تراقب المسلمين وتستهدف حماس.. دور وزارة العدل الأميركية في خدمة إسرائيل

داود علي | 2 months ago

12

طباعة

مشاركة

لم يسلم قادة حركة المقاومة الإسلامية حماس أمواتا وأحياء من التهم الجنائية الموجهة لهم من قبل الولايات المتحدة الأميركية التي تدعم عمليات الإبادة الإسرائيلية في غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ففي تطور لافت وجهت وزارة العدل الأميركية في 3 سبتمبر/ أيلول 2024، تهما جنائية ضد قادة حماس الأحياء منهم والأموات وعلى رأسهم رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار، والسابق الشهيد إسماعيل هنية.

إضافة إلى محمد الضيف القائد العام لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، وذلك على خلفية تنفيذ عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023.

وبحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، فإن الاتهامات كانت معدة في الأصل في فبراير/ شباط 2024، لإعطاء الولايات المتحدة الفرصة الكافية للقبض على زعيم حماس آنذاك الراحل إسماعيل هنية.

لكن جرى رفع السرية عنها بعد أسابيع من اغتيال إسرائيل إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران وبسبب تطورات أخرى في المنطقة.

ورغم أن إسرائيل تشن عدوانا غير مسبوق على غزة، وقتلت حتى نهاية أغسطس/ آب، أكثر من 41 ألف شهيد، إلى جانب ما يزيد على 94 ألف جريح، لم توجه وزارة العدل الأميركية اتهامات أو ملاحقات إلى حكومة الاحتلال وقادة جيشه المتورطين في جرائم حرب. 

لتبرز التساؤلات عن وزارة العدل ودورها في العدوان؟ وعن تاريخها السابق في استهداف المسلمين عموما.

أذرع الوزارة

وزارة العدل الأميركية تعرف اختصارا بـ "DOJ" وهي تعني بالإنجليزية "The United States Department of Justice".

جرى تدشينها رسميا بقرار من الكونغرس الأميركي عام 1870 أثناء فترة الرئيس الثامن عشر للبلاد يوليسيس جرانت.

يقع المبنى الرئيس للوزارة في العاصمة واشنطن، ومنذ تأسيسها رفعت شعارا مكتوبا باللغة اللاتينية القديمة معناه "من يسعى لأجل سيدة العدالة" أو "من يقاضي لأجل سيدة العدالة".

يترأس الوزارة النائب العام الأميركي الذي يعد كبير المستشارين القانونيين للحكومة الفيدرالية، ويعين من قبل الرئيس ويصادق عليه مجلس الشيوخ.

تتمثل مهمة الوزارة في تعزيز العدالة، وضمان سيادة القانون، وحماية المجتمع من التهديدات الإجرامية، كما تتولى مسؤولية التحقيق في الجرائم الفيدرالية، مثل الإرهاب والفساد وتضمن حماية الحقوق المدنية، وتدافع عن مصالح الحكومة في القضايا القانونية.

وتشرف الوزارة على نظام السجون الفيدرالي وتضمن تطبيق الأحكام القضائية، وتعمل على تطوير إستراتيجيات لمكافحة الجريمة وتقديم الدعم لوكالات إنفاذ القانون المحلية، وتتولى حماية المستهلكين من الممارسات التجارية غير المشروعة.

ومن مهامها أيضا تطبيق قوانين حماية البيئة، الخاصة بحماية الغابات والمسطحات المائية، والحيوانات. 

وتشرف الوزارة على عدة وكالات وهيئات تنفيذية، منها، مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) وهو المسؤول عن التحقيق في الجرائم الفيدرالية.

كذلك إدارة مكافحة المخدرات (DEA)، وتُعنى بمكافحة تهريب وتوزيع هذه المواد غير المشروعة.

ومكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات (ATF)، الذي يركز على القضايا المتعلقة بالأسلحة والتفجيرات.

إضافة إلى مكتب المفتش العام (OIG)، ومهمته تكمن في وظائف التدقيق الداخلي الأساسية. 

ولديه سلطة إلقاء القبض ومقاضاة أعضاء وزارة العدل الذين يثبت انتهاكهم للقوانين التي تنظم سلوك المسؤولين الحكوميين. 

وتضم الوزارة أيضا مكاتب المدعين الأميركيين لكل من الدوائر القضائية الفيدرالية البالغ عددها 94 دائرة .

ضد المسلمين 

ومع أن وزارة العدل تعد أكبر مؤسسة أميركية معنية بتطبيق العدالة، لكن هناك العديد من الانتقادات والاتهامات الموجهة إليها.

ومن الفئات التي جرى استهدافها من وزارة العدل، المسلمون في البلاد بمختلف توجهاتهم.

وبلغ عدد المسلمين في البلاد عام 2022 نحو 5 ملايين مواطن بما يعادل نحو 1.1 بالمئة من مجموع سكان الولايات المتحدة البالغ عددهم 330 مليون مواطن، وفقا لإحصائيات مجلس العلاقات الإسلامية الأميركي “كير”. 

وكان "كير" قد أدان في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، بشدة استخدام حكومة واشنطن، تحديدا مكتب "التحقيقات الفيدرالي" التابع لوزارة العدل، للبيانات الشخصية من التطبيقات الدينية الشهيرة، لاستهداف المسلمين في جميع أنحاء العالم.

ودعا المجلس إلى تحقيق في الكونغرس حول المراقبة المحتملة غير المبررة للمسلمين الأميركيين، من قبل وزارة العدل، محذرا المجتمع المسلم من استخدام "تلك التطبيقات المستهدفة".

المفاجئ أن وزارة العدل الأميركية، تورطت بشكل مباشر، في مراقبة مسؤولين أميركيين مسلمين.

وفي 20 سبتمبر/ أيلول 2023، رفع 12 مسلما أميركيا، بينهم عمدة سابق بولاية نيوجيرسي، دعوى قضائية ضد الوزارة، للمطالبة بوقف استخدام قائمة تعقب سرية لمكتب التحقيقات الفدرالي.

وورد في الدعوى التي رفعت أمام المحكمة الفدرالية بمقاطعة "ماساشوستس"، أنه بإدراج هؤلاء الأفراد ضمن بيانات الإرهابيين تكون وزارة العدل قد حكمت عليهم بمواطنة من الدرجة الثانية مدى الحياة.

وذكرت الدعوى أن هذا التصنيف يجعل المسلمين في القائمة عرضة للشك الدائم، ويفرض عواقب قاسية تشمل كل جوانب حياتهم.

كما جاء فيها أن المدعين المسلمين الـ12 تعرضوا لأضرار، بما في ذلك الإذلال العلني والمراقبة والمضايقة أثناء السفر والحرمان من الوظيفة ونفيهم فعليا من الولايات المتحدة.

وأعلن العمدة السابق لبلدة بروسبكت بارك بولاية نيوجيرسي محمد خير الله، وهو من المسلمين الـ 12، إضافة إلى كونه مسؤولا أميركيا، أنه يجب على وزارة العدل التخلص من هذه القائمة العنصرية، والقوائم الأخرى المماثلة التي تضم أسماء عربية وإسلامية في الأغلب.

وتابع تعليقا على مقاضاته لوزارة العدل: "أدركت أنني إذا لم أفعل شيئا الآن، فإن أطفالي وأطفالهم سيصبحون مواطنين من الدرجة الثانية بسبب أصولهم العرقية والدينية".

أدوار أخرى 

وتلعب وزارة العدل أيضا أدوارا مختلفة منها إدارة الصراع الأميركي مع روسيا. 

ففي 15 فبراير/ شباط 2024، أعلنت الوزارة الأميركية، أنها فككت شبكة قرصنة إلكترونية للمخابرات الروسية.

وفي بيان، قالت وكيلة وزير العدل الأميركي ليزا موناكو، "للمرة الثانية خلال شهرين، منعنا قراصنة رقميين ترعاهم روسيا من تنفيذ هجمات إلكترونية تحت غطاء أجهزة اتصال بالإنترنت (راوتر) أميركية هشة".

وفي 5 سبتمبر/أيلول 2024، وجهت الوزارة اتهامات بغسل الأموال إلى اثنين من موظفي شبكة آر.تي (روسيا اليوم) الحكومية الروسية.

وأضافت أنهم على صلة بمخطط لاستئجار شركة أميركية لإنتاج محتوى إلكتروني للتأثير على الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني، وفرضت عقوبات على كبار محرريها.

كذلك تنشط الوزارة في تتبع كبار رجال الأعمال الإيرانيين في الولايات المتحدة.

ففي الأول من مارس/آذار 2024، قالت وزارة العدل إنه تم توجيه الاتهام لرجل أعمال إيراني يبلغ من العمر 39 عاما.

وأوردت أنه شارك في حملة قرصنة استهدفت وكالات اتحادية أميركية وبيانات حساسة يحتفظ بها مقاولو الدفاع الأميركيون.

وذكر أن رجل الأعمال علي رضا شافعي ناساب، كان جزءا من جهود القرصنة التي حدثت في الفترة من عام 2016 إلى عام 2021.

وقد استهدفت أكثر من 200 ألف جهاز تعرضت لأضرار، ويحتوي العديد منها على معلومات دفاعية سرية.

استجواب الوزارة  

أيضا من الانتهاكات والإخفاقات الموجهة للمؤسسة الأميركية، تلك المتعلقة بالفساد وعدم الكفاءة. 

وذلك مثلما حدث في 3 سبتمبر 2024، عندما أقدم الكونغرس على استجواب وزارة العدل بشأن إغلاق تحقيق سري حول علاقة الرئيس الأميركي السابق، والمرشح الحالي دونالد ترامب مع نظام عبدالفتاح السيسي في مصر. 

إذ أطلق الديمقراطيون في مجلس النواب الأميركي تحقيقا في مزاعم عن قبول ترامب مبلغ 10 ملايين دولار من النظام المصري، خلال حملته الرئاسية عام 2016، وكذلك ما إذا كان الحلفاء قد ألغوا تحقيقا لاحقا في المسألة.

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن سبب الاستجواب لوزارة العدل هو توقف التحقيق فجأة وسط مخاوف من جانب المدعي العام آنذاك وليام بار.

فقد أغلق الملف، بعد وقت قصير من بدء الوزارة تحقيقا بشأن ما إذا كان ترامب قد قبل الأموال في انتهاك للقوانين التي تحظر المساهمات الأجنبية في الحملات الانتخابية.

وأثار تقرير "واشنطن بوست" تكهنات خطيرة بأن المعينين السياسيين الذين اختارتهم بعناية وزارة العدل بما في ذلك ويليام بار، منعوا جهود المدعين العامين ووكلاء مكتب التحقيقات الفيدرالي للتحقيق في الفساد السياسي والمالي لترامب، ما يعني أنهم متورطون بشكل ما في القضية.