"حرييت" تكشف كواليس استقالة باباجان ولقاء أردوغان مع داود أوغلو
سلطت صحيفة "حرييت" التركية، الضوء على قرب إعلان حزب جديد يخرج من رحم "العدالة والتنمية" الحاكم، يتزعمه وزير الاقتصاد الأسبق علي باباجان، الذي قال الأسبوع الماضي، عقب استقالته من حزب العدالة والتنمية، إن تركيا بحاجة إلى رؤية جديدة تماما لمستقبلها.
وفي مقال للكاتب عبد القادر سيلفي، نشرته الصحيفة، قال: "إن الحديث عن أحزاب جديدة ستنشأ من رحم العدالة والتنمية، لم يكن مفاجأة لكنه تحدٍ قوي وفي هذا الوقت بالذات، ومن شخصيات تعد من أبرز المؤسسين لحزب العدالة والتنمية الحاكم، ومن رفقاء الرئيس رجب طيب أردوغان".
متى إعلان الحزب؟
وأوضح، أن "الحزب أصلا جاهز، وكذلك برامجه، بل وتم وضع الاسم، فقط تبقى تحديد الهيئة التأسيسية للحزب، وتحديد أعضائه، وغالبا ما سيعلن عن الحزب في شهري سبتمبر/أيلول أو أكتوبر/تشرين الأول المقبلين، وهكذا، يصبح علي باباجان رئيس الاقتصاد؛ وعمل الحزب الجديد هو كذلك، وقد خاب ظن أولئك الذين يظنون في الحزب المقبل أنه يحمل شيئا جديدا".
وأشار الكاتب إلى أنه لم تكن خطوة علي باباجان مفاجأة، بل كانت منتظرة، وقد قيل إنه أرسل مكتوب الاستقالة خلال الأسبوع المنصرم، لكنه، فقط انتظر لأسبوع آخر، وقد قيل في الواقع ، لقد كان هناك لقاء جمع بين باباجان والرئيس أردوغان في نهاية مايو/أيار الماضي. ومع نتيجة الانتخابات المحلية في إسطنبول، وخسارة مقعد رئيس البلدية لصالح المعارضة، قرر الرجل تأجيل استقالته أكثر، لكي لا تكون الضربة اثنتين".
وقال باباجان في بيان: "في ظل الظروف الحالية، تحتاج تركيا إلى رؤية جديدة تماما لمستقبلها. هناك حاجة إلى تحليلات صحيحة في كل مجال، وإستراتيجيات مطورة حديثا وخطط وبرامج لبلادنا". وأضاف أنه صار محتما بدء جهد جديد من أجل حاضر تركيا ومستقبلها" مشيرا إلى أنه وزملاءه يشعرون "بمسؤولية عظيمة وتاريخية نحو هذا الجهد".
ورأى الكاتب، أن هذه الكلمات والتعبيرات، لا تحمل أي معنى غير أنه أسس حزبا جديدا، فقد قال ضمن بيان الاستقالة: "دافعت عن قيم ومبادئ تركيا خلال أدائي للمهام الموكلة لي من حزبي، وكان شرفا لي أن أكون جزءا من مرحلة تاريخية مفصلية في تركيا، ولكن في السنوات الأخيرة، كانت هناك تطبيقات في ميادين عدة تخالف المبادئ والقيم التي أؤمن بها، ما أدى لخلافات عميقة جدا، أبعدتني قلبا وعقلا عن الحزب".
وأشار عبد القادر سلفي إلى أنه "ليس من المنطقي إذن، الظن، أن إعلان الاستقالة، هو إعلان استراحة لباباجان، على العكس تماما، سيكون أكثر واقعية اعتبار هذه الكلمات أحد أسباب تأسيس الحزب الجديد".
وتابع الكاتب: سيقول مؤسسو الحزب الجدد، "لقد أسسنا حزب العدالة والتنمية، لكنه ليس الحزب القديم، هو حزب مختلف عما أسس عليه، يعني ذات اللغة التي يستخدمها رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو".
خارطة طريق باباجان
وعن خارطة الطريق التي ينتهجها باباجان في حزبه الجديد، قال الكاتب: إن "شعار علي باباجان، البداية من الصفر، فقد قال، علي باباجان: "من الضروري أن نبدأ بصفحات بيضاء في كل موضوع" والخروج يعطينا أيضا خارطة طريق للمرحلة القادمة.
وقال علي باباجان، أيضا: "نحن لا نستهدف قيادات الحزب، نحن بالطبع سندعو أنصار الحزب للالتحاق بنا، لكن الهدف الأساسي لنا هو تركيا بالكامل" ففي عقول أولئك الذين قابلوا باباجان، فإن الخط "الإسلامي"، مثل حزب "العدالة والتنمية"، ليس مهيمنا، سيكون قريبا من حزب الوطن الأم ANAP)).
وبحسب الكاتب، فإن حزب "الوطن الأم" يعتبر في وسط اليمين، وقد نجح أيام ازدهاره بزعامة تورغوت أوزال في جمع فئات مختلفة يمينية ويسارية ومتدينة تحت مظلته وتمكن بذلك من كسب شعبية واسعة. لكنه وبزعامة يلماز فقد تلك الروح تماما، الأمر الذي تسبب بانفصال قادته البارزين منه وانضمامهم إلى أحزاب أخرى.
حرص حزب "الوطن الأم" على أن يبدو أكثر أحزاب الحكومة الائتلافية الحالية رغبة في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وفتح الطريق أمام تركيا في الإصلاحات الدستورية الأخيرة. لكن استطلاعات الرأي ترى أن الحزب لن يتمكن من تجاوز النسبة المطلوبة لدخول البرلمان.
وبيّن الكاتب، أن "الأسماء الديمقراطية الليبرالية والاجتماعية، قد أُبلغت بالانضمام لرايته، حتى الفنان المحترم زولفو ليفانيلي عرض عليه لكنه لم يقبله". يقال إن الحزب الجديد مُنع من إعطاء حزب "العدالة والتنمية" السابق صورة سائدة؛ وبصرف النظر عن الأسماء المعروفة، فإن الأسماء التي تروق للحزب الجديد بدلا من حزب "العدالة والتنمية" هم الشباب، مع البحث عن أسماء جديدة.
ولفت إلى أن الحزب الذي سيتم إنشاؤه له مزايا وعيوب، وسوف نناقش ذلك كثيرا خلال إقامة الحزب؛ وكأي حزب، من الواضح أنهم سيعدون بمستقبل جديد للمجتمع. لكن أولا وقبل كل شيء، كزعيم لحزب "العدالة والتنمية" سيتعين عليهم مواجهة اتهام أردوغان بالخيانة.
لقاء أردوغان- داود أوغلو
وبينما يسرع علي باباجان جهوده المبذولة لتشكيل حزب جديد عن طريق باستخدام حزب "العدالة والتنمية" كجسر، يثار الفضول حول أحمد داود أوغلو، عمّا سيفعله، ومن المعروف أن اتصالا دار بين الرئيس أردوغان والأخير في عيد الفطر الماضي.
ومفاد المحادثة، بحسب الكاتب، هو رغبة أدروغان حضورا قويا لداود أوغلو في انتخابات البلدية، وحتى انتخابات الإعادة، لكن أوغلو، أعلن أنه في قونيا، مجيبا أردوغان أنه لم يتم استشاره في مسألة إعادة الانتخابات، ليجيبه أردوغان أن الاستشارة تمت مع المعنيين في الأمر بإسطنبول.
ذكر الكاتب، أنه قبل هذه المحادثة، أصدر أحمد داود أوغلو بيان من 14 مادة، تحدث فيها عن واقع الحزب، فيما بدا أنه قطيعة بين أردوغان وداود أوغلو، وأن الثاني لن يعود لحزب "العدالة والتنمية" مرة أخرى.
وزاد: البيان الذي هو عبارة عن توصيات واستنتاجات فيما يقرب من 20 صفحة حول الأوضاع بتركيا، شدد خلاله على تدخل أردوغان في سجالات سياسية حادة أغلب الوقت، وظهوره كأحد الأطراف، على الرغم من أنه يتعين عليه الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، تسبب في قطيعة نفسية بين الرئاسة ونصف المجتمع على الأقل.
وذكر داود أوغلو في بيانه، أن النظام الرئاسي بقيادة أردوغان يعيش حالة من القطيعة مع نصف المجتمع، منتقدا تراجع الحريات بالبلاد، وانحياز الرئاسة إلى طرف ضد آخر في الانتخابات المحلية التي جرت 31 مارس/آذار الماضي.
واستطرد الكاتب: "لقد واجه حزب العدالة والتنمية أخطر الاختبارات منذ بدايته؛ فمن ناحية، نتائج الانتخابات في 31 مارس/آذار و 23 يونيو/حزيران، من ناحية أخرى، هناك حزبان جديدان يحاولان البناء على جذور حزب العدالة والتنمية".
واختتم عبد القادر سلفي حديثه بالقول: "بعد التغلب على العديد من الصعوبات حتى الآن، يواجه أردوغان تحديا جديدا في حياته السياسية، هذه المرة سوف يقاتل في الخارج والداخل".