مركز دراسات تركي يستعرض أبرز أزمات الجيش العراقي منذ الغزو الأميركي
يعتبر الجيش والشرطة في أي دولة من أهم الهياكل المؤسسية التي تظهر فاعليتها بناء على قدرتها على ردع التهديدات الداخلية والخارجية وحل مشاكل الأمن الداخلي، كما أن لهما تأثير هائل على النظام السياسي وحماية الأمن والاستقرار الاقتصادي.
لكن المؤسسة الأمنية في العراق لطالما كانت ضحية لأنظمة سياسية حاولت استغلالها لمصالحها الخاصة طوال مرحلة البناء والتطوير، بحسب ما يقول مركز الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا".
وقد شهد العراق بعد عام 2003، تغييرات جذرية كانهيار نظام البعث الشمولي الذي حكم البلاد لمدة خمسة وثلاثين عاما بشكل تام،
وقال المركز التركي في دراسة له: "جاء نظام جديد وديمقراطي تماما بتوجهاته الأساسية السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أن هذا التغيير حدث بشكل مباشر من خلال تدخل عسكري خارجي - مع غزو الولايات المتحدة عام 2003 – اتخذ بعض القرارات دون النظر إلى واقع المجتمع العراقي وظروفه وخبرته التاريخية".
وكان أهم القرارات، إلغاء المؤسسات الأمنية القديمة وإقامة أخرى جديدة تفتقر مكوناتها وهيكلها ومنطقها للتوازن. وهكذا، أصبحت البلاد مركزا لجذب الإرهاب والتعصب والمسلحين في ظل عدم الاستقرار السياسي والتشرذم الاجتماعي والاقتتال الطائفي.
إنشاء الجيش
وأوضح الباحث العراقي في المركز عثمان رياض: "تفتقر عملية بناء مؤسسة عسكرية جديدة بعد عام 2003 إلى رؤية صحيحة ومهنية وعلمية تميز علم التنظيم العسكري بأسسه المعروفة".
فقد جرت الاستعدادات لجمع الأسلحة التي أمكن توفيرها في بداية التأسيس، وتم تعيين الضباط في رتب لا تتناسب مع استعداداتهم وخبراتهم العسكرية لرئاسة كل وحدة عسكرية.
ويرى رياض أن الهدف من ذلك واضح وهو استضافة ميليشيات الأحزاب السياسية والدينية من جهة، وإعداد الدعم المسلح لقوات التحالف في ذلك الوقت من جهة أخرى.
فقد واجهت وزارة الدفاع العراقية صعوبات جسيمة تؤثر على استقرار وأمن البلاد منذ إصدار الحاكم المدني الأميركي بول بريمر قراره بحل الجيش العراقي السابق وتسريح آلاف الضباط ذوي الخبرة. وكان هذا القرار من أعنف الضربات التي هزت الجيش وتسببت أضرار لا يمكن إصلاحها حتى اليوم.
من جهة أخرى، سمح بريمر بدمج عناصر الميليشيات الحزبية في الجيش الجديد، حيث كانت الفترة بين 2003-2008 صعبة للغاية من ناحية تشكيل الجيش العراقي.
فبعد قيام وزارة الدفاع بتجنيد المتطوعين وتدريبهم في الوحدات العسكرية والقوات المقاتلة، تم إرسالهم للاشتباك مع المسلحين والإرهابيين في ظل ظروف استثنائية وفي فترة زمنية قصيرة جدا.
جرى ذلك على الرغم من أن قدرات المتطوعين القتالية لم تكن بالمستوى المطلوب وكانوا يفتقرون إلى الخبرة الكافية للدخول في اشتباكات فعلية.
ومع أن الفترة التي سبقت انسحاب القوات الأميركية (2009-2011) شهدت استقرارا نسبيا في المجال الأمني، فإنه لم يجر تعزيز قدرات القوات المسلحة بشكل كاف لمواجهة التحديات الخطيرة في العراق برا وبحرا وجوا.
ولم تكن النخب السياسية أيضا حريصة على إعادة هيكلة الجيش بطريقة يمكّنها من الصمود أمام التهديدات بشكل يتوافق مع قدراته ومبادئه التأسيسية، وظلت البنية النهائية غير الواضحة للمذهب القتالي ونظامه على حالها، كما تم إهدار موارد هائلة.
ثبت ذلك من خلال أحداث عام 2014، عندما لم يستطع الجيش العراقي الذي كان قد تشكل حديثا أن يصد تنظيم الدولة بشكل كاف، عندما استولى الأخير على ثلث الأراضي العراقية.
وذكر معد الدراسة أن العراق واجه مشاكل في الحفاظ على الأمن والنظام في مدنه بالاعتماد على قواته فقط، بعد الانسحاب الكامل للقوات الأميركية. وترتبط هذه المشكلة بحقيقة أن القوات العراقية لم تكن الوحيدة التي تملك السلاح أو تستخدم العنف، إضافة إلى كونها ضعيفة للغاية وغير مؤهلة.
وقد كان التسيس المفرط للقادة العاملين في المجال الأمني أحد العوامل التي حولت المؤسسات الأمنية إلى هرم مقلوب. يقف في الجزء العلوي منه شريحة كبيرة من كبار القادة الذين يتنافسون على اقتناص فرص الفساد، فيما يوجد في الرتب الدنيا مجموعة محدودة من الضباط ذوي الرتب المنخفضة.
وكان من الواضح أن الهرم المقلوب لن يستمر على حاله طويلا، وبالفعل انهار هذا الهيكل بشكل سريع وكامل بعد قيام تنظيم الدولة بهجماته. وأثر الوضع في سوريا والأحداث في المنطقة وتدهور البيئة الأمنية من خلال الاستقطاب الشيعي السني أيضا على الجيش العراقي بشكل عام، بحسب المركز.
وكما نرى، فإن الغزو الأميركي لبغداد ومن ثم انسحابه حرم العراقيين من بناء أنفسهم، وأهدر جهودهم لخلق تصوراتهم الأمنية الخاصة بهم، وبالتالي أصبح الإرهاب العامل الأكبر الذي يقوض رؤية العراق وإمكاناته، يقول الباحث.
المشاكل الهيكلية
ترتبط المشاكل الهيكلية للتنظيم الأمني ببنية العراق بعد عام 2003 وما صاحبها من مشاكل مؤسسية تؤثر على مؤسسات الأمن والدفاع، بحسب المركز.
أولا.. خلل النظام السياسي: إذ كان هدف الأحزاب السياسية العراقية بعد عام 2003 يتمثل في محاولة السيطرة على النظام السياسي والدولة بدلا من العمل تحت سقفهما.
فقد لجأت القوى السياسية السنية والشيعية إلى استخدام الأسلحة لحل الاختلافات بدلا من حل النزاعات السياسية داخل الدولة. فيما لم يرغب الأكراد ببناء جيش قوي خوفا من أن يشكل خطرا عليهم.
ثانيا.. عدم وجود نهج عسكري: يعتبر التأسيس العشوائي للمؤسسة العسكرية في العراق، من أهم الأزمات التي ظهرت نتيجة لسوء إدارة الولايات المتحدة للعراق.
أما بعد عام 2003، فلم يكن للقوات المسلحة في العراق نهجا عسكريا متكاملا بسبب اختلاف موارد التدريب والتسليح. فلم تستطع القيادة السياسية والعسكرية حتى طرح نهج بسيط، حيث كان الغرض الأساسي من تأسيس الجيش، هو مقاومة العدو الداخلي بقيادة الإدارة الأميركية للمساعدة في مواجهة التهديدات.
ثالثا.. الطائفية والمقاربات غير المتخصصة: اعتبار الانتماء الطائفي في بناء الجهاز الأمني بغض النظر عن الجدارة والخبرة، أحد سلبيات تشكيل نظام القيادة وتوزيع المناصب في الجيش.
فقد انخرطت الانتماءات السياسية والطائفية في الجيش الذي يجب أن يتشكل ويكون فوق التيارات والاتجاهات السياسية. وبالمثل، كان لدمج الميليشيات في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية أثر سلبي كبير على مستوى الكفاءة والأداء.
وعلى الصعيد المهني، تكثفت جهود التدريب والتجنيد في عام 2005، وازدادت عمليات التجنيد لقوات الأمن العراقية في بداية عام 2007، ليتم تجنيد 14 ألف جندي للجيش العراقي كل خمسة أسابيع.
وفي غضون ست سنوات، كان حجم الجيش العراقي تضاعف أربع مرات، لكن عملية التوظيف السريع أثرت بشكل سلبي على الضباط.
ويعود ذلك إلى أن تدريب الضباط ذوي الرتب المتوسطة أو العالية يستغرق سنوات أو حتى عقودا. ولم يكن بالإمكان شغل المناصب الشاغرة حتى عام 2018.
لكن وعلى الناحية الأخرى تمت ترقية العديد من الضباط الذين طُردوا من الجيش سابقا إلى رتب عالية بعد الاحتلال ليتم تعيينهم في مناصب رفيعة الأمر الذي أثر على أداء الجيش والأجهزة الأمنية بشكل كبير.
رابعا.. مشكلة الهيكل التنظيمي والإداري: يعاني الجهاز الأمني العراقي من مشاكل في تنظيمه وهيكله الإداري وتسلسل القيادة الذي يجب أن يلتزم به الجهاز.
فقد تم نسخ النموذج التنظيمي للجيش الأميركي وتنظيم الهيكل التنظيمي لوزارة الدفاع العراقية وفقا للنظام الأميركي بعد غزو بغداد عام 2003، فيما كان الجيش العراقي يعمل وفق النظام البريطاني من 6 يناير/كانون الثاني 1921، وحتى التاسع من نفس الشهر لعام 2003.
ويلفت الباحث إلى أنه عند النظر إلى التسلسل القيادي للتنظيم الأمني، يظهر أن الهيكل التنظيمي للمؤسسة العسكرية مرهق من حيث الآلية وعدد مستويات القيادة. وهذا أدى إلى انخفاض في مرونة الحركة، وتداخل السلطات والصلاحيات، وإهدار الموارد المالية والبشرية.
من ناحية أخرى وبسبب كثرة مراكز القيادة، فقد ضعف نظام التحكم بالقيادة، وظهرت هياكل خارج النظام الأمني مثل الحشد الشعبي، والبيشمركة. ويقول المركز: "هذه التنظيمات تعمل بشكل منفصل عن وزارة الدفاع وتسبب مشاكل خطيرة فيما يتعلق بالتنسيق والتعاون".
خامسا.. عدم وجود إستراتيجية متكاملة للتسلح والتدريب العسكري: فشلت خطة التسليح التي أعدتها القوات المسلحة العراقية عام 2006 في القضاء على التهديدات القائمة، وهو ما كان أحد أهم المتطلبات الأمنية.
واستمر تهديد القوات المسلحة غير النظامية والمنظمات المسلحة والإرهابية على الأمن قائما، إضافة إلى أن الميليشيات المسلحة فاقت الجيش من حيث التسلح والاستخبارات.
وأشار الباحث رياض إلى أنه تم إنفاق ميزانية الدفاع على شراء معدات وأسلحة لم يكن الجيش بحاجة إليها خلال الحرب الأهلية. وشكل ذلك مشكلة حقيقية أثرت سلبا على بناء وأداء القوات المسلحة العراقية، إضافة إلى حدوث فساد مالي وإداري.
وبين أن عمليات التدريب والعمليات المصاحبة لبناء القوات المسلحة الجديدة مقسمة بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا وكندا وألمانيا وفرنسا والأردن وإيران وأوكرانيا. وقد أدى ذلك إلى تنوع مدارس التعليم وحرمان القوات المسلحة من نهج عسكري وطني وقواعد اشتباك متكاملة.
المشاكل التشغيلية
أولا.. عدم تكامل إمكانيات القوات المسلحة: لم تشكل الولايات المتحدة القوات الأساسية للجيش العراقي كالقوات الجوية والبحرية، كما لم تشكل أهم الطبقات الخدمية للجيش مثل المدافع والعربات المدرعة.
وكان الشيء الوحيد الذي فعلته هو إنشاء فيالق وألوية مجهزة بأسلحة خفيفة ومتوسطة بدون دعم إداري أو فني، مما أدى إلى عدم وجود قوى رادعة قادرة على الدفاع عن حدود الدولة في ظل عدم وجود قوة عسكرية ولوجستية كبيرة، بحسب الباحث العراقي.
كما كان ضعف جهاز الاستخبارات أحد الأسباب الرئيسة لتدهور النظام الأمني في العراق، فهو لم يستطع توقع الهجمات المستقبلية وطبيعة وحجم الهجمات المحتملة، وكيفية منعها أو تحييدها.
ثانيا.. تداخل الأدوار الوظيفية بين الجيش والأجهزة الأمنية: كان هناك خلط كبير بين المهام الأمنية والدفاعية بعد عام 2003، حيث جرى إرسال الجيش لعمليات أمنية داخل المدن قبل انسحاب الجيش الأميركي، لكنه بقي في ثكناته حتى بعد انسحاب قوات واشنطن في عام 2011، يقول المركز.
ويتابع: "أثر هذا بشكل كبير على الحكومات المحلية. فعلى الرغم من زيادة عدد القوات الأمنية التابعة للجيش والشرطة وتضخيم ميزانياتها بشكل كبير، لم يتم توفير الأمن في البلاد".
وهكذا أدى تحول الجيش العراقي من جيش يقف ضد التهديدات الخارجية إلى آخر يؤدي مهام الأمن الداخلي إلى وقوع صراعات داخلية. ونفذ الجيش مجازر بحق المدنيين والمتظاهرين مما أدى إلى فقد الجيش لطابعه "الوطني".
ثالثا.. الموارد اللوجستية: لم يتمكن النظام الإداري من توفير الدعم اللوجستي بسبب الفساد المالي والإداري المتفشي. كما جرى إلغاء مشاريع جديدة متعلقة بإنشاء القوات الجوية ووحدات المدفعية والخدمات اللوجستية والاستخبارات والاتصالات والوحدات الطبية.
رابعا.. زيادة المصروفات: تشمل النفقات الدفاعية مصروفات لمنظمات أخرى مثل منظمة مكافحة الإرهاب المكونة من 12 ألف شخص، ومنظمة الحشد الشعبي المكونة من أكثر من 122 ألف شخص (منذ 2016) ومجلس الأمن القومي.
كما تغطي نفقات وزارة الداخلية، حيث تهدف هذه المنظمة إلى القيام بعمليات عسكرية من جهة، ومحاربة الإرهاب من جهة أخرى.
خامسا.. التحديات الجغرافية: يلعب الموقع الجغرافي دورا مهما في ترسيخ النهج العسكري للدولة.
فمن أجل ضمان الأمن القومي للدولة، فإن امتلاك السيادة الكاملة ضد كل أنواع الضغوط والتدخلات الأجنبية تحدد حجم ونوعية القوات المسلحة. ومع ذلك، فقد أثار الموقع الجغرافي للعراق مشاكل في بناء النظام العسكري.
وحقيقة أن العراق يملك حدودا طويلة يجعل مهمة الدفاع عن أراضيه صعبة، كما أن هناك العديد من المشاكل الحدودية والنزاعات حول الموارد المائية مع الدول المجاورة.
فيما تشكل الجماعات الإرهابية الموجودة في المناطق الجبلية والصحاري الشاسعة واحدة من العوامل التي تضيف مخاطر جسيمة على الأمن القومي وسلامة أراضي البلاد.
الحشد وإقليم كردستان
أولا.. الترابط التنظيمي والإداري: يعرّف الخبير في شؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي، الحشد الشعبي على النحو التالي: "جماعة تتكون من فصائل مسلحة مختلفة من حيث النواحي المذهبية والعرقية والسياسية والمالية والعسكرية".
ويوضح الهاشمي أنها منظمة غير نظامية تضم تيارات ومدارس مختلفة من المدارس العسكرية والشرطية العراقية وتستخدم خبرات قتالية مختلفة".
وبدوره، يقول الباحث رياض إن الحشد أيضا جماعة تضم فصائل مختلفة من الأقليات في مناطق الشيعة والسنة وشمال العراق.
ويستطرد: عندما ننظر إلى الهيكل التنظيمي للحشد الشعبي، نرى أنها منظمة متكاملة وظيفيا وإداريا من حيث وجود العديد من الأشكال القتالية والاستخباراتية المختلفة والانتشار الجغرافي الواسع.
وهذا يدل على أنها منظمة مستقلة تماما عن قرارات الأجهزة الأمنية الرسمية، وأن ارتباطها الوحيد هو مع رئيس الوزراء من خلال رئيس الحشد الشعبي.
لذا فهي تواجه التحديات التالية: تمتلك القوات المسلحة العراقية النظامية نهجا عسكريا يختلف عن نهج الحشد الشعبي في الحرب. لذلك من الصعب دمج الحشد الشعبي فيها وضمان نزاهة صنع القرار العسكري الكامل داخل هذا النظام.
ثانيا.. عدم وجود تنظيم لأعضاء الحشد الشعبي: معظم الأشخاص الذين ينضمون إلى قوات الحشد الشعبي هم مجموعات شابة متحمسة تجتمع طواعية لمواجهة خطر وصول تنظيم داعش إلى وسط وجنوب العراق.
ولا يملك الضباط ذوو الرتب المتوسطة داخل الحشد الشعبي خبرة أو تدريب كافيين، يقول المركز.
ثالثا.. عدم وضوح دور قوات الحشد الشعبي
وفي قضية أخرى، يشير المركز إلى أن إحدى المشاكل التي تواجه المنظمة الأمنية العراقية هي التحديات التي تظهر في سياق العلاقات العسكرية والأمنية مع إقليم كردستان.فلا تزال الخلافات مستمرة بين حكومتي بغداد وأربيل حول حدود الولاية القضائية والسيطرة على المناطق المتنازع عليها.
ونظرا لأن "كردستان العراق" هو الإقليم الوحيد حاليا في النظام الفيدرالي، فقد ظهرت مشاكل في تنفيذ التفويضات الأمنية كما ظهرت صراعات بين الحكومة الفيدرالية وإدارة أربيل.
الخلاصة والنتيجة
ويختم رياض بالإشارة إلى النقاط المهمة في البحث قائلا: ألغت الولايات المتحدة المؤسسات القائمة بعد غزوها في عام 2003، ثم وضعت دستورا عراقيا جديدا في عام 2015 بالتعاون مع الجهات المحلية التي شكلتها ضد نظام البعث.
وتم إجراء تغييرات جذرية مهمة في البلاد، والتي تؤثر بشكل خطير على الهيكل السياسي والإداري للدولة بشكل عام، والبيروقراطية الأمنية والبنية المؤسسية بشكل خاص مع الدستور الجديد.
ويستدرك: ومع ذلك، تسببت التغييرات الجذرية التي تم إجراؤها في ظل الاحتلال الأميركي في ظهور مشكلة الشرعية وفشلت في تقديم نموذج يتوافق مع واقع البلاد.
وقد كان لتفكك الجيش والأجهزة الأمنية أيضا أثر سلبي على عملية السيطرة العسكرية ومستويات القيادة. ولم تستطع المؤسسة العسكرية والأمنية العراقية اكتساب هوية يمكن أن تمثل الشعب العراقي بأكمله في ظل اختلاف التوازنات العرقية والطائفية في البلاد.
ويبدو أن البيروقراطية الأمنية لم تتمكن من الابتعاد عن الصراعات السياسية داخل المؤسسة وبين السلطة السياسية والشعب.
فلا تزال مشكلة تقسيم الأدوار والمهام (تقاسم السلطة) بين وزارتي الدفاع والداخلية تمثل قضية أمنية إستراتيجية. لذا ومن أجل تحسين هذا الوضع، هناك حاجة إلى حل جاد وواقعي لتحديد أدوار ومسؤوليات كل وزارة.
كما يستمر الصراع بين حكومتي بغداد وأربيل بشأن سلطات وصلاحيات قوات الحكومة الفيدرالية العراقية في المنطقة، ولا تزال آلية التعاون الأمني والعسكري في المناطق المتنازع عليها غير مؤكدة. لهذا يحتاج الجهاز الأمني العراقي إلى إعادة تنظيم شامل لإعادة الهيكلة ومعالجة المشاكل القائمة، ينوه المركز.
ويضيف أنه "يجب بناء آلية رقابة مدنية أيضا لمكافحة الفساد في البيروقراطية الأمنية، كما أن هناك حاجة لتشريعات قانونية لحماية المؤسسات الأمنية من تأثير الأحزاب السياسية ووضع إستراتيجية أمنية منفتحة وشاملة بمشاركة كافة شرائح المجتمع العراقي".
ومن جهة أخرى، يجب أن يكون الجيش مجهزا بأفضل الأسلحة والمعدات في إطار نهج وطني متخصص لسد النقص في الإعداد والتدريب والتأهيل وفق برامج علمية قوية، وذلك للدفاع عن أمن المواطنين العراقيين ووحدة أراضي البلاد دون الحاجة إلى القوات الأجنبية.
وإضافة إلى ذلك يجب مراجعة إستراتيجيات التسلح والتدريب وسد النقص، ومن الضروري إعادة تحديد الأهداف والغايات والواجبات والمسؤوليات.
كما من الواجب إدخال عناصر الحشد الشعبي بما في ذلك هيكل القيادة في جميع أنحاء العراق، تحت مظلة الجيش، لإنهاء الهيكل المزدوج في البلاد، وفق تقدير المركز.