أخفاها ترامب.. هل تنزع إدارة بايدن السرية عن تسجيلات مقتل خاشقجي؟

أحمد يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

عندما سئلت مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية الجديدة ضمن إدارة الرئيس الجديد جو بايدن، عن إذا كانت "الفوضى التي مارستها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بشأن قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي ستنتهي عن قريب" أجابت آفريل هاينز: "بالتأكيد، سنلتزم بالقانون".

مع نهاية فترة ترامب، تجددت مطالبات تحقيق العدالة لمقتل خاشقجي، وتقديم  تقرير مفصل إلى الكونغرس عن حادث تصفية الصحفي السعودي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول يوم 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018.

أيضا تجددت المطالبات برفع الحجب عن التقارير السرية بشأن تفاصيل الجريمة وحامل وزرها، الموجودة بحوزة أجهزة الاستخبارات الأميركية، التي عمدت إلى طيها مسبقا بدعوى المحافظة على الأمن العام.

نزع السرية 

عبر تغريدة أطلقها على تويتر، يوم 22 يناير/ كانون الثاني 2021، طلب آدم شيف، رئيس لجنة المخابرات في مجلس النواب الأميركي، من مديرة الاستخبارات الوطنية أفريل هاينز، رفع السرية عن التقرير المتعلق بمقتل خاشقجي.

وقال شيف: "كان القتل الوحشي لجمال خاشقجي، يمثل اعتداءً وحشيا على حقوق الإنسان، ولمدة عام كامل رفضت إدارة ترامب نشر تقرير سري عن ذنب المملكة العربية السعودية". وأضاف: "لقد طلبت من المدير هاينز رفع السرية عن هذا التقرير، يجب أن تكون هناك مساءلة وعدالة".

وأكد: أن "أهمية قول الحقيقة ومواجهة النافذين بشأن سوء سلوكهم هو في صميم مخاوف الحزبين (الديمقراطي والجمهوري)، بشأن التأخير لمدة عام في إطلاع الكونغرس على تقرير يتعلق بمسؤولية السعودية في مقتل خاشقجي".

وأضاف أنه بالإمكان تحقيق ذلك برفع السرية عن ملحق تم توفيره للكونغرس في فبراير/ شباط 2020.

لا تزال تفاصيل جريمة قتل خاشقجي المروعة تمثل لغزا، فالرجل الذي عاش في أميركا منذ 2017 وكتب مقالات لصحيفة واشنطن بوست يطالب فيها بالإصلاح داخل المملكة العربية السعودية، أحدثت نهايته المأساوية واحدة من أكثر القضايا جدلا في السنوات الأخيرة. 

واعتمدت إدارة ترامب إستراتيجية سرية في التعامل مع التفاصيل الحساسة للجريمة، خاصة المعلومات التي حصلت عليها واشنطن من المخابرات التركية، وسط استنتاجات، تؤكد أن المخابرات المركزية الأميركية، تعلم أن العملية تمت بأمر مباشر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

ضغط متواصل

لم يكن طلب رئيس لجنة المخابرات في مجلس النواب الأميركي آدم شيف، هو الأول فيما يخص التقارير المتعلقة بمقتل خاشقجي، بل شهدت الآونة الأخيرة ضغطا متواصلا من جهات متعددة لإجبار الإدارة الأميركية على إظهار تلك الوثائق ضد النظام السعودي.

في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2020، أمر قاض فيدرالي في المنطقة الجنوبية من نيويورك، وكالة المخابرات المركزية (CIA)، ومكتب مدير المخابرات الوطنية (ODNI)، بشرح سبب حجب تقرير مكتوب عن مقتل الصحفي السعودي، بعد أن طلبت مجموعة حقوقية نشر الوثائق على الملأ.

وحسب وسائل إعلام أميركية، أصدر القاضي أمرا لصالح "مبادرة عدالة المجتمع المفتوح" الأميركية، والتي رفعت دعوى قضائية ضد وكالات الاستخبارات، بشأن قانون حرية المعلومات (FOIA).

وطلب القاضي الحصول على التقرير الأخير المكتوب بشأن مقتل خاشقجي، إلى جانب تسجيل مصور عن واقعة القتل، وهو ما كان بمثابة العبء على عاتق إدارة ترامب للاعتراف بأنها حجبت التسجيل وتقرير وكالة المخابرات المركزية، وكان عليها شرح سبب الحجب عن الجمهور.

وفي عام 2019 طلب الكونغرس من مدير الاستخبارات الوطنية تسمية من أمر بقتل خاشقجي، غير أنه قال إن "المعلومات يجب أن تبقى سرية لعدم إلحاق الضرر بالأمن القومي".

وفي 4 مارس/ آذار 2020، أعلن النائب بالكونغرس توم مالينوفسكي، الذي قاد حملة المطالبة بنشر التقرير، أن "إدارة ترامب لم تحاول حتى أن تثبت لنا أن هذا الأمر (النشر) يمكن أن يتسبب بهذا النوع من الضرر".

وأضاف: "ما يخشونه باعتقادي واضح للغاية، إنهم يخشون إحراج شخص يملك علاقة وثيقة مع الرئيس ترامب وإدارته"، وفي نفس السياق قال السيناتور الديمقراطي رون وايدن إنه "سيستند إلى فقرة من قانون صادر عام 1976 تسمح للجنة الاستخبارات، التي هو عضو فيها، بنزع السرية عن التقرير".

سياسة جديدة

تلك الجهود الحثيثة بالكونغرس لإصدار تشريع يضغط على السعوديين تراجعت مع توقيع ترامب صفقات بيع أسلحة للرياض بمليارات الدولارات، لكنها قد تعود بقوة مع ولاية إدارة بايدن، التي أظهرت حتى الآن عدم سلاسة فيما يتعلق بقضية خاشقجي.

بايدن صرح قبيل الانتخابات إنه سوف يعيد تقييم علاقة الولايات المتحدة بالسعودية، وأعلن في 2 أكتوبر/ تشرين الثاني 2020، عن دعمه للنشطاء والمعارضين والصحفيين السعوديين، قائلا إن الولايات المتحدة "لن تتحقق من قيمها عند بيع الأسلحة أو شراء النفط من المملكة" في إشارة منه أن تلك الصفقات لن تغني عن اتخاذ موقف ضد الانتهاكات الأخيرة. 

وفي 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، قال بايدن: "سيكشف للعالم الوجه الحقيقي للإدارة السعودية حال أصبح رئيسا لأميركا".

ومطلع يناير/كانون الثاني 2021، ذكر موقع "ذا هيل" الأميركي أن العلاقة بين ترامب والسعودية كانت مصدر توتر دائم بين البيت الأبيض والعديد من الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس، الذين انزعجوا من تورط المملكة في مقتل خاشقجي، ودعم البيت الأبيض للتحركات السعودية العسكرية في اليمن".

مضيفة: "وهو الأمر المستبعد أن يستمر مع الإدارة الأميركية الجديدة، التي ستتجاوز واقع المساومات الفجة التي سقطت فيها إدارة ترامب، وهو ما ظهر من خلال موقف رئيسة الاستخبارات الوطنية الأميركية آفريل هاينز، التي تعهدت بنشر ملف مفصل عن جريمة مقتل خاشقجي".

أوراق ضغط

في 16 ديسمبر/ كانون الأول 2020، كشفت شبكة "سي إن بي سي" عن بدء المملكة سياسات دعم لسياستها ومشروعاتها في الولايات المتحدة مستعينة بجماعات ضغط يمكنها التعامل بنجاح أكبر مع المشرعين الجمهوريين في الكونغرس.

وكشفت الشبكة عن عقد الرياض لاتفاقات جديدة في الفترة القصيرة السابقة لإعلان نتائج الانتخابات الأميركية وخلال الفترة الانتقالية. 

"سي إن بي سي" قالت، إنه مع وجود احتمال لعلاقة أكثر اضطرابا مع الولايات المتحدة "تبدأ السعودية حملة ضغط جديدة باستخدام علاقتها مع زعماء الحزب الجمهوري في الكونغرس"، وتستعين بهم لمجابهة أي تحرك مضاد محتمل في القضيتين الرئيستين، وهما حرب اليمن، ومقتل خاشقجي.

وحسب الشبكة الأميركية، فإن السعودية استعدت لعهد بايدن بمكاتب اللوبيات، ولجأت للتعاقد مع جماعات ضغط أميركية مقابل أموال طائلة، حيث وقعت مجموعة "لارسون شانيهان سليفكا" عقدا مجزيا مع السفارة السعودية بقيمة 1.5 مليون دولار لمدة عام واحد.

و"لارسون شانيهان سليفكا" هو مكتب علاقات عامة في ولاية آيوا، وبدأ العمل بموجب العقد في 1 ديسمبر/كانون الأول 2020، بعد أسابيع من إعلان فوز بايدن بالانتخابات.


المصادر