ديفيد لامي.. وزير خارجية بريطانيا الجديد يكره ترامب ويدعم إسرائيل
"الأولوية رقم واحد بالنسبة له هي إعادة ربط بريطانيا بالأسرة العالمية”
عقب فوز حزب العمال البريطاني بالانتخابات التشريعية، في 5 يوليو/تموز 2024، وتولي رئيس الوزراء الجديد كير ستارمر المسؤولية، حرص وزير خارجتيه ديفيد لامي (51 عاما) على زيارة إسرائيل ضمن جولته الأولى في الشرق الأوسط.
وقالت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، إنه "على مدار 24 عاما في البرلمان، تحدث لامي إلى جميع وسائل الإعلام في مختلف الموضوعات، وفيها سحر المحاورين وأغضبهم، جادلهم وضحك معهم، غيّر آراءهم، وصاح فيهم".
وأضافت أنه "كان دائما مثيرا للاهتمام، وغالبا ما اتخذ منعطفات غير متوقعة".
منعطفات مفاجئة
ورأت أنه "بآرائه القوية والصريحة في قضايا لا حصر لها، كان هو الشخص الذي تلجأ إليه إذا كنت بحاجة إلى تصريحات قوية لملء صفحات جريدتك".
ويعرف "لامي" هذا في نفسه، ففي مقابلة له مع صحيفة "الغارديان" البريطانية عام 2017، علق على تصريحاته المثيرة للجدل قائلا: "الأمر يشبه إلى حد كبير كتابة كتاب، فلا يمكنك تعديل شيء في المسودة الأولى، بل عليك أن تقول ما تشعر به وما تراه"، مضيفا: "أنا لا أمارس رقابة ذاتية".
وقالت المجلة: "لهذا السبب كان قرار ستارمر بتعيينه في منصب رفيع أمرا مثيرا للدهشة".
إذ تساءل البعض: "هل يمكن لشخص متحكم وهادئ بطبعه أن يعمل مع رجل كان ينظر إليه الكثيرون على أنه غير متزن؟"
وكما يقول لامي عن نفسه، فهو حاليا في الفصل الثالث من مسيرته السياسية.
وبدأ الفصل الأول عام 2000، عندما أصبح عضوا في البرلمان عن منطقة توتنهام، التي تعد معقلا تقليديا لحزب العمال في شمال لندن.
وفي ذلك الوقت، حاول خصوم لامي تصويره كمرشح يمثل مصالح قيادة حزب العمال أكثر من مصالح سكان توتنهام.
ووصفت المجلة الأميركية لامي بأنه كان حينها "محاميا شابا واثقا من نفسه، وأول بريطاني أسمر اللون يلتحق بكلية الحقوق بجامعة هارفارد".
وانتُخب لامي وهو في السابعة والعشرين من عمره فقط، وحصل على أول منصب حكومي صغير عام 2002، في عهد رئيس الوزراء توني بلير.
وفي ذلك العام، وصفته "الغارديان" بأنه "أحد أعضاء البرلمان الأكثر جاذبية في مدينة وستمنستر".
حياة أميركية
وقالت فورين بوليسي: "مثل صديقه (الرئيس الأميركي الأسبق، باراك) أوباما، كان لامي نجما يتصاعد توهجه، حتى خسر حزبه الانتخابات عام 2010".
وبعد بضعة أشهر، رفض لامي عرضا من زعيم المعارضة للانضمام إلى الحكومة، واختار العودة إلى المقاعد الخلفية، و"هذا كان بداية الفصل الثاني من مسيرته السياسية".
وخلال عقد من الزمان، أصبح لامي معروفا بكونه نائبا متحمسا وصريحا، ألقى خطبا حول أحداث الشغب في لندن ومحنة الأطفال السود الفقراء، وبعد التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أصبح أحد أبرز الشخصيات المؤيدة للاتحاد الأوروبي في حزب العمال.
وأضافت المجلة أنه "لم يَخَف من الوقوف ضد الحكومة أو قيادة حزب العمل أو أي شخص يتحدث إليه".
وفي لقاء له مع مجلة "جي كيو" الأميركية عام 2018، طُلب منه أن يصف الرئيس السابق دونالد ترامب، بكلمة واحدة، فقال: "لا أعتقد أن من المناسب أن أتفوه بالكلمة التي في ذهني حاليا".
وفي حديث مع "فورين بوليسي"، قال لامي: "لست متأكدا من أنه سيكون هناك وزير خارجية قضى الكثير من الوقت في الولايات المتحدة كما قضيت أنا طوال حياتي".
وتابع بحماس: "أشعر أن تاريخي يجعلني مترابطا بشكل لا ينفصم بالولايات المتحدة، مع عائلتي التي ولدت ونشأت هناك، وأبناء العمومة والعمات والأعمام، وأب دفن في الولايات المتحدة، ودراستي، والعديد من الأصدقاء هناك".
وفي إشارة إلى أوباما، قال: "عندما تكون لديك علاقة صداقة مع رئيس سابق، فإنه من الواضح أن لديك روابط قوية مع الولايات المتحدة".
وأوضحت المجلة الأميركية أن "أحد الأسباب التي دفعت ستارمر لتعيين لامي في منصب وزير الخارجية الظل هو علاقاته الممتازة، كباقي الخريجين من هارفارد متعددي الجنسيات".
ضبط العلاقات
وقالت فورين بوليسي إن "لامي حدد إعادة ضبط العلاقات المتشظّية مع الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى تأمين دفاع أوكرانيا كأولوياته في المنصب".
وينتقد لامي، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، بوريس جونسون، بسبب "اتفاقه السطحي" مع الاتحاد الأوروبي عندما غادرت المملكة المتحدة الاتحاد.
وقال لامي: "آمل أن نعود إلى التفاعل الهيكلي مع الاتحاد الأوروبي، وهذا سيكون أمرا بالغ الأهمية، وعندما أتحدث عن إعادة ضبط العلاقات، فإنني أقصد أنه سيكون هناك تحول شامل".
وهناك مجال آخر سيركز عليه لامي وهو تغير المناخ، حيث يرى أن بريطانيا "تراجعت عن التزاماتها المناخية على المستوى الدولي في عهد رئيس الوزراء السابق، ريشي سوناك".
وتابع: "أتطلع للعمل مع حكومة "لولا (دا سيلفا) في البرازيل ونحن نتجه نحو مؤتمر الأطراف (COP)، وأن تكون المملكة المتحدة مرة أخرى دولة رائدة في مجال المناخ".
وبشكل أعم، فإن الأولوية رقم واحد بالنسبة له هي "إعادة ربط بريطانيا بالأسرة العالمية"، قائلا إن "هناك الكثير من العمل الذي علينا القيام به، لقد بدونا منعزلين ومنغلقين على أنفسنا تحت حكم المحافظين".
أما بالنسبة للولايات المتحدة، فقد أشار إلى العلاقة الخاصة -بالطبع-، وأضاف أن "العالم رأى أخيرا، فوق البحر الأحمر وفي سماء إسرائيل والأردن، أهمية تعاون القوات الأميركية والبريطانية في منع احتمالية التصعيد في الشرق الأوسط"، وفق ادعائه.
وتابع الوزير الجديد: "نلعب دورا مهما حقا فيما يتعلق بالدفاع عن النظام القائم على القواعد والديمقراطية، في وقت أخشى فيه أن الديمقراطية في حالة تراجع في معظم أنحاء العالم".
ونقلت "فورين بوليسي" عن لامي قوله إنه بصفته "الدبلوماسي الأول للبلاد"، سيكون "أكثر قلقا بشأن الشراكة الإستراتيجية الجديدة لـ(الرئيس الروسي)، فلاديمير بوتين، مع كوريا الشمالية، وبشأن الطائرات المسيرة الإيرانية المستخدمة في أوكرانيا".
هذا فضلا عن "القلق من إمكانية تعميق التعاون بين روسيا والصين، ووصول التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج إلى ساحة المعركة".
وختمت المجلة الأميركية بالقول: "في النهاية، يُعد لامي رجلا ينتمي بكل جوانحه إلى حزب العمال، ورغم أننا قد لا نراه من الآن فصاعدا بنفس صراحته المعهودة، إلا أنه لا يظهر استياء بسبب ذلك".
زيارة إسرائيل
وفي 14 يوليو/تموز 2024، وصل لامي إلى دولة الكيان الصهيوني قادما من الضفة الغربية المحتلة ضمن جولته الأولى في الشرق الأوسط بعد تسلمه مهامه، مطلع يوليو/ تموز .
وخلال زياته تل أبيب التقى لامي خلالها بنيامين نتنياهو ورئيس إسرائيل إسحاق هرتسوغ، كما التقى نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، وأعرب عن أمله في إبرام اتفاق قريب لوقف إطلاق النار بقطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس.
وقال لامي: "آمل أن نرى صفقة رهائن (تبادل أسرى) في الأيام المقبلة، وأن نرى وقفا لإطلاق النار قريبا، وأن نخفف من المعاناة والخسائر غير المحتملة في الأرواح التي نشهدها الآن أيضا في غزة، وأنا أستخدم كل الجهود الدبلوماسية".
كما أعرب عن أمله في “أن تفعل المملكة المتحدة كل ما في وسعها لإحلال السلام والاستقرار في هذه المنطقة الأكثر تعقيدا وتحديا”.