ضيع 85 مليار دولار.. هذا حل فرنسا لانتشال لبنان من الفوضى

تحدثت وسيلتا إعلام فرنسيتان عن زيارة وزير الخارجية جان إيف لودريان إلى لبنان، والتي ينظر إليها على أنها "الرحلة الأخيرة لإيقاظ طبقة سياسية لم تتخذ بعد أي إصلاح هيكلي"، حيث تدخل البلاد في أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها.
وزار الوزير الفرنسي بيروت يومي 23 و 24 يوليو/تموز، وقال في اليوم الأول من زيارته: إنه لا بديل عن تطبيق برنامج بإشراف صندوق النقد الدولي للخروج من أزمته الحالية الحادة، وأن على لبنان تطبيق إصلاحات عاجلة من أجل الفوز بالدعم الدولي.
وقال عقب اجتماعه بالقادة اللبنانيين في بيروت: "ساعدونا لكي نساعدكم، هي الرسالة في زيارتي"، مضيفا أن باريس مستعدة لحشد الدعم، لكن يجب أن يسبق ذلك تحرك ملموس في ما يتعلق بالإصلاح.
ويشير تقرير لصحيفة لاكروا إلى زيارة الوزير مقر المنظمات غير الحكومية اللبنانية وتحديدا منظمة أمل الدولية والتي شجب من خلالها "الجانب السلبي لسلطات هذا البلد".
تقول الصحيفة: إن جان إيف لودريان هو أول مسؤول غربي يزور بلد الأََرز منذ بداية الأزمة الاقتصادية.
وتذكر أن الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة التي هزت لبنان في أكتوبر / تشرين الأول من العام 2019، لم تطرد حكومة بأكملها اتهمها المتظاهرون بالفساد وعدم الكفاءة.
دين هائل
الآن في خضم وباء كورونا، تشير الصحيفة أن لبنان يواجه دينا هائلا قدره 90 مليار دولار، أي ضعف الناتج المحلي الإجمالي تقريبا.
ووفقا لكثير من المحللين، من المستحيل على اللبنانيين استعادة مقدرتهم الشرائية لمدة 20 عاما أخرى. وتذكر الصحيفة هنا تحذير المتخصص الاقتصادي ميشيل سانتي من أن "التضخم الذي يعانيه لبنان لا مثيل له".
ولبنان هي أول دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تشهد مثل هذه الحالة، بحسب سانتي الذي أضاف: أنه "تضاعفت أسعار أقل السلع الأساسية ثلاث مرات".
تقول لاكروا: إنه منذ شهر مايو/أيار، بدأت البلاد محادثات مع صندوق النقد الدولي، تأمل من خلالها الحصول على 10 مليارات دولار.
لكن هذه المفاوضات توقفت لمدة عشرة أيام، حيث رفضت البنوك اللبنانية والتي تمتلك معظم الدين العام، تحمل الخسائر.
ويقول الاقتصادي ميشيل ساتني، حسب الصحيفة: إن صندوق النقد الدولي وصف لبنان بأنه بلد ميؤوس منه، مضيفا أنه لم يكن هناك أي تقدم خلال ثلاثة أشهر، ولم يتم حتى تحديد التكلفة الدقيقة للخسائر بين الطرفين ".
يشير التقرير لدعوة المجتمع الدولي لبنان إلى إجراء إصلاحات هيكلية لضمان صرف هذه الأموال فيما بعد بشكل صحيح. ويدعو على وجه الخصوص إلى إنشاء آليات تنظيمية، وقانون بشأن استقلال القضاء وخفض الإنفاق العام.
فكما يقول جان إيف لودريان: "من المهم أن يستعيد هذا البلد ثقة شركائه المنعدمة".
تقول صحيفة لاكروا: إنه إذا كانت فرنسا ستدفع 12 مليون يورو لدعم المدارس الناطقة بالفرنسية المهددة بالإغلاق، فإن الممثل الأعلى للدبلوماسية الفرنسية قد أشار أيضا إلى أنه لن يكون هناك "بديل لبرنامج صندوق النقد الدولي للسماح للبنان بأن يخرج من الأزمة".
أزمة متعددة
يشير التقرير أنه في ضوء الأزمة الاقتصادية التي عززتها أزمة السيولة، عادت الفضائح السياسية إلى الظهور.
ويذكر أنه تم رصد عديد الشخصيات من الموجودين في الساحة السياسية الذين كانوا يريدون تحويل أموالهم إلى الخارج عندما بدأت أزمة الصرف الأجنبي في أكتوبر/تشرين الأول 2019.
أخيرا تذكر الصحيفة تحذير ميشيل سانتي من أن "الأزمة لم تعد اقتصادية فقط بل هي أيضا أزمة إنسانية"، مضيفا أن الطبقة الوسطى وجدت نفسها تقتات من القمامة. إذا لم يتصرف الحكام، فإن هذا الوضع لن يؤدي إلا إلى العنف".
بدورها، تتحدث إذاعة فرنسا الدولية عن زيارة الوزير الفرنسي للبنان حيث تمر البلاد بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها.
تقول الإذاعة في تقرير: إن لبنان في حالة تخلف عن السداد منذ فبراير/شباط 2020، ولكن في الوقت الراهن لا يلوح أي حل في الأفق لحل الأزمة.
وبحسب أحد الدبلوماسيين الذي لم يذكر التقرير اسمه، فإن الإصلاحات من حيث الشفافية ومكافحة الفساد والسيطرة على تدفقات رأس المال الخارجية، وإعادة توجيه الاقتصاد كان يجب أن تتم قبل عامين، وذلك بعد مؤتمر سيدري من أجل تنمية لبنان الذي انعقد في أبريل/نيسان 2018 في باريس برعاية فرنسا.
تقول الصحيفة: إن تقاعس الحكومات المتعاقبة قد أثار غضب الشارع الذي يتظاهر منذ أكتوبر/تشرين الأول وأنه مذاك الحين غرقت البلاد في أزمة اقتصادية.
ونوهت بأن الوضع دفع الناس إلى الانتحار، كما أن التأخر في شراء حفاضات أو قطعة خبز تبدو من أكثر الأعراض المأساوية لهذا الانهيار المتسارع للاقتصاد.
الطراز الفنزويلي
هناك حديث عن أزمة "على الطراز الفنزويلي" وانهيار للدولة، حيث يبلغ إجمالي ديون لبنان 90 مليار دولار، أي ضعف الناتج المحلي الإجمالي تقريبا.
تشير إذاعة فرنسا الدولية إلى أن حوالي كمية الأموال التي تبخرت في التقلبات والانعطافات في النظام المالي، 85 مليار دولار.
بدأت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي في مايو/أيار 2020 ثم تعلقت لمدة عشرة أيام. وتشير أيضا لعدم وجود اتفاق على التشخيص والعلاج.
فالبنوك اللبنانية المشاركة في المفاوضات، تحتفظ بجزء كبير من الدين العام، تسد الطريق. وقد رفضوا تقييم الحسابات ولا سيما في تحمل الخسائر.
وحسب الصحيفة، فإن هذه المؤسسات الناجحة منذ فترة طويلة ليست مستعدة للتخلي عن الإوزة التي تضع البيض الذهبي.
وحققت البنوك اللبنانية الكثير من الأموال لإقراضها للبنك المركزي بمعدل قياسي بلغ حوالي 15٪. للعثور على السيولة النقدية، حيث جذبت الودائع خاصة تلك الموجودة في الشتات بمعدلات قياسية بلغت 10٪. يتحدث المحللون اليوم عن مخطط بونزي وهو عبارة عن عملية احتيال.
استفاد النظام كما تذكر الصحيفة من 1٪ من اللبنانيين الذين يمتلكون 80٪ من الودائع المصرفية، والواضح أنهم أعضاء النخبة الحاكمة من جميع الأديان الذين غالبا ما يكون لهم حصص في هذه البنوك.
وذكر التقرير أنه تم وضع الودائع في الغالب بالدولار منذ أن طمأن التكافؤ الثابت مع الدولار وحافظ على أسطورة الجنيه القوي. ولطالما عملت الهندسة المالية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على غض الطرف عن الجميع، ولكن بعد جفاف عمليات النقل، توقف التعديل.
يمكن أن يكون منح مساعدة صندوق النقد الدولي فرصة لتنظيف هذا النموذج المخادع، ولكن في الوقت الحالي، يقاوم المنتفعون الرئيسيون هذا الوضع.
ولفت التقرير إلى أنه كان لدى البنوك وعملائها الأثرياء الوقت لتحويل رؤوس أموالهم إلى الخارج، محمية من التضخم وانخفاض قيمة العملة التي تعاني منها مدخرات الطبقة الوسطى اللبنانية.
يقول التقرير: إن الأوقات صعبة على لبنان اليوم لأن مؤيديه التقليديين، دول الخليج، الولايات المتحدة أو فرنسا، يواجهون صعوبات اقتصادية متزايدة في الداخل مرتبطة بالوباء وأن صبر هؤلاء الحلفاء ينفد. يشير أيضا إلى أن نفوذ إيران من خلال حزب الله يزعج واشنطن بقدر ما يثير العواصم العربية.