كشفتها إيران.. هكذا خططت الإمارات لاختراق الحشد الشعبي بالعراق

يوسف العلي | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

بعد مرور شهر ونصف الشهر على اعتقال زعيم أكبر مافيا لتجارة المخدرات والدعارة في العراق، المعروف بـِ"حجي حمزة"، لا تزال أسباب التحرك المفاجئ ضد القيادي بالحشد الشعبي، مجهولة لدى العراقيين، ولا سيما أنه يُدير منذ سنوات صالات القمار بالبلد.

إلا أن الرواية الرسمية لهيئة الحشد الشعبي، قالت في وقتها إن "مديرية الأمن التابعة للحشد نفذت الحملة الأكبر في تاريخ العراق لملاحقة مافيات الروليت والقمار والدعارة و تجارة النساء".

وأشارت إلى أنه "تم اعتقال المدعو حجي حمزة الشمري زعيم هذه المافيات مع 25 متهم آخر من أتباعه يدعون انتمائهم للحشد"، مؤكدة أن العملية تمت بتوجيه مباشر من رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي".

وعلى نحو مماثل، قال مدير إعلام الحشد الشعبي، مهند العقابي، إن "عبدالمهدي، كان مُتابعاً أولاً بأول لتفاصيل القضية، حتى أنه كان يتصل بشكل يومي، وأحياناً ثلاث مرات في اليوم، منذ تسليم الملف لأمن الحشد وحتى لحظة اعتقال الشمري بعد ثلاثة أيام من تسلّم الملف".

وتبرّأ العقابي من كون "حجي حمزة" منتسباً للحشد الشعبي، مشيراً إلى أن "هناك فرقاً كبيراً بين مدّعي الانتماء وبين منتسبي الحشد".

وعلى الرغم من تصنيف الشمري نفسه على "محور المقاومة"، كما ورد في تقرير سابق لـِ"الاستقلال" من خلال نشر صور للمرشد الإيراني علي خامنئي، ورئيس الحكومة العراقية الأسبق نوري المالكي الموالي لإيران، إضافة إلى صور زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله.

ما علاقة الإمارات؟

لكن مصادر سياسية كشفت لـِ"الاستقلال" معلومات جديدة عن ارتباطات "حجي حمزة" والأسباب الحقيقية وراء الإطاحة بزعيم أكبر مافيا للقمار والدعارة في العراق.

وأفادت المصادر التي طلبت عدم كشف هويتها لحساسية الموضوع، بأن "التحرك ضد حجي حمزة جاء بعد معلومات أوصلتها المخابرات الإيرانية إلى الجانب العراقي تتعلق باختراق الحشد الشعبي".

وأكدت، أن "الجانب الإيراني زوّد العراق بمعلومات تُؤكّد تمكُّن المخابرات الإماراتية من فتح خطوط تعامل مع قيادات في الحشد الشعبي، ومنهم المدعو حجي حمزة".

وأشارت المصادر إلى أن "السبب وراء إسناد عملية اعتقال حجي حمزة إلى جهاز تابع للحشد الشعبي، يعود إلى إيصال رسالة للإماراتيين بأن الحشد قادر على حماية نفسه من الاختراق".

وبحسب المعلومات الواردة لـِ"الاستقلال" فإن "الإيرانيين أخبروا رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض شخصياً، بأسماء القيادات الفاسدة في الحشد التي وقعت في شباك المخابرات الإماراتية".

وأوضحت المصادر، أن "الإيرانيين عبّروا عن غضبهم من اختراق أهم جهاز عسكري وأمني بالنسبة لها في العراق، والتي هي من ساهمت في تشكيله ويُعتبر مقرباً منها، بقياداته وفصائله العسكرية".

وكان زعيم مليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، الذي ظهر في إحدى الصور مع الشمري، قال: إن "الحشد الشعبي حقق إنجازاً مهماً، بعد تصدّيه لصالات القمار (الروليت) ولم تكن لدى الأجهزة الأمنية والعسكري، القدرة على اعتقال هؤلاء، لأن عدداً كبيراً من القادة العسكريين والأمنيين متورطون بصالات القمار، وتجارة الجنس".

وادّعى الخزعلي، "أن عملية اعتقال الشمري كشفت وجود أماكن خاصة للاستراحة وشرب الخمر وممارسة الجنس أنشأها الأخير في مقارّه، إذ يقوم الشمري بتصوير شخصيات سياسية وأمنية مهمة من خلال كاميرات نصبها لهم في هذه الغرف، ويمتلك مقاطع على رؤوس كبيرة في البلد".

كيف وصلت إليهم؟

المصادر، كشفت أن "الإيرانيين حذّروا الجانب العراقي من شراء الإمارات لعدد من قيادات الحشد الشعبي عبر لعبة القمار (الروليت)، وعمليات غسيل الأموال".

ولفتت إلى أن "شخصية سنية في منصب كبير بالعراق حالياً (لم تكشفها) كانت وراء التنسيق بين المخابرات الإماراتية، وقيادات في الحشد الشعبي، حيث بنت الأخيرة معهم علاقات متينة".

ونوّهت المصادر إلى أن "الشخصية السنية التي تُعتبر مقربة من إيران أيضاً، تتردد إلى دولة الإمارات بشكل مستمر، والإيرانيون هم من زوّدوا اسمه للسلطات العراقية بأنه هو وراء التنسيق بين المخابرات الإماراتية وقيادات الحشد ، التي وصفوها بالفاسدة".

وبخصوص أسباب تحرك الإمارات هذا لاختراق الحشد الشعبي، أكدت المصادر، أن "الولايات المتحدة الأمريكية تقف وراء القصة كلها، لأنها لا تستطيع الدخول إلى الملف العراقي دون توجيه منها، أو التنسيق معها على أقل تقدير".

وفي أغسطس/آب كشف المتحدث السابق، باسم الحشد الشعبي، كريم النوري أنّ عملية اقتحام قاعة "الروليت" في فندق الميريديان ببغداد، طالت أبرز شخص في مجال المتاجرة بالنساء والقمار وتهريب الفتيات، وهو حمزة الشمري.

وقال النوري خلال مقابلة تلفزيونية، إن "العملية نفذها فريقان: أمن الحشد والأمن الوطني، لسرية المعلومات، باعتبار الشخصيتين لديهما علاقات مع ضباط أمن يتم إبلاغهما قُبيل التحرك للاعتقال؛ ليهربا قبل وصول القوات الأمنية لهم".

وعزا المتحدث السابق باسم الحشد الشعبي، السبب وراء مداهمة صالات القمار، إلى "تحوُّلُها إلى أماكن غسيل أموال لرجال أعمال، الأمر الذي أقلق رئيس الوزراء، ورئيس هيئة الحشد".

قضية غسيل الأموال بواسطة لعبة الروليت، كان قد كشفها حاكم الزاملي الرئيس السابق للجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، بالقول: "إن 10 صالات للعبة الروليت موجودة في فنادق بغداد"، مؤكداً أنها وسيلة لغسيل الأموال ونقلها إلى الخارج.

وأوضح في مقابلة تلفزيونية، أن "لعبة الروليت عبارة عن عملية غسيل أموال للأشخاص الفاسدين والسرّاق، إذ يقومون عن طريقها بإخراج أموالهم المسروقة إلى خارج البلد، باعتبار أن هذه اللعبة معترف بها دولياً"

ولفت الزاملي إلى أن هذه الفنادق تضم خبراء أجانب من روسيا وقبرص وتركيا ولبنان، يقومون بإدارة لعبة الروليت مع عدد من الزبائن، ويدفعون مبلغ مليوني دولار في السنة الواحدة لكل فندق.

وكشف نواب بالبرلمان وشخصيات سياسية منهم الزاملي، أن المافيا بقيادة حجي حمزة تكسب يوميًا نحو مليون دولار من تجارة المخدرات والدعارة وصالات القمار التي انتشرت بشكل واسع، خاصة في الفنادق الفخمة والنوادي الليلية.

اختراق الانتخابات

وليست هذه المرة الأولى التي تحاول الإمارات اختراق الساحة العراقية، فقد كشفت "الاستقلال" في تقرير سابق عن امتداد أصابع الدولة الخليجية للعبث بالانتخابات البرلمانية العراقية، والتلاعب بنتائجها التي تُبنى عليها خارطة البلد السياسية، واستحقاقات الكتل في تشكيل الحكومة.

وذلك بعدما أفصح رئيس البرلمان العراقي السابق سليم الجبوري في مقابلة تلفزيونية عن دور الإمارات في إقصائه بعد التلاعب بنتائج الانتخابات البرلمانية العراقية.

وقال الجبوري الذي لم يفُز بمقعد في الانتخابات البرلمانية التي جرت في مايو/أيار 2018، بالقول: "كنت فائزاً بالانتخابات النيابية وفق جميع المعطيات بالشواهد والأدلة، وكذلك تلقيت اتصالاً من الإدارة الانتخابية تُؤكد فوزي".

وأضاف، أن "خميس الخنجر (سياسي عراقي كان مقرباً من الإمارات) أبلغه قبل أسبوعين من الانتخابات بتدبير أمر معين في الإمارات يتعلق بوضع الانتخابات، لأن السيرفرات الخاصة بالاقتراع كانت هناك"، مشيراً إلى أن "الخنجر أكد بأن النتائج ستكون صادمة بالنسبة له".

بين الحين والآخر تعلن قيادة الحشد الشعبي مداهمة صالات روليت في بغداد واعتقال القائمين عليها، إذ كشفت تقارير صحفية عن وجود متهمين هاربين كانا ضالعين بجرائم غسيل أموال وتحويل مبالغ إلى إسرائيل وقبرص.

وأفادت التقارير بأن "كل من المتهم الهارب حسين زهراوي المالك لقاعة الروليت في فندق عشتار شيراتون، والمتهم الهارب داوود شمو خدر المالك لقاعة الروليت في فندق بغداد متورطان بجرائم غسيل الأموال وتحويل مبالغ إلى إسرائيل وقبرص بمقدار مليون دولار أمريكي شهرياً".

وأوضحت، أن "المتهمين الهاربان صدر بحقهما أمر قبض وتحرّي بعد قيام العمليات الخاصة بمفتش عام الداخلية بضبط المقامرين بالجُرم المشهود بقاعة الروليت".

وكان المفتش العام لوزارة الداخلية العراقية أعلن، في 23 أغسطس/آب الماضي، القبض على 140 شخصاً، وإغلاق عدد من قاعات الروليت في بغداد.