ليس ليبيا فقط.. مرتزقة فاجنر ينتشرون في هذه البلدان الإفريقية
كشف موقع "بيزنس إنسايدر" أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستعمل مجموعة فاجنر في عمليات سرية لدعم طموحاته في إفريقيا.
وأوضح الموقع الأميركي أنه تم العثور على عبوة ناسفة في العاصمة الليبية طرابلس في عام 2014، وهو سلاح تقول القيادة الأميركية في إفريقيا: إنه دخل البلاد بواسطة مجموعة فاجنر الروسية.
يأتي ذلك في الوقت الذي تسعى فيه روسيا إلى زيادة نفوذها في إفريقيا، والوصول إلى مواردها. ويعد مرتزقة فاجنر جزءا أساسيا من هذه الخطة حيث تتولى هذه القوات دعم أهداف روسيا في جميع أنحاء القارة.
وفيما قادت مجموعة "الرجال الخضر " المدعومة من موسكو غزو القرم وشرق أوكرانيا، في 2014، ينفذ اليوم، المرتزقة من مجموعة فاجنر السياسة الخارجية لروسيا في إفريقيا والشرق الأوسط.
ومجموعة فاجنر هي شركة عسكرية روسية خاصة لها علاقات وثيقة مع الحكومة الروسية. ويعود صعود المجموعة التي أسسها ضابط سابق في المخابرات العسكرية الروسية، على المسرح الدولي إلى عام 2014 في أوكرانيا.
ويُزعم أن رجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوزين الذي اتهمته الولايات المتحدة لدوره في التدخل في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، يمول هذه الشركة.
وتتألف مجموعة فاجنر من أفراد عسكريين سابقين، وتقدم المشورة القتالية والدفاع الداخلي والأجنبي، وتدريب القوات المحلية وخدمات العمل المباشر، وغالبا ما تعمل بالاشتراك مع أجهزة المخابرات الروسية ووحدات العمليات الخاصة.
أداة عسكرية
وفي إفريقيا، ولا سيما في ليبيا، أصبحت فاجنر أداة لدى موسكو لمتابعة أهداف سياستها الخارجية.
وفيما كانت ثورات الربيع العربي ومقتل الديكتاتور معمر القذافي في عام 2011، سببا في الحرب الأهلية الليبية الحالية، فقد تحولت ليبيا الآن إلى ساحة صراع بالوكالة، كما هو الحال في سوريا.
وتحظى حكومة الوفاق الوطني الليبية بدعم تركيا وقطر، بينما تدعم فرنسا ومصر والسعودية والسودان والإمارات العربية المتحدة وروسيا، قوات الجنرال خليفة حفتر.
وتوجد مرتزقة فاجنر في ليبيا منذ عام 2018 على الأقل، في الوقت الذي تشير فيه وزارة الخارجية الأميركية، إلى أن هناك حوالي 2500 منهم يقاتلون مع قوات حفتر، بالإضافة إلى 3800 مقاتل سوري، يدعمون حكومة الوفاق الوطني، وفق الموقع.
وزادت روسيا من تدخلها في الصراع من خلال نشر 14 طائرة مقاتلة من طراز MiG-29 و SU-24 في ليبيا في مايو/أيار 2020. ووفاء لاعتمادها على الأنشطة السرية، ضمنت موسكو إعادة طلاء الطائرات من قبل المرتزقة حتى تتمكن من إنكار التورط الرسمي.
وتعد هذه الطائرات عاملا سيضمن أشواطا من التفوق الجوي الذي يعد أمرا حاسما في الصراع، وفق التقرير.
وفي ليبيا، يعتبر مرتزقة فاجنر همزة الوصل الرئيسية بين المساعدة التكنولوجية الروسية ومقاتلي حفتر، حيث ينسقون بشكل أساسي الطلعات الجوية والهجمات المدفعية، لكنهم يقدمون أيضا المزيد من المساعدة العملية مثل دعم القناصة.
وعلى هذا النحو، يعمل أفراد فاجنر بطريقة مماثلة لوحدات العمليات الخاصة الأميركية، حيث أصبحت الشراكة مع القوات المحلية، معيارا جيدا في جميع أنحاء العالم منذ الإطاحة بطالبان في أفغانستان عام 2001.
وفي تقرير حديث، اتهمت القيادة الأميركية في إفريقيا (أفريكوم) مجموعة فاجنر بزرع ألغام وعبوات ناسفة عشوائية (IED)، وفي بعض الحالات حتى باستخدام ألعاب الأطفال لإخفائها.
بالإضافة إلى ذلك، ذكر تقرير حديث للأمم المتحدة أن روسيا وتركيا والإمارات والأردن وروسيا وقطر قد انتهكت حظر الأسلحة المفروض على ليبيا.
لكن ليبيا ليست سوى ساحة معركة إفريقية واحدة تشارك فيها فاجنر حاليا، حيث يمكن أيضا العثور على أولئك المرتزقة والمستشارين الروس في رواندا ومدغشقر والسودان وجمهورية إفريقيا الوسطى وموزمبيق.
صراع آخر
وبعد أن فتح قرار الولايات المتحدة بتقليص وجودها في إفريقيا الباب أمام قوى أخرى، تلعب الصين اليوم بالفعل دورا كبيرا في القارة السمراء، مع وجود عشرات المخططات الاقتصادية والبنية التحتية والعسكرية. كما تعمل روسيا على اللحاق بوجود مماثل في 20 دولة إفريقية على الأقل.
وفي هذا السياق أكد أحمد حسن، الرئيس التنفيذي لـ "Gray Dynamics"، وهي شركة استشارات استخباراتية، أن الموجة الثانية من "التدافع من أجل إفريقيا" هذه المرة تأتي من أجل الموارد والنفوذ الدولي.
وأضاف للموقع الأميركي: "تم نشر مقاتلي مجموعة فاجنر من قبل موسكو كامتداد لطموحاتها الخارجية والعسكرية لتقديم خدمات إلى الأنظمة الاستبدادية، التي غالبا ما تحاول حل الاضطرابات المدنية بالقوة. وفاجنر أداة من هذا القبيل".
وفيما لا تعد مجموعة فاجنر قوة ناجحة حقا حتى الآن، فهي تجسيد لفلسفة الإستراتيجية الأكبر للجنرال (فاليري) جيراسيموف (رئيس هيئة الأركان العامة)، أو ما يسمى بعقيدة جيراسيموف، التي تقوم على ملء تلك المساحة بين الحرب والسلام، أو "المنطقة الرمادية"، وفق ما أكده حسن.
وغالبا ما يرتبط هؤلاء المرتزقة بنشاط إجرامي أو انتهاكات لقواعد النزاع المسلح، حيث تتمتع مجموعة فاجنر على وجه الخصوص بسجل حافل في جرائم الحرب.
وتقدم هذه المجموعة لموسكو أداة سياسة خارجية ملائمة ومرنة تتماشى مع تفضيلها للعمليات منخفضة الرؤية، فيما يحافظ الكرملين على قابلية الإنكار عندما ينشر قوات شركة فاجنر، نظرا لعدم وجود سجل رسمي للشركة في روسيا.
وفي الواقع، فإن الضبابية المتعمدة التي تحيط بمجموعة فاجنر وعملياتها تمكن الرئيس فلاديمير بوتين من الادعاء بأن أي روسي يقاتل في ليبيا لا يحصل على رواتب أو دعم من حكومته.