وثائق جديدة حول هجمات 11 سبتمبر.. هل تؤثر على الاتفاق بين الرياض وواشنطن؟
“بايدن يريد التفوق على ترامب في تقديم الخدمات لإسرائيل”
وثائق محكمة أميركية جديدة، تتهم السعودية بـ"التورط في دعم الإرهاب"، وسط انتقادات لمساعي الولايات المتحدة عقد اتفاقية أمنية مشتركة معها.
ووفقا لتلك الوثائق، "يبدو أن الرياض متورطة بشكل أعمق في هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 مما كان معروفا من قبل".
تورط رسمي
وذكر موقع "تيليوبوليس" الألماني، أن الدعوى القضائية التي رفعتها عائلات ضحايا الهجمات، كشفت تلقي نشطاء تنظيم القاعدة دعما كبيرا من أعضاء القيادة السعودية إبان استعداداتهم للهجمات.
وأوضح رئيس الأكاديمية الأميركية في برلين، دانييل بنجامين، والزميل الأول في معهد كوينسي، ستيفن سايمون، في المجلة الأميركية "ذا أتلانتيك"، تفاصيل تلك الاتهامات.
وأشارا إلى "أن المدعين يتهمون الممثلين السعوديين بأنهم على رأس (مؤامرة)، شاركت فيها السفارة السعودية في واشنطن ومسؤولون حكوميون رفيعو المستوى في الرياض".
وعقب الموقع الألماني: "إذا كانت هذه الادعاءات صحيحة، فإن ذلك سيكون له آثار مهمة على فهمنا للهجمات وعمليات الجماعات الإرهابية الدولية، ويعطي الولايات المتحدة سببا إضافيا للتشكيك في الاتفاقية الأمنية القائمة مع السعودية".
وأضاف "يبدو أن تهم دعم السعودية للإرهاب ليست وليدة اللحظة"، ولفت الانتباه إلى "وجود شواهد في الماضي على وجود تواطؤ بين مسؤولين سعوديين وخاطفي طائرات 11 سبتمبر 2001"، حسب الادعاءات التي أوردها الموقع نقلا عن الوثائق الجديدة.
وأضاف: "لكن الأدلة الجديدة تشير إلى أن تصرفات اثنين من المسؤولين السعوديين الذين عملوا في الولايات المتحدة لمساعدة الخاطفين كانت (متعمدة ومستدامة ومنسقة بعناية) مع مسؤولين سعوديين آخرين".
وانتقد الموقع تعامل أميركا مع السعودية بشأن تلك الاتهامات، قائلا: "وإذا ثبت ذلك، فإن فشل الحكومة الأميركية في محاسبة السعوديين على دور مسؤوليهم في الهجمات سيكون أمرا غير مبرر".
وأكمل: "ومما يزيد الأمر تعقيدا استمرار تسامح إدارات واشنطن المتعاقبة مع الرياض على مدى العقدين الماضيين".
ورأى أن "أدلة تورط السعودية العميق في هجمات 11 سبتمبر 2001 تشوه مصداقية الرد العسكري لواشنطن في (الحرب على الإرهاب)".
وأكد على دور الرياض في دعم الهجمات، قائلا: "إن فكرة قيام تنظيم القاعدة بتنفيذ مثل هذه الهجمات المذهلة دون دعم حكومي وشبكة دعم داخل الولايات المتحدة دفعت صناع القرار السياسي إلى المبالغة في التهديد المزعوم للإرهاب وتحويله إلى تهديد محدد في عصرنا".
وأردف: "لو كان لدى الولايات المتحدة فهم أفضل لكيفية وقوع الهجمات، لربما كانت لدينا الثقة لمغادرة أفغانستان بسرعة بدلا من البقاء في البلاد لمدة 20 عاما".
وتابع: "كما لم يكن لدى الولايات المتحدة أي سبب للتورط في الصراعات في إفريقيا باسم مكافحة الإرهاب".
وواصل الموقع: "ورغم أن السعودية نسخة عام 2001 لم تعد موجودة، فإن الأدلة على تواطؤ الرياض الرسمي الكبير في أسوأ الهجمات الإرهابية في تاريخ الولايات المتحدة يجب أن تؤخذ في الحسبان عند النظر في مستقبل العلاقات الثنائية".
تشكيك مشروع
واستعرض الموقع ما سماه "تاريخ الرياض في إنكار كل الادعاءات الموثوقة" ضدها خلال السنوات الماضية.
وقال: "فكما نفت السعودية بالطبع اتهامات دعم هجمات سبتمبر 2001، زعمت كذلك في الأسابيع التي تلت مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018 في قنصليتها بإسطنبول، عدم مسؤوليتها عن مقتله".
وأردف: "حيث استخدمت شخصا شبيها بتمويه سيئ لنشر قصة كاذبة تدعي من خلالها أنه غادر القنصلية طوعا في إسطنبول".
وأضاف: "كذلك نفت الحكومة السعودية بشكل روتيني مسؤوليتها عن الغارات الجوية على أهداف مدنية في اليمن، رغم أن قواتها المسلحة كانت الوحيدة التي كان بإمكانها تنفيذها".
وتابع الموقع معقبا: "ولذلك، هناك تشكيك مشروع في صحة نفي الرياض الاتهامات المتعلقة في هذه الحالة، إذ إن النفي لا يعني الكثير".
ويرى أنه "رغم وجود العديد من الأسباب التي تجعل الاتفاقية الأمنية التي اقترحها الرئيس جو بايدن، واتفاق الرياض النووي، غير مرغوبين بالنسبة لواشنطن، لكن كان يجب ألا يتم التفكير بهما من الأساس للأدلة على التورط السعودي الأعمق في أحداث 11 سبتمبر 2001".
ووفقا للموقع، فإن "مسار التطبيع بين السعودية وإسرائيل قائم، رغم الحرب العنيفة الدائرة في قطاع غزة، فإدارة بايدن ملتزمة بالسعي لإتمام هذه الصفقة".
وقد ظهرت تقارير متزايدة في الآونة الأخيرة، تفيد بأن المفاوضات بشأن الجزء الأميركي السعودي من "الصفقة الضخمة" على وشك الانتهاء، وفق "تيليوبوليس".
ومن وجهة نظره، فإن الرياض أكثر استفادة من ذلك الاتفاق، حيث "وافق السعوديون بسعادة على ترتيبات تمنحهم الكثير من الهدايا باهظة الثمن من واشنطن، ولا تأخذ الأخيرة منهم شيئا تقريبا في المقابل".
واستطرد: "لكن العائق الرئيس في الوصول إلى اتفاق أكبر هو إسرائيل، فكما كانت منذ البداية، لا تزال تمتنع عن تقديم تنازلات حقيقية للفلسطينيين في المجالات كافة".
ويكمل: "لا ينبغي للولايات المتحدة أن تشارك في اتفاق يفرض عليها أعباء إضافية ولا يقدم لها شيئا".
استنتاج خاطئ
كذلك شدد الموقع على أن تلك الصفقة لا طائل منها وتواجه العديد من الانتقادات من الخبراء، واستغرب إصرار بايدن على المضي قدما في هذا الاتفاق.
وتابع: "أدى إصرار الرئيس الأميركي على هذا الاتفاق إلى انزعاج العديد من خبراء السياسة الإقليمية والخارجية".
وتابع: "هم لا يستطيعون أن يفهموا السبب وراء إنفاق الولايات المتحدة كل هذا الوقت والطاقة على مبادرة لن تحل أيا من مشكلات المنطقة".
وعزا الموقع عزم إدارة بايدن إتمام الصفقة إلى تفكيره أنها "ستربط السعوديين بشكل أوثق بأميركا في مواجهة الصين".
لكنه عد ذلك "استنتاجا خاطئا"، حيث إن "الرياض ستواصل توسيع علاقاتها الاقتصادية ببكين بغض النظر عما تقدمه واشنطن لها".
ويرى "أن الاتفاق السعودي الإسرائيلي عفا عليه الزمن مثل نهج بايدن القديم تجاه المنطقة ككل".
وبين أن هناك "تفسيرا أبسط من كل هذا"، وهو أن "بايدن يريد التفوق على الرئيس السابق دونالد ترامب في تقديم الخدمات لإسرائيل".
ولا يبدو أن كل تلك الأسباب أقنعت بنجامين وسايمون، حيث علقا قائلين: "أيا كان السبب فإن الولايات المتحدة ستضطر إلى دفع ثمن باهظ إلى حد غير مقبول في مقابل أي اتفاق".
ويعيد الخبيران التأكيد على معارضتهما التامة لأي اتفاق مع السعودية في ظل الأدلة الجديدة لتورط الرياض في هجمات 11 سبتمبر.
فيوضحان: "لا ينبغي لحكومتنا تحت أي ظرف من الظروف أن تسعى إلى علاقات أوثق مع السعوديين".
واختتما: "وينبغي أن يكون الكشف الأخير عن احتمال تواطؤ سعودي أكبر في أحداث 11 سبتمبر 2001 هو القشة الأخيرة التي تنهي الحديث عن اتفاقية أمنية مع الرياض".