جولة إفريقية لوزير الخارجية الفرنسية.. هل توقف “الهزائم المتتالية”؟

15318 | 7 months ago

12

طباعة

مشاركة

لإصلاح الأخطاء الدبلوماسية في القارة السمراء، أجرى وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورنيه، جولته الإفريقية الأولى، في الأسبوع الأول من أبريل/ نيسان 2024، مستهدفا ثلاث دول لا تزال تحتفظ باريس بعلاقات طيبة معها، حيث زار كينيا ورواندا ثم كوت ديفوار.

وحسب صحيفة "لو موند" الفرنسية، فإن الوزير استهدف، من خلال الجولة، التأكيد على أن "القارة الإفريقية لا تزال إحدى أولويات فرنسا".

علاقات متعددة

وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن "الدبلوماسية الفرنسية، بعد عام 2023 المروع، تهتم بالبدء من جديد بشكل أفضل في إفريقيا". 

وأردفت: "وفي الوقت الذي تراجع فيه تأثيرها في الساحل، وأصبحت المشاعر المعادية للفرنسيين خطابا ذا شعبية في بعض البلدان التي كانت باريس قائدة ومهيمنة فيها حتى الأمس القريب، تسعى فرنسا إلى إثبات أنها لا تزال موضع ترحيب وتقدير في مناطق أخرى من القارة".

وفي جولته الإفريقية الأولى منذ تعيينه، صرح سيجورنيه بأن "فرنسا يجب عليها أن تظهر أنها تستثمر الوقت في الأماكن التي تتمتع فيها بعلاقات ثنائية جيدة". 

وأكد أن "إفريقيا هي إحدى أولويات فرنسا".

جدير بالذكر أن هذه الجولة تمت خلال الفترة من 6 وحتى 8 أبريل/ نيسان 2024، بزيارة كينيا ورواندا وكوت ديفوار.

وخلال الزيارة، أوضح وزير الخارجية أن "علاقة فرنسا مع الدول الإفريقية ليست مبنية على الأمن فقط، أو حتى على الروابط التاريخية". 

وأضاف قائلا: "لا نريد أن ننغلق على أنفسنا، فعلاقاتنا مع شركائنا تمتد على جميع الجوانب وكل الأصعدة، الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتاريخية".

"محميات الصيد"

وفي إطار ما ذكرته “لو موند”، لفتت أيضا إلى أن هذه الجولة "تندرج ضمن السياسة التي أعلن عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عند توليه السلطة".

وقبل أن يدعو إلى عقد شراكات جديدة مع دول جديدة عام 2017، قال ماكرون: "أنا من جيل لم يشهد الاستعمار الإفريقي، لكنني شهدت انتصارات (رئيس جنوب إفريقيا الأسبق) نيلسون مانديلا على الفصل العنصري".

وتابعت الصحيفة: "ولكن بينما يبدو أن الرئيس الفرنسي يُلاحق باستمرار أشباح الماضي، فإن وزير الخارجية الجديد يُكلف بإصلاح الزلات وتنسيق التفاهمات".

"وبدون أي علاقة سابقة مع القارة"، كما أوضحت الصحيفة، "يهدف الوزير سيجورنيه إلى إبراز صورة مفادها أن باريس قد فهمت أن إفريقيا حاليا في نهاية دورة تاريخية بدأت في منتصف القرن العشرين من (عملية استعمار غير مكتملة)".

وفي هذا الإطار، أتت المحطة الأولى لوزير الخارجية الفرنسي عند أحد الحلفاء الجدد لفرنسا، وهي كينيا الدولة الناطقة بالإنجليزية.

وقالت "لو موند" إن "الرئيس الكيني ويليام روتو بات شريكا مفضلا للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منذ توليه السلطة عام 2022".

وتابعت: "بناء على طلب واشنطن، التزمت نيروبي بقيادة قوة التدخل للأمم المتحدة في جمهورية هايتي، حيث عُلق النشاط بسبب إنشاء هياكل انتقالية منذ استقالة رئيس الوزراء الهايتي بداية مارس/ آذار 2024".

وأضافت: "كما حاول ويليام روتو أن يكون المتحدث باسم إفريقيا في قضايا المناخ من خلال استضافة قمة في سبتمبر/ أيلول 2023 حول هذا الموضوع".

الشرطة الإفريقية

ومن وجهة نظر الصحيفة، فإن الوجهة الرئيسة لهذه الرحلة هي كيغالي عاصمة رواندا، التي مثلت المحطة الثانية لوزير الخارجية الفرنسي.

وبخصوص رواندا، قالت الصحيفة إنها -نظريا- تعد "أحد النجاحات الكبيرة لماكرون في إفريقيا". 

وعزت ذلك إلى أن الرئيس الفرنسي تمكن، بعد 25 عاما من الخلاف، من التوصل إلى تصالح بين البلدين عام 2021، حيث أقر في خطاب تاريخي ألقاه في نصب تذكاري لإبادة الحميراء في جيسوزي بـ"مسؤولية فرنسا" عن مقتل ما لا يقل عن 800 ألف شخص خلال 3 أشهر عام 1994. 

وصرح رئيس رواندا بول كاغامي آنذاك، بأن خطاب ماكرون ينم عن "شجاعة هائلة"، ويرى أنه "أهم من الاعتذارات".

وقال كاغامي: "كلامه كان أهم من اعتذار، لأن كلامه كان هو الحقيقة". 

ومن جانب آخر، أشارت "لو موند" إلى أن "العلاقات بين رواندا والأوروبيين تعقدت في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك فرنسا".

وعزت الصحيفة هذا التدهور إلى دعم كيغالي لحركة 23 مارس (M23)، التي تنشط في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية (RDC). 

وفي المقابل، قالت الصحيفة إن "كاغامي أثبت نفسه كشريك قيم بإرسال 3000 جندي إلى موزمبيق لمواجهة المتمردين المرتبطين بتنظيم الدولة، وبإرسال جنود إلى جمهورية إفريقيا الوسطى".

وفي هذا الإطار، وصفت الصحيفة كاغامي بأنه "شرطي إفريقيا الذي يساعد في موازنة النفوذ المتزايد لروسيا في القارة".

وأشارت إلى أن "فرنسا تعرضت لسلسلة من الهزائم المتتالية في أتون الصراع على النفوذ بين الغربيين والروس في إفريقيا".

وهذا -في رأي الصحيفة- هو "أحد التحديات التي واجهتها زيارة سيجورنيه إلى كوت ديفوار، المحطة الأخيرة في رحلته الإفريقية". 

وأوضحت أن "كوت ديفوار تظهر كشريك أخير لباريس في غرب إفريقيا في وقت تعيش فيه المنطقة تغيرات كبيرة". 

ولتوضيح هذه التغيرات، أضافت لو موند: "فمع الانقلابات في مالي (2020، 2021) وبوركينا فاسو (2022) والنيجر (2023)، ومع تولي باسيرو ديوماي فاي السلطة في السنغال، مناصر الوحدة الإفريقية، تعززت الشكوك حول مستقبل فرنسا في المنطقة".

وفيما يتعلق بكوت ديفوار، حيث يوجد 18 ألف فرنسي في السجلات القنصلية، وتعد باريس أكبر مستثمر في البلاد، وضعت وزارة الخارجية الفرنسية جانبا المواضيع المثيرة للجدل، وركزت أجندتها فيما يتعلق بالاستثمار في المشاريع الكبرى للبنية التحتية -بما في ذلك مترو أبيدجان-.