زكي بني ارشيد: من يحلمون بغزة دون “حماس” واهمون وعلى الغرب الاستيقاظ (خاص)

عمرو حبيب | 4 months ago

12

طباعة

مشاركة

انتقد الأمين العام السابق لجبهة العمل الإسلامي بالأردن زكي بني ارشيد مشاركة بلاده باعتراض الطائرات والصواريخ الإيرانية التي أطلقت على إسرائيل في أبريل/نيسان 2024.

وفي حوار مع “الاستقلال”، أكد بني ارشيد أن اعتراض الهجوم الذي جاء بعد قصف إسرائيل سفارة إيران في دمشق، يصب في مصلحة إسرائيل “رغم استناده إلى مبرر دفاعي”.

 وشدد على أن الحراك الشعبي الأردني تفاعل مع عملية "طوفان الأقصى" والحرب على غزة، أدى إلى نتائج ملموسة على الأرض.

وقال إن المقاومة الفلسطينية أثبتت أن أبناءها مقاتلون ماهرون ومفاوضون متفوقون، كما نوه بتفوقها على مستوى المفاوضات في مراحلها الأولى التي جرى بموجبها تبادل جزئي للأسرى مع إسرائيل. 

وزكي بني ارشيد (67 عاماً) قيادي إسلامي ونائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن والأمين العام السابق لجبهة العمل الإسلامي. 

موقف الأردن

  • كيف ترون تعامل الأردن مع أحداث ما بعد طوفان الأقصى على مستوى السياسة الخارجية والجبهة الداخلية أيضا؟

على الرغم من أنه متقدم نسبياً على مواقف معظم الدول العربية فإن الموقف الأردني الرسمي بخصوص القضية الفلسطينية يحكمه عدة أمور في مقدمتها العلاقة مع الولايات المتحدة.

إذ يتلقى الأردن مساعدات أميركية بمقدار مليار ونصف مليار دولار سنويا، مقابل نفوذ وامتيازات ورعاية مصالح واشنطن في المنطقة بما في ذلك إقامة عدة قواعد عسكرية وتأمين تسهيلات لوجستية.

وكذلك هو محكوم بطبيعة العلاقة المتميزة الأردنية الفلسطينية على المستويين الرسمي والشعبي.

إذ تعد القضية الفلسطينية مركزية للأردن لأسباب تاريخية واجتماعية وسياسية ومصالح حيوية مثل ملف اللاجئين والحدود والوصاية الأردنية على القدس، وتزايد أعداد الأردنيين من أصول فلسطينية.  

من ناحية أخرى توجد مخاطر صهيونية حقيقية تهدد مستقبل الدولة الأردنية مثل مشروع تهجير فلسطينيي الضفة الغربية ومشروع الحكم البديل.

ومن أهم تلك المحددات أيضا توقيع اتفاقية وادي عربة عام 1994 بين الأردن والكيان الصهيوني وما تبع ذلك من إقامة علاقات سياسية ودبلوماسية وأمنية، وكذلك حصر العلاقة الأردنية مع السلطة الفلسطينية وتيار (القيادي المفصول من حركة فتح) محمد دحلان المقيم في الإمارات.

هذا فضلا عن الانسجام مع مواقف الدول الإقليمية والدولية الهادف إلى إيجاد حل سياسي يقوم على أساس حل الدولتين. 

بسبب هذه التقديرات يتشكل الموقف الأردني الرسمي على التعامل مع السلطة الفلسطينية كممثل وحيد للشعب الفلسطيني والسعي لوقف العدوان الصهيوني على غزة والسعي لإيجاد دولة فلسطينية مقابل الدولة الإسرائيلية، وتقديم بعض المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.

هذا كل ما يستطيع الأردن فعله في ظل كل هذه المحددات، ونتيجة لذلك، عمان لا تتعامل مع المقاومة الفلسطينية وكذلك بسبب اختلاف البرنامج السياسي لتلك الفصائل مع نظيره لدى الأنظمة العربية والدولية. 

الحراك الشعبي

  • كيف تقيمون الحراك الشعبي الأردني حيال الحرب على غزة؟ 

على المستوى الشعبي فإن جميع استطلاعات الرأي والمنابر الإعلامية ومواقف الاحزاب الأردنية ومؤسسات المجتمع المدني والفعاليات الشعبية تؤكد وتؤيد المقاومة وطوفان الأقصى.

فقد ظهر أول رد فعل شعبي في العالم من عمان وتحديداً ظهر 7 أكتوبر وبالقرب من سفارة العدو الصهيوني. 

وتوالت الفعاليات الشعبية بدعوة من التحالف الوطني الأردني لدعم المقاومة الذي يضم، بالإضافة إلى الحركة الإسلامية، عدة أحزاب سياسية وشخصيات وطنية ومؤسسات المجتمع المدني، وعلى امتداد الوطن وفي كل المحافظات.

عبّر الحراك الشعبي عن تضامنه مع المقاومة الفلسطينية وإدانته للعدوان الصهيوني ومارس ضغوطاً على الجانب الرسمي لاتخاذ خطوات إيجابية على المستويات السياسية والدبلوماسية والإعلامية.

ونجحت اللجان الشعبية في جمع التبرعات لإغاثة أهل غزة وكان الجهد متميزاً والنتائج مشجعة، حيث جرى استدعاء السفير الأردني من تل أبيب وإيصال قوافل المساعدات إلى غزة.

  • كيف ترون تفاعل السلطات الأردنية مع هذا الحراك؟

كان لافتاً للنظر تصريحات المسؤولين على مستوى وزير الخارجية وغيره في التعبير عن توجهات الشارع الأردني بإدانة العدوان وتحميله مسؤولية ما جرى وطبعا الواجب تجاه القضية الفلسطينية والمطلوب أكبر من ذلك بكثير. 

وعلى مستوى السلطة وتعاملها مع هذا الحراك فهي تلزم نفسها بكونها دولة لديها تقديرات سياسية ومحددات تتحرك في إطارها.

والواقع الآن يقول إن توجهات الأنظمة لا تلتقي مع توجهات الشعوب إلا نادراً وفي أمور جزئية بسيطة.

ربما تضطر الدولة أن تصرح بتصريحات متعاطفة أو غير ذلك إلا أنها تظل تحت غطاء علاقاتها الخارجية والدولية والتزامها بمعاهداتها وترتيباتها الأمنية سواء كانت في صالح القضية أم لا.

إيران وحماس

  • ما رأيكم في تفاعل الأردن مع المواجهة التي وقعت بين إسرائيل وإيران في أبريل؟

خلافا للموقف الشعبي الذي يؤيد أي عمل يستهدف العدو الصهيوني كان استخدام الأردن أجواءه للتصدي للصواريخ والمسيّرات الإيرانية تحت ذريعة السيادة الأردنية، إجراءً- بصرف النظر عن دوافعه- يصب في مصلحة الكيان الصهيوني.

وكان الأولى عدم التدخل على النحو الذي جرى، خاصة أن القواعد العسكرية الأميركية والبريطانية شاركت بالاشتباك مع المقذوفات الإيرانية.

نعم هناك معايير وضوابط يتعامل بها أي بلد مع اختراقات أجوائه ولكن في هذا الموقف السكوت الأردني أو الحياد وعدم التدخل لم يكن ليتسبب للأردن في مشكلات، لأن هذا التدخل خدم الكيان الصهيوني أكثر من تحقيق دفاع عن الأجواء. 

  • ما أهمية العلاقة بين حماس والأردن خاصة أن الحركة باتت رأس حربة في مواجهة مشروع الوطن البديل؟

باختصار العلاقة مع حماس مصلحة أردنية مهمة؛  لأن الحركة ترفض التهجير والوطن البديل ولأنها تمثل مستقبل القضية الفلسطينية.

المقاومة عادة تمثل مستقبل القضية العادلة في أي اشتباك. من هذا المنطلق أرى أن العلاقة مع المقاومة وتقويتها هي مصلحة أردنية مهمة.

المقاومة والمفاوضات

  • كيف ترون أداء المقاومة الفلسطينية فيما يخص مفاوضات تبادل الأسرى؟ 

الحقيقة أن المفاوضات أثبتت أن رجال حماس مقاتلون محترفون ومفاوضون متفوقون.

وإذا نظرنا إلى الأمر من بدايته، من طوفان الأقصى فإن أميركا حرضت إسرائيل وشجعتها على الرد بدون أي اعتبارات بحيث تخضع حماس في النهاية لكل متطلبات الكيان الصهيوني والولايات المتحدة.

لكن عندما ننظر إلى ما جرى فإننا نجد أن المقاومة كثيرا ما كانت هي صاحبة اليد العليا في المفاوضات، وذلك في مراحل عديدة بخاصة في بداية المواجهة، وهذا كان مؤشراً إلى أن رهان البيت الأبيض على كسر شوكة المقاومة خاسر. 

الولايات المتحدة قدمت لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التفويض والتوقيع الأميركي على بياض وضمنت له شبكة أمان في المحافل الدولية.

وكان الخطاب الأميركي أنه من لم يأت بالترويض لا بدّ أن ينتهي بالتقويض، ومن استعصى على التطويع فليواجه الترويع، ومن لم يكن مع أميركا وإسرائيل فهو إرهابي وعدوٌ للحياة والأمل والمستقبل ولا بدّ من تصفيته.

نعم الرد الإسرائيلي على الطوفان كان عنيفا وقاسيا ومدمرا، ولكن الصحيح أيضا أن غزة كانت مختلفة.

غزة، وعلى الرغم من الألم والمعاناة والخذلان خرجت من بين الدمار والدموع والدم والخراب، استعصت على الترويع وتمردت على الترويض وصمدت في وجه التقويض، وقاتلت ببطولة فائقة وبروح فدائية متفوقة، أذهلت العدو وشفت صدور قومٍ مؤمنين. 

وإذا تأملنا في الهدنة الأولى التي جرى فيها تبادل للأسرى سنعرف أن المقاومة نجحت في توظيف نتائج الحرب رغم معاناتها الشديدة.

كما وفضحت إسرائيل عالميا وأخرجت الأسرى من عندها يبتسمون ويروون للعالم كيف كانت تعامل المقاومة معهم، وفي الموقف نفسه اكتشفنا أننا أمام فلسطيني جديد يقاوم ويفاوض لانتزاع حقوقه باحتراف.

 

  • هل استيقظ العالم الغربي بشأن منح الفلسطينيين حقوقهم؟

أنا أرى أن الرغبة في زوال الاحتلال نهائيا عن أرض فلسطين ليست تهمة ولكنها واجب وشرف، ومن راهن على إسرائيل فقد خسر الرهان.

ومن الضروري أن يدرك الغرب أن الحقائق الجديدة تفرض نفسها وأن إسرائيل العاجزة عن حماية نفسها هي أعجز عن رعاية المصالح الغربية.

وأن مصالح الشعوب الغربية ليست عند دولة الاحتلال، وأن إسرائيل أصبحت عبئاً على من يدعمها وينحاز لها، ومن حلم بغزة ما بعد حماس فقد فشل.

وخرائط الشرق الأوسط الجديد لن تكون بريشة العدوان الصهيوني، وإنما بريشة المقاومة، وربما يكون هذا حلماً جميلاً، لكنه قابل للتحقيق، وأقرب من أي وقت مضى.