قانون "الإجراءات الجنائية" في مصر.. لماذا أثار حفيظة المحامين؟

12

طباعة

مشاركة

في 21 أغسطس/آب 2024، قرر رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، الذي سجن آلاف المصريين، واعتقل آلافا آخرين بموجب "قانون الحبس الاحتياطي"، تخفيض مدد الحبس الاحتياطي، وطلب من الحكومة تفعيل القرار.

حقوقيون ونشطاء استغربوا هذا "الحنان" والتصريحات الوردية، ممن قتل وأحرق مئات المصريين في اعتصامات رابعة والنهضة وكثير من ميادين مصر، ليكتشفوا أن ما ينوي السيسي إعطاءه باليد اليمني سيأخذ أضعافه باليد اليسرى.

فوجئ الجميع بأن "مشروع قانون الإجراءات الجنائية" الجديد، الذي أوعز السيسي لبرلمانه بتعديله، بحجة تخفيض مدد الحبس الاحتياطي، يتضمن "كوارث" تطلق يد الشرطة والأجهزة الأمنية لتعلو على يد العدالة والحريات.

تساءلوا: هل تعديل القانون كله بحجة تخفيض الحبس الاحتياطي فخ من نظام السيسي من أجل تشديد وتقنين الإجراءات القمعية وجعلها قانونية وإضافة المزيد من تكميم وتكبيل المحامين والصحفيين؟ 

انتفضت نقابة المحامين، ومعها "الصحفيين"، (اللتان خرجتا من قبضة نظام السيسي، بفوز معارضين للسيسي ومستقلين في انتخاباتهما الأخيرة)، ضد مشروع القانون الجديد، واعترضا على تمريره، في مؤشر على بداية معركة كبيرة ضد نظام السيسي.

طالبوا بوقف تمريره وبمناقشة مجتمعية له وتعديل بنود كثيرة فيه، وإلغاء مواد تسرَّبت منه تزيد قبضة الشرطة والنيابة وتخنق حريات كل المصريين، مؤكدين أن بعض بنود مشروع القانون تخالف حتى مواد الدستور المصري.

ويُتهم هذا القانون بتكديس سلطات التحقيق والاتهام والإحالة في يد النيابة العامة، وحماية مأموري الضبط القضائي من المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان، مثل التعذيب والاختفاء القسري.

كما يُتهم بتكريس ممارسات غير قانونية تخل بالحق في محاكمة عادلة وحقوق الدفاع، مثل حظر قيام المحامي بالكلام، في غير إبداء الدفوع والطلبات، إلا بإذن من عضو النيابة، وحق عضو النيابة في منع اطلاع محامي المتهم على التحقيق.

22 مادة مشبوهة

كان هناك استعجال واضح من جانب لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان، والتي تضم مستشاري السيسي وممثلين من وزراء العدل والداخلية والنيابة والقضاء العسكري، في تمرير مواد القانون الـ 540.

حيث وافقت على 335 مادة ما بين 15 و27 أغسطس/ آب 2024، أي في غضون 12 يوميا.

بل وأعلنت اللجنة أنها ستنتهي من مناقشة باقي المواد (205 مواد) في اجتماعاتها المقرر عقدها في ثلاثة أيام، هي 1 و2 و3 سبتمبر 2024. 

نقابة المحامين انتفضت بقوة وعقدت اجتماعا موسعا للمحامين، ضم مجلس النقابة العامة والنقباء الفرعيين يوم 26 أغسطس 2024، وحرصت على تأكيد دورها في مراجعة القانون.

وذلك من منطق أن "المحاماة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وسيادة القانون وكفالة حق الدفاع"، كما تنص المادة 198 من الدستور.

أرسلت مذكرة تفصيلية عاجلة بالنصوص التي تعترض عليها بالقانون الحالي، وما شابها من مخالفات دستورية، والمقترحات البديلة بشأن التعديل والحذف والإضافة في القانون الجديد.

مجدي حافظ، عضو لجنة مراجعة قانون الإجراءات الجنائية بنقابة المحامين، أوضح لـ "الاستقلال" أن مذكرة النقابة تضمنت ملاحظات سلبية على 22 مادة من قانون الإجراءات الجنائية الجديد.

وأوضح أن بنودا عديدة خالفت الدستور ومنعت المحامين من ممارسة حقوقهم مع المتهمين أمام النيابة وجعل بعضها المحامي مضطرا للحصول على إذن من النائب العام كي يمارس حقه الطبيعي في الدفاع عن الموكلين.

بيان نقابة المحامين الذي تم إرساله للبرلمان عقب الاجتماع العاجل المشترك لبحث مشروع قانون الإجراءات الجنائية فصل في شرح 11 نقطة من هذه النقاط الـ 22 وغيرها لبيان "عوار مشروع القانون ومخالفته للدستور وتغليبه الأمن على العدالة والحريات".

وقالت النقابة إن نصوص المشروع تتضمن توسعا في سلطات الضبط والتحقيق والمحاكمة على حساب حقوق الدفاع، وتضمن البيان بعض الأمثلة على تلك النصوص.

منها أن مشروع القانون المعدل للإجراءات الجنائية، سمح بالتحقيق مع المتهمين بغير حضور محامٍ، وحجب أوراق التحقيق عن المحامي، لدرجة حرمانه من الحصول على صور من الأوراق بذريعة الضرورة والاستعجال.

كما ألغى القانون حق المحامي في إبداء ما يَعِنّ له من دفوع أو طلبات أو ملاحظات بمحضر التحقيق، والأغرب أنه منح النيابة "حق" منع المحامي من الكلام.

كما أخفى القانون شخصية الشاهد وبياناته بما يتنافى مع تقديرات العدالة، واعتمد على شهادة "شخص مجهول"، يصدر الحكم متساندا عليه بوصفه دليلا في الدعوى.

وأشار بيان نقابة المحامين إلى "الكثير مما تتضمنه المشروع من أوجه عوار ومخالفات دستورية".

وانتقد محامون نص المادة 24 مكرر في مشروع القانون الجديد على منح الشرطة سلطة دخول المنازل، دون اقتصارها على مأموري الضبط القضائي، ودون إذن قضائي.

وضمن هذا تنص المادة (49)، على أنه من حق أي ضابط "اتخاذ الإجراءات التحفظية (أي الاعتقال) "في حال شك في المتهم أو أحد أقربائه أو أصدقائه الحضور"!

كما انتقدوا تقييد عمل المحامين في المادتين (69، 72) من مشروع القانون، وهيمنة نادي القضاة على وضع تشريعات خاصة، وإجراء تعديلات على القوانين دون الاستعانة بممثلين عن النقابة العامة للمحامين، التي تعد طرفا أصيلا في أية تعديلات.

صفحة "مشاكل محامين مصر" أكدت أن المادة 69 من القانون تفتح الباب على مصراعيه أمام النيابة لإجراء التحقيق في غيبة الخصوم.

والمادة 72 تحظر على المحامين الحديث إلا بإذن من وكيل النيابة، وتسمح فقط بتقديم دفاع مكتوب، ما يمثل تعديا صارخا على حريات الدفاع وحريات الأفراد.

أيضا انتقد محامون المادة 15 من مشروع القانون، التي تعطي لقاضي محكمة الجنايات الحق في محاكمة من هم خارج الجلسة، على "أفعال" يراها تؤثر على الشهود أو الإخلال بأوامر المحكمة.

وهي تهم هلامية، تسمح للقاضي بفرض غرامة ما بين 100 و300 ألف جنيه أيضا على "كل من صوّر أو سجل كلمات أو مقاطع أو بث أو نشر أو عرض بأي طريق من طرق العلانية لوقائع جلسة محاكمة مخصصة، لنظر دعوى جنائية، دون تصريح".

المحامي الحقوقي ممدوح جمال قال لموقع "زاوية ثالثة" 23 أغسطس 2024 إن هذه المادة لم تضع تعريفا دقيقا مفصلا لـهذه "الأفعال" التي تجعل سلطة المحكمة تمتد للشارع خارج الجلسة.

تساءل: "هل يعني ذلك الفضاء الإلكتروني أم الشارع أم صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية التي تتابع سير القضية وتقوم بمهمتها الصحفية"، مؤكدا أن تلك المادة تضع عائقا أمام الصحفيين، وتزيد من عدد قضايا النشر.

وامتدت سياسات الجباية التي تميز بها نظام السيسي للقانون الجنائي أيضا، ما قد يُعجز بعض أصحاب الحقوق عن نية العدالة.

حيث رفع مشروع القانون المقترح، قيمة الغرامات وتكاليف التقاضي، فأصبحت باهظة، فمثلا أصبح إعادة النظر في الحكم النهائي يتكلف 10 آلاف جنيه، بدلا عن 200 جنيه في السابق، ورفع رسوم رد القاضي لعشرة آلاف جنيه.

السلطة تتجاهل

ورغم اعتراضات نقابة المحامين على مشروع قانون الإجراءات الجنائية، أكدت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، مضيها قدما في مناقشة وإقرار القانون، وتجاهل عيوب القانون التي أوضحها المحامون.

واكتفت بإرسال دعوة لنقيب المحامين لحضور مناقشتها لبقية المشروع بعدما صوتت على تمرير ثلاثة أرباع المواد، وادعاء حضور ممثلين عن نقابة المحامين مناقشات الإعداد والصياغة.

وجرى دعوة نقيب المحامين أكثر من مرة للحضور اجتماعات اللجنة الفرعية، خلال وبعد مناقشة القانون، على مدار أكثر من عام، لكنه لم يحضر وكلف أمين عام المحامين، محمود الداخلي، بتمثيل النقابة، والذي شارك في جميع المناقشات.

وبرر المستشار القانوني لرئيس مجلس النواب محمد كفافي، ذلك بادعاء أن "المجلس مؤتمن على سلطة التشريع ولن يلتفت لأي محاولات تستهدف عرقلة إقرار القانون".

وردا على طلب النقابة الخاص بالتأني في دراسة المشروع وعرضه على مجلس الشيوخ، قالت اللجنة في بيان نشرته 27 أغسطس 2024، بحسب صحيفة "المصري اليوم" إن "سلطة التشريع من اختصاص مجلس النواب وحده".

وزعمت أن "أعضاءها بمن فيهم المحامون أكدوا أن نقابة المحامين جانبها الصواب في العديد من النقاط الواردة في البيان الصادر عنها"، ما يشير لصدام قادم بين المحامين وسلطات السيسي.

وهاجم أعضاء اللجنة التشريعية بمجلس النواب، خلال اجتماع يوم 27 أغسطس 2024 بيان نقابة المحامين، الذي انتقد مشروع قانون الإجراءات الجنائية الذي تناقشه اللجنة. 

ووصف النواب بيان المحامين بأنه "يحمل أخطاء، ومن كتبه لم يقرأ مشروع القانون"، ويرون أنه انطوى على اتهام لمجلس النواب بالجهل لعدم مراعاته الضوابط الدستورية.

لكن نقابة المحامين استمرت في انتقاد القانون وطالبت بعدم تمريره ما رفع منسوب الخلاف بينها وبين نواب في البرلمان، الموالي للسلطة، وجهوا انتقادات لها.

وأشار أستاذ القانون الدكتور شريف عمر، إلى مادة في القانون تسمح بمحاكمة المحامين سواء في النيابة بتهم جنائية أو في المحكمة بتهمة تأديبية "إذا كان ما وقع منه يستدعي مؤاخذته جنائيا".

وهو ما يعني ترهيب المحامين وتدجينهم خلال الجلسات وتفريغ مهمتهم من مضمونها. 

لذا دعا محامون للتصدي لهذا الهجوم على المحاماة في بنود القانون لأنه "سيتبعه هجوم على القضاء"، أي تقليص دوره بعد تقليص دور المحاماة.

الصحفيون: يقوض العدالة

تضامنت نقابة الصحفيين مع المحامين وأعلن نقيبها خالد البلشي التضامن مع كل ما ورد في بيان نقابة المحامين بشأن مشروع قانون الإجراءات الجنائية من انتقادات وحذر من مناقشة القانون بدون حوار مجتمعي وعد "علامة خطر".

البلشي قال في بيان إن قانون الإجراءات الجنائية هو العمود الرئيس لمنظومة العدالة ودستورها، ونصوصه مكملة للدستور، "وأي خلل يناله سيقوض أعمدة هذه المنظومة وسيتسبب في النيل من ثقة المواطنين في نظام العدالة".

بيان البلشي ركز أيضا على أن قانون الإجراءات الجنائية يهم كل مصري وكل مؤسسات المجتمع المعنية بالحقوق والحريات وبتحقيق ودعم العدالة.

وحذر من أن مناقشة القانون بعيدا عن حوار مجتمعي شامل يشارك فيه الجميع "هو علامة خطر وسيمثل انعكاس لخلل كبير ستكون آثاره وخيمة على الجميع".

وتصاعدت حدة الانتقادات الموجهة لمشروع قانون الإجراءات الجنائية، الذي أكد حقوقيون ومحامون وصحفيون أنه يصطدم في بعض تعديلاته مع الدستور نفسه تارة، ومع الحريات تارة أخرى.

ووصف "المرصد المصري للصحافة والإعلام" في بيان القانون بأنه بمثابة "مصادرة للحقوق والحريات" واستغرب أن تتم تعديلات قانون الإجراءات الجنائية بحجة خفض الحبس الاحتياطي بينما يتضمن القانون نفسه كوارث ومظالم لا حصر لها.

وقال صحفيون لـ"الاستقلال" إن أثار قانون الإجراءات الجنائية الذي يستعد البرلمان المصري لتمريره، ستمتد لعملهم وتضع المزيد من القيود على حرياتهم الصحفية وتجعل سلطة الشرطة والنيابة عليهم تفوق سلطة القانون والعدالة نفسها.

وأكدوا أن تعديلات القانون تتضمن صلاحيات واسعة للشرطة ومواد تقيد حريات الصحفيين والمحامين مثل إعطاء الشرطة الحق في اقتحام المنازل وتفتيشها دون إذن قضائي، وهو ما زاد الغضب داخل نقابتي المحامين والصحفيين.

"القانون يوسع صلاحيات الشرطة بالقبض والتفتيش والتحقيق ومواجهة الشهود بدون إذن نيابة وعدم حديث أو حضور المحامي إلا بإذن من النيابة"، وفق عضو بمجلس نقابة الصحفيين.

وأكد أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد يتضمن 10 مواد مقيدة للحريات أخطرها منع نشر أو تغطية ما يجرى داخل المحاكم وعقاب من يفعل ذلك وإعطاء النيابة حق التحقيق مع أي مصري دون حضور محاميه.

وأحصى صحفيون عدة مواد في القانون تقيد حريتهم وحرية جميع المصريين، اعترضت عليها نقابة المحامين، وعدد من المراكز الحقوقية منها:

فمن المواد التي تقيد عمل الصحفيين والمحامين المادة 266 التي تمنع عمل الصحفيين في المحاكم ونقل وقائع الجلسات أو بثها بأي طريقة، "إلا بموافقة كتابية من القاضي وبعد إذن من النيابة العامة".

والمادة 267 التي تمنع "نشر أخبار أو معلومات أو إدارة حوارات أو مناقشات عن وقائع الجلسات على نحو من شأنه التأثير على سير العدالة"، و"عدم ذكر أية بيانات تتعلق بالقضاة أو أعضاء النيابة أو المتهمين والشهود في قضايا الإرهاب".

وعدل المشرع مدة الحبس الاحتياطي في مشروع القانون بحيث أصبح الحد الأقصى في الجنح أربعة أشهر بدلا عن 6 شهور، وفي الجنايات 12 شهرا بدلا من 18 شهرا، وفي الجنايات التي تصل للمؤبد أو الإعدام 18 شهرا بدلا من سنتين.

وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تتجاوز مدة الحبس الاحتياطي 24 شهرا. ومع ذلك لم يضع القانون المقترح حدا لملف إعادة تدوير المحبوسين احتياطيا على قضايا أخرى، وفق صحفيين.

وأكدوا أن تقليص مدة الحبس الاحتياطي تصبح بلا جدوى، طالما ظلت نصوص قانون مكافحة الإرهاب بما تتضمنه من سلطات استثنائية واسعة في موضوع الحبس الاحتياطي، قائمة ومطبقة ونافذة.

خاصة المواد (40-42-43) من هذا القانون، الذي سمح بعدم التقيد بقواعد قانون الإجراءات الجنائية المتعلقة بمدد الحبس الاحتياطي، بل ووضع قواعد إجرائية جديدة غير تلك التي ينص عليها قانون الإجراءات الجنائية!

من جانبها، حذرت "لجنة الحريات" بنقابة الصحفيين من المادة (267) من مشروع القانون التي تنص على: "لا يجوز نشر أخبار، أو معلومات، أو إدارة حوارات، أو مناقشات عن وقائع الجلسات، أو ما دار بها على نحو غير أمين، أو على نحو من شأنه التأثير على حُسن سير العدالة".

وانتقدت، في بيان أصدرته في 28 أغسطس، حظر تناول أي بيانات، أو معلومات تتعلق بالقضاة، أو أعضاء النيابة العامة، أو الشهود، أو المتهمين عند نظر المحكمة لأي من الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب.

 ووصفت اللجنة هذا النص بأنه “تقويضً للعمل الصحفي، وتقييد لرسالة الصحفيين في تنوير المجتمع ونقل الحقائق”، بالإضافة لتضمينه عبارات مطاطة قابلة للتأويل بما يتنافى مع النصوص الدستورية، بشأن حق الصحفي في ممارسة عمله، وحق المجتمع في المعرفة.

تدمير بقايا القضاء 

كان من المفترض أن يكون مشروع القانون الجديد، خطوة من السلطة نحو العدالة، بتقليص القيود وتخفيف الحبس الاحتياطي، خاصة مع تصاعد الاحتجاجات بسبب تزايد أزمة الحبس الاحتياطي وبقاء قانون الإجراءات الجنائية دون تعديلات جوهرية منذ صدوره عام 1950، وناله تعديل واحد في سبتمبر 2020.

لكن القانون الجديد تحول من خطوة نحو العدالة إلى تقييد للحريات في ظل ما تسرب من مواد، وأصبح مثار جدل واسع في الأوساط الحقوقية والشعبية لأنه يوسع ويزيد القيود ولا يمنع التدوير، وبالتالي يزايد أعداد المحتجزين احتياطيا، عكس المعلن.

لذا قال المحامي "منتصر الزيات" إن "معركتنا الحالية هي عدم تمرير مشروع قانون الإجراءات الجنائية بصياغته المطروحة وهي معركة مشروعة وعادلة".

ووصفت "المفوضية المصرية للحقوق الحريات" مشروع قانون الإجراءات الجنائية بأنه "يحتوي على نصوص كارثية" وأعلنت رفضها له.

قالت إن القانون الجديد أبقى على عيوب القانون الحالي "من تكديس لسلطات التحقيق والاتهام والإحالة في يد النيابة العامة وحماية مأموري الضبط القضائي من المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان مثل التعذيب والاختفاء قسرا".

وانتقدت تكريس مشروع القانون "ممارسات غير قانونية تخل بالحق في محاكمة عادلة وحقوق الدفاع.

مثل حظر قيام المحامي بالكلام، في غير إبداء الدفوع والطلبات، إلا بإذن من عضو النيابة، وحق عضو النيابة في منع اطلاع محامي المتهم على التحقيق".

ووصفت المفوضية المصرية مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد الذي يجرى مناقشته حاليا في اللجنة التشريعية بالبرلمان، والذي يزعم أنه يهدف إلى تحسين كفاءة النظام القضائي وتسريع وتيرة العدالة.

فمثلا منح النيابة العامة سلطة واسعة في إصدار الأمر بإجراء تسجيلات للأحاديث التي تجرى في مكان خاص، ومنح مأمور الضبط القضائي سلطة جوازية بالتحقيق مع المتهم، مما يعزز من هيمنة السلطة التنفيذية ويضعف من دور القضاء كضامن لحقوق الأفراد. 

ورأت بذلك أن هذه التعديلات "تقلص من دور القاضي وتزيد من صلاحيات النيابة وتؤدي إلى انتهاكات خطيرة للحقوق الدستورية، وتجعل من الصعب على المتهمين الحصول على محاكمة عادلة".

المفتوضية قالت إنه حتى التعديلات المتعلقة بالحبس الاحتياطي، التي كانت حجة تعديل كل القانون، وعلى الرغم من تقليص مدته، "لا تزال تسمح للنيابة العامة بتمديد احتجاز الأفراد لفترات طويلة دون محاكمة".

"ولا تضمن توقف ممارسات تدوير المتهمين التي تسمح بالتحايل على مدد الحبس الاحتياطي المنصوص عليها قانونا، ما يمثل تهديدا خطيرا لحرية الأفراد وتزيد من احتمالية إساءة استخدام السلطة".