نقطة تحول.. ما قصة وجود جنود بريطانيين بزي أميركي على حدود تركيا؟

5 months ago

12

طباعة

مشاركة

اهتمام في تركيا بتصريحات مسؤوليها عن دور بريطانيا في دعم “حزب العمال الكردستاني” (بي كا كا) في سوريا، والاجتماع المرتقب بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والأميركي جو بايدن.

وعندما سُئل وزير الخارجية التركي هاكان فيدان عن “وحدات حماية الشعب”، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، أجاب: "نواجه مشاكل مع دولتين ونصف، الولايات المتحدة وبريطانيا، وقليلا مع فرنسا". 

وعلق الكاتب التركي يحيى بوستان في مقال نشرته صحيفة “يني شفق” بالقول: “عندما يتعلق الأمر بمنظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية، فإن دولا مثل الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا تكون موضع النقاش دائما”. 

واستدرك: “مع ذلك فإن ذكر اسم بريطانيا من قبل مصدر رسمي وعلى مستوى رفيع هو أمر جديد”.

وأضاف بوستان أن “السؤال هنا هو لماذا بريطانيا”، مضيفا أن "إحدى الإجابات على ذلك كانت بأن الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في سوريا تلعبه بريطانيا أيضا". 

وأشار إلى أنه "كانت هناك إجابة أخرى وهو أن القوات الخاصة البريطانية قدمت تدريبات للقوات الخاصة التابعة للإرهابيين من وحدات حماية الشعب في قواعد عسكرية، بل وزوّدت المنظمة بالذخيرة".

عمليات استخبارية

وقال بوستان إن “القوات الخاصة البريطانية تقوم بعمليات سرية في 19 دولة، وأوكرانيا هي واحدة من البلدان التي تعمل فيها بشكل مكثف، حيث يشتبكون مع الجيش الروسي، ويمتد صراعهم مع روسيا إلى الدول الإفريقية وخاصة نيجيريا”. 

وذكر أنه “في الأيام التي قامت فيها أنقرة بعملية عسكرية في ليبيا لحماية مصالحها في البحر الأزرق (الوطن الأزرق وهو مناطق الاختصاص البحري التي أعلنتها تركيا في البحر الأسود والأبيض المتوسط وبحر إيجه) كان هناك حديث عن وجود القوات الخاصة البريطانية هناك، وحتى إنهم كانوا يسعون للتقارب مع تركيا لاستهداف مجموعة فاغنر الروسية”. 

وأضاف بوستان أن "القوات الخاصة البريطانية موجودة أيضا في سوريا، فمع بداية الحرب الأهلية بدأت الولايات المتحدة بتدريب مجموعات (المعارضة) المرتبطة بها، وكانت بريطانيا جزءا من هذا التدريب باستخدام قاعدتها في الأردن". 

وأدى ظهور تهديد “تنظيم الدولة”، الذي وصفه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بأن سلفه باراك "أوباما هو المؤسس له"، إلى تكثيف القوات الخاصة البريطانية عملياتها في سوريا. 

وبحلول عام 2014 بدأ البريطانيون، مثل الأميركان، العمل بشكل وثيق مع “وحدات حماية الشعب”، وفق الكاتب التركي.

واسترسل: “لقد دربوا أعضاء المنظمات الإرهابية الذين يشيرون إليهم بأنهم جنود أكراد مدربون من قبل بريطانيا، وقدموا معلومات استخباراتية للمنظمة، ودعموا الأنشطة الإرهابية من خلال العمليات السرية، وشجعوا المنظمة -جنبا إلى جنب مع واشنطن- على كسب الأراضي في شمال سوريا”.

وقال الكاتب إنه “استنادا للمصادر المفتوحة فإنهم يقدمون معلومات استخباراتية للمنظمة الإرهابية من القواعد البريطانية في قبرص”.

وأكد أن “هذه القواعد (خاصة أغروتور) كانت مركزا لوجستيا لطائرات تحمل أفرادا من القوات الخاصة البريطانية، وعندما تصل هذه الطائرات فوق سوريا، كانت تغلق أجهزة الرادار الخاصة بها وتختفي، وكانت وجهتهم القواعد الأميركية شمال سوريا”.

ولفت بوستان النظر إلى أنه “من المعروف أن بريطانيا تستخدم قواعدها في قبرص بشكل مكثف لعمليات الشرق الأوسط، ولكن هذه القواعد، التي ظهرت سابقا في الأخبار بسبب الغارات الجوية على اليمن، استُخدمت في نقل الأسلحة إلى إسرائيل”. 

وتابع: “قامت القوات الخاصة البريطانية بأنشطتها سرا لفترة من الوقت على أساس أن البرلمان البريطاني لم يقرر إرسال قوات إلى سوريا، ومن المعروف أن بعض الجنود البريطانيين كانوا يرتدون الزي العسكري الأميركي للحفاظ على السرية". 

واستطرد: “بعبارة أخرى، فإن بعض الجنود الأميركيين الذين زاروا معسكرات منظمة وحدات حماية الشعب الإرهابية في سوريا أو وقفوا مع الإرهابيين كانوا في الواقع أعضاء في القوات الخاصة البريطانية”.

أردوغان وبايدن 

وقال بوستان إن “هناك شائعة قوية بأن وزارة الخارجية الأميركية والاستخبارات تخطط للانسحاب من سوريا، وإن إدارة بايدن تؤيد هذا الرأي، لكن القيادة المركزية الأميركية المسؤولة عن الملف السوري تعارض الانسحاب”.

وأضاف “يمكننا أن نتذكر أيضا أن ترامب أمر جيشه بالانسحاب من سوريا، لكن القادة الأميركيين عطلوا العملية”. 

وأشار وزير الخارجية التركي فيدان إلى التقدم المحرز في المحادثات مع الولايات المتحدة قائلا: "أعتقد أننا وصلنا إلى مستوى معين من التفاهم"، وفي البيان الذي أدلى به استخدم عبارة "دولتين ونصف".

وكان اللقاء الذي أجراه أردوغان مع بايدن في يوليو/ تموز 2023 خلال قمة الناتو في فيلنيوس نقطة تحول في العلاقات التركية الأميركية. 

ومنذ ذلك الحين، تم إحراز تقدم في قضايا حاسمة مثل عضوية السويد في الناتو وصفقة إف ـ 16، وقد وصل البلدان إلى نقطة “دعونا نقيّم مسألة حزب العمال الكردستاني من منظور إستراتيجي”، يقول بوستان.

وأُعلن أن المحادثات بين أنقرة وواشنطن حول مكافحة الإرهاب "قد بدأت من جديد".

وكان الاجتماع بين الزعيمين مقررا عقده في مايو/ أيار 2024 مهما لرؤية استمرار العملية وكان منتظرا بفارغ الصبر، ولكنه تأجل. 

وسيسافر أردوغان إلى واشنطن خلال الفترة ما بين 9-11 يوليو 2024 لحضور قمة قادة الناتو. 

ومن الممكن أن يتم عقد الاجتماع المؤجل في واشنطن بحيث يجتمع أردوغان مع بايدن. 

ومن المتوقع أن يجتمع وزيرا الدفاع والخارجية ورئيسا الاستخبارات لكلا البلدين بشكل منفصل خلال الزيارة نفسها. 

وقال بوستان إنه “بعد هذه اللقاءات الحاسمة، يمكن الحصول على صورة أوضح حول مستقبل العلاقات التركية الأميركية ووجود تنظيم حزب العمال الكردستاني في سوريا سواء كان سلبيا أو إيجابيا”. 

وتابع: “إذا كان الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في سوريا، تلعبه بريطانيا أيضا، فإن هذه المحادثات ستكون ذات أهمية كبيرة للندن”.