تأخر رد إيران وحزب الله على اغتيال هنية وشكر.. هل يعني صفقة مع إسرائيل؟
"السبب الرئيسي وراء ذلك هو إغراء أميركي"
بعدما طال الانتظار، بدأت تطرح التساؤلات حول تأخر رد إيران وحزب الله على إسرائيل بعد اغتيالها القيادي في صفوفه، فؤاد شكر، ببيروت، ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إسماعيل هنية في طهران، نهاية يوليو/ تموز 2024.
وفي مقال نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، رأى المسؤول الإسرائيلي السابق، ديفيد واينبرغ -الذي عمل مستشارا لنائب رئيس الوزراء الأسبق، ناتان شارانسكي- أن تردد إيران وحزب الله في الرد على الاغتيالات الأخيرة "ينبع من التهديدات الإسرائيلية والدبلوماسية الأميركية".
وقال واينبرغ إن "جزءا من الإجابة يتلخص في التهديد الصريح الذي أطلقته إسرائيل بإلحاق الدمار بهؤلاء الأعداء إذا ما صعّدوا الصراع”.
وجزء آخر يتلخص في الوجود البحري الأميركي غير المسبوق في المنطقة، والذي يدعم إسرائيل.
مكاسب إستراتيجية
وأفاد واينبرغ بأن "في الوقت الحالي، يبدو أن زعيم حزب الله حسن نصر الله، والمرشد الإيراني علي خامنئي قد رُدعا عن تصعيد الصراع".
وذكر أن "حزب الله حاول وخز إسرائيل أخيرا عبر ضربة وجهها إليها، ولا يزالان -إيران وحزب الله- يسعيان إلى اغتيال قادة إسرائيليين، لكن يبدو أن الحريق الإقليمي الهائل والحرب العالمية الأوسع التي كان يخشى منها قبل شهر قد تبددت".
وتابع: "أعتقد بشدة أن السبب الرئيس وراء ذلك هو إغراء أميركي، تقوم بموجبه واشنطن باجتذاب هؤلاء الفاعلين بمكاسب إستراتيجية، من خلال التفاوض معهم للتوصل إلى تفاهمات طويلة الأمد بشأن نفوذهم (الشرعي) في المنطقة".
ورأى المسؤول الإسرائيلي السابق أن "هذا هو التفسير الوحيد المحتمل للإعلان الدرامي أخيرا لخامنئي بأن إيران مستعدة لاستئناف المحادثات النووية مع الولايات المتحدة".
واستطرد: "فهذا هو الأمر الذي رفض خامنئي تماما التفكير فيه منذ انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي في عام 2018".
وقال واينبرغ: "لقد توسل الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلى خامنئي طيلة السنوات الأربع الماضية لإعادة الانخراط أو إعادة التفاوض على الاتفاق النووي، ولكن دون جدوى".
وأضاف: "ردا على ذلك، سخر خامنئي بشدة من بايدن، وزاد من وتيرة تخصيب إيران للنووي وتطوير الأسلحة، متحديا بشكل متكرر المفتشين الدوليين، بل تحدث بشكل أكثر صراحة من ذي قبل عن السعي لتطوير أسلحة نووية بهدف تدمير إسرائيل".
وتساءل: "لكن لماذا هذا التحول الحالي؟"
وأجاب واينبرغ: "لأن واشنطن ربما استدرجت طهران في محادثات شبه سرية، جرت في قطر وعُمان، سعيا إلى خفض التصعيد الإقليمي الأوسع".
وأردف بأن "أميركا تسعى إلى إبرام صفقة كبرى من شأنها أن تتجنب حربا أوسع بين أي من إيران أو حزب الله ضد إسرائيل، وأن تنهي هجمات المليشيات الإيرانية على القوات الأميركية في العراق وسوريا، وتنهي هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية قبالة سواحل اليمن، وتسهل وقف إطلاق النار في غزة".
تنازلات أميركية
ورأى واينبرغ أنه "لتحقيق كل ذلك، فإنه يستنتج أن الولايات المتحدة تقدم تنازلات نووية كبيرة لإيران، بما في ذلك المزيد من تخفيف العقوبات وإعادة تعريف العتبة النووية بشكل خطير".
وأضاف أن "مثل هذه التفاهمات الأميركية مع إيران لن تزيل التهديدات المتعلقة بهيمنة الأخيرة أو ببرنامجها النووي، بل إنها ستؤجل الأمر إلى وقت لاحق، الأمر الذي سيجعل طهران مشكلة طويلة الأمد بالنسبة لإسرائيل والدول السنية".
وقال واينبرغ: "لاحظوا.. في اجتماع عقد أخيرا بين خامنئي والحكومة الإيرانية الجديدة بقيادة الرئيس مسعود بزشكيان، خمنوا من حضر؟"
وذكر أن "وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، الذي تفاوض على الاتفاق النووي عام 2015؛ وهذا يخبرني أن إيران تشعر بانفتاح على تفاهمات جديدة مع الولايات المتحدة، الأمر الذي لا يمكن النظر إليه في إسرائيل إلا بقلق بالغ".
وأضاف: "ما نحتاجه اليوم ليس التفاهمات الناعمة بين واشنطن وطهران، بل إعادة ضبط إستراتيجية قائمة على القوة والتصميم الأميركيين الساحقين".
واستطرد: "فبصفتها القوة العظمى العالمية المهيمنة، وبصفتها حليفة لإسرائيل، فإن من واجب الولايات المتحدة أن تحيّد القوة النووية الإيرانية العملاقة، وأن تواجه مساعي طهران للهيمنة في المنطقة، وأن تحبط وكلائها".
وأفاد واينبرغ بأن “خفض التصعيد مع إيران هو الهدف الخاطئ”.
وتابع: "فمن منظور إسرائيل على المدى البعيد -وخاصة بعد عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ودخول حزب الله في الحرب، ومحاولات إيران إشعال انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية- فإن تصعيد المواجهة مع طهران أمر لا مفر منه، وربما يكون أفضل في هذه المرحلة".
حلقة نار
وقال واينبرغ: "في الواقع، أدرك أغلب الإسرائيليين وقادتهم أن الكيان يواجه عِقدا من حرب الاستنزاف ضد إيران وجيوشها بالوكالة، وأن تصعيد القتال مع هؤلاء الأعداء ضروري، ولا ينبغي أن نتجنبه".
وأردف بأن "السلام الآن ليس خيارا واقعيا ولا مفيدا من الناحية الدبلوماسية أو العسكرية، وربما يأتي السلام أو الاستقرار على الأقل في وقت لاحق -هذا إن جاء أصلا- بعد تحقيق انتصارات حاسمة على المعسكر الإيراني".
وأوضح: "باختصار، لا تستطيع إسرائيل أن تعيش مع (حلقة نار) إيرانية حول عنقها، ولا ينبغي لواشنطن أن تتسامح مع هذا أيضا، خاصة أن (جهاد إيران) ليس فقط لخنق إسرائيل، بل لإخضاع الولايات المتحدة كذلك".
وتابع: "للأسف، من الواضح أن إدارتي باراك أوباما وجو بايدن -وربما كامالا هاريس- تنظر إلى الدور الأميركي في المنطقة بشكل مختلف".
وأضاف: "لقد كانوا ومازالوا يسعون إلى إعادة ضبط المنطقة من خلال المصالحة مع إيران، عبر التسوية والتنازل، وليس المواجهة".
ويرى واينبرغ أن “هذا يتجاهل تماما حقيقة أن إيران لا تخفي طموحاتها في تصدير الثورة، وفي الإبادة الجماعية الشاملة، وتصدير نسختها المتطرفة عالميا، والهيمنة على المنطقة، وتدمير إسرائيل”، وفق قوله.
وأشار إلى أنه "بالنظر إلى إعلان خامنئي، والهدوء النسبي لنصر الله، يجب على المرء أن يتساءل عما يعدهم به الثنائي بايدن وهاريس مقابل ضبط النفس".
وختم بأنه "لا يسع المرء إلا أن يتساءل عما سيتعين على إسرائيل دفعه مقابل حزمة خفض التصعيد التي تصوغها واشنطن، هذا إلى جانب القيود التي فرضتها الولايات المتحدة بالفعل على العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد حماس وحزب الله".