أول زعيمة حزب معارض تدخل السجن بسبب شقيق بوتفليقة.. من يلحقها؟

12

طباعة

مشاركة

تواصل الاحتجاجات الشعبية في الجزائر مطالبتها بإزاحة رموز النظام عن المشهد السياسي، بعد قرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة التنحي من منصبه في أبريل/نيسان الماضي، جراء تظاهرات واسعة انطلقت في فبراير/ شباط 2019، رافضة ترشحه لولاية رئاسية خامسة.

في ظل هذه المطالبات، شنت السلطات الجزائرية بأوامر قضائية موجة اعتقالات طالت عددا من الشخصيات المقربة من بوتفليقة وفي مقدّمتهم شقيقه الأصغر السعيد، وقائدي المخابرات الحالي والسابق الذي كان لهما دور كبير في إدارة الحكم بالبلاد منذ عقود، وعددا من الرموز السياسية المحسوبة على النظام، وكذلك أثرياء الجزائر الذين اتهموا بقضايا فساد.

إلا أنّ الغريب في الأمر، هو اعتقال زعيمة حزب العمال المعارض لويزة حنون التي وجهت لها تهم بالمساس بسلطة الجيش والمؤامرة ضد الدولة، ما أثار جدلا واسعا بين الناشطين الجزائريين بين مؤيّد ورافض ومتخوّف على حريّة العمل السياسي في البلاد وعودة القبضة الأمنية.

في سلّة واحدة  

أودع قاضي التحقيق لدى المحكمة العسكرية بالبليدة في الجزائر، زعيمةَ حزب العمال لويزة حنون الحبس المؤقت إلى غاية استكمال التحقيق بشأن التهم المنسوبة، وهي المساس بسلطة الجيش والمؤامرة ضد سلطة الدولة.

وتلقت حنون البالغة من العمر 65 سنة، استدعاء قبل يوم من اعتقالها من قبل المحكمة العسكرية للإدلاء بشهادتها في إطار مواصلة التحقيق المفتوح ضد كل من سعيد بوتفليقة (شقيق الرئيس السابق عبد العزيز) ومسؤولي المخابرات العسكرية السابقين محمد مدين (الجنرال توفيق) وعثمان طرطاق (الجنرال بشير).

وتواجه زعيمة حزب العمال التهم نفسها الموجهة لما يسمى بثلاثي القوى غير الدستورية، وهم سعيد بوتفليقة والجنرالان توفيق وطرطاق، والذين وصفوا بـ "العصابة " بعد كلمة قائد أركان الجيش ونائب وزير الدفاع الجنرال أحمد قائد صالح الذي اتهمهم بإدارة البلاد بطريقة غير دستورية.

وكان آخر بيان وقعته حنون قبل سجنها، قد انتقد الحملة القضائية التي استهدفت رجال أعمال ومسؤولين سياسيين وعسكريين، فقد قال حزبها في بيان إنّه "دون التدخل في شؤون العدالة المدنية والعسكرية، فإن الاعتقالات والمحاكمات سواء تعلق الأمر بالجنح أو الجرائم الاقتصادية أو الاعتقالات الأخيرة التي لها طعم سياسي، تثير عدة تساؤلات بالنظر للوضع الثوري وطبيعة ونوعية المؤسسات التي تعطي الأوامر لذلك".

وأضاف البيان: إن "غالبية الشعب تشترط رحيل النظام أولا ثم القيام في ظل عدالة مستقلة، بمحاكمة جميع المسؤولين ورجال الأعمال المعنيين من أجل تفادي تصفية الحسابات وانتقائية القرارات في فترة الثورة".

اتهامات خطيرة

وأكد رشيد خان، محامي موكل للدفاع عن لويزة حنون المعتقلة بسجن البليدة منذ  مايو/ أيار الجاري، في تدوينة على صفحته على موقع "فيسبوك"، أن موكلته اعترفت باجتماعها مع كل من السعيد بوتفليقة والجنرال توفيق يوم 27 مارس/آذار، بالإقامة الرسمية “دار العافية” التابعة للدولة.

وقال المحامي، إن المعنية حضرت لقاء تشاوريا فقط بحضور كل من مستشار الرئيس السابق سعيد بوتفليقة واللواء المتقاعد محمد مدين المدعو توفيق بالإقامة الرسمية “دار العافية” التابعة للدولة وهذا بالضبط يوم 27 مارس/آذار 2019، دام اللقاء قرابة ساعة واحدة فقط وكان موضوع اللقاء التشاوري إبداء الرأي عما يحدث في الساحة السياسية وكان في اعتقادها أن هذا اللقاء كان رسميا وبموافقة رئيس الجمهورية، وإلا كيف يفسر فقط في خلال ساعة واحدة أن ترتكب كل هذه الأفعال التي تشكل تهما ثقيلة تؤدي إلى الحكم بالإعدام".

من جهته، أكّد المحامي مقران آيت العربي في بيان أصدره، أن "التهمة الأولى الموجهة إلى لويزة حنون جريمة التآمر غايتها المساس بسلطة قائد تشكيلة عسكرية، الفعل المنصوص والمعاقب عليه بالمادة 284 من قانون القضاء العسكري. وعقوبتها من 5 إلى 10 سنوات سجن. التهمة الثانية التآمر لتغيير النظام، الفعل المنصوص والمعاقب عليه بالمادة 77 من قانون العقوبات. وعقوبته الإعدام".

تضامن عابر للحدود  

نشرت الصفحة الرسمية لحزب العمال الجزائري يوم 15 مايو/أيار 2019 نص عريضة  لـ"الحملة الدولية من أجل المطالبة بإطلاق سراح المناضلة لويزة حنون"، وكشفت الصفحة، أنّه وقعت نحو ألف شخصية فرنسية من ناشطين سياسيين ونقابيين ومدافعين عن حقوق الإنسان نداء يطالب "بالإفراج الفوري" عن الأمينة العامة لحزب العمال الجزائري.

ومن بين الشخصيات الفرنسية التي وقعت على النداء، رئيس الوزراء السابق جان مارك آيرولت وزعيم حزب "فرنسا الأبية" اليساري الراديكالي جان لوك ميلنشون، والأمين العام للكونفدرالية العامة للشغل فيليب مارتينيز والرئيس الفخري لرابطة حقوق الإنسان المحامي هنري لوكلير.

وأثار اعتقال لويزة حنون، عددا من المعارضين الجزائريين وحرك قافلة تضامنية تطالب بإطلاق سراحها، وتتهم القضاء بالانتقائية في محاربة الفساد، ووصفت "رابطة حقوق الإنسان" وأحزاب معارضة الخطوة بـ"الانزلاق الخطير"، كما اعتبر حزب "جيل جديد"، أن "إيداع حنون في الحبس المؤقت يطرح تساؤلات عن النيات الحقيقية للسلطة الجديدة".

من جهة أخرى، قالت وزيرة الثقافة السابقة خليدة تومي: إن "إيداع حنون الحبس المؤقت يدخل في إطار الانحراف الشمولي، وعلى الأشخاص الذين اتخذوا القرار أن يعودوا إلى رشدهم وأن يدركوا أن هذا التوقيف أمر سيئ بالنسبة للبلد ولصورة الجيش".

وتابعت: إنه "لا يمكن أن يكون قرار المؤسسة العسكرية بأكملها، هذا مستحيل وأمر غير مقبول، إنه فضيحة"، في إشارة على ما يبدو لرئيس الأركان.

من التالي؟

يتداول البعض من الناشطين الجزائريين، أن سلسلة الاعتقالات التي بدأت برموز النظام وشملت رجال أعمال، قبل أن تدشن لويزة حنون الاعتقالات في صفوف السياسين، يخشى من أن تتمدد لتطال شخصيات سياسية أخرى ربّما قد توجّه لها تهم مماثلة بسبب تواصلها مع محيط الرئيس بوتفليقة.

وقال عبد الوهاب فرساوي "رئيس تجمع العمل الشبابي"، إن "توقيف حنون يترجم إرادة السلطة الحقيقية التي يجسدها قائد أركان الجيش، بتمرير بالقوة أجندته المتمثلة في الإبقاء على النظام من خلال تنظيم انتخابات 4 تموز/يوليو".

وأضاف عبر حسابه على "فيسبوك"، أن "النظام يريد خنق الحركة وإخافة كل من لا ينخرط في خارطة الطريق الهادفة الى تأمين انتقال فئوي"، منددا بما أسماه  "الطابع الاستبدادي للسلطة"، وداعيا إلى "استقلال القضاء".

من جهته، قال عبد الرزاق المقري رئيس "حركة مجتمع السلم"، إنه "من غير المنصف اعتقال أي سياسي بسبب مواقفه ولم نسمع أن المؤسسة العسكرية وجّهت لها تهما بخصوص علاقتها بقضية توفيق وطرطاق والسعيد بوتفليقة، وعليه فنحن لا نقبل أن يُسجن أي سياسي بسبب مواقفه وآرائه" .

يذكر أن المقري، قد سبق وكشف عن لقاء جمعه بشقيق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة السعيد قبل انطلاق الحراك الشعبي في إطار مبادرة كانت تنوي الحركة تقديمها، وهو ما أكّده في مؤتمر صحفي في 14 مايو/ أير الجاري، حيث  قال إنه طلب لقاء أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الجزائري عن طريق شقيق الرئيس الجزائري السابق سعيد بوتفليقة ثلاثة مرات.

وفي رده على سؤال يتعلق بإمكانية استدعائه للقضاء بسبب اللقاء الذي جمعه بشقيق رئيس الجمهورية السابق، قال أن حركته قدمت في اللقاء مبادرة التوافق الوطني من أجل تحقيق ما تسميه بـ"الانتقال السياسي والديمقراطي في البلاد".

وقدم المقري تفاصيل جديدة عن هذا اللقاء الذي فجّر جدلا واسعا في الساحة السياسية وجعله عرضة لانتقادات حادة، وقال: إن "الرئيس السابق بوتفليقة كلف الوزيرين السابقين في حكومة أويحي الطيب لوح وزير العدل السابق وعبد القادر مساهل وزير الخارجية ثم شقيقه الأصغر بلقائه".

وأضاف، أن "كلامه مسجل في الرئاسة وسيكون من الأفضل لو تم إعلانه للرأي العام في البلاد"، كما أكد أنه "نظيف ولم يتورط يوما لا في قضايا اقتصادية ولا سياسية ولا أمنية"، متحديا "أيّا كان أن يقدم ضدنا إثباتا يمكن أن يدلّ على أننا تآمرنا مع طرف ضد طرف آخر".