هدم قبابا تاريخية.. لماذا تصمت "اليونسكو" أمام جرائم نظام السيسي؟
“عمليات الهدم المتكررة تعكس تشويه الذاكرة الجماعية للشعب المصري”
لا تمر أشهر، إلا وتعود "بلدوزرات" النظام المصري لارتكاب جريمة هدم تراث إسلامي، ما دفع مواطنين وخبراء لمطالبة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بمعاقبة حكومة النظام، بل ودعوا الدول لعدم انتخاب مرشح مصر لرئاسة هذه المنظمة الدولية.
ورشح نظام عبد الفتاح السيسي، وزير الثقافة السابق خالد العناني، لمنصب المدير العام لليونسكو في الانتخابات المقررة عام 2025.
ومنذ عام 2020، شهدت منطقة مصر القديمة والقاهرة التاريخية عمليات هدم تُنفذ تحت ذريعة “مشروعات الطرق”، مما أدى إلى تدمير عدد من المعالم الأثرية والثقافية، ما شكل تهديدا حقيقيا للتراث الإسلامي التاريخي المصري.
ونفذت شركات مقاولات تابعة للجيش قرابة أربع حملات بالبلدوزر لهدم آثار ومقابر تاريخية إسلامية في منطقة "القاهرة القديمة"، بحجة بناء طرق وجسور جديدة، قال خبراء إن “المقابر لا تعيقها، أو يمكن الالتفاف حولها”.
تدمير الهوية
وفي كل مرة يعترض أثريون ومحبو التراث في مصر على هدم المقابر التاريخية في مناطق مختلفة، مثل الإمام الشافعي، لبناء كباري تقام أسفلها محال أطعمة سريعة، ضمن “بيزنس” الجيش، يجرى وقف الهدم مؤقتا لحين هدوء العاصفة.
ثم يتم الإعلان عن تشكيل لجان لفحص الآثار، ولاحقا تتجاهل السلطات كل الاعتراضات وتوصيات اللجان، ليعود البلدوزر ليحيل مناطق تراثية جديدة، يفوح منها عبق التاريخ، إلى أكوام من الحجارة، تُبنى على أنقاضها الجسور.
ويتهم مصريون السلطات بتعمد ذلك، لا لقلة كفاءة في إدارة الآثار التاريخية، بل لمحو معالم وتواريخ إسلامية قديمة، عمدا، لصالح معالم وتواريخ أخرى، ضمن سعي نظام السيسي بتدمير الهوية الإسلامية وإبدالها بأخرى مشوهة لدى الأجيال المقبلة.
وبعدما أعيا مصريين التعب من عناد وإصرار الجهات الرسمية، على تنفيذ خطط الهدم للتراث الإسلامية، بقرارات عسكرية، دون تقدير لآراء الخبراء وعلماء الآثار، بدأ بعضهم يطالب بتدخل "اليونسكو" رسميا لعقاب النظام حتى يتوقف عن "جرائمه".
الحقوقي ناصر أمين دعا إلى رفض المرشح العناني لمنصب مدير اليونيسكو، مبررا بأن "مصر لا تحافظ على تراثها فكيف ستحافظ على آثار العالم إذا نجح هذا المرشح الذي صمت أمام تلك الجرائم بحق تراثنا"، وفق قوله عبر تغريدة على منصة “إكس”.
وقال الإعلامي حافظ المرازي إن "فاقد الشيء لا يعطيه"، متسائلا: “كيف يمكن لوزير الآثار الذي برر لحكومته هدم تراثها العالمي أن يرأس اليونسكو ليحمي لدول العالم الأخرى تراث شعوبها ضد جبروت وهيمنة وبلطجة الدول والشركات الكبرى؟!”
وأكد في مقال بموقع "المنصة" في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2024 إن "العناني، اشتهر بشطب كل ما يُعد أثرا، بدل حماية وتسجيل آثار القاهرة التاريخية، التي عدتها اليونسكو بأكملها تراثا عالميا منذ 1979".
وانتقد المرازي ما سبق أن قاله المرشح كمدير لليونسكو عام 2021: "لو هنسجل كل مبنى عمره 100 عام كأثر هنسجل نصف بيوت البلد".
وتوقع – ساخرا- أن "تركز الحكومة في دعم ترشيحها له لليونسكو، على إنجازه في ترميم المعبد اليهودي بالإسكندرية على نفقة الحكومة".
وتساءلت المذيعة لميس الحديدي عبر فيسبوك: "ماذا سنقول لليونسكو (عن هدم هذا التراث) وهو الذي سجل كل القاهرة التاريخية منطقه تراث عالمي وإحنا (نحن) مرشحين ممثل لمصر، مديرا لليونسكو؟".
ونشرت صورة قرار لوزير الإسكان في 16 سبتمبر/أيلول 2024 بحذف 10 مدافن تراثية من الطراز المعماري المميز، مستغربة أن تحدد وزارة الإسكان (لا خبراء الآثار) الأهمية التاريخية لهذا التراث.
وقالت "جمعية المعماريين المصريين" في بيان إن هدم هذه المواقع يمثل انتهاكا صارخا للقوانين المصرية والدولية التي تحمي التراث المعماري والثقافي، ومنها اتفاقية اليونسكو لعام 1972 التي تلتزم مصر بالحفاظ على مواقع التراث ذات القيمة العالمية، ومنع أي تهديد أو تدمير لها.
مشاهد صادمة
ووقع عدد من المثقفين وخبراء الآثار والنقابات والجمعيات "عريضة" في 25 أكتوبر 2024 قالوا فيها إن مصر "عليها أن تثبت للعالم أولا أنها تحافظ على تراثها"، وذلك قبل أن تتقدم بمرشح لتبوأ مركز مدير أكبر مؤسسة عالمية راعية للثقافة والتراث.
وأكدوا، في العريضة التي نشرتها مجموعة "إنقاذ جبانات القاهرة التاريخية": "تتعرض جبانات مصر التاريخية منذ أربع سنوات لموجات من التدمير الممنهج يتم على دفعات".
وحذروا من أن أعمال الهدم "تتوقف مؤقتا مع تصاعد الرفض المجتمعي الذي تروعه مشاهد الجرافات وهي تزيل حجارة الألف عام، وتدك عظام الموتى بشراسة وعنف لا مثيل لهما، دون أي تقدير للتاريخ والأعراف الإنسانية والديانات السماوية".
وانتقد الموقعون على العريضة "المشاهد الصادمة لقباب فريدة تتحطم في لمح البصر، وشواهد تحمل آيات قرآنية ومقولات جميلة وأشعارا مفتتة وملقاة على الأرض"، بعدما كانت بالأمس مدافن أنيقة تمثل المثوى الأخير لموتانا.
وقالوا إن هذه المشاهد "ستظل تطبع ذاكرة الأجيال القادمة لتذكرهم بعصر من دمروا تراث حافظ عليه السكان الأصليون والغزاة على حد السواء على مدى قرون".
كما أكدوا "وجود البدائل للإزالة التي طرحتها لجنة شكلها مجلس الوزراء من المتخصصين في التخطيط العمراني والحفاظ على التراث عام 2023".
وشددوا على أن دراسة لجدوى مشروع الطرق والكباري المطروح من قبل الحكومة والذي بدأ تنفيذه عام 2020، أثبتت عدم جدواه لكونه يوفر دقيقتين فقط للرحلة، وطرحت مشروعا بديلا يعتمد على استغلال شبكة الطرق الحالية والمستحدثة دون المساس بالجبانات التاريخية.
ودعا "المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" عبر بيان في 23 أكتوبر 2024 القضاء للتدخل ووقف الهدم وحماية الجبانات التاريخية.
ووصف هدم أبرز رموز التراث المعماري المصري، بأنه "يمثل اعتداء صارخا على الهوية الثقافية والتاريخية"، متهما السلطات بأنها "هي نفسها المتعدية على هذه المعالم التاريخية"، داعيا لمحاسبة المسؤولين عن ذلك.
كما وصف عمليات الهدم المتكررة بأنها "تعكس تشويها للذاكرة الجماعية للشعب المصري، وتجاهلا للقيمة التاريخية والتراثية لهذه المواقع".
وانتقد المركز الحقوقي غلق "العدالة" أبوابها أمام مطالبات إنقاذ التراث، حيث قضت محكمة القضاء الإداري بعدم قبول دعوى رفعها المركز نيابة عن مجموعة من أساتذة واستشاري الحفاظ على التراث العمراني، لوقف تنفيذ الهدم وتوفير الحماية اللازمة للمقابر والمباني الأثرية بالقاهرة التاريخية.
وحين قامت سلطات النظام بعمليات هدم في سبتمبر/ أيلول 2023، انتقدها اليونسكو، ونقل موقع "باب مصر" حينئذ عن مصدر مطلع أن "لجنة اليونسكو" رفضت خلال اجتماع في السعودية الاستجابة لطلب الحكومة المصرية، وذلك بشأن "تقليص مساحة القاهرة التاريخية والمدرجة ضمن حدود اليونسكو"؛ لأنها مُدرجة بصفتها "مناطق تاريخية".
وسبق أن رشحت مصر وزيرة الدولة للأسرة والسكان السابقة، السفيرة مشيرة خطاب، عام 2017 لمنصب رئيسة اليونسكو، وخسرت، وقبلها عام 2009، رشحت وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني.
وقد تم رفض حسني بإيعاز من إسرائيل التي اتهمته حينها بمعاداة السامية، بعد تصريح له في البرلمان المصري قال فيه إنه “سيحرق الكتب الإسرائيلية إذا عثر عليها في المكتبات المصرية”.
ويستلزم للفوز بمنصب مدير عام اليونسكو، الحصول على 30 صوتا، خلال جولة الانتخابات.
ويتم الانتخاب حسب أنظمة اليونسكو عبر خمس دورات، على أن تحسم الدورة الأخيرة (عام 2025)، فإذا حظي أحد المرشحين على ثلاثين صوتا، حاز على تزكية المجلس بالفوز بالمنصب الدولي.
وتعارض منظمة اليونيسكو وبعض المهتمين بالتراث مشروع هدم المقابر والقباب التاريخية لبناء طرق وجسور، ولطالما طالبت المنظمة السلطات المصرية بتوضيح خططها بشأن المنطقة.
وقبل نحو 40 عاما، سجلت اليونسكو القاهرة التاريخية، وقلبها منطقة المدافن، المعروفة باسم "مدينة الموتى"، على قائمة التراث العالمي.
وفي السنوات الأخيرة، كررت اليونيسكو شكواها من الإهمال الذي تتعرض له المنطقة، وهددت بشطبها من قائمة التراث العالمي، ونقلها لقائمة التراث المعرض للخطر، بحسب شبكة "بي بي سي" في 23 أكتوبر 2024.
استياء واسع
وكانت بلدوزرات النظام عاودت هدم مناطق تراثية مهمة تتميز بالمعمار الإسلامي غير الموجود في العالم في مناطق المقابر بالقاهرة القديمة، وأهمها "قبة حليم باشا"، لبناء جسور علوية، ومحاور مروية.
وقال الباحث المستقل المهتم بالمقابر التراثية، مصطفى الصادق، أن “القبة المصممة على الطراز المملوكي كانت مدفونة بها أربع شخصيات”، هي "نام شاذ قادين مستولدة الوالي محمد علي باشا الكبير المتوفية منذ 155 سنة، وهي والدة الأمير محمد عبد الحليم أحد أبناء محمد علي باشا، والأميرة كريمة ابنة الأمير محمد عبد الحليم باشا، والأمير محمد علي حليم والنبيل عباس حليم.
وأثار هدم قبة "مستولدة محمد علي باشا" في مقابر الإمام الشافعي، المعروفة بـ"قبة حليم باشا"، في 22 أكتوبر 2024، إضافة لمدفن رئيس وزراء مصر الأسبق يحيى باشا إبراهيم، أحد رموز مقاومة الاحتلال البريطاني، استياء واسعا بين علماء آثار ومواقع التواصل.
واتهم خبراء ونشطاء، سلطات النظام المصري بـ"التفريط" في التراث التاريخي والعمراني للبلد.
وأبدوا قلقهم من أن يتم، عقب هدم السلطات قبة حليم- والمعروفة أيضا بقبة حرم محمد علي باشا، وهي واحدة من القباب التاريخية، في منطقة مدافن الإمام الشافعي- هدم المزيد من التراث المعماري والثقافي في القاهرة التاريخية.
ونشر مهتمون بالتراث الإسلامي، "قائمة جاهزة بالمباني المعدة للهدم"، ما يعني توقع هدم سلسلة أخرى من القباب الأثرية في المنطقة وتدميرها.
فبجانب قبة حليم، هناك عدة قباب أخرى تحتاج للحماية، ومنها، قبة "جلزار" التي تعد واحدة من أقدم القباب بالمنطقة، وقبتا "الدرملي"، وقبة "الفلكي".
وحاولت وزارة الثقافة ولجان السلطة الإعلامية، تبرير الهدم بأن هذه الآثار القديمة التاريخية "ليست مسجلة" لديها، ما أثار غضب خبراء ومختصين أكدوا أن هناك فارقا بين "الآثار" و"التراث" الذي يجري هدمه.
ونشروا وثائق تؤكد تشكيل لجنة لفحص هذه الآثار، لكنها لم تعمل وتم الهدم بصورة فورية وهمجية، بقرارات عسكرية لا تعلم عنها وزارة الثقافة عنها في أحيان كثيرة، أو تشارك في تبريرها والتغطية عليها.
وتقول خبيرة الآثار والتراث المصري القديم، مونيكا حنا، أن القاهرة التاريخية مسجلة كتراث على قائمة اليونسكو منذ عام 1979 وحدودها طبقا للخرائط المقدمة آنذاك تحمي المنطقة التي يتم هدمها حاليا.
وأكدت أنه "لذلك حاولت وزارة الآثار تقليص هذه المساحة في الاجتماع الأخير للتراث العالمي في السعودية، مما تسبب في استهجان كبير من جميع الأوساط العالمية العلمية".
انتظار الهجوم
وبسبب الحملة الكبيرة على منصات التواصل الاجتماعي من خبراء أثار، تحركت نقابة المهندسين لرصد حجم التخريب في الآثار.
وتدخلت النقابة على خط الأزمة، وأعلنت تشكيل لجان لبحث مدى تراثية المقابر التي يتم هدمها وطرح مبادرات لحل الأزمة وإنقاذ التراث.
ومع اشتداد الحملة التي قادها خبراء آثار وتراث إسلامي، قال وزير الثقافة أحمد هنو، إن أعمال الهدم في منطقة مقابر الإمام الشافعي "توقفت مؤقتا" لحين التنسيق مع الجهات المعنية ودراسة موقف الأضرحة المطلوب إزالتها.
وقال هنو، لموقع "المصري اليوم" في 26 أكتوبر 2024، إن "وزارة الثقافة طرحت بالتعاون مع الجهات المعنية (الجيش) بحث إمكانية الإبقاء على الأضرحة في مكانها أو نقلها لمكان آخر".
وأفاد بأن "وقف الهدم سيتم لحين دراسة موقف الأضرحة والمقابر الموجودة في اتجاه المحور المروري الجديد".
لكن خبراء آثار قالوا إنها "مجرد توصية لامتصاص الغضب ثم استئناف الهدم كما حدث في عدة مرات سابقة".
وقالت الكاتبة والباحثة المصرية في مجال الآثار، جليلة القاضي: إن ما يتردد عن وقف الهدم في الجبانات "غير حقيقي على الإطلاق، والهدم مستمر"، طبقا لشهود عيان.
وأكدت أنه متوقف مؤقتا في مناطق أخرى، لكن البلدوزرات لا تزال ترابط هناك انتظارا لقرار الهجوم.
ونشر عضو مجموعة "إنقاذ جبانات القاهرة التاريخية"، مصطفى الصادق، قائمة تضم 16 من المقابر التي تمت إزالتها طبقا لحصر قام بها أبرزها مدافن، محمود سامي البارودي، ومحمد راتب باشا، سردار الجيش المصري.
والقائد إسماعيل شيرين، أحد قادة الأسطول البحري في عهد محمد علي، وقاسم محمد باشا، أول قائد للمحروسة.
وقبة محمد عبد الحليم أصغر أبناء محمد علي، وحوش ومقبرة البرنسيسة كريمة، حفيدة محمد علي باشا.
ومدرسة الإمامين التاريخية، ومدرسة رابعة العدوية، وحوش يوسف كمال باشا، راعي الفنون في مصر ومؤسس كلية الفنون الجميلة، وواجهة حوش إبراهيم النبراوي، أكبر أطباء عصره ومدفن الشيخ ورش، إمام وعالم في القراءات القرآنية.
ومدافن الدكتور يوسف رشاد، طبيب وصديق الملك فاروق، والدكتور علي باشا إبراهيم، أول عميد مصري لكلية ومستشفى قصر العيني، والسياسي بهي الدين بركات، والمؤرخ أحمد باشا شفيق صاحب الحوليات المعروفة، وعائلة ذو الفقار، والملكة فريدة.
حذف التراث
في كل مرة تهدم فيها السلطات أحد القبور أو القبب التاريخية، يكرر مسؤولون حكوميون عبارة أن "المقابر ليس مسجلة على قوائم الآثار".
وللتغلب على الانتقادات التي تكررت في كل مرة يجرى فيها هدم مقابر وأبنية تاريخية تراثية، اخترع نظام السيسي أيضا "لعبة" حذف الآثار وتراث المقابر التاريخية من الأوراق الرسمية، وبواسطة وزارة الثقافة ذاتها المفترض أن تحميها.
وفي كل مرة يثور المهتمون بالتراث الإسلامي ويعترضون على الهدم، يفاجؤون بأن وزير الثقافة ألغى ما يتم هدمه من قائمة "التراث"، ويشن إعلام السلطة حملة يزعم فيها أن ما تم هدمه ليس مسجلا ضمن الآثار.
وسبق أن تكرر هذا، ورفض نظام السيسي مقترحات لبعض لجان الخبراء والآثار وأطلق جنرالاته البلدوزر ليواصل الهدم في جبانات الإمام الشافعي والسيدة نفيسة والمماليك وغيرها.
و قال كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار مجدي شاكر، لصحيفة "المصري اليوم"، إن قبة حليم باشا "ليست أثرا، وغير مسجلة ضمن قائمة عداد الآثار".
وزعم أنه يتم تسجيل المباني التاريخية التي مر عليها 100 عام كمبانٍ أثرية منذ صدور قانون رقم 117 لعام 1983، رغم أن هذا المبنى وغيره تاريخه يرجع لأكثر من 100 عام.
ورد عليه خبير الآثار، مصطفي الصادق بقوله: "هذه حجتهم الدائمة للهدم"، متسائلا عن كيفية تسجيل الوزارة الآثار، مشيرا إلى وجود "تخاذل شديد في هذه المسألة".
أوضح لموقع "باب مصر" أن مسجد السيدة زينب لم يسجل كأثر إلا سنة 2017، فهل يعقل أنه كان يمكن أن يتم هدمه سنة 2013 مثلا بنفس الحجة لأنه غير مسجل كأثر؟".
الصادق، قال إن "عدم تسجيل القبة كأثر ليس عيبا في المكان، لكنه مسؤولية وزارة الآثار"، وهناك معالم تراثية أخرى قادمة في الطريق تواجه الهدم، مثل قبة وجامع الفلكي وحوش بركات وحوش رشوان باشا عبد الله ومقبرة سامي البارودي.
ورغم أهمية قبة حليم باشا، التي تم هدمها، فهي لم تُسَجل كأثر، في حين أن قانون الآثار لعام 1983 ينص على أن كل ما تخطى عمره المائة عام يعامل معاملة الأثر، ما يطرح تساؤلات حول الهدم لمجرد إهمال الوزارة في تسجيل الأثر أو رفعه من قائمة الآثار.
وبالتزامن مع موجة الهدم الأخيرة كتب أحمد يونس، أحد أهالي المنطقة، يؤكد أن عمليات الهدم لها علاقة بتمهيد وتوسيع طرق لمشاريع إماراتية في مصر.
وأشار إلى أنه سيتم أيضا إزالة منطقة سوق الحمام والخرطة القديمة ومدرسة دبلوم شكري الأثرية وعدد من القبب التاريخية، من أجل "ربط الطرق الممتدة حتى مسجد الرفاعي والسلطان حسن، لأن حرم "القلعة" قامت شركة إماراتية بتأجيره إيجارا دائما.
ويثير هدم السلطات المصرية مقابر إسلامية وتاريخية عديدة في أحياء العاصمة القديمة (السيدة عائشة، والإمام الشافعي، والمماليك) من أجل تشييد طرق وجسور مكانها، غضبا، لأنه بالمقابل يجري الاعتناء بمقابر اليهود وتجديدها.
وكان لافتا اهتمام نظام السيسي بشكل متواز بترميم مقابر ومعابد يهودية لا إقبال عليها، رغم انقطاع الوجود اليهودي بمصر إبان خمسينيات القرن العشرين، والذي بات يقتصر حاليا على خمسة أشخاص فقط، مقابل تجديد مقابر يهودية.
وفي 20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، افتتحت سلطات النظام بالشراكة مع السفارة الأميركية في القاهرة ومركز الأبحاث الأميركي في مصر (ARCE) وممثلين عن منظمات يهودية أميركية ومصرية مقابر "ليشع ومنشه" التي تم ترميمها حديثا في القاهرة.