حرب مرتقبة.. لماذا تحتاج برلين لتسليح نفسها بحلول عام 2029؟
“تزايد استعداد دول الناتو الأوروبية للتحضير للحرب يعود بالنفع على الولايات المتحدة”
في نقطة تحول بارزة، صرح وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس أن برلين "يجب أن تكون مستعدة للحرب بحلول عام 2029، حتى تكون قادرة على ردع ومنع الحرب بشكل موثوق".
وهو التصريح الذي عدته مؤسسة العلوم والسياسة (SWP) متماشيا مع تحليل أعدته نهاية مايو/ أيار 2024، حول سبب حاجة ألمانيا إلى تسليح نفسها مرة أخرى ضد روسيا.
وفي ضوء ذلك، سلط موقع "تيليبوليس" الألماني الضوء على دراسة توضح الأسباب الضرورية التي دفعت ألمانيا لإعادة تسليح جيشها على نطاق واسع ليكون جاهزا للحرب بحلول عام 2029، متسائلا كذلك "هل هناك تهديد بحرب كبيرة قريبا؟".
الحرب المقبلة
وأكد الموقع على وحدة الموقف الألماني بشأن ضرورة التسليح و"الاستعداد للحرب المقبلة".
وشدد على أن "تصريحات وزير الدفاع الألماني المنتمي للحزب الديمقراطي الاشتراكي الحاكم لا تمثله بمفرده، بل تعد تلخيصا لنقاش كان يُجرى بالفعل في الأوساط السياسية الخارجية للجمهورية الفيدرالية".
فبحسب الموقع "أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس المنتمي لحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي كذلك، أن المرحلة المقبلة ستكون بمثابة (حقبة جديدة لألمانيا)".
ويبرز التحليل رأي "مؤسسة العلوم والسياسة"، وهي تعد مؤسسة بحثية واستشارية رائدة في ألمانيا، تقدم تحليلات ومشورة متعمقة حول القضايا السياسية والأمنية الدولية لصانعي القرار في الحكومة الألمانية والبرلمان ومؤسسات الاتحاد الأوروبي.
ووفقا للموقع فإن المؤسسة حاضرة بقوة في مثل هذه المداولات، فـ"هي لا تعد غريبة في مثل هذه النقاشات، فنظرة على مجلس المؤسسة توحي بأن صوتها مسموع، إذ إن رئيس مكتب المستشارية الألمانية هيلغه راينهولد براون هو نائب رئيس المؤسسة، كما يتم تمثيل وكلاء مختلف الوزارات الاتحادية وكذلك أعضاء البرلمان وممثلي الاقتصاد أيضا في المؤسسة".
وحذر تحليل المؤسسة من أن "الدول الأوروبية قد تقف أمام نقطة تحول جديدة بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024".
وأوضح أنه "بغض النظر عمن سيفوز، دونالد ترامب أو جو بايدن، فإنه من المتوقع أن تقلل الولايات المتحدة من أنشطتها العسكرية في أوروبا".
وأشار إلى أن "أولوية واشنطن ستتجه للتركيز على منطقة الهندوباسيفيك، فإذا انفصلت تايوان عن الصين ونشبت حرب بسبب ذلك، فستكون لها الأولوية لدى واشنطن، وعندها قد لا تتلقى أوكرانيا نفس الدعم السابق، وحينئذ سيكون على الأوروبيين التصرف".
وصنفت مؤسسة (SWP) المرشحين الرئاسيين ضمن تيارات سياسية خارجية مختلفة، فترى أن ترامب قريب مما يسمى "المقيدين"، الذين يدعون إلى مشاركة دولية انتقائية تستند إلى المصالح الوطنية للولايات المتحدة، ويطالبون بتقليص الالتزامات الأمنية وتحميل الأعباء للحلفاء الأوروبيين".
ومن وجهة نظر الموقع، فإن ذلك "يمكن أن يؤدي إلى (ناتو أوروبي) تكون فيه الولايات المتحدة مجرد مزود للخدمات اللوجستية، وضامنا لحرية الممرات البحرية".
في المقابل، وضع الموقع بايدن ضمن المعسكر (الأساسي) الذي يسعى للحفاظ على الهيمنة العالمية للولايات المتحدة "من خلال التفوق العسكري".
في ذات الوقت، أكد على حقيقة مفادها أن إدارة بايدن قد تضطر في وقت ما للاختيار بين روسيا والصين، فهي "تدرك أنها لا يمكنها خوض حروب ضدهما في نفس الوقت".
وبحسب الموقع، هنا مكمن الخطر، "ففي حالة الشك، ستكون الأولوية للصراع حول تايوان، مما سيدفع الإدارة الأميركية للضغط أيضا من أجل تقاسم الأعباء بشكل أكبر مع الأوروبيين".
فيما تجزم المؤسسة أنه "في كلا السيناريوهين الأميركيين، فإن الأمر يتطلب مشاركة أوروبية أكبر تجاه روسيا".
إجراءات عاجلة
في سياق المعطيات السابقة، دعت "مؤسسة السياسة الأمنية" إلى التركيز على مهمتها الأساسية المتمثلة في "ضمان الردع والدفاع ضد روسيا بالتعاون مع شركائها في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو".
وتابعت: "كما تطالب الدراسة بتوجيه جميع جوانب تخطيط الجيش الألماني (البوندسفير) لتحقيق هذا الهدف".
ووجهت إلى بعض الإجراءات العملية الواجب تنفيذها، بالقول "يجب أن ترتفع ميزانية الدفاع لتصل ما بين 75 و80 مليار يورو بدءا من عام 2028".
وأضافت المؤسسة: "كما يجب أن يتم رفض المشاركة الرمزية للجيش الألماني في العمليات بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ".
واستطردت: "يجب على ألمانيا كذلك (الامتناع) عن المهمات الخارجية للتركيز بشكل كامل على الدفاع الوطني والدفاع عن التحالفات".
فيما ذكر الموقع أن الحكومة الألمانية استجابت بالفعل لهذه التوصيات، إذ "تحركت بالفعل في هذا الاتجاه، كما أوضح وزير الدفاع بيستوريوس في البرلمان".
وأشار إلى أنه "من أجل زيادة عدد الأفراد في الجيش، فإنه يتم التفكير في شكل جديد من الخدمة العسكرية الإلزامية".
وأردف: "كما يجب تعزيز الاحتياطي، وحاليا يتم بالفعل فحص 900 ألف من جنود الاحتياط للتحضير لتعبئة محتملة".
وختم الموقع حديثه بالقول إن "تزايد استعداد دول الناتو الأوروبية للتحضير للحرب يعود بالنفع على الولايات المتحدة في نقطة أخرى".
وتابع موضحا: "هناك من يفكرون بالفعل في القدرة على خوض ثلاث حروب والفوز بها في نفس الوقت، حرب ضد روسيا وأخرى ضد الصين، وكذلك حرب في الشرق الأوسط".
واستطرد: "ولكن هذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا كان حلفاؤك مجهزين بشكل كامل ومدججين بالسلاح".