"لا يقدح من رأسه".. من وراء انتقاد تركي الحمد "التجربة الديمقراطية" في الكويت؟

12

طباعة

مشاركة

"اللي ما يطول العنب يقول حامض".. من أشهر الأمثال الشعبية السعودية المرتبطة بقصص النجاح والفشل ويعني أن الشخص الذي أخفق في تحقيق هدف وحققه غيره يعيب فيما حققه الطرف الآخر.

ناشطون أسقطوا هذا المثل على ما فعله الكاتب السعودي الليبرالي المثير للجدل تركي الحمد، المحسوب على نظام ولي العهد محمد بن سلمان، بمهاجمته للكويت ووصف ديمقراطيتها بـ"الزائفة"، رغم انتمائه لمملكة "ذات نظام قمعي ديكتاتوري يكفر بالديمقراطية ويناهض الحريات ويقمع الرأي والتعبير".

الحمد قال على حسابه بتويتر في 17 فبراير/شباط 2021: "بصراحة..وبدون زعل من أهلنا في الكويت.. ديموقراطية على النمط الكويتي.. نحن بغنى عنها.. السعودية والإمارات وعمان يحققون إنجازات دون ديموقراطية زائفة.. أحيانا، وفي ظروف تاريخية معينة، تكون الديمقراطية عبئا وليس إنجازا"، وفق تعبيره.

في المقابل، فإن المؤشر العالمي للديمقراطية، الذي تعده سنويا مجلة "إيكونوميست" البريطانية، أكد في يناير/كانون الثاني 2020، أن السعودية تحتل المركز 159 عالميا من أصل 167 بلد في هذا المجال، موضحا أن الكويت تحتل المركز 114، وتحافظ على المرتبة الأولى خليجيا.

وتصف صحف أجنبية النظام السعودي بأنه "ديكتاتوري مستبد" ، ينفرد فيه ابن سلمان بالقرارات التي تنتقم من المعارضين والمخالفين لآرائه. 

وفي أعقاب أزمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في أكتوبر/تشرين الأول 2018، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، تصاعدت وتيرة نعت ابن سلمان بالديكتاتور، وزادت حدة انتقاده حين أعلنت الرياض إغلاق ملف القضية.

الناشطون على تويتر ذكروا تركي الحمد عبر تغريداتهم ضمن وسم يحمل اسمه، بحقيقة نظام بلاده وانعدام الحريات فيها وقمع الأصوات المعارضة وامتلاء سجون ابن سلمان بالمناهضين له، مؤكدين أنه "لا يقدح من رأسه (لا يكتب من مخيلته الشخصية)".

واستنكر ناشطون تهجم الحمد على التجربة الديمقراطية والحريات في الكويت، مشيرين إلى أن تغريداته وآراءه مثيرة للجدل، منها تشكيكه في القرآن والسنة وتهجمه سابقا على صحيح البخاري وغيرها، ومدحه الاحتلال الإسرائيلي والدفاع عنه، والترويج له كنموذج يجب الاحتذاء به، في مقابل توجيه انتقادات زائفة للكويت.

توجيهات ابن سلمان

وأكد ناشطون أن الحمد يكتب بتوجيهات من النظام السعودي، مطالبينه بالنظر إلى حال بلاده وانتقادها أولا قبل أن ينتقد ديمقراطية الكويت.

وتواجه السعودية إدانات من منظمات حقوقية ودولية لقمعها الحقوق والحريات، خاصة أنها فشلت مرارا في الحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

وتصاعدت انتقاداتها منذ اغتيال الصحفي خاشقجي، وطالبها حقوقيون بتبني إصلاحات واسعة كبيرة للإفراج عن المعتقلين السياسيين وإنهاء حربها الرهيبة في اليمن والسماح لمواطنيها بالمشاركة السياسية الحقيقية.

وقال الدكتور فارس آل سعود، إن تركي الحمد يناقش الديمقراطية في الكويت ويتجاهل الحرية والديمقراطية التي منحها محمد بن سلمان، للمواطن السعودي والتي تقوم على تقطيع الجثث في القنصليات، وخطف المواطنين ومنحهم إقامة دائمة في الحاير وذهبان (سجون سعودية).

وذكر الباحث في شؤون الخليج فهد الغفيلي، بأن النظام السعودي قاد الثورات المضادة وأنفق المليارات لوأد الديمقراطية في المنطقة، لأنها تهددهم وتهدد مصالحهم، مشيرا إلى أن من الطبيعي أن يهاجم تركي الحمد وأمثاله الديمقراطية.

وقال عبدالله إبراهيم: "الأملط جت له الأوامر.. ياشيبة النخرة...ديموقراطيتنا المزيفة على حد قولك أفضل من تنمية زائفة وسط معدل بطالة عالي وضرائب تكسر الظهر وحريات معدومة".

وبين عبدالوهاب الدريس، أن الديمقراطية بحلوها ومرها أفضل مليون مرة من الديكتاتورية والمناشير ياصبي.

فيما أوضح حساب "نحو الحرية"، أن المطبات السياسية أمر طبيعي في بلد يعيش تجربته الديمقراطية ويشكل المواطنون فيه جزء لا يتجزء من الحكومة والسلطة النيابية، أما في حكم الفرد الواحد، فولي الأمر مطاع حتى لو تهاوت البلاد على رؤوس ساكنيها.

سخرية وتهكم

وتهكم ناشطون على تغريدات الحمد، إذ قال الصحفي السعودي المعارض تركي الشلهوب، "من عجائب الدنيا أن علماني ليبرالي ينتقد النظام الديمقراطي ويشوّه صورته".

ورد المغرد زيد السهيل على قول الحمد إنه في غنى عن ديمقراطية الكويت، قائلا: "لا يستطيع الإنسان أن يرفض إلا مايقدم له.. أنت تعلم ونحن نعلم أنها مو حاصلة لك، لذلك لا معنى لأن تكون في غنى عنها.. على العموم وإن كانت زائفة بنظرك فنحن نفتخر ونعتز فيها وهي وسام في صدر كل مواطن شريف (حٌر)".

ورد الصحفي سعيد توفيقي، على الحمد قائلا: "نعم نحن نتعثر في طريق الديمقراطية.. لكن المهم مشينا فيه.... لا نجبر حبايبنا في السعودية والخليج السير في هذا الطريق.. لكن على الأقل اغمض عينيك عنا.. أنت تراقبنا لأنك حاسدنا.. صدقني والله العظيم .. السير في طريق الديمقراطية ممتع لا يفهمه الآخرون".

وتعجب المغرد أحمد مزعل العنزي من تغريدة الحمد قائلا إنه لا يعلم إلى الآن ما هي الإنجازات الموجودة في السعودية والإمارات وعمان، وغير موجودة في الكويت.

وأضاف: " على العموم وإن كانت زائفة بنظرك فنحن نفتخر ونعتز فيها وهي وسام في صدر كل كويتي شريف".

واستنكر أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبدالله الشايجي، استمراء تركي الحمد وأمثاله "من مدعي الثقافة" وحملة الشهادات العليا التهجم على الكويت دون رد رسمي من الحكومة، منددة بتهجمه كعادته ومعايرته لديمقراطية الكويت رغم هامش الحرية بها.

وتوقع أن ينضم إليه آخرون للشماتة، متسائلا: "هل يعقل بروفيسور جامعي، يهوى لهذا القاع السحيق من الفكر والتشبيه؟!".