"النسخة الخاصة".. لماذا تعمل آبل على محرك بحث بعيدا عن غوغل؟
تستخدم شركة آبل نتائج من محرك البحث غوغل في منتجاتها، لكنها ربما تعمل حاليا على بديل خاص بها، حسبما أكد تقرير نشرته مؤخرا صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
تكثف آبل جهودها لاستبدال بحث غوغل على أجهزتها، وبالطبع لن يكون المحرك الخاص بآبل مثل محركات البحث التقليدية، بل سيتم تضمينه في كافة منتجات الشركة وسوف يكون بمثابة مركز بحث مخصص.
في أحدث إصدار من نظام تشغيل آيفون "آي أو إس 14"، بدأت شركة آبل في عرض نتائج من محرك البحث الخاص بها، ما يعد تقدما مهما في التطوير الداخلي لشركة آبل، ودخول حلبة المنافسة الشرسة مع غوغل.
الجهات التنظيمية والرقابية في العديد من البلدان بدأت بالتحقيق في الصفقات التي تُجريها الشركات بغرض الاحتكار، خاصة في الجزء الخاص بمحركات البحث، ويبدو أن آبل أرادت أن تكون بمنأى عن كل تلك الاتهامات، بامتلاكها النسخة الخاصة بها.
تحضير البديل
تقرير فايننشال تايمز أكد وجود أدلة متزايدة على جهود آبل لتطوير محرك البحث الخاص بها، مشيرا إلى أن آبل تكثف جهودها لتطوير قدراتها في محرك البحث.
ووفقا للتقرير، "بدأ أحدث إصدار لنظام التشغيل من آيفون iOS 14، في إظهار نتائج البحث الخاصة به والربط مباشرة بمواقع الويب عندما يكتب المستخدمون استعلامات البحث مباشرة من الشاشة الرئيسية".
ويضيف هذا السلوك إلى الأدلة المتزايدة، وفقا للتقرير، على أن شركة آبل تعمل على بناء منافس لبحث غوغل، بما في ذلك توظيف آبل لجون كيانندريا، رئيس البحث في غوغل، منذ أكثر من عامين.
كان غوغل محرك البحث الافتراضي لآيفون لأكثر من عقد من الزمان، وأفادت تقارير أن غوغل تدفع لشركة آبل ما بين 8 مليارات و 12 مليار دولار سنويا مقابل صفقة محرك البحث المعرضة للحظر من قبل وزارة العدل الأميركية.
ففي 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، أقامت وزارة العدل الأميركية دعوى ضد غوغل المملوكة لـ"ألفابت (شركة أميركية تأسست في أغسطس/آب 2015 وتقع في كاليفورنيا، وتعد الشركة القابضة لغوغل ومجموعة من الشركات الأخرى)"، معتبرة أن الشركة البالغ قيمتها تريليون دولار تستخدم قوتها السوقية لردع المنافسين.
دعوى وزارة العدل لمكافحة الاحتكار طال انتظارها ضد غوغل، بسبب هيمنتها على البحث، زاعمة أن غوغل "حافظت بشكل غير قانوني على الاحتكارات من خلال ممارسات مانعة للمنافسة وإقصائية في أسواق إعلانات البحث، والبحث".
تشكل الدعوى التي شاركت فيها 11 ولاية، أكبر قضية لمكافحة الاحتكار في 3 عقود، إذ لا تضاهيها إلا الدعوى القضائية التي أقيمت ضد شركة مايكروسوفت في 1998 وقضية في عام 1974 ضد "إي.تي.آند.تي".
يأتي هذا في وقت تستحوذ فيه الشركة على ما لا يقل عن 75% من سوق الإعلانات عبر الإنترنت. وتقول فايننشال تايمز: إن دعوى مكافحة الاحتكار تلك دفعت شركة آبل إلى بدء العمل على محرك البحث الخاص بها بشكل أكثر إلحاحا.
الرئيس الهندسي السابق لشركة غوغل، بيل كوغران، قال لصحيفة "فاينانشال تايمز" الاقتصادية: "آبل لديها فريق موثوق يمتلك الخبرة والعمق، لبناء محرك بحث أكثر انتشارا. إعلانات الوظائف المتكررة من آبل لمهندسي البحث لا تفتقر إلى الطموح، وتدعو المرشحين إلى تحديد وتنفيذ بنية تقنية رائدة للبحث من آبل".
يشير خبراء التسويق عبر البحث أيضا إلى زيادة النشاط من برنامج "آبل بوت"، الذي استخدمه صانع آيفون في السابق، والذي يستخدم لبناء قاعدة بيانات واسعة من المواد عبر الإنترنت التي تشكل أساس أي محرك بحث.
فشل سابق
منذ عامين ونصف، وظفت شركة آبل رئيس قسم البحث في غوغل، جون جياناندريا، حيث بدا التوظيف ظاهريا لتعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي ومساعد "سيري" الافتراضي الخاص به، لكنه جر معه 8 سنوات من الخبرة في تشغيل محرك البحث الأكثر شهرة في العالم.
لقد حاولت آبل تاريخيا امتلاك والتحكم في أهم مكونات منتجاتها، بدءا من الشرائح المخصصة التي تشغل كل شيء، وحتى ملحقات آيفون، AirPods وWatch الخاصة بها، وحتى التكامل الوثيق بين البرامج والأجهزة.
ومع ذلك، فإن شركة آبل ظلت مرتبطة بغوغل كمحرك البحث الافتراضي لآيفون، لأكثر من عقد من الزمان، والآن لدى آبل حافز متزايد لتغيير ذلك، حيث يجبرها المنظمون على الاختيار بين الدفاع عن علاقتها مع غوغل أو الانقلاب على شريكها في البحث.
الرئيس المشارك لممارسة مكافحة الاحتكار العالمية في شركة المحاماة كليفورد تشانس ومساعد المدعي العام السابق بالإنابة في وزارة العدل، شاريس بوزن، قال: إن القضية ضد غوغل "تفتح جبهة أخرى لشركة آبل" إلى جانب المعارك القانونية مع Epic Games وآخرين حول دورها كبوابة متجر التطبيقات".
وأضاف: أن وزارة العدل قد تطالب بإنهاء الاتفاقية الحصرية، ما يسمح للمستخدمين بالوصول إلى باقي إعدادات البحث الافتراضية بشكل متساو.
لقد تعثرت آبل في إنشاء منافس لغوغل من قبل. عندما تم إطلاق خرائط آبل لأول مرة عام 2012، كانت عرضة للأخطاء لدرجة أن سكوت فورستل، أحد كبار مساعدي الشركة اضطر إلى الاستقالة. لكن مع ذلك تبقى آبل واحدة من الشركات القليلة التي لديها الموارد لفهرسة الويب من البداية.
مكانة آبل فريدة جدا لأنها تمتلك آيفون و"آي أو إس"، كما تتمتع بالقدرة على جمع البيانات والتعلم من سلوك المستخدم على نطاق واسع.
كوغران وهو أحد رجال الأعمال الذين استثمروا 35 مليون دولار في شركة "نيفا"، قال: "بعد أكثر من 20 عاما من تأسيس غوغل، فإن بناء محرك بحث اليوم لا يزال صعبا للغاية من الناحية الفنية".
مضيفا: "لكنه ليس بالصعوبة التي كانت عليه من قبل. ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى البنية التحتية الأرخص للحوسبة السحابية والأدوات مفتوحة المصدر المتاحة لكل من آبل والشركات الناشئة مثل نيفا".
سريدهار راماسوامي، نائب الرئيس الأول للإعلانات والتجارة فى غوغل وأحد أهم الأشخاص المسؤولين عن نجاح غوغل في عالم الإعلانات والذي غادرها قبل نحو عامين، وبعد 15 سنة من العمل، أكد أن الحجم الهائل للمشكلة "مروع".
راماسوامي قال: "يجب أن يحتوي فهرس أي محرك بحث معقول على 20 إلى 50 مليار صفحة في فهرسها النشط. عندما يقوم المستخدم بإجراء استعلام، يجب على نظام الاسترجاع أن يدقق في مجموعات ضخمة من البيانات ثم يقوم بترتيبها بالمللي ثانية. لا يزال بعض المراقبين يرفضون فكرة قيام شركة آبل بإنشاء منافس بحث كامل لغوغل".
وقال دان وانج، الأستاذ المساعد في إدارة الأعمال في كلية كولومبيا للأعمال: إنه سيكون من "الصعب للغاية" على آبل اللحاق بالركب. مضيفا: "تأتي ميزة غوغل من الحجم، حيث تساعد تعليقات المستخدمين اللانهائية على ضبط النتائج وتحديد مجالات التحسين".
وتابع: "تتلقى غوغل مئات الملايين من الاستعلامات كل دقيقة من المستخدمين في جميع أنحاء العالم - وهذه ميزة هائلة عندما يتعلق الأمر بالبيانات".