مصالح عديدة.. لماذا تسعى أميركا إلى ضم اليابان إلى تحالف “أوكوس”؟
"أوكوس أنشئ بشكل أساسي لاحتواء التوسع الصيني"
مسألة وقت تفصل اليابان عن قرارها النهائي بشأن الانضمام إلى تحالف “أوكوس” (AUKUS)، حيث مازالت تواصل التفاعل مع أعضاء التحالف.
و"أوكوس" هي اتفاقية أمنية ثلاثية بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، أعلن عنها في سبتمبر/ أيلول 2021.
ومن المتوقع أن تنضم طوكيو إلى "الركيزة الثانية لاتفاق أوكوس"، والتي تتضمن التطوير العسكري المشترك بدلا من العضوية الكاملة في الحلف.
الصيغة الثانية
وقالت صحيفة "إزفستيا" الروسية إن اليابان تعد واحدة من الدول المرشحة الأكثر احتمالا للانضمام إلى الاتفاقية.
وبحسب وسائل إعلام يابانية، فإن واشنطن تتفاوض بالفعل مع لندن وكانبرا بشأن دعوة طوكيو لتعزيز انخراطها في التحالف.
وفي الوقت ذاته، لفتت الصحيفة إلى أن "الحديث في الوقت الحالي ليس عن العضوية الكاملة في التحالف، بل عن الشراكة التكنولوجية".
وأشارت إلى أن “أوكوس تعمل على مسارين، الأول يركز على مساعدة أستراليا في اقتناء وإنشاء غواصات نووية”.
والثاني ينطوي على "تطوير وتبادل التكنولوجيات المتقدمة ذات القدرات القتالية الحربية ولكن من دون عنصر نووي، مثل الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمومية، والطائرات بدون طيار، والصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، والتكنولوجيات تحت سطح البحر، فضلا عن الحرب الإلكترونية".
وأضافت الصحيفة أن "اليابان تدرس الانضمام على وجه التحديد إلى الصيغة الثانية (AUKUS Pillar II)".
وقالت سفارة اليابان في موسكو لـ"إزفستيا" إنه لم يتم اتخاذ قرار بعد بشأن التعاون داخل التحالف.
وذكرت السفارة أن "أنشطة AUKUS تسهم في السلام والاستقرار بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، وبالتالي فهي تحظى بدعم مستمر من اليابان، وحتى هذا الوقت، لم يتم اتخاذ أي قرارات بشأن تعاون اليابان مع AUKUS".
وقالت البعثة الدبلوماسية إن "اليابان تقيم بالفعل وتعزز التعاون مع الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا في مجال الأمن في إطار الصيغ الثنائية والمتعددة الأطراف، وتعتزم أيضا مواصلة هذا التفاعل".
ميزة تكنولوجية
إلى جانب ذلك، ألمح نائب وزير الخارجية الأميركي، كورت كامبل، إلى أن دعوة رسمية لليابان قد تصل خلال أبريل/ نيسان 2024.
وفي هذا الصدد، قال كامبل إن "اليابان أوضحت أنها غير مهتمة بمشروع الغواصة، ولكن هناك مجالات يمكن للبلاد أن توفر فيها قدرات كبيرة"، مشيرا إلى "الروبوتات المتقدمة والمبادرات السيبرانية والدفاع المضاد للغواصات".
وأردف بشكل واضح: "من غير المرجح أن تشارك اليابان في مشاريع الغواصات النووية، لأنها تواصل الالتزام بثلاثة مبادئ غير نووية، وهي عدم امتلاك أسلحة نووية وعدم إنتاجها وعدم استيرادها إلى أراضيها".
ونقلا عن كبار المسؤولين المشاركين في المفاوضات، فإن اليابان، بالإضافة إلى المرشح الآخر، كندا، مستعدة للانضمام إلى AUKUS Pillar II، ومن الممكن توقيع الاتفاقية بحلول نهاية عام 2024.
كما أن كوريا الجنوبية ونيوزيلندا تبديان أيضا اهتماما بالشراكة.
وبخصوص الفوائد العائدة على التحالف من شراكته مع طوكيو، قال خبراء إن "الشراكة يمكن أن تمنح أعضاء التحالف ميزة تكنولوجية ملموسة".
مع اعتقاد أن اليابان تركز بشكل خاص على المستوى الثاني من التعاون، الذي يعنى بالتعاون الدفاعي، وفق الصحيفة الروسية.
وقال رئيس مركز أبحاث مبادرة آسيا والمحيط الهادئ والخبير في السياسات الدفاعية، كين جيمبو، لـ"إزفستيا"، إن “هذا المستوى من التفاعل سيسمح لليابان بالتعاون الوثيق مع أعضاء التحالف في مجال التقنيات العسكرية المتقدمة، وزيادة إمكاناتها الدفاعية والمساهمة في التطوير التكنولوجي الجماعي للتحالف”.
مستوى الثقة
من جهته، يعتقد الخبير بالجمعية الروسية اليابانية، أوليغ كازاكوف، أن "المشاركة في التطورات العسكرية ذات التقنية العالية تلبي المصالح الحالية لليابان، بالنظر إلى اتجاهها نحو تعزيز قوتها العسكرية على خلفية الزيادة المزعومة في التهديدات من كوريا والصين".
وتابع: “وهذا يتيح لها الوصول إلى المعرفة العسكرية للدول الأعضاء”، لكنه أشار في ذات الوقت إلى أن "الأميركيين نادرا ما يشاركون أسرارهم".
ورجح الخبير أن "موضوع مشاركة طوكيو في آخر التطورات هو ما يناقش في واشنطن، نظرا للمستوى التكنولوجي العالي الذي تتمتع به اليابان، خاصة في مجال الأمن السيبراني والروبوتات والذكاء الاصطناعي ومجموعة متنوعة من الطائرات بدون طيار".
ولفت إلى أن "السؤال المطروح هو مستوى الثقة الذي ستتعامل به الدول المؤسسة لـAUKUS مع طوكيو، وهو ما سيحدد شكل عضوية اليابان في التحالف".
إضافة إلى ذلك، يعتقد كازاكوف أن AUKUS "أنشئ بشكل أساسي لمواجهة التوسع الصيني، وهو ما يتحدث عنه القادة الغربيون بانتظام".
وشدد على أن "توسعة التحالف قد تسعى إلى تحقيق أهداف جيوسياسية، وهو ما تؤكده تصريحات كامبل".
وتحدث في أوائل أبريل 2024 عن "التوسع المحتمل"، قائلا إن "الغواصات ستساعد في تعزيز الأمن في مضيق تايوان واحتواء الصين".
وأشارت الصحيفة الروسية إلى أن الدافع لانخراط اليابان في التحالف ليس فقط ما يسمى بالتهديد الصيني، لكنها تعتقد أن "المشاكل السياسية الداخلية للولايات المتحدة يمكنها أيضا أن تسرع انضمام اليابان إلى الحلف".
من جانبه، قالت صحيفة “بوليتيكو” الأميركية إن واشنطن ولندن وكانبرا تخشى عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مضيفة “إذا فاز، فمن المرجح أن يكثف خطابه (أميركا أولا) ويتخذ موقفا انعزاليا في السياسة الخارجية”.
وفي هذه الحالة، من المرجح ألا تتقدم AUKUS إلى ما هو أبعد من التعاون الثلاثي بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا.
فضلا عن أن ترامب انسحب مرارا وتكرارا من معاهدات مختلفة، مثل اتفاق باريس للمناخ، والاتفاق النووي الإيراني، ومعاهدة القوى النووية متوسطة المدى.