تشعل الخلاف مع قطر.. هكذا تدفع أبوظبي المنامة لإفساد المصالحة الخليجية

12

طباعة

مشاركة

بينما يكثر الحديث عن قرب انتهاء الأزمة الخليجية، وإسدال الستار على الخلافات في قمة الرياض المقررة 5 يناير/كانون الثاني 2021، تتصاعد حدة التوتر بين البحرين وقطر.

ورغم تزايد فرص حل الخلافات سلميا بين البلدين، فإن الإمارات من جانبها تمارس دورا سلبيا من خلال وسائل إعلامها ومغرديها على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يزيد من تعقيدات الأزمة، وصب الزيت على النار.

وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي "أنور قرقاش"، غرد على تويتر قائلا: "نعرف، ونثق، بأن البحرين الشقيقة أول من يراعي حقوق الجار ويحترمها، وأن المنامة بعراقتها هي سيدة الأعراف في التعامل الحكيم واللائق، وأنها لا ترضى أن يكون التجاوز، أيا كان، من جهتها. سنة سنّتها البحرين والتزمت بها قيادتها، فكسبت الاحترام وثقة جيرانها".

البعض فسر موقف الإمارات بأنه يهدف لدفع البحرين لإفساد مساعي المصالحة الخليجية، وحسب ما نشر موقع "بلومبيرغ" الأميركي في تقريره يوم 3 ديسمبر/كانون الأول 2020، فإنه من المرجح أن تستمر أبوظبي في مقاومة أي حل وسط مع قطر، وترفض أي وعود من جانب الدوحة باعتبارها غير صادقة.

تضيف الصحيفة الأميركية، أن الإماراتيين سوف يجادلون بأن قطر قد انضمت إلى تركيا في بناء كتلة إقليمية، على خلاف مع كل من المعسكرين الموالي لإيران والموالي لأميركا.

اختراق الأجواء

تصاعدت الأزمة بين قطر والبحرين في 24 ديسمبر/كانون الأول 2020، عندما أعلنت الدوحة أنها أبلغت الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي أن 4 طائرات عسكرية بحرينية اخترقت أجواءها في التاسع من نفس الشهر.

وأوضحت مندوبة قطر الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة "علياء أحمد بن سيف آل ثاني"، أن تلك الخروقات التي تقوم بها طائرات عسكرية بحرينية ليست الأولى، بل تكررت بشكل لا يمكن السكوت عليه.

وأضافت في رسالة وجهتها لكل من الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" ورئيس مجلس الأمن الدولي "جيري ماتجيلا" أن بلادها تمارس أعلى درجات ضبط النفس مع احتفاظها بحقها الكامل في الرد على أي انتهاكات تجري في مجالها البحري والجوي، في حال لزم الرد، حفاظا على أمنها القومي.

بدورها، نفت البحرين تلك الاتهامات جملة وتفصيلا، وقالت وزارة خارجيتها: إن "تلك الادعاءات غير مسؤولة وعارية عن الصحة ولا تمت للحقيقة بصلة".

وأوضحت الخارجية البحرينية، في بيانها يوم 24 ديسمبر/كانون الأول 2020، أن طائرتي إف 16 بحرينيتين، وطائرتين أميركيتين من نفس النوع كانت تحلق ضمن تمرين جوي مشترك، واندمجت في تشكيل واحد، وعبرت أجواء السعودية في اتجاه الشرق استعدادا للهبوط بقاعدة "عيسى" الجوية.

وأضافت: أن "هذا المسار يعد الممر الجوي للخروج من منطقة التدريب والدخول إلى أجواء مملكة البحرين، ولم يتم خلال رحلة العودة التحليق على الأراضي القطرية، ولم يتم استخدام المجال الجوي القطري، وإن سلاح الجو الملكي البحريني يتوخى الدقة والحرفية أثناء تنفيذ جميع الطلعات الجوية لضمان عدم الاقتراب من حدود الدول الأخرى".

أزمة القوارب

سبق هذه الأزمة، احتجاز قوات خفر السواحل القطرية زورقين في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، حيث قالت الدوحة: "إنهما دخلا إلى مياهها الإقليمية بطريقة غير مشروعة، قبل أن تسمح بمغادرتهما عقب ذلك".

وقالت الوزارة في بيان عبر حسابها بتويتر: "دوريات أمن السواحل والحدود استوقفت زورقين بحرينيين بعد رصدهما داخل المياه القطرية دون إخطار مسبق"، مضيفة: أنه "تم التواصل مع غرفة العمليات بالبحرين، للحصول على تفسير لذلك، لكن تعذر الأمر قبل أن يوضح قائد زورق أنه فقد الاتصال بقياداته".

من جانبها، نفت الداخلية البحرينية الرواية القطرية، وقالت في بيان: "ما حدث من جانب دوريات أمن السواحل والحدود القطرية، ضد الزورقين البحرينيين في عرض البحر، بدأ باستجابة الزورقين وانتهى بالاعتراض، ومن ثم احتجازهما والتهديد باستخدام السلاح، ومنعهما من الاتصال بغرفة العمليات، دون اعتبار لتبعيتهما لخفر السواحل البحريني كجهة رسمية".

وتابعت: "الزوارق القطرية، لم تكن تحمل أي علم أو هوية، وفق الأعراف الدولية، في حين كان الزورقان البحرينيان، يحملان علم مملكة البحرين وشعار وزارة الداخلية".

وفي 15 ديسمبر/كانون الأول 2020، أصدر "مجلس النواب البحريني" بيانا حادا استنكر فيه ما قامت به دوريات خفر السواحل القطرية، وما اعتبره "انتهاكا لحقوق الصيادين والبحارة البحرينيين، وملاحقتهم واعتقالهم، وقطع أرزاقهم ومصادرة ممتلكاتهم، أثناء قيامهم بممارسة مهنة الصيد في مناطق مختلفة من المياه الإقليمية للبحرين"، حسب البيان.

يذكر أن نزاعا حدوديا استمر لسنوات بين البحرين وقطر على المياه والجزر الصغيرة، قبل أن يتم حله من قبل محكمة العدل الدولية عام 2001، ومع هذا واصلت الدولتان تبادل الاتهامات حول خرق الحدود وتوقيف صيادين.

وتتهم البحرين، قطر بأنها ما زالت تحتجز 47 قاربا للصيد، غير أن الخلاف حاليا أخذ طابعا مختلفا، حيث يعيش البلدان توترا سياسيا منذ أن كانت البحرين أحد رباعي دول الحصار الذي فرضته كل من الإمارات والسعودية ومصر على قطر صيف 2017.

اتفاق الرياض

من جانبه أوصى مجلس النواب البحريني بعدم التصالح مع الدوحة، قبل حل هذه المسائل بالتفاوض، حتى تعود الأمور إلى طبيعتها، حفظا لحقوق الصيادين، كما طالب بتمسك الجميع باتفاق الرياض الذي يحفظ حقوق جميع الموقعين عليه، ومن ضمنها قطر.

وإثر وساطة كويتية، وقعت "قطر" اتفاق الرياض مع دول الخليج في 2013، ثم الآلية التنفيذية والاتفاق التكميلي في 2014، ونصت الاتفاقيات على التزام قطر بعدم دعم وتمويل الإرهاب.

ووفق وثائق، نشرتها صحيفة الشرق الأوسط السعودية في 10 يوليو/تموز 2017، "تعهدت الدوحة بالالتزام بعدم دعم تنظيم الإخوان المسلمين أمنيا أو سياسيا أو بأي طريقة كانت، وإخراج أعضاء التنظيم غير القطريين من البلاد، وعدم تجنيس المواطنين بهدف التأثير السياسي، إضافة إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج".

وأظهرت الوثائق توقيع "قطر" على عدم دعم أي فئة في اليمن تشكل خطرا، والالتزام بإغلاق المؤسسات التي تدرب وتؤهل المعادين لدول الخليج.

كما أظهرت تعهد أمير قطر خطيا بوقف دعم الإعلام المعادي لدول الخليج، ومنع المنظمات المعادية من اتخاذ بلاده منطلقا للهجوم، والالتزام بالتوجه الجماعي للسياسة الخليجية الخارجية.

وأكدت "الاتفاقيات" أنه في حال عدم التزام "قطر" فلبقية دول مجلس التعاون الخليجي اتخاذ ما تراه مناسبا لحماية أمنها واستقرارها، وفق ما نشرته الصحيفة.

فرص الحل

ورغم تصاعد حدة التوترات بين "الدوحة والمنامة"، إلا أن حل الأزمة الخليجية المستمرة منذ يونيو/حزيران 2017، ما يزال خيارا مطروحا من قبل جميع الأطراف، عبر مصالحة تقودها الكويت والولايات المتحدة.

كان وزير الخارجية الكويتي الشيخ "أحمد ناصر الصباح" أعلن في وقت سابق من ديسمبر/كانون الأول 2020، خلال كلمة أذاعها التلفزيون الكويتي أن "محادثات مثمرة" جرت بوساطة كويتية وأميركية لحل الأزمة بين قطر والبحرين والسعودية، الإمارات العربية المتحدة ومصر.

وقال وزير الخارجية السعودي الأمير "فيصل بن فرحان" في 4 كانون الأول/ديسمبر 2020، خلال الجلسة الأولى لحوار المنامة: إن حلفاء بلاده "على نفس الخط" فيما يتعلق بحل الأزمة الخليجية.

ومن المتوقع التوصل إلى اتفاق نهائي، في القمة الخليجية بالرياض يوم 5 يناير/كانون الثاني 2021، والتي يحضرها أمير قطر الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني"، وهو ما يعد مؤشرا على التقارب، بحسب (فرانس 24).

وفي مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي في "موسكو" 23 ديسمبر/كانون الأول 2020، قال وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني: "لن يخرج أي طرف من هذه الأزمة بانتصار"، مضيفا: "سنخرج جميعا منتصرين فقط في حال إيجاد الحل وإعادة بناء الثقة".

من جانبها، دعت البحرين في نفس اليوم إلى حل النزاعات الإقليمية "بالطرق السلمية"، وأكد مجلس الدفاع الأعلى في بيانه عقب جلسة ترأسها الملك "حمد بن عيسى آل خليفة" على "ضرورة إنهاء الصراعات والنزاعات الإقليمية بالطرق السلمية".

في حين دعت الحكومة البحرينية قبلها بيومين إلى التفاوض الثنائي المباشر مع قطر، للتوصل إلى اتفاق بشأن الأزمة بين البلدين، وقالت وسائل إعلام بحرينية: "إن مجلس الوزراء شدد خلال جلسته الأسبوعية، على أهمية التفاوض المباشر مع الدوحة، للوصول إلى حل بشأن الصيادين، وفق ما هو متعارف عليه منذ عقود".