خط الغاز من إفريقيا نحو أوروبا.. هكذا يشعل التنافس بين الجزائر والمغرب

15331 | 7 months ago

12

طباعة

مشاركة

تنافس دبلوماسي اقتصادي يدور بين الجارين المغرب والجزائر حول من يكسب صفقة خط أنابيب الغاز الذي سيربط القارة الإفريقية بإسبانيا وإيطاليا.

قالت صحيفة "الإندبندينتي" الإسبانية إن "التنافس بين الجزائر والمغرب على الساحة السياسية والعسكرية امتدّ إلى المجال الطاقي، حول مشروع خط أنابيب غاز متجه نحو إسبانيا ويتمثل هدفه في نقل الغاز الإفريقي إلى أوروبا التي تحاول منذ سنتين تنويع مصادرها بحثا عن بديل لروسيا". 

أرقام رسمية

وفي حوار لصحيفة "الإندبندينتي" مع وزير جزائري (لم تسمه)، إلى أن “إطلاق مشروع خط أنابيب الغاز بين نيجيريا والجزائر يعود رسميا إلى يوليو/ تموز 2022 بالتزامن مع توقيع مذكرة تفاهم بين الجزائر والنيجر ونيجيريا”. 

ويبلغ طول ما يسمى بخط أنابيب الغاز عبر الصحراء أربعة آلاف كيلومتر وتبلغ تكلفة إنشائه حوالي 12.75 مليار يورو. 

وأشارت الصحيفة إلى أن البنية التحتية التي ستعبر الصحراء الكبرى، ستنطلق من نيجيريا نحو الشمال، مرورا بالنيجر، حتى تصل الجزائر. 

ومن المتوقع أن تنقل 30 مليار متر مكعب من الغاز في السنة. 

وينافس هذا المشروع مع نظيره المغربي، حيث قدمت الرباط المشروع رسميا عام 2016، ومن المتوقع أن يمتدّ على سبعة آلاف كيلومتر عبر سواحل المحيط الأطلسي. 

ومن المتوقع أن تتجاوز تكلفة بنائه حوالي 25  مليار دولار.

ويتمثل الهدف من المشروع المغربي في نقل الغاز الطبيعي من نيجيريا، صاحبة احتياطي الغاز التاسع في العالم، إلى المغرب و13 دولة في غرب إفريقيا وأوروبا.

وأوضحت الصحيفة أن هذا التمويل الضخم لمشروع خط أنابيب الغاز يصطدم بتحديات، على غرار تمويله الخاص، الذي يعتمد على المنظمات الدولية التي أصبحت مترددة بشكل متزايد في تمويل مشاريع بديلة للطاقة المتجددة، وعدم الاستقرار السياسي في بعض البلدان التي ستعبرها البنى التحتية.

استثمارات وعلاقات 

ونقلت "الإندبندينتي" أن الجزائر لها علاقات تاريخية مع بعض الدول المعنية بهذا المشروع، "وهو ما يقف في صالحها". 

وذكرت أن “الجزائر ساهمت في تطوير قطاع الطاقة في الدول الإفريقية من خلال قيامها بتدريب أوائل المهندسين على الأراضي الجزائرية أو من خلال المشاركة برأس المال في تأسيس شركات الغاز الحكومية”. 

زيادة عن ذلك، أعلنت شركة النفط الحكومية الجزائرية “سوناطراك” عام 2024 عن نيتها في استئناف أنشطة التنقيب في النيجر، كما أنها تملك حقولا في ليبيا ونيجيريا وتونس وموريتانيا.

وقال محلل الطاقة الجزائري شعيب بوطمين، لـ"الإندبندينتي" إن "المشروع الجزائري يعد أكثر تنافسية وأكثر واقعية أيضا، وبالنسبة لخط أنابيب الغاز الجزائري يفصلنا النيجر فقط عن نيجيريا، أما لوصول غاز نيجيريا إلى المغرب، فعليه أن يمر عبر 13 دولة ساحلية إفريقية".

ونقلت الصحيفة عن مصادر حكومية جزائرية أن "الجزائر قامت بدورها، حيث إن خط أنابيب الغاز الذي ينبغي أن يصل إلى حدود النيجر جاهز".

بالإضافة إلى ذلك، لا يعد المشروع جديدا، حيث إنه يعود إلى أربعة عقود، حال العديد من العوامل دون تنفيذه. 

فضلا عن ذلك، أعاق الوضع المضطرب في منطقة الساحل والتوترات بين الجزائر والنيجر بناءه، وفي سنة 2021، أعاد البلدان فتح حدودهما واستؤنفت المحادثات.

وقالت الصحيفة إن "السيناريو الأوروبي الجديد، مع إصرار الدول السبع والعشرين على البحث عن بدائل للغاز الروسي حتى لا يستخدمه فلاديمير بوتين كسلاح في الحرب، أحيى هذه الفكرة من جديد".

شبكة واسعة

وأوضحت الصحيفة أن "الجزائر ستعمل على ربط الإمدادات النيجيرية بشبكة خطوط أنابيب الغاز التي تمتلكها، ومن هذا البلد، الذي يتمتع باحتياطيات من الغاز الطبيعي تقدر بحوالي 159 تريليون قدم مكعب، تتفرع خطوط أنابيب الغاز إلى المغرب وليبيا وتونس وإسبانيا وإيطاليا".

وأوردت أن "خط أنابيب الغاز المغاربي-أوروبا، الذي يربط حقل حاسي الرمل بإسبانيا، مرورا بالمغرب ومضيق جبل طارق دخل حيز التشغيل منذ 1996، لكن، جاءت سنة 2021 لتعلن نهاية العمل به". 

ولفتت إلى أن “انهيار العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب في أغسطس/ آب 2021، اختارت الجزائر عدم تجديد عقد استغلال هذه البنى التحتية لمدة 25 عاما والذي انتهى في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه”. 

ومنذ ذلك الحين، قامت الجزائر  بتزويد إسبانيا بالغاز عبر خط أنابيب آخر داخل شبكة بناها التحتية، وهو خط "ميدغاز".

وتمتلك الجزائر شبكة واسعة من البنى التحتية لتشغيل الغاز، وهو ما تعده ميزة أمام المغرب، الذي جمعتهما سنوات من المنافسة "من أجل الهيمنة" على المنطقة المغاربية. 

وفي الحالة المغربية، يضم المشروع بالفعل قسما قيد التشغيل، يبدأ من لاغوس (نيجيريا)، ويشمل كليا حوالي 11 دولة أخرى. 

وبعد زيارة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز للرباط في فبراير/ شباط 2024، أكد المغرب أن مدريد مهتمة بالمشروع. 

وذكرت مصادر قريبة من الرباط للصحيفة أن "مدريد يمكنها بالتالي تقليل اعتمادها على الجزائر واحتمال خفض الإمدادات".

يشار أن الجزائر كانت سنة 2023 المورد الرئيس للغاز الطبيعي لإسبانيا بفضل 116.282 جيغاوات في الساعة، أي 29.2 بالمئة من إجمالي الواردات وكذلك لإيطاليا، حيث توفر 40 بالمئة من الاستهلاك. 

كما أصبحت الجزائر ثاني أكبر مورد للغاز عبر خطوط أنابيب الغاز في القارة الأوروبية، بعد النرويج.