واشنطن بوست تدخل "تيك توك".. هل يتحول نحو المحتوى الجاد؟

12

طباعة

مشاركة

أنشأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية حسابا على موقع التواصل الاجتماعي "تيك توك"، ما أثار الاستغراب كون المنصة متخصصة بالأساس في المحتوى الترفيهي، وتساؤلات عما إذا كان سيتحول يوما نحو المحتوى الجاد.

وتزامنا مع توجه الصحيفة العريقة نحو "تيك توك"، بدأ التطبيق بخلق أزمة بين أمريكا والصين، ليست اقتصادية هذه المرة، ولكنها تتعلق بالأمن القومي وقضايا الإرهاب.

وحقق التطبيق ما بين عامي 2017 و2018 انتشارا كبيرا جدا في فترة زمنية وجيزة، وصلت إلى كونه رابع أكثر تطبيق يجري تحميله عبر متجر "أبل" و"أي او إس"، بل وصعد إلى المرتبة الأولى في أوائل 2019، ليتجاوز تطبيقي يوتيوب وإنستجرام.

في بدايته انتشر بين المراهقين بشكل أساسي، ومهمته تبادل مقاطع فيديو ترفيهية لمقالب مضحكة أو أغان لا تتجاوز مدتها 15 ثانية، وكان في الأصل تطبيق مختلف يحمل اسم "ميوزيك لي" لكن اسمه تغير فيما بعد، وحقق انتشارا مبهرا. 

منصة إخبارية

يتابع الصفحة الرسمية لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية على "تيك توك" 215 ألف متابع، في حين حظي بـ 7 مليون و3 آلاف إعجاب. وتعرف الصحيفة نفسها على الحساب أنها مؤسسة صحفية، إلا أن المحتوى المنشور على الحساب هو لمقاطع توثق لحظات مرح لفريق العمل.

وهذا الأمر جعل المتابعين يعتبرون أن الهدف من الحساب هو تقريب متابعي الصحيفة من فريق العمل وإطلاعهم على الأجواء الداخلية لقاعة التحرير، في حين أن التقارير والتحقيقات التي تنجزها الصحيفة متوفرة على موقعها الإلكتروني.

وعن اختيار الصحيفة إنشاء حساب على منصة "تيك توك"، قال المتخصص في الإعلام الجديد هيثم سعد في تصريح لـ"الاستقلال": إن التطبيق هو الأكثر تحميلا في عام 2019، وإن عدد المشتركين عليه كبير جدا، بالاضافة إلى طبيعة الجمهور المشارك الذي يعتبر من المراهقين والشباب من 13 إلى 22 سنة، وهي شريحة غير موجودة بكثرة على باقي المنصات. 

التطبيق يصنف نفسه على أنه ليس فقط خاصا بالفيديوهات الترفيهية بل أنه منصة إخبارية أيضا ويخصص قسما للأخبار، إلا أن كلها أخبار منوعات وموسيقى.

تحاول واشنطن بوست أن تفتح لنفسها مجالا على التطبيق، بحسب المتخصص الذي أكد: أن الصحيفة تعي جيدا طبيعة المنصة، ولهذا لا تنشر محتوى جادا وإنما يناسب ويتماشى مع طبيعة الجمهور الموجود على تيك توك.

وأرجع النجاح الذي حققه التطبيق في وقت وجيز، إلى أن "تيك توك" يقدم محتوى ترفيهي ولا يتلزم بالأخبار والمواد الجادة.

تهديد الأمن القومي

فتحت لجنة الاستثمار الخارجي بأمريكا، منذ أيام، تحقيقا عن التطبيق المثير للاهتمام خصوصا وأن تطبيق "ميوزيك لي" الأصلي كان أمريكيا، إلى أن اشترت حقوقه شركة "بايت دانس" الصينية وحولته لـ"تيك توك".

الأموال التي ضخت في حساب الشركة الأصلية، مصدرها جهة صينية، ما جعل الولايات المتحدة تخشى أن تكون المعلومات الشخصية للمستخدمين متاحة لتلك الجهات، بما أن الملاك الجدد صينيون، وقد باتوا يخشون أن تكون بكين قد استخدمت التطبيق كغطاء للتجسس والحصول على معلومات لمستخدمين أمريكيين.

الشركة الصينية نفت عن نفسها التهمة وقالت: إن هدفها هو كسب ثقة المستخدمين وأن الخوادم التي تخزن معلومات المستخدمين موجودة في أمريكا وسنغافورة. مشددة على أن تطبيق تيك توك لا يخضع بأي شكل للقوانين الصينية بل الأمريكية والدولية التي تنظم شبكة الإنترنت.

وأطلق التحقيق الذي تقوده الهيئة الحكومية المتخصصة في مراجعة عمليات الاستحواذ من جانب شركات أجنبية، بطلب من نواب أميركيين وجدوا أن "تيك توك" يمثل خطورة على الأمن القومي، عبر إرسال بيانات إلى الصين.

علاقته بتنظيم الدولة

تهديد الأمن القومي لم تكن التهمة الوحيدة التي واجهتها الشركة المالكة للتطبيق، بل تعرضت لمتاعب من نوع آخر عندما انتشرت فيديوهات دعائية عليه لتنظيم الدولة.

وضمت مقاطع الفيديو صور جثث في الشوارع ومسلحين من التنظيم، ونشرت على 20 حسابا عبر التطبيق.

وفي رد رسمي لشركة التطبيق قال أحد موظفيها: إنهم حرصوا على إزالة حسابات نشرت فيديوهات دعائية للتنظيم، مشددا على: أن "المحتوى الذي يروج للمنظمات الإرهابية لا مكان له في التطبيق".

وأضاف المسؤول: "نحن نحجب بشكل نهائي مثل هذه الحسابات والأجهزة المتصلة بها فور التعرف عليها، ونطور بشكل مستمر الضوابط لرصد أي نشاطات مشبوهة بشكل استباقي""

وأشارت تقارير صحفية إلى: أن حجم وجود تنظيم الدولة على تيك توك ليس ملموسا، في حين لم تعلق الشركة المالكة للتطبيق عن حجم المحتوى الإرهابي الذي تحذفه.

وكانت إدارة فيسبوك قد صرحت في سبتمبر/أيلول الماضي، أي قبل شهر من حادثة تيك توك، أنها أزالت أكثر من 26 مليون قطعة من الدعاية الإرهابية العالمية على مدار العامين الماضيين.

وكشفت التقارير: أن مواقع التواصل الاجتماعي دائمة التعرض لمثل هذه الحوادث، لذى فإن جوجل وفيسبوك تشاركان قاعدة بيانات للصور الإرهابية المعروفة التي يمكن إزالتها تلقائيا عند اكتشافها عبر الإنترنت.

مواجهات داخل الصين

وقبل تعرضها لحادثة تنظيم الدولة، واجهت إدارة التطبيق مشاكل داخل الصين نفسها، التي تعمل على فرض قيود متزايدة على الإنترنت، إذ تفرض السلطات الصينية توجيهات جديدة على مطوري التطبيقات، وتفرض عليهم مراجعة كل محتوى يُنشر.

ورغم صعوبة مراقبة المحتوى الذي ينشره 150 مليون مستخدم –داخل الصين وحدها- إلا أن الحكومة مصممة على السيطرة على الإنترنت قدر الإمكان، حتى في التطبيقات التي لا تشكل السياسة فيها موضوعا رئيسيا.

عرف "تيك توك" في الصين باسم "دوين" وطُرح بهذا الاسم في سبتمبر/أيلول 2016، ثم قدمته للسوق العالمي باسم "تيك توك" بعد ذلك بعام.

ويعد "تيك توك" من أكثر تطبيقات مشاركة مقاطع الفيديو شهرة في آسيا والولايات المتحدة، وهو يعمل حاليا في أكثر من 150 دولة بنحو 75 لغة، ويستخدمه أكثر من نصف مليار مستخدم.