رب ضارة نافعة.. هكذا عززت قطر قوتها البحرية بعد أزمة الحصار الرباعي

أحمد يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

في 5 يونيو/ حزيران 2017، بدأ الحصار الخانق على الدوحة من قبل الرباعي السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر، وانعكست آثاره على إستراتيجية قطر التي قررت تعزيز قوتها المسلحة لمجابهة الأخطار المحتملة.

سعت الدوحة تحديدا إلى تطوير القوات البحرية الأميرية، من خلال البدء في صناعة سفن حربية، والتعاقد على صفقات ضخمة وأسلحة حديثة، تضمن لها تفوقا عسكريا، وقدرة على ردع الخصوم المتحفزين.

كانت قطر تمتلك قوة بحرية صغيرة نسبيا يبلغ قوامها نحو 3 آلاف شخص، مع خطط لرفع تعدادها إلى 7 آلاف بحلول 2025، وتحتل قطر المرتبة الـ31 عالميا والمرتبة الأولى خليجيا من حيث عدد القطع في قواتها البحرية، حيث تملك نحو 80 قطعة بحرية، وفق موقع "جلوبال فاير باور" المتخصص في رصد القدرات العسكرية حول العالم.

غواصات تكتيكية

في 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، كشفت مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية، المعنية بشؤون الاستخبارات، عن استحواذ شركة الدفاع القطرية العملاقة المملوكة للدولة "برزان القابضة"، على حصة من أسهم الشركة الإيطالية الصغيرة "جي إس إي تريست GSE Trieste".

ووصفت "إنتيليجنس أونلاين" الصفقة  بالإستراتيجية بالنسبة لقطر، حيث تبني "جي إس إي تريست" غواصات تكتيكية صغيرة تستخدمها "قيادة العمليات الخاصة الأميركية (USSOCOM)" وقوات العمليات الخاصة الأخرى على نطاق واسع.

كما أكدت أن الدوحة طلبت شراء 4 من تلك الغواصات، والتي قد تساهم في تغيير قواعد اللعبة بالخليج العربي، حيث يمكن زرع الألغام بواسطتها، وهي إمكانية تمثل تهديدا كبيرا لجيران قطر المشاركين معها هذا الممر البحري الذي تستخدمه الناقلات العملاقة باستمرار. 

جاءت هذه الصفقة، ضمن سلسلة من الصفقات عززت بها روما والدوحة علاقتهما الدفاعية بشكل كبير في الآونة الأخيرة، خاصة في المجال البحري.

وحسب المجلة الفرنسية، وقعت شركة بناء السفن الإيطالية "فينكانتييري Fincantieri"، في يناير/ كانون الثاني 2020، مذكرة تفاهم جديدة مع قطر لبناء سفن جديدة، وبناء قاعدة بحرية، وتوفير الأمن السيبراني، وغيرها من الخدمات المتطورة. 

وذكرت أن هذه الصفقات تمت في أعقاب صفقة أخرى بقيمة 5 مليارات يورو كانت قد أبرمتها شركة "فينكانتيري" مع قطر عام 2017 لشراء 7 سفن حربية جديدة. 

كما ذكرت مجلة "فوربس" الأميركية، في 4 فبراير/ شباط 2020، أن قطر "ستصبح أول دولة خليجية تقوم بتشغيل غواصات وحاملة طائرات، بعد أن وقعت صفقة مع شركة الدفاع الإيطالية العملاقة (فينكانتيري) لبناء سفن حربية وغواصات متطورة، وإنشاء قاعدة بحرية خارجية".

تنامي العلاقات العسكرية جاء في وقت تتناغم فيه مواقف الحكومتين الإيطالية والقطرية بشأن ليبيا وقضايا إقليمية أخرى، لا سيما أزمة حصار قطر التي بدأت في يونيو/ حزيران 2017، ما جعل قطر تفتح جبهات متعددة لتوسيع ترسانتها العسكرية، وتحديدا قوتها البحرية.

فرقاطة الدوحة 

"لا تريد أن تلقي العبء كله على عاتق أصدقائك وحلفائك… عند مرحلة ما ينبغي أن تقف وتدافع عن نفسك"، رسمت هذه الكلمات لوزير الدولة لشؤون الدفاع القطري، خالد العطية، منهجية بلاده في خلق قوة عسكرية لنفسها، تحميها من الأخطار الخارجية المحدقة بها، في ظل منطقة مستعرة بالمؤامرات والصراعات.

تعزيز القوة العسكرية للدوحة، لم يتم بمعزل عن أنقرة، الداعم الأول لقطر في أزمة الحصار، لذلك كانت تركيا حاضرة بقوة في صفقات الأسلحة القطرية الأخيرة، المتعلقة بتطوير القوات البحرية.

في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، تسلمت قطر فرقاطة تحمل اسم "الدوحة"، وهي واحدة من سفينتين تصنعهما شركة تركية بإشراف وزارة الدفاع التركية ورئاسة الصناعات الدفاعية، والفرقاطة تعد من أكبر سفن التدريب العسكري في العالم.

وجرت مراسم تسلم السفينة في مرفأ السفن في "توزلا" (إحدى ضواحي إسطنبول)، بحضور وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري خالد بن محمد العطية، ووزير الدفاع التركي خلوصي أكار. 

وقالت وكالة الأنباء القطرية: إن "السفينة تعد من أكبر سفن التدريب في العالم، حيث لها قدرات تدريبية عالية ستسهم في تعزيز القدرات التدريبية للقوات البحرية القطرية"، وتحمل السفينة اسم "كيو تي إس 91 (QTS91) الدوحة".

وفي معرض ومؤتمر الدوحة للدفاع البحري "ديمدكس 2018"، الذي أقيم في مارس/ آذار 2018، أبرمت قطر مع شركة "الأناضول" التركية اتفاقية تنص على بناء 4 سفن تدريب، إضافة إلى واحدة ثانية تم توقيعها مع جامعة "بري ريس" التركية لتشغيل وإدارة الكلية البحرية التي تتبع القوات البحرية الأميرية القطرية.

وفي ديسمبر/ كانون الثاني 2017، تسلم خفر السواحل القطري، سفينة هي الـ 11 من بين 17 سفينة تركية الصنع، اشترتها الدوحة  في إطار التعاون الإستراتيجي العسكري القائم بين البلدين.

قواعد عسكرية

الاتفاقية العسكرية بين أنقرة والدوحة، شملت أيضا توقيع القوات الخاصة المشتركة اتفاقية مع شركة تركية لإنشاء قاعدة عسكرية بحرية شمالي البلاد، بعد مناقصة فازت بها شركة "إم دي إس" التركية.

وبموجب الاتفاقية، تنشئ الشركة التركية قاعدة "بروج" للعمليات الخاصة البحرية في منطقة الشمال، وتشمل مركزا للتدريب والتجهيز للدوريات والعمليات البحرية التدريبية.

كذلك دشنت قطر، في 14 يوليو/ تموز 2019، قاعدة "الظعاين" البحرية المتخصصة في أمن الحدود وحراسة الموانئ والمنشآت النفطية.

وتقع قاعدة "الظعاين" في وسط الساحل الشرقي للإمارة في منطقة "سميسمة" على بعد نحو 30 كم شمال الدوحة، قبالة إيران التي تبعد نحو 230 كم عن قطر. وتبلغ مساحة القاعدة نحو 639 ألفا و800 متر مربع، وتضم ميناء بعمق 6 أمتار.

وتضم القاعدة بحسب وسائل الإعلام الرسمية القطرية، جميع المتطلبات الأمنية البحرية المتطورة، بما يسهم في تأمين الحدود البحرية للدولة، وإحكام الرقابة والحماية الأمنية لكل سواحلها من خلال تسيير الدوريات البحرية في نطاق الاختصاص لمنع عمليات التسلل وتهريب المواد الممنوعة وضبط المخالفات البحرية.

مناورات مستمرة 

إعداد القوات البحرية القطرية، لم يقف عند صفقات الأسلحة، وإنشاء القواعد العسكرية، بل استند إلى التأهيل المستمر من خلال إجراء مناورات عسكرية بحرية بشكل دوري، مع قوى عالمية وإقليمية. 

وفي 28 مارس/ آذار 2019، نفذت القوات البحرية الأميرية القطرية، تمرين العبور المشترك مع القوات الملكية البحرية البريطانية في المياه الاقتصادية لدولة قطر.

وقالت وزارة الدفاع القطرية: إن "مراحل التمرين تضمنت تدريبا على كيفية المناورات البحرية، وكيفية الدفاع عن السفينة في حال تعرضها لهجوم خارجي، وتمرين الزيارة والتفتيش، وتمارين أخرى تسهم في تبادل الخبرات بين البلدين".

وفي 7 أغسطس/ آب 2019، انطلقت المناورات العسكرية البحرية المشتركة بين قطر وتركيا وتضمنت مشاركة 250 عسكريا.

وصدر عن مديرية التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع، بيان أوضحت فيه أن الفرقاطة التركية "تي سي جي جوكوفا" (TCG GOKOVA) متعددة المهام قد شاركت في المناورات البحرية والتمرينات العسكرية بين البلدين.

وكشف البيان، أن المناورات "أقيمت في مناطق ميناء حمد وقاعدة الدوحة البحرية والمياه الإقليمية القطرية".

وفي 7 يوليو/ تموز 2019، أجرت الولايات المتحدة وقطر، مناورات عسكرية في مياه الخليج العربي، وبحسب بيان وزارة الدفاع القطرية، تم تنفيذ تمرين "العبور المشترك" البحري، بين القوات الأميرية القطرية ونظيرتها الأميركية.

وذكر بيان الوزارة أن "التمرين الذي جرى في المياه الإقليمية القطرية، يهدف لرفع كفاءة أطقم السفن". وأورد أنه "جرى خلال التمرين مناورات مشتركة وتمارين قتالية لعدد كبير من الدوريات البحرية".

وأضاف: أنه "تم تدريب القوات المشاركة على تمرير البلاغات، ورصد الأهداف البحرية والجوية، والأهداف تحت السطح".

وجاءت هذه المناورات مع بدء الأزمة الخليجية في 5 يونيو/حزيران 2017، عندما قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر، علاقاتها مع قطر، وصرح وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري خالد العطية، وقتها أن تلك الدول وضعت خطة لغزو قطر، واستهداف نظامها الحاكم.