صحيفة تركية تحذر من "حرب أهلية" في أمريكا حال عزل ترامب

حذرت صحيفة تركية من أن عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب – إن حدث – يعني حربا أهلية وأن عملية "العزل" هذه ضربة من "الدولة العميقة" ضد "مؤسسة الرئاسة".
وقال الكاتب عبد الله مراد أوغلو في مقال بصحيفة "يني شفق": إن الشرخ بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري سيتسع كما لم يحدث من قبل، وأن ترامب يحشد في "غرفته" عددا من الجند المساندين له.
وبدأ الكاتب بسؤاله عمن يكون في غرفة ترامب الحربية أي من هو بجانب ترامب في حربه هذه؟، معددا خلال مقالته مجموعة من الحلفاء الذين أجمعوا على أن عزل ترامب قد يمهد لحرب أهلية لن يتوقف تأثيرها على أمريكا وحدها.
ستيف بانون
وذكر أن أول هؤلاء الجنود هو "ستيف بانون" الذي فسر محاولة الديمقراطيين عزل ترامب بأنها الطلقة الأولى في الحرب الأهلية الأمريكية الجديدة، حيث يرى بانون الذي يريد أن يوجه الحزب الجمهوري إلى خط أكثر يمينية وشعبية تحت قيادة ترامب، أن السياسة هي "حرب".
وكان بانون الشخصية الرائدة في الحملة التي فازت وأوصلت ترامب لانتخابات الرئاسة عام 2016، حيث وصف المؤسسة المكونة من حزبين في واشنطن بأنها "المستنقع"، وأن ترامب "زعيم يجفف هذا المستنقع".
وستيفن كيفين بانون هو مساعد سابق لدونالد ترامب وشغل سابقا منصب كبير مستشاري الرئيس للشؤون الإستراتيجية، أدخله ترامب مجلس الأمن القومي منذ 28 يناير/كانون الثاني 2017، ولاحقا عزله عن المجلس في أبريل/نيسان 2017. وكان قد تولى منصب "رئيس الموظفين التنفيذيين" للحملة الانتخابية الرئاسية لترامب في 2016.
ويرى الكاتب أن بانون يؤسس لعلاقة ما بين "الحرب" و"السياسة" ويصور خصومه على أنهم "جبهات عدو قاسية يجب إسقاطها"، ووفقا لبانون، فإن الجمهوريين الرئيسيين هم الامتدادات الداخلية للعدو حيث شن حربا ضد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، الذي يتصدر مشهد عزل ترامب من الرئاسة.
وقال السيناتور ميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي، قبل أيام: إنه لن يكون أمامه "أي خيار" سوى مساءلة ترامب إذا قرر مجلس النواب ذلك.
وبدأ مجلس النواب الذي يهيمن عليه الديمقراطيون، تحقيق مساءلة ضد الرئيس الجمهوري ترامب، مؤخرا، بعدما أثارت شكوى سرية مخاوف من أنه ربما حاول استغلال مساعدات أميركية بقيمة تصل إلى نحو 400 مليون دولار مقابل الحصول على خدمة سياسية من الرئيس الأوكراني.
ولفت الكاتب إلى أن بانون وترامب على توافق هذه المرة بعد طرده مسبقا حيث وصف الأخير الأول بأنه فقد عقله إلا أن التطورات الأخيرة واقتراب الانتخابات المقبلة في عام 2020 دفعت الرجلان للعمل معا من جديد.
واتهم ستيفن ميلر، مستشار البيت الأبيض، نهاية سبتمبر/أيلول الجاري، مقدم الشكوى بأنه جزء من مؤامرة حكومية واصفا إياه بـ"الدولة العميقة" بهدف تأجيج المعارضة ضد ترامب.
وقال: "أعلم الفرق بين مسرب معلومات وعميل الدولة العميقة. إنه عميل دولة عميقة بكل وضوح وبساطة". ولذلك يرى الكاتب أن بانون قد لا يكون في خندق الحرب الخاص بترامب، لكنه ظله هناك، حيث يملأ مكانه محامي ترامب الخاص ورئيس بلدية نيويورك السابق رودي جولياني.
وعاد الكاتب بالذاكرة للانتخابات التي فاز بها ترامب على منافسته هيلاري كلينتون في انتخابات عام 2016، بعد أن استفاد ترامب من نشر رسائل بريد إلكتروني مشكوك فيها من كلينتون والحزب الديمقراطي، والآن، أصبح هانتر ابن جو بايدن المرشح المنافس لترامب، أهم أسلحة الحرب الجديدة في قضية المكالمة مع الرئيس الأوكراني ليتكرر ذات السيناريو بذات الشخوص تقريبا.
ويشكل هانتر الابن الثاني لجو بايدن نائب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لب المشكلة بين واشنطن وكييف التي تفاقمت مع نشر مضمون محادثة هاتفية أجراها ترامب مع نظيره الأوكراني فلاديمير زيلينسكي وطلب منه خلالها إجراء تحقيق يطال خصمه الديمقراطي ومنافسه المرجح في الانتخابات المقبلة.
ويشتبه ترامب في تورط هانتر بايدن بقضايا فساد في أوكرانيا ويتهم نائب الرئيس السابق بأنه طلب إقالة نائب عام أوكراني لحمايته. وأدى طلب ترامب للتحقيق مع جو بايدن وابنه هانتر في مقابل الإفراج عن 391 مليون دولار من المساعدات الأمريكية لأوكرانيا، إلى حرب بين الطرفين، حيث ردت الجبهة الديمقراطية على تحرك ترامب في محاولة لعزله.
وبين الكاتب: أن مجلس النواب هو في أيدي الديمقراطيين ومجلس الشيوخ في أيدي الجمهوريين وبالتالي لديه أي ترامب ومن خلفه الحزب الجمهوري القدرة على الوقوف بوجه حركة "العزل"، غير أن هذه الحركة لن تمر مرور الكرام على ترامب كما لم تمر على غيره من الرؤساء الأمريكان.
"الإنجيليون الصهاينة"
وتابع الكاتب: أن ثاني جنود ترامب في غرفته الحربية "المسيحيون الإنجيليون الصهاينة"، حيث ينظرون إلى الدنيا كأنها ساحة حرب تؤدي إلى يوم القيامة.
ووفقا لهذه الأفكار، فإن الحرب بين الديمقراطيين والجمهوريين هي "حروب ثقافية"، وعلى الرغم من كل العيوب الشخصية، فإن السبب في دعم ترامب هو عدم خسارة هذه الحروب بأي ثمن وهم يرون الصراع في المستويات العليا هو مجرد حروب شخصية ليس أكثر.
وتطرق الكاتب إلى رفيق بانون السابق، كبير مستشاري ترامب في السياسة، ستيفن ميلر، والذي اعتبر أن محاولة العزل عملية شيطانية في دولة عميقة فيما وصف مستشار ترامب الديني، القس الإنجيلي روبرت جيفريس، دعم ترامب بأنه واجب ديني في انتخابات عام 2020 وأنها "مسألة حياة أو موت"، وأن "كل شيء واضح، كاللونين الأسمر والأبيض، وفي حالة عزل الرئيس ربما تدخل الولايات المتحدة في نفق الحرب الأهلية".
ونشر ترامب الإثنين الماضي سلسلة تغريدات على تويتر، تنقل تصريحا للقس الأميركي روبرت جيفريس قال فيه إنه: "إذا نجح الديمقراطيون في إزاحة ترامب من منصبه فإن ذلك سيُحدث شرخا في الأمة، على غرار الحرب الأهلية، لن تُشفى منه أبدا".
وفي وقت سابق، وصف ترامب مساعي الديمقراطيين لمحاكمته برلمانيا بأنها أكبر عملية احتيال في تاريخ السياسة الأميركية. وحتى المحامي الشخصي لترامب جاي سيكولو قال: إن ما يجري هو إعلان حرب على الرئيس وأن فكرة التحقيق نفسها هي تهمة بحد ذاتها.
في هذه الأثناء، أظهر استطلاع أجرته شبكة "سي.بي.أس" الأميركية أن 55% من الأميركيين يؤيدون الجهود الساعية لمحاكمة الرئيس برلمانيا وعزله.
وظهر الاستقطاب والانقسام السياسي بين أنصار الحزبين الجمهوري والديمقراطي -وفق نتائج الاستطلاع- حيث رأى معظم الديمقراطيين معالجة ترامب للمسائل مع أوكرانيا غير قانونية، وأنه يستحق العزل.
في حين اعتبر معظم الجمهوريين أن تصرفات ترامب صحيحة، وحتى إن لم تكن كذلك، فهي ما تزال قانونية.
وختم الكاتب مقاله: أن رياح الحرب تعصف والطبول تدق، وطابور الجند يصطف، بل إن أول كرة نار قد ألقيت، لكن هذه ليست حربا أهلية عادية، فغني عن القول إن هذه الحرب الأهلية الأمريكية ترتبط ارتباطا وثيقا بمصير جميع الحروب في العالم.