سفراء أجانب بجنين يرون الموت.. وناشطون: إسرائيل تطلق النار على العالم كله

منذ ٥ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في خرق صارخ للأعراف الدبلوماسية، أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي الرصاص الحي باتجاه وفد دبلوماسي ضم 35 سفيرا ودبلوماسيا لدول عربية وغربية أثناء زيارته مخيم جنين المحاصر شمالي الضفة الغربية للاطلاع على الواقع المأساوي للمخيم.

وضم الوفد سفراء مصر والأردن والمغرب والاتحاد الأوروبي والبرتغال والصين والنمسا والبرازيل وبلغاريا وتركيا وإسبانيا وليتوانيا وبولندا وروسيا وتركيا واليابان ورومانيا والمكسيك وسيريلانكا وكندا، والهند وتشيلي وفرنسا وبريطانيا وممثلي دول أخرى.

وأوضحت كالة الأنباء الفلسطينية "وفا" في 22 مايو/أيار 2025، أن جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص الحي بشكل مباشر وكثيف تجاه الوفد الدبلوماسي ومجموعة من الصحفيين خلال وجودهم قرب البوابة الحديدية التي نصبها الاحتلال على المدخل الشرقي لمخيم جنين.

وأقرَّ جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن جنوده أطلقوا طلقات تحذيرية بعدما "انحرف" الدبلوماسيون عن المسار المتفق عليه للجولة في شمال الضفة.

بدورها، عدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الواقعة إمعانًا في عنجهية الاحتلال وغطرسته وانتهاكه للأعراف والمواثيق الدولية كافة.

فيما أعربت الأمم المتحدة عن "القلق" إزاء إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على الوفد الدبلوماسي، داعية سلطات تل أبيب إلى التحقيق في الحادثة، وإجراء تحقيق شامل، ومشاركة النتائج مع الأمم المتحدة.

فيما أدان الواقعة عدد من الدول الأوروبية والعربية، واستدعى بعضهم السفير الإسرائيلي في بلدانهم، وتوعدوا باتخاذ الإجراءات الدبلوماسية المناسبة ردا على ما جرى، بينهم فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وهولندا وبلجيكا وأيرلندا وألمانيا ومصر والأردن وتركيا.

كما دعت السعودية إلى محاسبة "إسرائيل" ووقف انتهاكاتها بحق المدنيين والبعثات الدبلوماسية ومنظمات الإغاثة، وتفعيل آليات المحاسبة الدولية بحق جرائم الاحتلال المتواصلة، والمخالفات المتكررة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

تجدر الإشارة إلى أن جيش الاحتلال يواصل منذ 21 يناير/كانون الثاني 2025، عدوانا عسكريا شمالي الضفة، استهله بمدينة جنين ومخيمها وبلدات في محيطهما ويفرض حصارا عليه، ثم وسّعه إلى مدينة طولكرم في 27 من الشهر نفسه.

وبالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية بغزة، صعّد جيش الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل 969 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، واعتقال ما يزيد عن 17 ألف شخص، وفق معطيات فلسطينية.

ويأتي استهداف الاحتلال للوفد الدبلوماسي في ظل تصاعد الغضب الأوروبي إزاء استمرار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وبرز الغضب الأوروبي في تهديد قادة فرنسا وبريطانيا وكندا في بيان مشترك باتخاذ إجراءات ضد الكيان إذا لم يوقف الحرب، منها رفع القيود على المساعدات والشروع في تنفيذ عقوبات على الاحتلال، وخطوات مقاطعة دبلوماسية وغيرها من الإجراءات العقابية.

وندَّد ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي بشدة باستهداف قوات الاحتلال للوفد الدبلوماسي في مخيم جنين، وعدوا الحادثة انتهاكا صارخًا للأعراف الدبلوماسية والقوانين الدولية، ودليل غطرسة واستعلاء وازدراء إسرائيلي لدول العالم التي أرسلت ممثليها.

وصبوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #جنين، #نتنياهو، #الضفة_الغربية، وغيرها، جام غضبهم على رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، ورأوا أنه يزيد من عزلة كيانه ويعاند المجتمع الدولي ويتحداه ويدفع بمزيد من التوتر.

عمل مشين وجبان

وتفاعلا مع الحادث، قال حيدر مدلول المعموري: إن ما فعلته قوات الكيان الصهيوني ضد وفد دبلوماسي دولي، عمل مشين وجبان وانتهاك صارخ للقانون الدولي والأعراف الدبلوماسية، ويعكس استخفافا واضحا بسلامة البعثات الدولية، وخرقا لحرمة العمل الدبلوماسي.

من جانبه، أوضح محمد علام، أن ما فعله الاحتلال يعني أن "إسرائيل فتحت النار على العالم كله!".

وأكّد أن الوقعة ليست مجرد حادث، وإنما علامة فارقة في تاريخ الصراع، ورسالة للعالم كله، أن إسرائيل لم تَعُد تهدد الفلسطينيين وحدهم وإنما تضرب النار على الدبلوماسيين والسفراء الأجانب أمام الكاميرات، ودون ردّة فعل.

وعلق محمود عباس، على إطلاق الاحتلال النار على وفد دبلوماسي عربي أوروبي قائلا: "مش شايفين حد على الأرض".

ووصف حفيظ الكيزاني، ما فعله الاحتلال بأنه "قمة العجرفة والدناءة".

وتساءل أحمد عبدالباسط: “لما السفراء نفسهم بيتضرب عليهم نار، أمال الناس الغلابة جوه المخيم بيحصل فيهم إيه؟!”

وأكد ماجد الزبدة، أن إقدام جيش الاحتلال على إطلاق النار تجاه وفد دبلوماسي هو رد مباشر من حكومة نتنياهو المتطرفة تجاه التحذيرات والدعوات الدولية لوقف الإبادة في غزة.

وقال: إن "الدعم الغربي اللا محدود لهذا الكيان المسخ والصمت على جرائمه جعله وحشا جامحا مُنفلتا من عقاله".

دلالات الاستهداف

من جهته، أكَّد محمد دخشوش، أن الحادثة إفراز طبيعي لهمجية وبربرية الاحتلال وذهنيته المتوحشة وتعرية لمن يدعمه ومن يُطبع معه.

ورأت أمل ثابت، أن الاستهداف الإسرائيلي يُظهر بوضوح أن الاحتلال لا يعترف بأي قواعد أو أعراف دولية. 

وأوضحت أن هذا ليس "خطأ" ولا "سوء تقدير"، بل رسالة وقحة بأن لا أحد في مأمن، وأن دماء الجميع مباحة إن اقتربوا من الحقيقة، محذرة من أن "الصمت بعد هذا الجرم هو تواطؤ".

وعد محمد رشيد، إطلاق جيش الاحتلال النار على وفد دبلوماسي كبير أثناء زيارته مخيم جنين، دليلا على أن "حكومة نتنياهو اتجننت تماما".

وأوضح عبدالله يوسف، أن الوفد لم يكن في مجرد زيارة رمزية، وإنما كان وفد توثيقي حقيقي، معه كاميرات وتقارير، وكان الهدف رصد جرائم الحرب التي حصلت في جنين، ولكن الاحتلال حاول منع ذلك بالقوة، في محاولات مباشرة لإتلاف كاميرات ومعدات توثيق.

وأكد أن ما حدث ليس "إطلاق نار عن طريق الخطأ"، وإنما محاولة ترهيب، ودفن الحقيقة قبل أن توصل للمحاكم الدولية، متسائلا: لو إسرائيل مش خايفة... ليه بتحاول تمنع أي حد يشوف الحقيقة؟"

ورأى أبو محمد الحميدي، أن تعرض وفد دبلوماسي دولي لإطلاق نار من قبل القوات الإسرائيلية بشكل مباشر أثناء زيارة جنين، دليل همجية وإجرام إسرائيل.

وأشار سامي مالي إلى أن التحليلات تشير إلى أن العملية لم تكن عفوية، بل مُدبّرة من قادة عسكريين بهدف توريط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ودفعه نحو مزيد من العزلة الدولية.

وقال: إن هذه الحادثة تندرج في إطار صراع داخلي يزداد احتدامًا داخل مؤسسات الكيان؛ إذ بات واضحًا أن قطاعات واسعة من جيش الاحتلال لم تعد مستعدة لمواصلة الحرب التي استنزفتهم عسكريا وأخلاقيا. القيادات العسكرية العليا عبّرت مرارًا، بشكل مباشر أو ضمني، عن فقدانها للثقة في خيارات نتنياهو، معتبرة أنه أصبح عبئا سياسيا يهدد علاقات "إسرائيل" الإستراتيجية مع حلفائها التاريخيين.

وأضاف مالي: "عملية جنين جاءت كإشارة أولى على تصدع جبهة القرار داخل كيان الاحتلال، وانفلات بعض القيادات العسكرية من سلطة القيادة السياسية". 

وأشار إلى أن كثيرًا من المراقبين يرون أن هذه الحادثة قد تكون بداية "انقلاب داخلي هادئ"؛ حيث تسعى المؤسسة العسكرية لتسريع عزلة نتنياهو داخليا وخارجيا، خاصة في ظل الحديث لأول مرة عن إمكانية فرض عقوبات دولية على "إسرائيل".

“فقدوا اتزانهم”

بدوره، دعا ياسين عز الدين، لتخيل كم جريمة قتل ارتكبها جيش الاحتلال في غزة؛ لأن الفلسطينيين "خرجوا عن مسارهم"، متسائلا: “إذا كانوا يفعلون هذا مع مسؤولين من دول صديقة وحليفة لهم فما بالكم بما يفعلونه مع أبناء شعبنا في غزة؟”

وأشار إلى أن الدول اكتفت بإدانات لفظية وشجب واستنكار، مطالبا بتخيّل لو كان إطلاق النار من جانب فلسطيني هل كانوا سيكتفون بالشجب والاستنكار؟

وتهكم وليد محمد، قائلا: "أول تعليق للإسرائيليين بعد إطلاق النار في اتجاه وفد دبلوماسي أجنبي عربي في جنين: آسف مكنش قصدي (بتحصل)، الوفد انحرف عن مساره (إيه اللي جابك جنب الرصاص)، مانعرفش إنهم دبلوماسيين (لو كانوا مش دبلوماسيين عادي في داهية)، هنشرح لكم في لقاءات ثنائية (تعال بس أقولك)".

واستنكرت سلوى السوبي، قول جيش الاحتلال: إن "الوفد انحرف عن المسار المتفق عليه ودخل منطقة عمليات نشطة!"، قائلة: "كأن إطلاق النار على الدبلوماسيين أصبح تبريره سهلا ومبررا… حسب المزاج!".

وأكدت أن الطلقات التحذيرية كانت في الهواء، ولم يُصب أحد، لكن الإهانة وصلت لكل العواصم التي شارك ممثلوها في الوفد، متسائلة: هل ستصمت العواصم؟ أم أن هذه الرصاصة ستوقظ الضمير الدبلوماسي؟"

وقالت السوبي: إن ما حدث في جنين ليس فقط استهتارا بالقانون الدولي، بل اعتداء علني على من يفترض أنهم شهود على الجرائم، متسائلة: “فكيف إن كانت الشهادة لا تُحتمل؟!”

وتوقعت أن "إطلاق النار باتجاه الوفد الدبلوماسي في جنين. تداعيات إطلاق النار على الوفد الدبلوماسي اللي ضم دول كتيرة مش هيكون سهل ولا عادي والواقع أن الحادثة دي معناها ببساطة إنهم فقدوا اتزانهم لدرجة تخليهم يرتكبوا فعل زي دا فيه وفود دول كتيرة جدا".

مآلات الواقعة

فيما توقع حسام الهمادي، أن إطلاق الكيان الصهيوني النار على وفد دبلوماسي أوروبي كان يزور مخيم جنين، سيزيد من التحركات الأوروبية والعزلة على الصهاينة الذين انكشفوا أمام العالم.

وكتب أحمد الحيلة: "الغباء مفيد أحيانا.. الاحتلال يُطلق النار على دبلوماسيين وسفراء أوروبيين في جنين، فيزيد بذلك استفزازه لأصدقائه الأوربيين الذين ينظر بعضهم، مترددا، في اتخاذ إجراءات عقابية بحق إسرائيل المحتلة. غطرسة بلا حدود..!!".

وقال أحد المغردين: إن إسرائيل فتحت باب الحرب الدبلوماسية وإن ما حدث في جنين هو تحول مفصلي في طبيعة المواجهة مع الاحتلال، متوقعا وقوع تداعيات دبلوماسية، وتزايد عزلة إسرائيل دوليا.

وأشار الفقي بدر إلى أن الاحتلال في عزلة.. والإعلام الإسرائيلي يقرّ: "نحن في أسوأ وضع دبلوماسي"، مؤكدا أن ما تلا الحادث لم يكن أقل إثارة.

وأضاف أن العالم بدأ يُغيّر وجهته؛ الدول الأوروبية التي طالما كانت حليفا "هادئا" لإسرائيل، بدأت أخيرًا ترفع صوتها، لا كلمات فقط، بل بقرارات وإجراءات حقيقية غير مسبوقة.

وأكد بدر، أن ما يجرى حاليا ليس مجرد أزمة عابرة، بل أعمق وأخطر من ذلك بكثير، مشيرا إلى أن حكومة نتنياهو تعيش واحدة من أعنف الزلازل السياسية والدبلوماسية في تاريخ إسرائيل الحديث، وللمرة الأولى، تتحول التهديدات إلى قرارات، والتعاطف إلى تحركات، والغضب إلى عزلة دولية فعلية.