نقطة تحول.. موقع أميركي يرصد أوضاع اليمن بعد 10 سنوات على ثورته
أكد موقع أميركي أن "ردة الفعل العنيفة من قبل الحرس القديم في اليمن وتدخل القوى الأجنبية سحق آمال المواطنين في التغيير والسلام، وأضحى حلمهم الوحيد هو إيجاد حل لإنهاء القتال".
وأوضح "Jacobin" أنه "قبل 10 سنوات، استوحى اليمنيون من الثورات في مصر وتونس حاكما مستبدا وتجرؤوا على الحلم بمستقبل جديد لبلادهم، لكن رد الفعل العنيف من قبل الحرس القديم في اليمن وتدخل القوى الأجنبية سحق تلك الآمال وأغرق البلاد في الحرب".
وأشار إلى أنه "في أوائل عام 2011، نزل مئات الآلاف من اليمنيين، ساحات التغيير، في جميع أنحاء البلاد، مطالبين بتحولات سياسية واقتصادية واجتماعية لبلدهم، لقد أرادوا الإطاحة بالزعيم الراحل علي عبد الله صالح والنظام الذي كان يديره لعقود".
وقود الانتفاضة
ولفت الموقع إلى أن "الشعارات التي رفعت في اليمن كانت شبيهة بتلك التي رفعت في العديد من الدول العربية الأخرى، وفي ذلك الوقت كانت أولا وقبل كل شيء (إرحل) و(يسقط النظام)".
وأوضح أن "صالح كان في السلطة لما يقرب من 33 عاما، حيث أدار أولا الجمهورية العربية اليمنية الشمالية ثم الجمهورية اليمنية، بعد توحيدها مع جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الجنوبية عام 1990".
وأكد الموقع أن "المواطنين حملوا صالح المسؤولية عن مستويات عالية من الفساد والفقر المتزايد لغالبية اليمنيين، وهو ما يتناقض بشكل حاد مع الثروة الباهظة لأقرانه المقربين، وشجبوا غياب الفرص الاقتصادية وارتفاع معدل البطالة، ناهيك عن الصراع العسكري في أقصى الشمال ضد الحركة الحوثية، وصعود الانفصالية الجنوبية في الطرف الآخر من البلاد".
وبعد 10 سنوات، وصل اليمن إلى نهاية عامه السادس من الحرب الأهلية، وتفاقم هذا الصراع بشكل كبير بسبب التدخل الدولي من التحالف الذي تقوده السعودية، والذي وجد دعما عسكريا من دول غربية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا.
وشدد الموقع الأميركي على أن "التدخل الدولي جعل الأزمة السياسية والإنسانية أسوأ بكثير مما كانت عليه بالفعل، ولكن في الأساس، كانت الفصائل اليمنية هي وقود هذه الحرب الأهلية".
رغم أن الحركات في جميع هذه البلدان تشترك في خصائص معينة، إلا أن كل واحدة لها خصائصها الوطنية الخاصة، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وفق "Jacobin".
وكانت الاعتصامات والمظاهرات قد بدأت في العاصمة صنعاء قبل عدة أشهر من اندلاع الأحداث في تونس ومصر، فيما الإطاحة الناجحة بالحكام في تلك الدول كانت بمثابة دفعة كبيرة للحركة اليمنية، وتوسيع نطاقها ومستويات مشاركتها.
وخلال الأسابيع الأولى، كان الخطاب السائد هو الخطاب الذي طرحه ثوار مستقلون، كانت أحزاب المعارضة القائمة حاضرة، لكنها كانت موجودة وممثلة كأفراد، ولم تمنعهم انتماءاتهم التنظيمية من اتخاذ مواقف ودعم أهداف لم تكن ضمن برامجهم الحزبية.
نقطة تحول
اعتبر الموقع أن "أحداث 18 مارس/آذار 2011 غيرت بشكل جذري هيمنة سياق المعركة والمطالب. ورغم وقوع اشتباكات بين الثوار وقوات صالح، بما في ذلك مجموعات البلطجية الذين تم توظيفهم كمحرضين، حرصت الحركة الاحتجاجية على احترام شعارها السلمي".
وفي تلك الجمعة، استقر قناصة صالح على سطح مبنى مجاور وأطلقوا النار على الحشد بعد الصلاة، وقتلوا 52 متظاهرا وجرحوا مئات آخرين، وأصبح ذلك اليوم يعرف باسم "جمعة الكرامة".
وكان 18 مارس نقطة تحول حاسمة غيرت الحركة الاحتجاجية والوضع السياسي برمته، وفي أعقاب ذلك مباشرة، انضمت المعارضة السياسية الحزبية-المعروفة باسم أحزاب اللقاء المشترك بقيادة حزب الإصلاح الإسلامي رسميا إلى الثورة.
وترك علي محسن الأحمر، الذي كان القائد العسكري الأعلى في حرب صالح ضد الحوثيين، صف الرئيس وأعرب عن تصميمه "حماية" الثورة.
كما استقال عدد من الوزراء والبرلمانيين والسفراء من المؤتمر الشعبي العام بقيادة صالح، وشكل بعضهم فيما بعد حزب "العدالة والبناء"، وأدى ذلك إلى انقسام القوى العسكرية والسياسية للحكومة، وكان العنصر العسكري هو الأهم.
وأسفرت أحداث 18 مارس/آذار 2011 عن 3 تغييرات رئيسة، أولا، في ساحة التغيير بصنعاء، منذ ذلك الحين، سيطرت الأحزاب على المنصة الرئيسة، وسيطر حزب الإصلاح بشكل ملحوظا على المشهد.
وثانيا، أدى الانقسام في الحكومة إلى اشتداد الاشتباكات العسكرية بين القوات الموالية لصالح ومعارضين لاستمرار حكمه، وانخرط سياسيون بارزون في البحث عن مخرج للأزمة من خلال شكل من أشكال التسوية، بالنظر إلى الجمود الفعلي بين مؤيدي صالح والمعارضة الواسعة.
وثالثا، انخرط المجتمع الدولي بنشاط، من خلال وساطة السفراء الذين يمثلون "أصدقاء اليمن"، فيما قامت مبادرة مجلس التعاون الخليجي بإضفاء الطابع الرسمي على هذا التدخل، مما أدى إلى اتفاقية مجلس التعاون الخليجي التي وقعها صالح في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، والتي وافقت على التخلي عن الرئاسة بحلول فبراير/شباط 2012.
وكان الهدف الأساسي للمشاركة الدولية، هو إزاحة صالح من السلطة دون الإخلال بالنظام الإقليمي أو تشجيع الآخرين في شبه الجزيرة العربية التي يسيطر عليها الحكام بالوراثة على السعي للتغيير الديمقراطي.
انتقال فاشل
إلى جانب سيطرته على الجهاز العسكري/الأمني، تمتع صالح بشعبية مدهشة كانت متجذرة في التصورات الشعبية الواسعة عنه كقائد وطني حقق الوحدة اليمنية.
كما قدر الكثير من الناس الدعم المادي الذي قدمه نظام المحسوبية الخاص به في أماكن مختلفة، سواء كان ذلك على شكل طرق أو مدارس أو مشاريع أخرى، وحالت قوة صالح العسكرية والسياسية دون إبعاده عن المشهد السياسي، بحسب الموقع الأميركي.
وأظهرت اتفاقية دول مجلس التعاون الخليجي مدى التأثير المتبقي لصالح، ولم يقتصر الأمر على بقائه على رأس حزب "المؤتمر الشعبي العام" فحسب، بل ضمنت الاتفاقية رسميا حصانة من الملاحقة القضائية، مما أثار غضب آلاف من المتظاهرين.
واستلم المؤتمر الشعبي العام نصف الوزارات في حكومة الوحدة الوطنية المنشأة لفترة انتقالية مدتها سنتان والتي فرضتها الاتفاقية، فيما أخذت المعارضة الباقي.
وسمحت الحكومة الانتقالية لوزراء صالح بالاستمرار في استخدام المؤسسات التي يسيطرون عليها لدعمها، و سيطر حزب الإصلاح على النصف الآخر من الائتلاف، بينما كان للأحزاب الصغيرة (الاشتراكي والبعث) والقوى الثورية الجديدة تأثير ضئيل، ونتيجة لذلك، "كانت الحكومة فاسدة وغير فعالة"، يقول "Jacobin".
وأشار الموقع إلى أن "عامة الناس وغالبية الثوار كانوا قد أخلوا الساحات، وشعر معظمهم أن مجرى الأحداث يشكل خيانة للثورة، حيث لم يروا أي تحسن في حياتهم".
وأكد أن "اليمن الآن يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، ولا يمكن للبلد الجديد الذي تشكل بعد صالح أن يبتعد أكثر عن أحلام الثوار في عام 2011".
وختم الموقع تقريره بالقول: "في مواجهة حرب لا نهاية لها على ما يبدو، يأمل اليمنيون ببساطة في إيجاد حل لإنهاء القتال، وإدارة المشاريع وإنشاء أشكال جديدة من التنظيم والتي يأملون على المدى الطويل، أن تشكل الأساس ليمن جديد يحمل بعض التشابه مع أحلام العقد الماضي".