مجلة فرنسية تحذر: خليفة خامنئي سيكون أكثر خطورة
سلطت مجلة "لوماريان" الفرنسية الضوء على الخليفة المحتمل للمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، وذلك في ظل الأزمات الصحية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد جراء العقوبات الأميركية وفيروس كورونا "كوفيد-19".
وفي مقابلة أجرتها مع أزاده كيان، أستاذ علم الاجتماع بجامعة باريس، ومؤلف كتاب "المرأة والسلطة في الإسلام"، تحدثت المجلة عن الوضع في هذا البلد، حيث لا تمنع العقوبات الأميركية والأزمة الصحية النظام من الحفاظ على قوانينه الصارمة.
مقابلة "لوماريان" جاءت في أعقاب الحكم الذي صدر بالسجن ست سنوات على الباحثة الفرنسية الإيرانية عالمة الأنثروبولوجيا فريبة آدلخاه (60 عاما) والمحتجزة منذ يونيو/ حزيران 2019، بتهم تتعلق بالأمن القومي.
تطرق الباحث في البداية إلى الأزمة الصحية التي تعاني منها إيران، حيث تعد هذه الدولة الأكثر تضررا في الشرق الأوسط من وباء كوفيد-19، فوفقا للأرقام الرسمية سجلت البلاد 110 آلاف إصابة و7000 وفاة، فيما تؤكد مصادر طبية أن العدد ضعف ذلك مرتين أو ثلاثة.
وفي إجابته على سؤال هل النظام الذي يعاني من هذه الأزمة الصحية لا يزال بعيدا عن إيجاد حل؟، قال أزاده كيان: تعرضت الحكومة الإيرانية للانتقاد على نطاق واسع لأنها أخفت مصدر الفيروس أي مدينة قم، حيث يوجد طلاب علم اللاهوت الصينيين.
وهؤلاء الطلاب وأغلبهم من أقلية الأيجور السنية، يدرسون في جامعة المصطفى الدولية في قم، وهي مدرسة شيعية تمولها الدولة على غرار الجامعات الأخرى ولها فروع في العديد من البلدان.
وبحسب الباحث، استمرت الرحلات بين بكين وطهران، التي تديرها شركة ماهان، المرتبطة بالحرس الثوري، على الرغم من طلب وزارة الصحة الإيرانية مرارا وقفها، كما أن الآلاف من الطلاب الإيرانيين يدرسون في الصين وعادوا إلى البلاد دون إجراء أية فحوصات صحية لهم.
وأكد أزاده أن العلاقات قوية جدا بين الصين وإيران في الوقت الحالي؛ بسبب العقوبات الأميركية إذ تعتمد الجمهورية الإسلامية بشكل وثيق على بكين، التي تشتري نفطها منها، إضافة إلى احتياج طهران إلى كل من بكين وموسكو في مجلس الأمن لمحاولة عرقلة قرارات واشنطن ضدها.
وعن الوضع محليا، أشار أستاذ علم الاجتماع بجامعة باريس، إلى أن هناك عدم ثقة كبيرة في الداخل، فأثناء تفشي الوباء، لم يأمر المرشد بإغلاق الأماكن المقدسة، في حين كانت مشهد وقم، وهما أكبر مدينتين بإيران مقدستين عند الشيعة ويأتي إليهما الزوار من كل مكان، مركزين للعدوى.
وتابع: "كل هذا يأتي على خلفية أزمة اقتصادية خطيرة، إذ تخشى الحكومة من أعمال شغب حضرية جديدة، لذلك يتم شجبها ولكن لا يوجد بديل موثوق به وقابل للتطبيق".
إبراهيم رئيسي
وعن المخاوف التي يمكن أن تحدث في الأشهر القادمة، قال أزاده: إن "هناك أشياء مقلقة باستمرار، سيغادر المرشد الأعلى علي خامنئي المريض، منصبه، وتوجد أحاديث عن أن إبراهيم رئيسي، الذي تم تعيينه في عام 2019 رئيسا للنظام القضائي بأكمله، هو من سيخلفه".
وينحدر رئيسي من مدينة مشهد مثل خامنئي، وبعد فترة قضاها في المدرسة، أمضى حياته في ذراع إنفاذ الجمهورية الإسلامية، وتولى منصب النائب العام، ورئيس مكتب التفتيش العام والمدعي العام الرئيسي للمحكمة الخاصة لرجال الدين، وهي المسؤولة عن تأديب الطائشين عن الخط الرسمي.
ونوه أزاده بأن هذا الرجل هو الذي اعتنى بضريح الإمام الرضا في مدينة مشهد، حيث يقال إنها دولة داخل الدولة، كما أن إبراهيم رئيسي له سمعة مروعة، ففي عام 1988، في نهاية الحرب العراقية الإيرانية، أمر بإعدام 4000 سجين، لذلك هو رجل خطير.
بالإضافة إلى ما سبق، يرى الباحث أن الانتخابات الأخيرة أعطت كل السلطة للمحافظين في البرلمان الذي سيبدأ عمله ابتداء من يونيو/ حزيران 2020.
وسيكمل الرئيس حسن روحاني ولايته الثانية والأخيرة ولا يمكن أن يكون خليفته معتدلا، ولهذا من المتوقع أن يكون المرشحون للانتخابات الرئاسية لعام 2021، تابعين للحرس الثوري، الذين يستعدون للانتعاش.
وأكد أن العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب عقب انسحابها من الاتفاق النووي الموقع في فيينا عام 2015، فشلت، والنتيجة المحزنة لم تظهر إلا في مجالي الصحة والتعليم، لافتا إلى أن هذا الجو يعطي حرية للقمع.
وتابع أن المحامية نسرين ستودة، التي دافعت عن الأطفال والنساء وعدد كبير من المعتقلين السياسيين المعارضين للنظام، لا تزال في السجن، وأيضا عالمة الأنثروبولوجيا الفرنسية الإيرانية، فريبا أديلخاه.
وسُجنت نسرين عام 2010 بتهمة إهانة علي خامنئي، ونشر دعايات تضر بالأمن القومي وفقا للمصادر الحكومية في البلاد، لكن أطلق سراحها بعد انقضاء نصف المدة.
ونالت هذه المرأة جائزة ساخاروف لحرية الفكر والتعبير من قبل البرلمان الأوروبي ولم تحضر استلام الجائزة بسبب منعها من السفر، إلا أن المحكمة الثورية عاودت سجنها مرة أخرى بعد تعيين إبراهيم رئيسي المتشدد والمقرب من خامنئي، رئيسا للجهاز القضائي.
وبين أستاذ علم الاجتماع بجامعة باريس أنه عندما أُسقطت طائرة الخطوط الجوية الأوكرانية عن طريق الخطأ في يناير/ كانون ثاني 2020 (راح ضحيتها 176 مدنيا إيرانيا وكنديا)، نزل الطلاب إلى الشوارع للتعبير عن آلامهم وتمردهم، والنتيجة أنه تم اعتقالهم.
وبالنسبة للعمليات الخارجية، فرأى أزاده، أن الضربات الإسرائيلية المتزايدة لن تؤدي إجبار إيران على الانسحاب من سوريا، إذ يصر بشار الأسد مع الروس على أنه يجب على طهران الحفاظ على مواقفها، ففي الأساس، لدى الجمهورية الإسلامية العديد من الحلفاء: روسيا والصين والعراق والآن باكستان وقطر.
بخصوص الاتفاق النووي الموقع في يوليو/ تموز 2015 والذي انسحب منه البيت الأبيض من جانب واحد في 2018، فيؤكد الباحث، أن كل شيء تجاهه يمكن أن يتغير في نوفمبر/ تشرين ثاني 2020، مع نتيجة الانتخابات الأميركية.