة" لمواجهة صعود موسكو

سلطت صحيفة روسية الضوء على تصريحات الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "الناتو" ينس ستولتنبرغ الأخيرة حول سياسات موسكو وتطورها العسكري المتصاعد.
وفي 25 مارس/آذار 2021، قال ستولتنبرغ، عقب اختتام أعمال اجتماع مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في الحلف، إن الخطر الأول والعدو الأساسي للحلف هو سياسات روسيا.
وقالت صحيفة "كمسمولسكايا برافدا" الروسية في مقال للكاتب أندريه بارانوف: "ستولتنبرغ اتهم روسيا بكل الآثام بدءا بالأخطار التي تشكلها الصواريخ الروسية على الحلف والمنطقة بشكل عام".
كما أشار إلى "الإرهاب السيبراني" الذي يتخذ من روسيا قاعدة له وتطرق إلى "قضايا الاضطهاد والسياسات القمعية داخل البلاد".
ونقل بارانوف في مقاله تصريحات ستولتنبرغ حرفيا، والتي قال فيها: "علاقاتنا مع روسيا لا تزال معقدة، وهي تزيد من إجراءاتها العدائية يوما بعد يوم، وسيرد الناتو على توسع القوة العسكرية الروسية من القوقاز إلى القطب الشمالي".
وأضاف الأمين العام لحلف الناتو، أن "تهديد الصواريخ الروسية يزداد كذلك، لذلك علينا مراجعة وتكييف قدراتنا الدفاعية والرادعة لمواجهة هذا التحدي".
ولفت في تصريحه إلى أن "التصرفات العدائية الروسية لا تنحصر فقط في النشاط العسكري فتوجد كذلك الهجمات الإلكترونية (الإرهاب السيبراني)، والقضايا المتعلقة بالاقتصاد وقضايا التضليل الإعلامي الذي تقوم به الفدرالية الروسية".
ولفت إلى أن "الناتو والاتحاد الأوروبي كلاهما لا يملكان الإمكانيات اللازمة لمواجهة هذه الحملات الروسية".
وتابع ستولتنبرغ: "السلطات الروسية تقمع بشدة أعمال الاحتجاج داخل البلاد، وتحاول التخلص من الشخصيات غير المرغوب فيها بطرق عدة كاستخدام السموم. يجب أن يكون أعضاء الناتو أكثر نشاطا في تبادل المعلومات الاستخبارية حول هذه القضايا".
من يهدد من؟
ويبين بارانوف في مقاله أنه من الواضح أن حلف شمال الأطلسي قد أعد "إجراءاته الرادعة" مسبقا أي قبل أن يوجه ادعاءاته رسميا ضد روسيا.
وقال ستولتنبرغ أيضا: " أرسلنا تعزيزات جدية، ونشرنا قوات عسكرية إضافية في الجزء الشرقي من أراضي الشركاء في حلف شمال الأطلسي، ونجري المزيد من التدريبات"، مضيفا: "سنكثف التعاون مع شركاء جدد مثل جورجيا وأوكرانيا".
ويشير الكاتب إلى اللقاء الذي كان قد تم مع مدير مؤسسة فرانكلين روزفلت للدراسات الأميركية أستاذ العلوم التاريخية يوري راغوليف والذي اختصر القضية بقول: "بدون التهديدات الروسية لا حاجة أصلا لوجود الناتو".
وينقل الكاتب كذلك تصريح راغوليف حيث قال: "أرى أنه لا داعي لإعطاء تصريحات ستولتنبرغ أكثر من حجمها، فهي لم تأت بشيء جديد، بل إن كلماته هي عودة (للطقوس القديمة التي كانت تتبع إبان الحرب الباردة. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم يصرح عبثا حينما تحدث علانية عن أزمة عقول في حلف الناتو".
ويضيف أستاذ العلوم التاريخية، أنه بانهيار الاتحاد السوفيتي فقد الحلف خصمه الواضح الذي أُسس لمواجهته وبناء عليه فقد الناتو معنى وجوده. أعضاء حلف شمال الأطلسي واجهوا مشكلة تحديد هوية الحلف.
ويردف راغوليف بالقول: "بالطبع يمكن محاربة كل التهديدات الكونية وتوسعة رقعة الحلف ونفوذه، لكن هذا كله لن يسمح لهذه الكتلة أن تعبر عن تضامن وتعاون لمصلحة أمن شمال الأطلسي بل سيخلق شيئا آخر، أكثر وحشية وعدوانية".
خصم أزلي
استكمالا لمقال راغوليف، يذكر الكاتب تقييمه لعمل الناتو والذي قال فيه: "ها هو الحلف يعود اليوم للأنماط القديمة التي استخدمها الغرب منذ القدم في تصوير روسيا كعدو أزلي يهدد وجوده".
فبغض النظر عن الحقبة التاريخية وعن نظام الحكم سواء كان في الحقبة القيصرية أو فترة الاتحاد السوفيتي أو روسيا الحديثة، فموسكو هي العدو الأبدي الواضح والبديل الأول للهيمنة الغربية على العالم، وفق قوله.
ويتابع: "لذلك يجب العمل على احتوائها وتقليم مخالبها، هذا كله واضح وضوح الشمس لصناع القرار سواء في الولايات المتحدة أو في أوروبا الغربية، ناهيك أن هاتين الكتلتين لا تكترث أي منهما بالمبررات أو الشرح المنطقي، فيكفيهما تشكيل قائمة مخاطر أو تهديدات أو أعداء من الشرق ومتابعة استنزاف التريليونات من الأموال وإنفاقها للحفاظ على هذا الحلف".
ويشير بارانوف إلى قول الخبير راغوليف: "علينا أن نحافظ على الطمأنينة والهدوء في التعامل مع هذه القضية وفي نفس الوقت علينا أن نبقي على البارود جافا (مقولة روسية تشبه مثيلتها العربية -خلي السلاح صاحي-)".
وأردف: "علينا أن نكون على يقين أن الغرب لن يرى فينا يوما شريكا ندا ومتساويا، ومن الواضح أننا ولفترة طويلة سنبقى خصما جيوسياسيا للغرب".
ويشير راغوليف إلى أن هذا شيء متعب على الجانب البشري ومكلف اقتصاديا، "غير أنني أؤمن بأنه لا نحن ولا هم (الكتلة الغربية) معنيون بأن نكون أعداء لدودين لدرجة تتسب في حرب طاحنة بيننا".